00989338131045
 
 
 
 
 
 

 من آية (116 - 125) 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الثاني )   ||   تأليف : الميرزا محمد المشهدي

الآية: 116 - 125

[ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضللا بعيدا(116) ]

ذلك لله رضا، فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبي قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه ما تولى(1).

وفي تفسير العياشي: عن حريز، عن بعض أصحابنا، عن أحد هما (عليها السلام) قال: لما كان أميرالمؤمنين (عليه السلام) بالكوفة أتاه الناس فقالوا: اجعل لنا إماما يؤمنا في شهر رمضان، فقال: لا، ونهاهم أن يجتمعوا فيه، فلما أمسوا، جعلوا يقولون: ابكوا في رمضان، وارمضاناه، فأتاه الحارث الاعور في اناس فقال: يا أميرالمؤمنين ضج الناس وكرهوا قولك، فقال عند ذلك: دعهم وما يريدون، ليصلي بهم من شاؤوا، ثم قال: " فمن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساء‌ت مصيرا "(2).

عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن رجل من الانصار قال: خرجت أنا والاشعث الكندي وجرير البجلي حتى إذا كنا بظهر الكوفة بالفرس مربنا ضب، فقال الاشعث وجرير: السلام عليك يا أميرالمؤمنين، خلافا على علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فلما خرج الانصاري قال لعلي (عليه السلام): فقال علي: دعهما، " فهو (إمامهما)(3) يوم القيامة، أما تسمع إلى الله وهو يقول: " نوله ما تولى "(4).

إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشآء: تكريره(5)

___________________________________

(1) نهج البلاغة: ص 366 باب المختار من كتب مولانا أميرالمؤمنين ورسائله(6) ومن كتاب له (عليه السلام) إلى معاوية صبحي الصالح.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 275 ح 272.

(3) في النسخة - أ: (فهو لما فيهما) والظاهر أنه تصحيف من الناسخ والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

(4) تفسير العياشي: ج 1 ص 275 ح 273.

(5) ذكر سابقا في آية 48 من سورة النساء. (*)

[623]

إما للتأكيد، أو لقصة بشير.

وقيل: جاء شيخ إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: إني شيخ منهمك في المعاصي، إلا أني لم أشرك بالله شيئا منذ عرفته، وآمنت به، ولم أتخذ من دونه وليا، ولم اوقع المعاصي جرأة، وما تو همت طرفة عين أني أعجز الله هربا، وأني لنادم تائب، فما ترى حالي؟ فنزلت.

ومن يشرك بالله فقد ضل ضللا بعيدا: عن الحق، فإن الشرك أعظم أنواع الضلالة وأبعدها عن الصواب والاستقامة.

وإنما ذكر في الآية الاولى " فقد افترى " لانها متصلة بقصة أهل الكتاب، ومنشأ شركهم نوع افتراء، وهو دعوى التبني على الله تعالى وتقدس(1).

وفي شرح الآيات الباهرة: روي بحذف الاسناد مرفوعا، عن مولى علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن جده أميرالمؤمنين (صلوات الله عليهم أجمعين) قال: المؤمن على أي حال مات، وفي أي ساعة قبض فهو شهيد، ولقد سمعت حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: لو أن المؤمن خرج من الدنيا وعليه مثل ذنوب أهل الارض لكان الموت كفارة لتلك الذنوب، ثم قال (عليه السلام): من قال لا إله إلا الله بالاخلاص فهو برئ من الشرك، ومن خرج من الدنيا لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ثم تلا هذه الآية: " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " وهم شيعتك ومحبوك يا علي، فقلت: يا رسول الله هذا لشيعتي؟ قال: اي وربي، لشيعتك ومحبيك خاصة، وإنهم ليخرجون من قبورهم وهم يقولون: لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله، فيؤتون بحلل خضر من الجنة، وأكا ليل من الجنة وتيجان من الجنة، ويلبس كل واحد منهم حلة خضراء وتاج الملك وإكليل الكرامة ويركبون النجائب، فيطير بهم إلى الجنة لا يحزنهم الفزع الاكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون(2).

___________________________________

(1) من قوله (وقيل: جاء) إلى هنا مقتبس من تفسير البيضاوي: ج 1 ص 244، لا حظ تفسيره لايه 116 من سورة النساء.

(2) لا يوجد لدينا هذا الكتاب ووجدناه في تأويل الايات الظاهرة: ص 157. (*)

[624]

[ * إن يدعون من دونه إلآ إنثا وإن يدعون إلا شيطنا مريدا(117) لعنه الله وقال لاتخذن من عبادك نصيبا مفروضا(118) ]

وفي هذا المعنى ماذكره الشيخ في أماليه: بإسناده عن محمد بن عطية، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الموت كفارة لذنوب المؤمنين(1).

إن يدعون من دونه إلآ إنثا: يعني اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى، وأساف ونائلة، كان لكل حي صنم يعبدونه، ويسمونه انثى بني فلان، وذلك إما لتأنيث اسمائها، أو لانها كانت جمادات، والجمادات تؤنث من حيث أنها ضاهت الاناث، لانفعالها.

قيل: ولعله تعالى ذكرها بهذا الاسم، تنبيها على أنهم يعبدون ما يسمونه إناثا، لانه ينفعل ولا يفعل ومن حق المعبود أن يكون فاعلا غير منفعل، ليكون دليلا على تناهي جهلهم وفرط حماقتهم.

وقيل: المراد الملائكة لقولهم: الملائكة بنات الله(2).

وهو جمع انثى كرباب وربى، وقرئ (انثى) على التوحيد، و (انثا) على أنه جمع انيث كخبث وخبيث، و (وثنا) بالتخفيف والتثقيل، وهو جمع وثن كأسد واسد، و (أثنا) بهما على قلب الواو لضمتها همزة.

وفي مجمع البيان: عن تفسير أبي حمزة الثمالي قال: كان في كل واحدة منهن شيطانه انثى تترايا للسدنة وتكلمهم، وذلك من صنع إبليس، وهو الشيطان الذي

___________________________________

(1) كتاب الامالي للشيخ الطوسي: ج 1 ص 109، س 3.

(2) الاقوال من البيضاوي: ج 1 ص 244، لا حظ تفسيره لآية 117 من سورة النساء. (*)

[625]

ذكره الله والعنه(1).

وإن يدعون: وإن يعبدون بعبادتها.

إلا شيطنا مريدا: لانه الذي أمرهم بعبادتها وأغراهم عليها، فكان طاعته في ذلك عبادة له.

والمارد والمريد الذي لا يعلق بخير، وأصل التركيب للملا بسة، ومنه " صرح ممرد "(2) وغلام أمرد وشجرة مرداء الذي تناثر ورقها.

وفي تفسير العياشي: عن محمد بن إسماعيل الرازي، عن رجل سماه، عن أبي عبدالله قال: دخل رجل على أبي عبدالله (عليه السلام) فقال: السلام عليك يا أميرالمؤمنين، فقام على قدميه فقال: مه، هذا اسم لا يصلح إلا لاميرالمؤمنين (عليه السلام)، سماه ولم يسم به أحد غيره فرضي به إلا كان منكوحا وإن لم يكن ابتلى به، وهو قول الله في كتابه: " أن يدعون من دونه إلا إناثا وأن يدعون إلا شيطانا مريدا " قال: قلت: فماذا يدعى به قائمكم؟ فقال: السلام عليك يابن رسول الله(3).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: قوله: " أن يدعون من دونه إلا إناثا " قال: قالت قريش: الملائكة هم بنات الله " وان يدعون إلا شيطانا مريدا " قال: كانوا يعبدون الجن(4).

لعنه الله: صفة ثانية للشيطان.

وقال لاتخذن من عبادك نصيبا مفروضا: عطف عليه، أي شيطانا مريدا جامعا بين لعنة الله، وهذا القول الدال على فرط عداوته للناس. والمفروض، المقطوع، أي نصيبا قدر لي وفرض، من قولهم: فرض له في العطاء.

في مجمع البيان: عن تفسير الثمالي، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في

___________________________________

(1) مجمع البيان: ج 3 ص 112 في نقله المعنى لآية 117 من سورة النساء.

(2) النمل: 44.

(3) تفسير العياشي: ج 1 ص 276 ح 274.

(4) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 152 س 21 في تفسيره لآية 117 من سورة النساء. (*)

[626]

[ ولاضلنهم ولامنينهم ولامرنهم فليبتكن ء‌اذان الانعم ولامرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطن وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا(119) ]

هذه الآية، من بني آدم تسعة وتسعون في النار، وواحد في الجنة(1).

وفي رواية اخرى: من كل ألف واحد لله وسائرهم للنار ولابليس(2).

قيل: وقد برهن سبحانه أولا على أن الشرك ضلال في الغاية على سبيل التعليل، أن مايشركون به ينفعل ولا يفعل فعلا اختياريا، وذلك ينافي في الالوهية غاية المنافاة، فإن الاله ينبغي أن يكون فاعلا غير منفعل.

ثم استدل عليه بأنه عبادة الشيطان، وهي أفظع الضلال، لثلاثة أوجه، الاول: إنه مريد منهمك في الضلال لا يعلق بشئ من الخير والهدى، فيكون طاعته ضلالا بعيدا من الهدى، والثاني: أنه ملعون لضلاله، فلا يستجلب مطاوعته سوى الضلال واللعن، والثالث: أنه في غاية العداوة والسعي في إهلا كهم وموالاة من هذا شأنه غاية الضلالة، فضلا عن عبادته(3).

ولاضلنهم: عن الحق.

ولامنينهم: الاماني الباطلة، كطول العمر، وأن لا بعث ولا عقاب.

في أمالي الصدوق: جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: لما نزلت هذه الآية " والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم " صعد إبليس جبلا بمكة يقال له ثور، فصرخ بأعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا إليه، فقالوا:

___________________________________

(1 و 2) مجمع البيان: ج 3 ص 113 في نقله المعنى لآية 117 من سورة النساء نقلا عن تفسير أبي حمزة الثمالي.

(3) نقله البيضاوي: ج 1 ص 244 في تفسيره لآية 117 من سورة النساء. (*)

[627]

يا سيدنا لم دعوتنا؟ قال: نزلت هذه فمن لها؟ فقام عفريت من الشياطين، فقال: أنا لها بكذا وكذا، قال: لست لها، فقام آخر فقال مثل ذلك، فقال: لست لها، فقال الوسواس الخناس: أنا لها، قال: بماذا؟ قال: أعدهم وامنيهم حتى يواقعوا الخطيئة، فإذا واقعوا الخطيئة امنيهم الاستغفار، فقال: أنت لها، فوكله بها إلى يوم القيامة(1).

ولامرنهم فليبتكن ء‌اذان الانعم: قيل: سيشققونها إذا ولدت خمسة أبطن والخامس ذكر، وحرموا على أنفسهم الانتفاع بها.

وفي مجمع البيان: عن الصادق (عليه السلام) ليقطعن الآذان من أصلها(2).

ولامرنهم فليغيرن خلق الله: في مجمع البيان: عن الصادق (عليه السلام) يريد دين الله وأمره(3).

وفيه: ويؤيده قوله سبحانه: " فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله "(4)، ويندرج فيه كل تغيير بخلق الله عن وجهه صورة أو صفة من دون إذن من الله كفقئهم عين الفحل الذي طال مكثه عندهم وإعفائه عن الركوب، وخصاء العبيد، وكل مثلة. ولا ينافيه التفسير بالدين والامر، بأن ذلك كله داخل فيهما.

ومن يتخذ الشيطن وليا من دون الله: بأن يؤثر طاعته على طاعة الله (عزوجل)، أو يشركه معه في الطاعة.

فقد خسر خسرانا مبينا: رأس ماله وبدل مكانه من الجنة بمكانه من النار.

___________________________________

(1) لم أظفر عليه في الامالي ورواه في الصافي: ج 1 ص 464 نقلا عن الامالي في تفسيره لآية 120 من سورة النساء.

(2) مجمع البيان: ج 3 ص 113 في نقله المعنى لآية 119 من سورة النساء " فليبتكن اذان الانعام ".

(3) مجمع البيان: ج 3 ص 113 في نقله المعنى لآية 119 من سورة النساء: " ولامرنهم فليغيرن خلق الله ".

(4) الروم: 30. (*)

[628]

[ يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطن إلا غرورا(120) أولئك مأوهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا(121) والذين ء‌امنوا وعملوا الصلحت سند خلهم جنت تجرى من تحتها الانهر خلدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا(122) ليس بأمانيكم ولآ أمانى أهل الكتب من يعمل سوء‌ا يجزبه ولايجد له من دون الله وليا ولا نصيرا(123) ]

يعدهم: مالا ينجز.

ويمنيهم: مالا ينالون.

وما يعدهم الشيطن إلا غرورا: وهو إظهار النفع فيما فيه الضرر.

وهذا الوعد إما بالخواطر الفاسدة، أو بلسان أوليائه.

وفي تفسير العياشي: عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حديث طويل يذكر فيه ما أكرم الله به آدم (عليه السلام)، وفي آخره فقال إبليس: رب هذا الذي كرمت علي وفضلته، وإن لم تفضلني عليه لم أقو عليه، قال: لا يولد له ولد إلا ولد لك ولدان، قال: رب زدني؟ قال: تجري منه مجرى الدم في العروق، وقال: رب زدني؟ قال: تتخذ أنت وذريتك في صدورهم مساكن، قال: رب زدني؟ قال: تعدهم وتمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا(1).

أولئك مأوهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا: معدلا ومهربا، من حاص يحيص إذا عدل، و " عنها " حال منه أي من المحيص، وليس صلة له لانه اسم

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 276 قطعة من ح 277. (*)

[629]

مكان، وإن جعل مصدرا فلا يعمل أيضا فيما قبله.

والذين ء‌امنوا وعملوا الصلحت سند خلهم جنت تجرى من تحتها الانهر خلدين فيها أبدا وعد الله حقا: أي وعده وعدا، وحق ذلك حقا، فالاول مؤكد لنفسه، لانه مضمون الجملة الاسمية التي قبلها، والثاني مؤكد لغيره.

ويجوز أن ينتصب الموصول بفعل يفسره ما بعده.

و (وعدالله) بقوله: " سندخلهم " لانه بمعنى نعدهم ادخالهم، و " حقا " على أنه حال من المصدر.

ومن أصدق من الله قليلا: جملة مؤكدة بليغة.

والمقصود من الآية، معارضة المواعيد الشيطانية الكاذبة لقرنائه، وعد الله الصادق لاوليائه، أو المبالغة في توكيده ترغيبا للعبادة في تحصيله.

ليس بأمانيكم ولآ أمانى أهل الكتب: في تفسير علي بن إبراهيم: ليس ما تمنون أنتم ولا أهل الكتاب، أي أن لا تعذبون بأفعالكم(1).

قيل: روي أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا، فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم ونحن أولى بالله منكم، وقال المسلمون: نحن أولى منكم، نبينا خاتم النبيين، وكتابنا يقضي على الكتب المتقدمة، فنزلت(2).

وقل: الخطاب مع المشركين(3).

ويدل عليه تقدم ذكرهم، أي ليس الامر بأماني المشركين، وهو قولهم: لاجنة ولانار، وقولهم: إن كان الامر كما يزعم هؤلاء، لنكونن خيرا منهم وأحسن حالا.

ولا أماني أهل الكتاب وهو قولهم: " لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى "(4) وقولهم: " لن تمسنا النار إلا أياما معدودة "(5).

من يعمل سوء‌ا يجزبه: عاجلا أو آجلا.

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 153 س 4.

(2 و 3) نقلهما البيضاوي: ج 1 ص 245 في تفسيره لآية 123 من سورة النساء.

(4) البقرة: 111.

(5) البقرة: 80 (*)

[630]

وفي عيون الاخبار: في باب قول الرضا (عليه السلام) لاخيه زيد بن موسى(1) حين افتخر على من في ملجسه، بإسناده إلى أبي الصلت الهروي قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يحدث عن أبيه أن إسماعيل(2) قال للصادق (عليه السلام): يا أبتاه ما تقول في المذنب منا ومن غيرنا؟ فقال (عليه السلام): " ليس بأمانكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوء يجزبه "(3).

وفي مجمع البيان: عن أبي هريرة(4) قال: لما نزلت هذه الآية بكينا وحزنا

___________________________________

(1) زيد هذا المعروف ب‍ (زيد النار) خرج بالمدينة فأحرق وقتل ثم مضى إلى البصرة سنة ست وتسعين ومائة وقيل: إنه بعث إليه المأمون فاسر وحمل إليه فقال له: يا زيد خرجت بالبصرة وتركت أن تبدأ بدور أعدائنا من امية وثقيف وغنى وباهلة وآل زياد وقصدت دور بني عمك؟ فقال وكان مزاحا: أخطأت يا أميرالمؤمنين من كل جهة، وإن عدت للخروج بدأت بأعدائنا فضحك المأمون وبعثه إلى أخيه الرضا، وقال: قد وهبت لك جرمه، فاحسن أدبه فلما جاؤوا به عنفه وخلى سبيله، وحلف أن لا يكلمه أبدا ما عاش (تلخيص من تنقيح المقال: ج 1 ص 471 تحت رقم 4455).

(2) عن أعلام الورى: أن إسماعيل كان أكبر إخوته وكان أبوه الصادق (عليه السلام) شديد المحبة له والبربه، وقد كان يظن قوم من الشيعة في حياة الصادق (عليه السلام) أنه القائم بعده والخليفة له من بعده إذ كان أكبر إخوته ولميل أبيه إليه وإكرامه له، فمات في حياة أبيه الصادق (عليه السلام) بالعريض وحمل على رقاب الرجال إلى أبيه بالمدينة حتى دفن بالبقيع، ولما مات إسماعيل انصرف عن القول بإمامته بعد أبيه من كان يظن ذلك، وأقام على حياته طائفة لم تكن من خواص أبيه، بل كانت من الاباعد، فلما مات الصادق (عليه السلام) انتقل جماعة إلى القول بإمامة موسى بن جعفر، وافترق الباقون منهم فرقتين، فرقة منهم رجعوا عن حياة إسماعيل وقالوا بإمامة ابنه محمد بن إسماعيل، لظنهم أن الامامة كانت في أبيه، وأن الابن أحق بمقام الامامة من الاخ، وفريق منه تثبتوا على حياة إسماعيل، وهم اليوم شذاذ، وهذان الفريقان يسميان الاسماعيلية، انتهى (تلخيص من تنقيح المقال: ج 1 ص 131 تحت رقم 794).

(3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 2 ص 234 باب 58 قول الرضا (عليه السلام) لاخيه زيد بن موسى حين افتخر على من في مجلسه، ح 5.

(4) لم يختلف الناس في اسم أحد في الجاهلية والاسلام، مثل ما اختلفوا في اسم (أبي هريرة).

فلا يعرف على التحقيق اسمه الذي سماه به أهله ليدعي به بين الناس، لا حظ كتب الرجال: كالاصابة والاستيعاب وكتاب شيخ المضيرة (أبوهريرة) تأليف محمود أبورية. (*)

[631]

[ ومن يعمل من الصلحت من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا(124) ]

وقلنا: يا رسول الله ما أبقت هذه الآية من شئ، فقال: أما والذي نفسي بيده، إنها لكما انزلت، ولكن ابشروا وقاربوا وسددوا، إنه لا يصيب أحد منكم مصيبة إلا كفر الله بها خطيئته، حتى الشوكة يشاكها أحدكم في قدمه(1).

وفي تفسير العياشي: عن الباقر (عليه السلام): لما نزلت هذه الآية: " من يعمل سوء يجزبه " قال بعض أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أشدها من آية؟ ! فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أما تبتلون في أنفسكم وأموالكم وذراريكم؟ قالوا: بلى، قال: هذا مما يكتب الله لكم به الحسنات ويمحوبه السيئات(2).

وفي الكافي: عنه (عليه السلام): إن الله تعالى إذا كان من أمره أن يكرم عبدا وله ذنب ابتلاه بالسقم، فإن لم يفعل ذلك به ابتلاه بالحاجة، فإن لم يفعل ذلك به، شدد عليه الموت ليكافيه بذل الذنب، الحديث(3).

ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا: أي وليا يواليه ونصيرا ينصره في دفع العذاب عنه.

ومن يعمل من الصلحت: بعضها وشيئا منها، فإن كل أحد لا يتمكن من كلها.

من ذكر أو أنثى: في موضع الحال من المستكن في " من يعمل " و " من " للبيان، أو " من الصالحات " أي كائنة من ذكر وانثى، و " من للابتداء.

___________________________________

(1) مجمع البيان: ج 3 ص 115 في بيان المعنى لآية 123 من سورة النساء.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 277 ح 278.

(3) الكافي: ج 2 ص 444 ح 1. (*)

[632]

[ ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبرهيم حنيفا واتخذ الله إبرهيم خليلا(125) ]

وهو مؤمن: حال شرط اقتران العمل بها، في استدعاء الثواب المذكور، تنبيها على أنه لا اعتداد به دونه.

فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا: بنقص شئ من الثواب.

وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبوبكر " يدخلون الجنة " هنا وفي مريم (وغافر)(1) بضم الياء وفتح الخاء، والباقون بفتح الياء وضم الخاء.

ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه الله: أخلص نفسه لله، لا يعرف لها ربا سواه.

وقيل: بذل وجهه له في السجود.

وفي الاستفهام تنبيه على أن ذلك ما يبلغه القوة البشرية.

وهو محسن: آت بالحسنات تارك للسيئات.

وفي مجمع البيان: وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سئل عن الاحسان؟ فقال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك؟.

واتبع ملة إبرهيم: الموافقة لدين الاسلام، المتفق على صحتها، يعني اقتد بدينه وسيرته وطريقته.

حنيفا: مائلا عن سائر الاديان، وهو حال من المتبع، أو من الملة، أو إبراهيم.

وفي تفسير علي بن إبراهيم، قال: هي العشرة التي جاء بها إبراهيم التي لم تنسخ إلى يوم القيامة(3).

___________________________________

(1) في النسخة - أ: (وابن عامر) والظاهر أنه تصحيف والصحيح ما أثبتناه.

(2) مجمع البيان: ج 3 ص 116 في نقل المعنى لآية 125 من سورة النساء.

(3) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 153 س 6 في تفسيره لآية 25 من سورة النساء. (*)

[633]

واتخذالله إبرهيم خليلا: اصطفاه وخصصه بكرامة الخلة.

وإنما ذكره ولم يضمر، تفخيما له، وتنصيصا على أنه الممدوح.

قيل: والخلة، إما من الخلال، فإنه ود يخلل النفس ويخالطها، أو من الخلل فإن كل واحد من الخليلين يسد خلل الآخر، أو من الخل وهو الطريق في الرمل، فإنهما يتوافقان الطريقة، أو من الخلة بمعنى الخصلة، فإنهما يتوافقان في الخصال.

والجملة استئناف جئ بها للترغيب في اتباع ملته، والايذان بأنه نهاية في الحسن وغاية في كمال البشر(1).

في روضة الكافي: أبان بن عثمان، عن محمد بن مروان، عمن رواه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما اتخذ الله (عزوجل) إبراهيم خليلا أتاه بشراه بالخلة، فجاء‌ه ملك الموت في صورة شاب أبيض عليه ثوبان أبيضا يقطر رأسه ماء ودهنا، فدخل إبراهيم (عليه السلام) الدار فاستقبله خارجا من الدار، وكان إبراهيم (عليه السلام) رجلا غيورا، وكان إذا خرج في حاجة أغلق بابه وأخذ مفتاحه معه، ثم رجع ففتح فإذا هو برجل قائم أحسن ما يكون من الرجال، فأخذ بيده وقال: يا عبدالله من أدخلك داري؟ فقال: ربها أدخلنيها، فقال: ربها أحق بها مني؟ فمن أنت؟ قال: أنا ملك الموت، ففزع إبراهيم (عليه السلام) وقال.

جئتني لتسلبني روحي؟ قال: لا، ولاكن اتخذ الله عبدا خليلا، فجئت لبشارته، قال: فمن هو لعلي أخدمه حتى أموت؟ قال: أنت هو، فدخل على سارة، فقال لها: أن الله (تبارك وتعالى) اتخذني خليلا(2).

وفي كتاب الاحتجاج للطبرسي (رحمه الله): في حديث طويل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يقول فيه (عليه السلام): قولنا: إن إبراهيم خليل الله، فإنما هو مشتق من الخلة أو الخلة(3)، والخلة إنما معناها الفقر والفاقة، فقد كان

___________________________________

(1) الوجوه المحتملة من البيضاوي: ج 1 ص 246 لا حظ تفسيره لآية 125 من سورة النساء.

(2) الكافي: ج 8 ص 392 ح 589.

(3) قوله: (من الخلة أو الخلة) الاولى بالفتح وهي بمعنى الفقر والحاجة، والثانية بالضم وهي بمعنى غاية الصداقة والمحبة، اشتق من الخلال، لان المحبة تخللت قلبه، فصارت خلاله، أي في باطنه، وقد ذكر اللغويون أنه يحتمل كون الخليل مشتقا من الخلة بالفتح أو الضم (البحار ط بيروت: ج 9 ص 267).

[634]

خليلا إلى ربه فقيرا، وإليه منقطعا، وعن غيره متعففا معرضا مستغنيا، وذلك أنه لما اريد قذفه في النار، فرمي به في المنجنيق، فبعث الله إلى جبرئيل، فقال له: ادرك عبدي فجاء‌ه فلقيه في الهواء، فقال: كلفني ما بدالك، فقد بعثني الله لنصرتك، فقال: بل حسبي الله ونعم الوكيل، إني لا أسأل غيره، ولا حاجة لي إلا إليه، فسماه خليله، أي فقيره ومحتاجه والمنقطع إليه عمن سواه، قال: فاذا جعل معنى ذلك من الخلة، وهو أنه قد تخلل معانيه ووقف على أسرار لم يقف عليها غيره، كان معناه العالم به وباموره، ولا يوجب ذلك تسبيه الله بخلفه، ألا ترون أنه إذا لم ينقطع إليه لم يكن خليله، وإذا لم يعلم بأسراره لم يكن خليله(1).

وفي عيون الاخبار: في باب ماجاء عن الرضا (عليه السلام) من العلل إلى الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه (عليه السلام) أنه قال: إنما اتخذ الله إبراهيم خليلا لانه لم يرد أحدا ولم يسأل أحدا قط غير الله(2).

وفي كتاب علل الشرائع: بإسناده إلى ابن أبي عمير، عمن ذكره قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام): اتخذ الله (عزوجل) خليلا قال: لكثرة سجوده على الارض(3).

___________________________________

(1) الاحتجاج: ص 24 فصل في ذكر طرف مما جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الجدال والمحاربة والمناظرة وما يجري مجرى ذلك مع من خالف الاسلام وغيرهم س 15 وصدره (فقال له: يا محمد أولستم تقولون: إن إبراهيم خليل الله؟ قال: قد قلنا ذلك، قال: فإذا قلتم ذلك فلم منعتمونا من أن نقول: إن عيسى ابن الله؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنهما لن يشتبها، لان قولنا أن إبراهيم خليل الله فإنما الخ). ورواه في البحار ط بيروت: ج 9 ص 260.

(2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 1 ص 79 باب 32 في ذكر ماجاء عن الرضا (عليه السلام) من العلل ح 4.

(3) علل الشرائع: ج 1 ص 33 باب 32 العلة التي من أجلها اتخذ الله (عزوجل) إبراهيم خليلا ح 2. (*)

[635]

وبإسناده إلى سهل بن زياد الآدمي، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسني قال: سمعت علي بن محمد العسكري (عليه السلام) يقول: إنما اتخذ الله إبراهيم خليلا، لكثرة صلاته على محمد وأهل بيته (صلوات الله عليهم)(1).

وبإسناده إلى جابر بن عبدالله الانصاري قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ما اتخذ الله إبراهيم خليلا إلا لاطعامه الطعام وصلاته بالليل والناس نيام(2).

وبإسناده إلى عبدالله بن الهلال إلى أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لما جاء المرسلون إلى إبراهيم (عليه السلام)، جاء‌هم بالعجل فقال: كلوا فقالوا: لا نأكل حتى تخبرنا ما ثمنه؟ فقال: إذا أكلتم فقولوا: بسم الله، وإذا فرغتم فقولوا: الحمد لله، فقال: فالتفت جبرئيل إلى أصحابه وكانوا أربعة جبرئيل رئيسهم، فقال: حق لله أن يتخذ هذا خليلا(3).

وفي الكافي: علي بن محمد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابه، عن معاوية بن عمار، عن زيد الشحام، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إن إبراهيم كان أبا أضياف، فكان إذا لم يكونوا عندهم خرج يطلبهم وأغلق بابه وأخذ المفاتيح ويطلب الاضياف، وإنه رجع إلى داره فإذا هو برجل أو شبه رجل في الدار فقال: يا عبدالله بإذن من دخلت هذه الدار؟ قال: دخلتها بإذن ربها، يردد ذلك ثلاث مرات، فعرف إبراهيم أنه جبرئيل (عليه السلام)، فحمد الله ثم قال: أرسلني ربي إلى عبد من عبيده يتخذه خليلا، قال إبراهيم (عليه السلام) فعلمني من هو أخدمه حتى أموت؟ قال: فأنت، قال: ومم ذلك؟ قال: لانك لم تسأل أحدا شيئا قط، ولم تسأل شيئا قط فقلت: لا(4).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن

___________________________________

(1 و 2) علل الشرائع: ج 1 ص 33 باب 32 العلة التي من اجلها اتخذ الله (عزوجل) إبراهيم خليلا

ح 3 و 4.

(3) علل الشرائع: ج 1 ص 34 باب 32 العلة التي من أجلها اتخذ الله (عزوجل) إبراهيم خليلا ح 6(4) الكافي: ج 4 ص 40 كتاب الزكاة، باب معرفة الجود والسخاء ح 6. (*)

[636]

صدقة، عن جعفر بن محمد (عليه السلام): أن إبراهيم أول من حول له الرمل دقيقا، وذلك أنه قصد صديقا له بمصر في قرض طعام، فلم يجده في منزله، فكره أن يرجع بالحمار خاليا فملا جرابه رملا، فلما دخل بمنزله خلى بين الحمار وبين سارة استحياء منها ودخل البيت ونام، ففتحت سارة عن دقيق أجود ما يكون فخبزت وقدمت إليه طعاما طيبا، فقال إبراهيم: من أين لك هذا؟ فقالت: من الدقيق الذي حملته من عند خليلك المصري، فقال إبراهيم (عليه السلام): أما أنه خليلي وليس بمصري، فلذلك اعطي الخلة، فشكر الله وحمده فأكل(1).

وفي اصول الكافي: محمد بن الحسن، عمن ذكره، عن محمد بن خالد، عن محمد بن سنان، عن زيد الشحام قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: إن الله (تبارك وتعالى) اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا(2) وإن الله اتخذه نبيا قبل

___________________________________

(1) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 153 س 7 في تفسيره لآية 125 من سورة النساء.

(2) قوله: (إن الله اتخذ إبراهيم عبدا) إلخ قبلية العبودية على النبوة والنبوة على الرسالة ظاهرة، فإن الرسالة أرفع درجة من النبوة أرفع درجة من العبودية، فإن أكثر الناس لهم درجة العبودية، وليست لهم درجة النبوة.

وأما قبلية الرسالة على الخلة والخلة على الامامة فالوجه فيها أن الخلة هي فراغ القلب عن جميع ما سواه والخليل من لا يتسع القلب لغيره، وقد كان إبراهيم بهذه الصفة، كما يرشد إليه قوله: - حين قال له جبرئيل: ألك حاجة وقد رمي بالمنجنيق - أما إليك فلا، فنفى (عليه السلام) في تلك الحالة العظيمة أن يكون له حاجة إلى غير الله تعالى، ولا شبهة في أن هذه الدرجة فوق درجة الرسالة، إذ كل رسول لا يلزم أن تكون له هذه الدرجة.

وأما الامامة فهي أفضل من الخلة، لانها فضيلة شريفة ودرجة رفيعة، وأجل قدرا وأعظم شأنا وأعلى مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها البشر بعقولهم، وقد شرف الله تعالى إبراهيم (عليه السلام) بها فقال: " أني جاعلك للناس إماما " بعد ما أعطاه الدرجات السابقة، فمن جهة عظم الامامة في عينه (عليه السلام) قال سرورا بها " ومن ذريتي " فقال الله تعالى إيماء إلى إجابة دعائه، وتصريحا بأن الظالم في الجملة لا ينالها: " لا ينال عهدي الظالمين " فأبطلت هذه الآية إمامة كل سفيه وتقدم كل ظالم على البر التقي إلى يوم القيامة، وقررتها في الصفوة، ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذرية أهل الصفوة والطهارة فقال: " ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم ائمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين " فلم تزل الامامة والخلافة في ذريته الطاهرة يرثها بعض عن بعض قرنا بعد قرن حتى ورثها الله تعالى نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: " أن اولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذاالنبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين " فكانت لهم خاصة فقلدها (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا (عليه السلام) بأمر الله تعالى فصارت في ذريته الاصفياء الاتقياء البررة الكرماء الذين هم اولوا الامر كما قال الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم " ثم طائفة من الصوص المتغلبة الذين نشأت عقولهم وعظامهم ولحومهم في غبادة الاوثان، وغصبوها من أهل الصفوة فضلوا وأضلوا كثيرا (شرح اصول الكافي للمولى المازندراني: ج 5 137).

[637]

أن يتخذه رسولا، وإن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا، وإن الله اتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما،(1) والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي كتاب الاحتجاج للطبرسي (رحمه الله): عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حديث طويل في مكالمة له بينه وبين اليهودي، وفيه قالوا: إبراهيم خير منك، قال: ولم ذلك؟ قالوا: لان الله اتخذه خليلا، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إن كان إبراهيم (عليه السلام) خليلا، فأنا حبيبه محمد(2).

وفي مجمع البيان: وقد روي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: قد اتخذ الله صاحبكم خليلا، يعني نفسه(3).

وفي بعض الروايات: أن الملائكة قال بعضهم لبعض: اتخذ ربنا من نطفة خليلا، وقد أعطاه ملكا عظيما جزيلا، فأوحى الله إلى الملائكة: اعمدوا على أزهدكم ورئيسكم، فوقع الاتفاق على جبرئيل وميكائيل، فنزلا إلى إبراهيم في يوم جمع غنمه، وكان لابراهيم أربعة آلاف راع وأربعة آلاف كلب في عنق كل كلب طوق وزن من من ذهب أحمر، وأربعون ألف غنمة حلابة، وماشاء الله من الخيل والجمال، فوقف الملكان في طرفي الجمع، فقال أحد هما بلذاذة صوت: سبوح

___________________________________

(1) الكافي: ج 175 كتاب الحجة، باب طبقات الانبياء والرسل والائمة (عليهم السلام)، ح 2 وتمام الحديث (فلما جمع له الاشياء قال (أني جاعلك للناس إماما) قال: فمن عظمها في عين إبراهيم قال: " ومن ذريتي، قال لاينال عهدي الظالمين " قال: لا يكون السفيه إمام التقي).

(2) الاحتجاج: ج 1 ص 49 احتجاجه (صلى الله عليه وآله وسلم) على اليهود في جواز نسخ الشرائع وفي غير ذلك س 6.

(3) مجمع البيان: ج 3 ص 117 س 4 في تفسيره لآية 125 من سورة النساء. (*)

[638]




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21336255

  • التاريخ : 28/03/2024 - 21:11

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net