• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : التبيان في تفسير القرآن ( الجزء العاشر) ، تأليف : شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي .
                    • الموضوع : سورة الاخلاص .

سورة الاخلاص

112 - سورة الاخلاص

مكية في قول ابن عباس، وقال الضحاك مدنية، وهي أربع آيات

بسم الله الرحمن الرحيم

(قل هو الله أحد(1) ألله الصمد(2) لم يلد ولم يولد(3) ولم يكن له كفوا أحد(4))

اربع آيات

قرأ ابوعمرو - في رواية هارون عنه - (احد الله الصمد) بغير تنوين في الوصل. وقرأ في رواية نصر عن أبيه واحمد بن موسى عنه بالتنوين، وجه ترك التنوين أنه ينوى به الوقف، لانه رأس آية مع انه قد يحذف التنوين لا لتقاء الساكنين، والوجه تحريكه، قال الشاعر:

فالفتيه غير مستعتب * ولا ذاكر الله إلا قليلا(1)

وقرأ (كفؤا) بسكون الفاء - مهموزا - حمزة ونافع على خلاف عن نافع. الباقون بضم الفاء مهموزا. وإنما قال في أوائل هذه السور (قل) وهي أو امر من الله تعالى، لان المعنى قال لي جبرائيل (قل هو الله احد) فحكى النبي صلى الله عليه واله ما قيل له. وقيل لسورة الاخلاص وقل يا ايها الكافرون (المقشقشتان) ومعناهما المبرئتان من الكفر والنفاق، كما يقشقش الهناء الجرب.

___________________________________

(1) مر 2 / 76 و 3 / 215 و 5 / 239، 393

[430]

وهذا امر من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه واله ان يقول لجميع المكلفين (هو الله) الذي نحق له العبادة (احد) ومعناه واحد، فقوله (هو) كناية عن اسم الرب، لانهم قالوا ما ربك؟ قال هو الله احد.

وقال الكسائي (هو) عماد، وقوله (الله) ابتداء، وخبره (أحد) وانكر الفراء أن يكون العماد مستأنفا، واصل (أحد) وحد فقلبت الواو همزة، كما قيل: وناه وأناه، لان الواو مكروهة اولا، وقد جاء وحد على الاصل قال الشاعر:

كأن رجلي وقد زال النهار بنا * بذي الجليل على مستأنس وحد(1)

وحقيقة الوحد شئ لا ينقسم في نفسه أو معنى صفته، فاذا أطلق احد من غير تقدم موصوف، فهو واحد نفسه، فاذا جرى على، موصوف، فهو احد في معنى صفته، فاذا قيل: الجزء الذي لا يتجزأ واحد، فهو واحد في معنى صفته، وإذا وصف تعالى بأنه احد، فمعناه أنه المختص بصفات لا يشاركه فيها غيره: من كونه قديما وقادرا لنفسه وعالما وحيا وموجودا كذلك، وأنه تحق له العبادة لا تجوز لاحد سواه. ولا يجوز أن يكون (أحد) هذه هي التي تقع في النفي، لانها اعم العام على الجملة أحد، والتفصيل، فلا يصلح ذلك في الايجاب، كقولك ما في الدار احد أي ما فيها واحد فقط ولا اكثر، ويستحيل هذا في الايجاب، وفى قوله (الله احد) دليل فساد مذهب المجسمة، لان الجسم ليس ب‍ (أحد إذ هو اجزاء كثيرة، وقد دل الله بهذا القول على أنه احد، فصح انه ليس بجسم.

وقوله (الله الصمد) معناه الذي تحق له العبادة هو الموصوف بأنه (الصمد) وقيل: في معناه قولان: احدهما - قال ابن عباس وشقيق وابووائل: إنه السيد المعظم، كما قال الاسدي:

___________________________________

(1) اللسان (وحد، انس)

[431]

الابكر الناعي بخيري بني أسد * بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد(1)

وقال الزبر قان: ولا رهينة إلا السيد الصمد.

الثاني - ان معناه الذي يصمد اليه في الحوائج ليس فوقه أحد، يقال: صمدت اليه أصمد إذا قصدت اليه ألا أن في الصفة معنى التعظيم كيف تصرفت الحال.

ومن قال: الصمد بمعنى المصمت، فقد جهل الله، لان المصمت هو المتضاغط الاجزاء وهو الذي لا جوف له وهذا تشبيه وكفر بالله تعالى.

وقوله (لم يلد) نفي منه تعالى لكونه والد إله ولد.

وقوله (ولم يولد) نفي لكونه مولود إله والد، لان ذلك من صفات الاجسام وفيه رد على من قال: إن عزيز والمسيح أبناء الله تعالى، وإن الملائكة بنات الله، وقوله (ولم يكن له كفوا أحد) نفي من الله تعالى أن يكون له مثل أو شبيه او نظير، والكفور والكفاء والكفي واحد، وهو المثل والنظير، قال النابغة:

لا تقذفني بركن لاكفاء له * ولو تأثفك الاعداء بالرفد

و (أحد) مرفوع لانه اسم (كان) و (كفوا) نصب، لانه نعت نكرة متقدمة، كما تقول:، عندي ظريفا غلام، تريد عندي غلام ظريف، فلما قدمت النعت على المنعوت نصبته على الحال - في قول البصريين - وعلى الظرف في قول الكوفيين - والتقدير في الاية ولم يكن له كفوا، وأخص منه ولم يكن أحد كفوا له، وإنما قدم الظرف الملغى مع أن تأخير الملغى أحسن في الكلام لانه أفضل بذكر الانبه الاعرف، كما يتقدم الظرف الذى هو خبر وموضعه التأخير لهذه العلة في مثل قولهم: لزيد مال وله عبد.

___________________________________

(1) مجاز القرآن الشاهد 950: 2 / 316

[432]

ولا حي من الاحياء إلا وله مثل إلا الله تعالى، فلذلك قال (ولم يكن له كفوا أحد) وروي أن النبي صلى الله عليه واله كان يقف عند آخر كل آية من هذه السورة، وكذلك كان يقرأ ابن مجاهد في الصلاة ابتداء.

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=1366
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29