الذي يخص بحثنا من هذه المواجهة الصاخبة ـ على حد تعبير الباحث الأردني ـ أن الخليفة عمر نجح بمساعدة أكثر الصحابة الحاضرين أن يحقق هدفين ضخمين حول القرآن والسنة :
الأول : أن القرآن هو المصدر الرسمي للإسلام فقط، والسنة ليست مصدراً الى جنب القرآن وفي مستواه ، بل هي مصدر انتقائي يختار منه عمر ورؤساء قريش ما يناسب ، ويتركون ما لا يناسب ، أو يمنعون صدوره !
الثاني : أن عمر الزعيم المقبول من كافة قبائل قريش ـ ما عدا بني هاشم ـ هو المفسر الرسمي للقرآن ، وله الحق أن يمنع النبي(ص) من كتابة وصيته التي قد تلزم المسلمين بمفسر رسمي من بني هاشم !
وقد اضطر الخليفة عمر من أجل تحقيق هذين الهدفين الضخمين، وفي تلك اللحظات الحاسمة من حياة النبي(ص) .. أن يستعمل الغلظة والشدة ، ويجابه نبيه بقرار أكثرية الصحابة ويقول له بصراحة : أيها الرسول ، لا حاجة بنا الى وصيتك ، فالقرآن كاف شاف ، ولا نحتاج أن تنصب له مفسراً من بني هاشم لأن تفسيره من حقنا نحن ! لقد قبلنا نبوتك والقرآن الذي أنزله الله عليك ، ولكن قريشاً تشاورت فيما بينها وقررت أن لا يستأثر بنو هاشم بالنبوة والخلافة فلا يبقى لقبائل قريش شئ ! وبما أن الوصية التي تريد أن تكتبها لا تنسجم مع هذا القرار ، فليس فيها إلا الضرر علينا من بعدك ، فنشكرك أيها الرسول ، فإنا لا نخاف على أنفسنا الضلال من بعدك حتى تؤمننا منه !!
وقد قلتُ للحاضرين بلسان قريش : لا تقربوا له شيئاً ، لا دواة وقرطاساً ، فخير لك أن تصرف النظر عن كتابة الوصية ، وإلا فإني سأشهد الحاضرين عليك بأنك تهجر وأن كلامك لم يعد وحياً ، بل هذيان !!