• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / المكتبة .
              • الكتاب : التبيان في تفسير القرآن ( الجزء العاشر) ، تأليف : شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي .
                    • الموضوع : سورة العاديات .

سورة العاديات

100 - سورة العاديات

مكية في قول ابن عباس وقال الضحاك: هي مدنية، وهي إحدى عشرة آية بلا خلاف

بسم الله الرحمن الرحيم

(والعاديات ضبحا(1) فالموريات قدحا(2) فالمغيرات صبحا(3) فأثرن به نقعا(4) فوسطن به جمعا(5) إن الانسان لربه لكنود(6) وإنه على ذلك لشهيد(7) وإنه لحب الخير لشديد(8) أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور(9) وحصل ما في الصدور(10) إن ربهم بهم يومئذ لخبير(11))

احدى عشرة آية.

قوله (والعاديات ضبحا) قسم من الله تعالى بالعاديات.

قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وعطاء: يعني الخيل تضبح ضبحا، فضبحا نصب على المصدر.

[396]

وقال عبدالله بن مسعود: يعني الابل، فعلى قول ابن عباس أراد ضبح الخيل في الجهاد والحرب.

وقال ابن مسعود: أراد ضبح الابل في طريق الحج.

وروي عن علي عليه السلام أن المراد به الابل، لانه لم يكن يومئذ خيل للمسلمين. والضبح في الخيل اظهر عند أهل اللغة. وروي عن علي عليه السلام أن الضبح في الخيل الحمحمة عند العدو وقيل الضبح شدة النفس عند العدو. وضبحت الخيل تضبح ضبحا وضباحا.

وقال أبوعبيدة: ضبح وضبع بمعنى واحد أي تمد أضباعها في السير.

وقوله (فالموريات قدحا) معناه المظهرات بسنابكها النار قدحا، يقال: أورى القادح النار يوري ايراء إذا قدح قدحا، وتسمى تلك النار نار الحباحب لضعفها، قال النابغة:

تجذ السلوقي المضاعف نسبحه * ويوقدن بالصفاح نار الحباحب(1)

وهو رجل بخيل كانت نارة ضعيفة لئلا براها الاضياف.

وقال قتادة والضحاك وعطاء (فالموريات قدحا) الخيل حين توري النار بسنابكها، وقال ابن عباس: هم الذين يورون النار بعد إنصرافهم من الحرب، وقال مجاهد: يعني ابطال الرجال.

وقال عكرمة: الاسنة.

وقوله (فالمغيرات صبحا) قال ابن عباس: يعني الخيل في سبيل الله.

وقيل: إنما ذكر (صبحا) لانهم كانوا يسيرون إلى العدو ليلا فيأتوهم صبحا، وقيل: إنهم لعزهم أغاروا نهارا.

وقيل إنما أقسم بالمغيرات صبحا لعظم شأنها في الغارة على أعداء الله من المشركين ومعناه أمر الغارة عظيم، وإنما القسم تنبيه على عظم الشأن وتأكيد للاخبار.

وقوله (فاثرن به نقعا) إخبار منه تعالى أن هذه الخيل تثير الغبار بعدوها

___________________________________

(1) مر في 6 / 71

[397]

وسمي الغبار النقع، لانه يغوص فيه صاحبه كما يغوص في الماء يقال: نقعه ينقعه نقعا، فهو ناقع، واستنقع إستنقاعا وانتقع انتقاعا.

وقال قتادة: النقع الغبار.

وقيل: الهاء في قوله (به) عائد إلى معلوم أي بالمكان أو بالوادي.

وقوله (فوسطن به جمعا) قال قتادة: يعني وسطن بذلك المكان جمع العدو.

وقال مجاهد: يعني جمع الفريقين.

وقوله (إن الانسان لربه لكنود) جواب القسم ومعناه - في قول ابن عباس وقتادة والحسن ومجاهد وابن زيد - لكفور، فالكنود الكفور ومنه الارض الكنود التي لا تنبت شيئا، وأصله منع الحق والخير، قال الاعشى:

احدث لها تحدث لوصلك إنها * كند لوصل الزائر المعتاد(1)

وقيل: إنها سميت كند لقطعها إياها عن سماك.

وقوله (وإنه على ذلك لشهيد) قال الحسن: معناه إن حسن الانسان على ذلك لشاهد.

وقال قتادة: تقديره وإن الله على ذلك لشهيد.

وقوله (وإنه لحب الخير لشديد) قيل تقديره وإنه لشديد الحب للخير.

وقيل: معناه وإنه لشديد الحب للمال، فهو يظلم الناس بمنعه.

وقال الحسن: لشديد معناه لشحيح يمنع منه حق الله.

وقال المبرد والربيع: معناه من أجل حب الخير الذي هوالمال أو الملك لبخيل ثم قال على وجه التنكير على الانسان والوعيد له (أفلا يعلم) يعني الانسان الذي وصفه (إذا بعثر ما في القبور) معناه اثير ما في القبور وأخرج، ومثله بحثر.

وقوله (وحصل ما في الصدور) قال سفيان: معناه ميز الحق من الباطل.

وقال غيره: معناه جمع وأبرز.

وقوله (إن ربهم بهم يومئذ لخبير) اخبار من الله تعالى واعلام لخلقه ان الذي خلقهم ودبرهم في ذلك اليوم بهم لعالم خبير بأحوالهم لا يخفى عليه شئ من ذلك.

___________________________________

(1) مجاز 2 / 307

[398]

وكان سبب نزول هذه السورة أن النبي صلى الله عليه واله بعث سرية إلى حيين من كنانة واستعمل عليهم أحد النقباء: المنذر بن عمرو الانصاري، فغابت عن النبي صلى الله عليه واله ولم يعلم لها مخبر فانزل الله تعالى السورة وأخبر بحال القوم.

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/books/index.php?id=1354
  • تاريخ إضافة الموضوع : 0000 / 00 / 00
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29