00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة التوبة 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير القمي ج 1   ||   تأليف : علي بن إبراهيم القمي (رحمه الله)

سورة التوبة مدنية مأة وتسع وعشرون آية (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين) قال حدثني ابي عن محمد بن الفضيل عن ابى الصباح الكنانى عن ابى عبدالله (عليه السلام) قال نزلت هذه الآية بعد ما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من غزوة تبوك في سنة سبع من الهجرة قال وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما فتح مكة لم يمنع المشركين الحج في تلك السنة وكان سنة في العرب في الحج انه من دخل مكة وطاف بالبيت في ثيابه لم يحل له امساكها وكانوا يتصدقون بها ولا يلبسونها بعد الطواف، وكان من وافى مكة يستعير ثوبا ويطوف فيه ثم يرده ومن لم يجد عارية اكترى ثيابا ومن لم يجد عارية ولا كراءا ولم يكن له إلا ثوب واحد طاف بالبيت عريانا فجاءت امرأة من العرب وسيمة جميلة فطلبت ثوبا عارية او كراءا فلم تجده، فقالوا لها ان طفت في ثيابك احتجت ان تتصدقي بها فقالت وكيف اتصدق بها وليس لي غيرها فطافت بالبيت عريانة، واشرف عليها الناس فوضعت احدى يديها على قبلها والاخرى على دبرها فقالت مرتجزة:

اليوم يبدو بعضه او كله * فما بدا منه فلا احله فلما فرغت من الطواف خطبها جماعة فقالت ان لي زوجا.

وكانت سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل نزول سورة البراءة ان لا يقاتل إلا من قاتله ولا يحارب إلا من حاربه واراده وقد كان نزل عليه في ذلك من الله

 

===============

(282)

عزوجل " فان اعتزلوكم ولم يقاتلوا كم والقوا اليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا (1) " فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يقاتل احدا قد تنحى عنه واعتزله حتى نزلت عليه سورة البراءة وامره الله بقتل المشتركين من اعتزله ومن لم يعتزله إلا الذين قد كان عاهدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم فتح مكة إلى مدة، منهم صفوان بن امية وسهيل ابن عمرو، فقال الله عزوجل " براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الارض اربعة اشهر " ثم يقتلون حيث ما وجدوا فهذه اشهر السياحة عشرون من ذى الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الاول وعشرة من شهر ربيع الآخر، فلما نزلت الآيات من اول براءة دفعها رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى ابي بكر وامره ان يخرج إلى مكة ويقرأها على الناس بمنى يوم النحر، فلما خرج ابوبكر نزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال يامحمد لا يؤدي عنك إلا رجل منك، فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) امير المؤمنين (عليه السلام) في طلبه فلحقه بالروحا فاخذ منه الآيات فرجع ابوبكر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال يا رسول اللهءأنزل الله في شئ؟ قال لا ان الله امرني ان لا يؤدي عني إلا انا او رجل مني.

قال فحدثني ابي عن محمد بن الفضيل عن ابي الحسن الرضا قال قال امير المؤمنين (عليه السلام) ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) امرني ان ابلغ عن الله ان لا يطوف بالبيت عريان ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد هذا العام وقرأ عليهم " براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الارض اربعة اشهر " فاحل الله للمشركين الذين حجوا تلك السنة اربعة اشهر حتى يرجعوا إلى مأمنهم ثم يقتلون حيث وجدوا، قال وحدثني ابي عن فضالة بن ايوب عن ابان بن عثمان عن حكيم بن جبير عن علي بن الحسين (عليهما السلام) في قوله (واذان من الله ورسوله) قال الاذان امير المؤمنين (عليه السلام) وفي حديث آخر قال امير المؤمنين (عليه السلام) كنت انا الاذان في الناس وقوله (يوم الحج الاكبر) قال هو يوم النحر ثم

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) النساء 89. (*)

 

===============

(283)

استثنى عزوجل فقال (إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم احدا فاتموا اليهم عهدهم إلى مدتهم ان الله يحب المتقين فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم فخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد ـ إلى قوله ـ غفور رحيم) ثم قال (وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله ثم ابلغه مأمنه) قال إقرأ عليه وعرفه لا تتعرض له حتى يرجع إلى مأمنه واما قوله (وان نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا ائمة الكفر انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون) فانها نزلت في اصحاب الجمل وقال امير المؤمنين (عليه السلام) يوم الجمل والله ما قاتلت هذه الفئة الناكثة إلا بآية من كتاب الله عزوجل يقول الله " وان نكثوا ايمانهم من بعد بعهدهم وطعنوا في دينكم إلى آخر الآية " فقال امير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته الزهراء: والله لقد عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) غير مرة ولا اثنتين ولا ثلاث ولا اربع فقال ياعلي! انك ستقاتل بعدي الناكثين والمارقين والقاسطين أفاضيع ما امرني به رسول الله (صلى الله عليه وآله) او أكفر بعد اسلامي؟ " وقوله (ام حسبتم ان تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم) اي لما ير فاقام العلم مقام الرؤية لانه قد علم قبل ان يعلموا.

وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) في قوله (ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة) يعني بالمؤمنين آل محمد والوليجة البطانة (1) وقال على بن ابراهيم في قوله (ما كان للمشركين ان يعمروا مساجد الله شاهدين على انفسهم بالكفر) اي لا يعمروا وليس لهم ان يقيموا وقد اخرجوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) منه ثم قال: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر.

الآية) وهي محكمة واما قوله (أجعلتم سفاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) اي خاصته وما يتخذه معتمدا عليه. (مجمع) (*)

 

===============

(284)

آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله) فانه حدثني ابي عن صفوان عن ابن مسكان عن ابي بصير عن ابي جعفر (عليه السلام) قال نزلت في على وحمزة والعباس وشيبة قال العباس انا افضل لان سقاية الحاج بيدي وقال شيبة انا افضل لان حجابة البيت وقال حمزة انا افضل لان عمارة البيت بيدي وقال علي أنا افضل آمنت قبلكم ثم هاجرت وجاهدت فرضوا برسول الله (صلى الله عليه وآله) حكما فانزل الله " أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام إلى قوله عنده اجر عظيم ".

وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) قال نزلت هذه الآية في علي ابن ابي طالب (عليه السلام) قوله " كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين " ثم وصف علي بن ابي طالب (عليه السلام) (الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله باموالهم وانفسهم اعظم درجة عند الله واولئك هم الفائزون) ثم وصف ما لعلي (عليه السلام) عنده فقال (يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها ابدا ان الله عنده اجر عظيم) قوله (قل ان كان آباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها) يقول اكتسبتموها.

وقال علي بن ابراهيم لما اذن امير المؤمنين (عليه السلام) بمكة ان لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد ذلك العام جزعت قريش جزعا شديدا وقالوا ذهبت تجارتنا وضاعت عيالنا وخربت دورنا فانزل الله عزوجل في ذلك قل يامحمد (ان كان آباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بامره والله لا يهدي القوم الفاسقين) قوله (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة) حدثني محمد بن عمير قال كان المتوكل قد اعتل علة شديدة

 

===============

(285)

فنذر ان عافاه الله ان يتصدق بدنانير كثيرة او قال بدراهم كثيرة فعوفي، فجمع العلماء فسألهم عن ذلك فاختلفوا عليه، قال احدهم عشرة آلاف وقال بعضهم مائة الف فلما اختلفوا قال له عبادة ابعث إلى ابن عمك على بن محمد بن على الرضا (عليهم السلام) فاسأله فبعث اليه فسأله فقال الكثير ثمانون، فقالوا له رد اليه الرسول فقل من اين قلت ذلك؟ فقال من قوله تعالى لرسوله " لقد نصركم الله في مواطن كثيرة " وكانت المواطن ثمانين موطنا، وقال علي بن ابراهيم في قوله (ويوم حنين اذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين) فانه كان سبب غزوة حنين انه لما خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى فتح مكة اظهر انه يريد هوازن وبلغ الخبر هوازن فتهيئوا وجمعوا الجموع والسلاح واجتمعوا رؤساء هوازن إلى مالك بن عوف النضري فرأسوه عليهم وخرجوا وساقوا معهم اموالهم ونساءهم وذراريهم ومروا حتى نزلوا باوطاس وكان دريد بن الصمة الجشمي في القوم وكان رئيس جشم وكان شيخا كبيرا قد ذهب بصره من الكبر فلمس الارض بيده فقال في اي واد انتم؟ قالوا بوادي اوطاس قال نعم مجال خيل لا حزن ضرس ولا سهل دهس (1) مالي اسمع رغاء البعير ونهيق الحمير وخوار البقر وثغاء الشاة وبكاء الصبي، فقالوا له ان مالك بن عوف ساق مع الناس اموالهم ونساءهم وذراريهم ليقاتل كل امرئ عن نفسه وماله واهله، فقال دريد: راعي ضأن ورب الكعبة! ماله وللحرب،  ثم قال ادعوهم لى مالكا فلما جاءه قال له يامالك ما فعلت؟ قال سقت مع الناس اموالهم ونساءهم وابناءهم ليجعل كل رجل اهله وماله وراء ظهره فيكون اشد

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) الحزن: ما غلظ من الارض، الضرس: الامكنة الخشنة، الدهس:

المكان السهل. (*)

 

===============

(286)

لحربه، فقال يا مالك انك اصبحت رئيس قومك وانك تقاتل رجلا كبيرا وهذا اليوم لما بعده ولم تضع في تقدمة بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئا (1) ويحك وهل يلوي المنهزم على شئ؟ اردد بيضة هوازن إلى عليا بلادهم وممتنع محالهم وابق الرجال على متون الخيل فانه لا ينفعك إلا رجل بسيفه ودرعه وفرسه فان كانت لك لحق بك من وراؤك وان كانت عليك لا تكون قد فضحت في اهلك وعيالك، فقال له مالك انك قد كبرت وذهب علمك وعقلك فلم يقبل من دريد فقال دريد ما فعلت كعب وكلاب؟ قالوا لم يحضر منهم أحد قال غاب الجد والحزم لو كان يوم علا وسعادة ما كانت تغيب كعب ولا كلاب قال فمن حضرها من هوازن؟

قالوا عمرو بن عامر وعوف بن عامر قال ذانك الجذعان لا ينفعان ولا يضران ثم تنفس دريد وقال حرب عوان ليتني فيها جذع احب فيها واضع اقود وطفاء الزمع كأنها شاة صدع. (2) وبلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) اجتماع هوازن باوطاس فجمع القبائل ورغبهم في الجهاد ووعدهم النصر وان الله قد وعده ان يغنمه اموالهم ونساءهم وذراريهم فرغب الناس وخرجوا على راياتهم وعقد اللواء الاكبر ودفعه إلى امير المؤمنين (عليه السلام) وكل من دخل مكة براية امره ان يحملها، وخرج في اثنى عشر الف رجل عشرة آلاف ممن كانوا معه.

وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) قال وكان معه من بني سليم الف رجل رئيسهم عباس بن مرداس السلمي ومن مزينة، الف رجل، رجع الحديث إلى علي بن ابراهيم قال فمضوا حتى كان من القوم على مسيرة بعض ليلة قال وقال مالك بن عوف لقومه ليصير كل رجل منكم اهله وماله خلف ظهره واكسروا

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) اي لم تخف في عرض جميغة هوزان على سيوف العدو.

(2) (العوان الحرب الشديدة) الجذع الشاب اخب واضع اى اسرع، الزمع الرعدة التى تكون عند الخوف، والصدع من الظباء والحمر: الفتى الشاب القوى. ج. ز (*)

 

===============

(287)

جفون سيوفكم واكمنوا في شعاب هذا الوادي وفي الشجر فاذا كان في غلس الصبح فاحملوا حملة رجل واحد وهدوا القوم فان محمدا لم يلق احدا يحسن الحرب قال فلما صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الغداة انحدر في وادي حنين وهو واد له انحدار بعيد وكانت بنو سليم على مقدمة فخرجت عليها كتائب هوازن من كل ناحية فانهزمت بنو سليم وانهزم من ورائهم ولم يبق أحد إلا انهزم وبقى امير المؤمنين (عليه السلام) يقاتلهم في نفر قليل ومر المنهزمون برسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يلوون على شئ وكان العباس أخذ بلجام بغلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن يمينه وابوسفيان بن الحارث ابن عبدالمطلب عن يساره فاقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ينادي يامعشر الانصار إلى اين المفر؟ ألا انا رسول الله فلم يلو أحد عليه وكانت نسيبة بنت كعب المازنية تحثو التراب في وجوه المنهزمين وتقول: اين تفرون عن الله وعن رسوله؟ ومر بها عمر فقالت له ويلك ما هذا الذي صنعت؟ فقال لها هذا امر الله فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الهزيمة ركض يحوم على بغلته قد شهر سيفه، فقال يا عباس اصعد هذا الطرب (1) وناد ياأصحاب البقرة! ويااصحاب الشجرة! إلى اين تفرون هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله).

ثم رفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده فقال: اللهم لك الحمد واليك المشتكى وانت المستعان، فنزل جبرئيل (عليه السلام) عليه فقال له يارسول الله دعوت بما دعا به موسى حين فلق الله له البحر ونجاه من فرعون ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لابي سفيان بن الحارث ناولني كفا من حصى فناوله فرماه في وجوه المشركين ثم قال شاهت الوجوه ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: " اللهم ان تهلك هذه العصابة لم تعبد وان شئت ان لا تعبد لا تعبد " فلما سمعت الانصار نداء العباس عطفوا وكسروا جفون سيوفهم وهم يقولون لبيك ومروا برسول الله (صلى الله عليه وآله) واستحيوا ان يرجعوا اليه ولحقوا بالراية، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للعباس من هؤلاء ياابا الفضل؟

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) الطرب ككتف فرس النبى صلى الله عليه وآله ق (*)

 

===============

(288)

فقال يارسول الله هؤلاء الانصار، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) الآن حمي الوطيس (1) ونزل النصر من السماء وانهزمت هوازن فكانوا يسمعون قعقعة السلاح في الجو وانهزموا في كل وجه وغنم الله رسوله اموالهم ونساءهم وذراريهم وهو قول الله " لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين ".

وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) في قوله (ثم انزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وانزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا) وهو القتل (وذلك جزاء الكافرين) قال وقال رجل من بني نضر بن معاوية يقال له شجرة بن ربيعة للمؤمنين وهو اسير في ايديهم اين الخيل البلق والرجال عليهم الثياب البيض؟ فانما كان قتلنا بايديهم وما كنا نريكم فيهم إلا كهيئة الشامة قالوا تلك الملائكة قوله (ياايها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وان خفتم علية فسوف يغنيكم الله من فضله ان شاء ان الله عليم حكيم) وهي معطوفة علي قوله " قل ان كان آباؤكم الآية " قوله (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا بدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) حدثنا محمد بن عمير وقال حدثني ابراهيم بن مهزيار عن اخيه علي بن مهزيار عن اسماعيل بن سهل عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة قال قلت لابي عبدالله (عليه السلام) ما حد الجزية على اهل الكتاب وهل عليهم في ذلك شئ يوصف لا ينبغي ان يجوز إلى غيره؟ فقال ذلك إلى الامام يأخذ من كل انسان منهم ما شاء على قدر ماله ما يطيق إنما هم قوم فدوا انفسهم من ان يستعبدوا أو يقتلوا فالجزية تؤخذ منهم ما يطيقون له أن يؤخذ منهم بها حتى يسلموا فان الله قال " حتى يعطوا الجزية عن يدوهم صاغرون " (قلت ط) وكيف يكون صاغرا وهو لا يكترث لما يؤخذ منه (قال ط) لا حتى يجد ذلا لما اخذ منه فيتألم لذلك فيسلم وفي رواية

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) الوطيس التنوراى اشتدت الحرب ق. (*)

 

===============

(289)

ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) في قوله (اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله والمسيح بن مريم) اما المسيح فعصوه وعظموه في انفسهم حتى زعموا انه إله وانه ابن الله وطائفة منهم قالوا ثالث ثلاثة وطائفة منهم قالوا هو الله واما احبارهم ورهبانهم فانهم اطاعوهم واخذوا بقولهم واتبعوا ما امروهم به ودانوا بهم بما دعوهم اليه فاتخذوهم اربابا بطاعتهم لهم وتركهم ما امر الله وكتبه ورسله فنبذوه وراء ظهورهم وما امرهم به الاحبار والرهبان اتبعوه واطاعوهم وعصموا الله وإنما ذكر هذا في كتابنا لكى نتعظ بهم فعير الله بني اسرائيل بما صنعوا يقول الله (وما امروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون).

قال علي بن ابراهيم في قوله (هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) فانها نزلت في القائم من آل محمد وهو الذي ذكرناه مما تأويله بعد تنزيله وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) في قوله (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم) فان الله حرم كنز الذهب والفضة وامر بانفاقه في سبيل الله وقوله (يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لانفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) قال كان ابوذر الغفاري يغدو كل يوم وهو بالشام وينادي باعلى صوته بشر اهل الكنوز بكي في الجباه وكي في الجنوب وكي في الظهور ابدا حتى يتردد الحر في اجوافهم وقال علي بن ابراهيم في قوله (ان عدة الشهور عندالله اثنى عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والارض منها اربعة حرم ذلك الدين القيم) فالآن يعد الحرم منها ذوالقعدة وذوالحجة والمحرم ثلاثة متواليات ورجب مفرد وحرم الله فيها القتال.

وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) في قوله (وقاتلوا المشركين

 

===============

(290)

كافة) يقول جميعا كما يقاتلونكم كافة وقال على بن ابراهيم في قوله (انما النسئ زيادة في الكفر الخ) فانه كان سبب نزولها ان رجلا من كنانة كان يقف في الموسم فيقول قد احللت دماء المحدين؟ من طى وخثعم في شهر المحرم وانسأته وحرمت بدله صفر فاذا كان العام المقبل يقول قد احللت صفر وانسأته وحرمت بدله شهر المحرم فانزل الله " انما النسى زيادة في الكفر ـ إلى قوله ـ زين لهم سوء اعمالهم " وقوله (الا تنصروه فقد نصره الله اذا خرجه الذين كفروا ثانى اثنين اذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا) فانه حدثنى ابى عن بعض رجاله رفعه إلى ابى عبدالله قال لما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الغار قال لفلان كانى انظر إلى سفينة جعفر في اصحابه يقوم في البحر وانظر إلى الانصار محتسبين في افنيتهم فقال فلان وتراهم يارسول الله قال نعم قال فارنيهم فمسح على عينيه فرآهم (فقال في نفسه الآن صدقت انك ساحر ط) فقال له رسول الله انت الصديق وقوله (وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هى العليا) قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) (والله عزيز حكيم) وقوله (انفروا خفافا وثقالا) قال شبابا وشيوخا يعنى إلى غزوة تبوك وفى رواية ابي الجارود عن ابى جعفر (عليه السلام) في قوله (لو كان عرضا قريب) يقول غنيمة قريبة (لاتبعوك) وقال علي بن ابراهيم في قوله (ولكن بعدت عليهم الشقة) يعني إلى تبوك وذلك ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يسافر سفرا ابعد منه ولا اشد منه وكان سبب ذلك ان الصيافة كانوا يقدمون المدينة من الشام معهم الدرموك (1) والطعام وهم الانباط فاشاعوا بالمدينة ان الروم قد اجتمعوا يريدون غزوة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عسكر عظيم وان هرقل قد سار في جنود رحلت معهم غسان وجذام (حزام ك) وبهراء (فهرا ك) وعاملة وقد قدم عساكره البلقاء ونزل هو حمص، فامر رسول الله (صلى الله عليه وآله) اصحابه بالتهيؤ إلى تبوك وهي من بلاد البلقاء وبعث إلى القبائل حوله والي مكة والى من اسلم من خزاعة ومزينة وجهينة فحثهم على الجهاد، وامر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعسكره وضرب في ثنية الوداع وامر اهل الجدة (2) ان يعينوا من لا قوة به ومن كان عنده شئ اخرجه وحملوا وقووا وحثوا على ذلك وخطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال بعد ان حمد الله واثنى عليه: " ايها الناس ان اصدق الحديث كتاب الله واولى القول كلمة التقوى وخير الملل ملة ابراهيم،

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) البساط والثوب.

(2) اي الاغنياء. (*)

 

===============

(291)

وخير السنن سنة محمد، واشرف الحديث ذكر الله، واحسن القصص هذا القرآن وخير الامور عزايمها وشر الامور محدثاتها واحسن الهدى الانبياء،  واشرف القتل قتل الشهداء، واعمى العمى الضلالة بعد الهدى، وخير الاعمال ما نفع، وخير الهدى ما اتبع، وشر العمى عمى القلب، واليد العليا خير من اليد السفلى، وما قل وكفى خير مما كثر والهى، وشر المعذرة حين يحضر الموت وشر الندامة يوم القيامة، ومن الناس من لا يأتى الجمعة إلا نزرا (1) ومنهم من لا يذكر الله إلا هجرا، ومن اعظم خطايا اللسان الكذب، وخير الغنى غنى النفس، وخير الزاد التقوى، ورأس الحكمة مخافة الله، وخير ما القي في القلب اليقين، والارتياب من الكفر، والنياحة من عمل الجاهلية، والغلول (2) من جمر جهنم، والسكر جمر النار والشعر من ابليس، والخمر جماع الاثم، والنساء حبائل ابليس، والشباب شعبة من الجنون، وشر المكاسب كسب الربا، وشر المآكل اكل مال اليتيم، والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من شقي في بطن امه، وانما يصير أحدكم إلى موضع اربعة اذرع، والامر إلى آخره وملاك العمل خواتيمه واربا الربى الكذب، وكل ما هو آت قريب، وسباب المؤمن فسق، وقتال المؤمن كفر، واكل لحمه من معصية الله، وحرمة ماله كحرمة دمه، ومن توكل على الله كفاه، ومن صبر ظفر، ومن يعف يعف الله عنه. ومن كظم الغيظ يأجره الله، ومن يصبر على الرزية يعوضه الله، ومن يتبع السمعة يسمع الله به، ومن يصم يضاعف الله له، ومن يعص الله يعذبه، اللهم اغفر لي ولامتي اللهم اغفرلي ولامتى استغفر الله لي ولكم " قال فرغبوا الناس في الجهاد لما سمعوا هذا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقدمت القبائل من العرب ممن استنفرهم، وقعد عنه قوم من المنافقين ولقي

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) اي بطيئا.

(2) أي الخيانة (*)

 

===============

(292)

رسول الله الجد بن قيس (1) فقال له: ياابا وهب! ألا تنفر معنا في هذه الغزاة؟

لعلك ان تستحفد (2) من بنات الاصغر (3) فقال يارسول الله والله ان قومى ليعلمون انه ليس فيهم احد اشد عجبا بالنساء مني واخاف ان خرجت معك ان لا اصبر إذا رأيت بنات الاصفر فلا تفتني وائذن لي ان اقيم، وقال لجماعة من قومه لا تخرجوا في الحر فقال ابنه: ترد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتقول له ما تقول! ثم تقول لقومك لا تنفروا في الحر والله لينزلن في هذا قرآنا تقرأه الناس إلى يوم القيامة فانزل الله على رسوله في ذلك (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وان جهنم لمحيطة بالكافرين) ثم قال الجد بن القيس أيطمع محمد ان حرب الروم مثل حرب غيرهم لا يرجع من هؤلاء احد ابدا وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) في قوله (ان تصبك حسنة تسوءهم وان تصبك مصيبة) اما الحسنة فالغنيمة والعافية واما المصيبة فالبلاء والشدة (يقولوا قد اخذنا امرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولينا وعلى الله فليتوكل المؤمنون) وقوله (قل هل تربصون بنا إلا احدى الحسنيين) يقول الغنيمة والجنة إلى قوله (انا معكم متربصون) ونزل ايضا في الجد بن قيس في رواية علي بن ابراهيم لما قال لقومه لا تخرجوا في الحر (فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا ان يجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم اشد حرا لو كانوا يفقهون ـ إلى قوله ـ وماتوا وهم فاسقون) ففضح الله الجد بن قيس واصحابه فلما اجتمع لرسول الله (صلى الله عليه وآله) الخيول رحل من ثنية الوداع وخلف امير المؤمنين

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) وفى ط الحر بن قيس وهو خطأ وان كان كلاهما صحابيين غير ممدوحين لكن المراد هنا هو الجد وفى قاموس الرجال ناقلا عن جماعة: انه يظن فيه النفاق وكل من حضر الحديبية بايع النبى صلى الله عليه وآله الاجد بن قيس فانه استتر تحت ناقة النبى ص (اقول) هذا عمله وذاك ـ اى الاستهزاء برسول الله عند ذكره بنات الاصفر ـ قوله أبعد اللتيا والتى يبقى المجال ان يقال فيه " يظن فيه النفاق

(2) الاستحفاد والاستخدام

(3) اسم اطلقه العرب على الغربيين لاسيما على اليونان والروم. ج. ز (*)

 

===============

(293)

(عليه السلام) على المدينة فاوجف المنافقون بعلي (عليه السلام) فقالوا ما خلفه الا تشأما به فبلغ ذلك عليا فاخذ سيفه وسلاحه ولحق برسول الله (صلى الله عليه وآله) بالجرف، فقال له رسول الله يا علي ألم اخلفك علي المدينة؟ قال نعم ولكن المنافقين زعموا انك خلفتني تشأما بي، فقال كذب المنافقون ياعلي أما ترضى ان تكون اخى وانا اخوك بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي وان كان بعدى نبى لقلت انت وأنت خليفتي في امتي وانت وزيري واخى في الدنيا والآخرة، فرجع علي (عليه السلام) إلى المدينة وجاء البكاؤن إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم سبعة من بني عمرو بن عوف سالم بن عمير قد شهد بدرا لا اختلاف فيه ومن بنى واقف هدمي (هرمي ط مدعى ك) بن عمير ومن بنى جارية علية بن زيد (يزيد خ ل) وهوالذي تصدق بعرضه وذلك ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) امر بصدقة فجعل الناس يأتون بها فجاء علية فقال يا رسول الله والله ما عندي ما اتصدق به وقد جعلت عرضي حلا فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد قبل الله صدقتك ومن بني مازن بن النجار ابوليلى عبدالرحمن بن كعب ومن بني سلمة عمرو بن غنمة (عتمة ط) ومن بني زريق سلمة بن صخر ومن بني العرياض ناصر بن سارية السلمى هؤلاء جاءوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يبكون فقالوا يارسول الله ليس بنا قوة ان تخرج معك فانزل الله فيهم (ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج اذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ولا على الذين إذ ما اتوك لتحملهم قلت لا اجد ما احملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون) قال وإنما سألوا هؤلاء البكاؤن نعلا يلبسونها ثم قال (إنما السبيل على الذين يستأذنوك وهم اغنياء رضوا بان يكونوا مع الخوالف) والمستأذنون ثمانون رجلا من قبائل شتى والخوالف النساء.

وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) في قوله (عفى الله عنك لم اذنت

 

===============

(294)

لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين) يقول تعرف اهل الغدر والذين جلسوا بغير عذر وفي رواية علي بن ابراهيم قوله (لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر ـ إلى قوله ـ ما زادوكم إلا خبالا) اي وبالا (ولا وضعوا خلالكم) اى يهربوا عنكم.

وتخلف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوم من اهل ثبات وبصائر لم يكن يلحقهم شك ولا ارتياب ولكنهم قالوا نلحق برسول الله (صلى الله عليه وآله) منهم ابوخثيمة وكان قويا وكانت له زوجتان وعريشتان فكانت زوجتاه قد رشتا عريشتيه وبردتا له الماء وهيئتا له طعاما، فاشرف على عريشته، فلما نظر اليهما قال والله، ما هذا بانصاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قد خرج في الصخ (1) والريح وقد حمل السلاح مجاهدا في سبيل الله وابوخثيمة قوي قاعد في عريشته وامرأتين حسناوتين لا والله ما هذا بانصاف ثم اخذ ناقته فشد عليها رحله فلحق برسول الله (صلى الله عليه وآله) فنظر الناس إلى راكب على الطريق فاخبروا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) كن ابا خثيمة، فاقبل واخبر النبي بما كان منه فجزاه خيرا ودعا له.

وكان ابوذر رحمه الله تخلف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاثة أيام وذلك ان جمله كان اعجف (2) فلحق بعد ثلاثة ايام به ووقف عليه جمله في بعض الطريق فتركه وحمل ثيابه علي ظهره فلما ارتفع النهار نظر المسلمون إلى شخص مقبل، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) كن أباذر فقالوا هو ابوذر، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ادركوه بالماء فانه عشطان فادركوه بالماء ووافى ابوذر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه اداوة فيها ماء فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا اباذر معك ماء وعطشت؟ فقال نعم يارسول الله بابي انت وامي انتهيت

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) الداهية.

(2) أي هزل (*)

 

===============

(295)

إلى صخرة وعليها ماء السماء فذقته فاذا هو عذب بارد، فقلت لا اشربه حتى يشربه حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال رسول الله: " يااباذر أرحمك الله تعيش وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك، وتدخل الجنة وحدك، يسعد بك قوم من اهل العراق يتولون غسلك وتجهيزك والصلاة عليك ودفنك " فلما سير به عثمان إلى الربذة فمات بها ابنه ذر، فوقف على قبره فقال رحمك الله ياذر لقد كنت كريم الخلق بارا بالوالدين وما علي في موتك من غضاضة وما بي إلى غير الله من حاجة، وقد شغلني الاهتمام لك عن الاغتمام بك، ولولا هول المطلع لاحببت ان اكون مكانك، فليت شعري ما قالوا لك وما قلت لهم، ثم رفع يده فقال: اللهم انك فرضت لك عليه حقوقا وفرضت لي عليه حقوقا فاني قد وهبت له ما فرضت لي عليه من حقوقي فهب له ما فرضت عليه من حقوقك فانك اولى بالحق واكرم مني.

وكانت لابي ذر غنيمات يعيش هو وعياله منها فاصابها داء يقال له النقار (1)،  فماتت كلها فاصاب اباذر وابنته الجوع فماتت اهله، فقالت ابنته اصابنا الجوع وبقينا ثلاثة أيام لم نأكل شيئا فقال لي ابي يا بنية قومي بنا إلى الرمل نطلب القت وهو نبت له حب فصرنا إلى الرمل فلم نجد شيئا فجمع ابي رملا ووضع رأسه عليه ورأيت عينه قد انقلبت، فبكيت وقلت له ياابت كيف اصنع بك وانا وحيدة؟ فقال يا بنتي لا تخافي فاني إذا مت جاءك من اهل العراق من يكفيك امري، فانه اخبرني حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غزوة تبوك. فقال يا اباذر تعيش وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك وتدخل الجنة وحدك يسعد بك اقوام من اهل العراق يتولون غسلك وتجهيزك ودفنك فاذا انا مت فمدي الكساء على وجهي ثم اقعدي على طريق العراق فاذا اقبل ركب فقومي اليهم وقولي هذا ابوذر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد توفي، قال فدخل اليه قوم من اهل الربذة فقالوا يااباذر ما تشتكي؟ قال ذنوبي قالوا فما تشتهي؟ قال رحمة ربي قالوا فهل لك

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) النقار كالغراب داء الماشية كالطاعون. ق (*)

 

===============

(296)

بطبيب؟ قال الطبيب امرضني قالت ابنته فلما عاين؟ الموت سمعته يقول مرحبا بحبيب اتى على فاقة لا افلح من ندم اللهم خنقني خناقك فوحقك انك لتعلم اني احب لقاءك قالت ابنته فلما مات مددت الكساء على وجهه ثم قعدت على طريق العراق فجاء نفر فقلت لهم يا معشر المسلمين هذا ابوذر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد توفي فنزلوا ومشوا يبكون فجاءوا فغسلوه وكفنوه ودفنوه وكان فيهم الاشتر فروي انه قال دفنته في حلة كانت معي قيمتها اربعة آلاف درهم فقالت ابنته فكنت اصلي بصلاته واصوم بصيامه فبينما انا ذات ليلة نائمة عند قبره إذ سمعته يتهجد بالقرآن في نومي كما كان يتهجد به في حياته فقلت يا ابة ماذا فعل بك ربك؟

فقال يا بنية قدمت على رب كريم فرضي عني ورضيت عنه، واكرمني وحباني فاعملي فلا تغتري.

وكان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بتبوك رجل يقال له المضرب من كثرة ضرباته التي اصابته ببدر واحد، فقال له رسول الله عد لي اهل العسكر فعددهم فقال هم خمسة وعشرون الف رجل سوى العبيد والتباع، فقال عد المؤمنين فعددهم فقال هم خمسة وعشرون رجلا، وقد كان تخلف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوم من المنافقين وقوم من المؤمنين مستبصرين لم يعثر عليهم في نفاق منهم كعب بن مالك الشاعر ومرادة بن الربيع وهلال بن امية الواقفي (الموافقى ط) فلما تاب الله عليهم قال كعب ما كنت قط اقوى مني في ذلك الوقت الذي خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى تبوك وما اجتمعت لي راحلتان قط إلا في ذلك اليوم وكنت اقول اخرج غدا اخرج بعد غد فاني قوي وتوانيت وبقيت بعد خروج النبي (صلى الله عليه وآله) اياما ادخل السوق فلا اقضى حاجة فلقيت هلال بن امية ومرادة بن الربيع وقد كانا تخلفا ايضا فتوافقنا ان نبكر إلى السوق ولم نقض حاجة فما زلنا نقول نخرج غدا بعد غد حتى بلغنا اقبال رسول الله فندمنا فلما وافى رسول الله (صلى الله عليه وآله) استقبلناه نهنئه بالسلامة فسلمنا

 

===============

(297)

عليه فلم يرد علينا السلام واعرض عنا وسلمنا على اخواننا فلم يردوا علينا السلام فبلغ ذلك اهلونا فقطعوا كلامنا وكنا نحضر المسجد فلا يسلم علينا احد ولا يكلمنا فجئن نساؤنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلن قد بلغنا سخطك على ازواجنا فتعتزلهم فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا تعتزلنهم ولكن لا يقربوكن، فلما رأى كعب بن مالك وصاحباه ما قد حل بهم قالوا ما يقعدنا بالمدينة ولا يكلمنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا اخواننا ولا اهلونا فهلموا نخزج إلى هذا الجبل فلا نزال فيه حتى يتوب الله علينا أو نموت، فخرجوا إلى ذناب جبل بالمدينة فكانوا يصومون وكان اهلوهم يأتونهم بالطعام فيضعونه ناحية ثم يولون عنهم فلا يكلمونهم، فبقوا على هذا اياما كثيرة يبكون بالليل والنهار ويدعون الله ان يغفر لهم فلما طال عليهم الامر، قال لهم كعب يا قوم قد سخط الله علينا ورسوله قد سخط علينا واهلونا واخواننا قد سخطوا علينا فلا يكلمنا احد فلم لا يسخط بعضنا على بعض؟ فتفرقوا في الليل وحلفوا ان لا يكلم احد منهم صاحبه حتى يموت او يتوب الله عليه فبقوا على هذه ثلاثة ايام كل واحد منهم في ناحية من الجبل لا يرى أحد منهم صاحبه ولا يكلمه فلما كان في الليلة الثالثة ورسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيت ام سلمة نزلت توبتهم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقوله (لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين والانصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة) قال الصادق (عليه السلام) هكذا نزلت (1) وهو ابوذر وابوخثيمة وعمر بن وهب الذين تخلفوا ثم لحقوا برسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال في هؤلاء الثلاثة (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) فقال العالم (عليه السلام) إنما انزل " وعلى الثلاثة الذين خالفوا " ولو خلفوا لم

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) وفي المصحف لفظة " على النبي والمهاجرين " مكان " بالنبي على المهاجرين ". ج. ز (*)

 

===============

(298)

يكن عليهم عيب (حتى إذا ضاقت عليهم الارض بما رحبت) حيث لم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا اهلوهم فضاقت عليهم المدينة حتى خرجوا منها وضاقت عليهم انفسهم حيث حلفوا ان لا يكلم بعضهم بعضا فتفرقوا وتاب الله عليهم لما عرف من صدق نياتهم، وقوله في المنافقين قل لهم يامحمد (انفقوا طوعا او كرها لن يتقبل منكم انكم كنتم قوما فاسقين ـ إلى قوله ـ وتزهق انفسهم وهم كافرون) وكانوا يحلفون لرسول الله (صلى الله عليه وآله) انهم مؤمنون فانزل الله (ويحلفون بالله انهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون لو يجدون ملجأ او مغارات) يعني غارات في الجبال (او مدخلا) قال موضعا يلتجئون اليه (لولوا اليه وهم يجمحون) اي يعرضون عنكم وقوله (ومنهم من يلمزك في الصدقات فان اعطوا منها رضوا وان لم يعطوا منها اذا هم يسخطون) فانها نزلت لما جاءت الصدقات وجاء الاغنياء وظنوا ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقسمها بينهم فلما وضعها في الفقراء تغامزوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولمزوه وقالوا نحن الذين نقوم في الحرب ونغزو معه ونقوي امره ثم يدفع الصدقات إلى هؤلاء الذين لا يعينونه ولا يغنون عنه شيئا فانزل الله (ولو انهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله انا إلى الله راغبون) ثم فسر الله الصدقات لمن هي وعلى من تجب فقال (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم) فاخرج الله من الصدقات جميع الناس إلا هذه الثمانية الاصناف الذين سماهم الله، وبين الصادق (عليه السلام) منهم فقال الفقراء هم الذين لا يسألون وعليهم مؤنات من عيالهم والدليل على انهم هم الذين لا يسألون قول الله في سورة البقرة " للفقراء الذين احصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الارض يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسئلون الناس الحافا " والمساكين هم اهل الزمانة من العميان

 

===============

(299)

والعرجان والمجذومين وجميع الاصناف الزمنى الرجال والنساء والصبيان " والعاملين عليها " هم السعاة والجباة في اخذها وجمعها وحفظها حتى يردوها إلى من يقسها " والمؤلفة قلوبهم " قوم وحدوا لله ولم تدخل المعرفة في قلوبهم من ان محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتألفهم ويعلمهم كيما يعرفوا فجعل الله لهم نصيبا في الصدقات لكي يعرفوا ويرغبوا.

وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) قال المؤلفة قلوبهم ابوسفيان ابن حرب بن امية وسهيل بن عمرو وهو من بني عامر بن لوي وهمام بن عمرو واخوه وصفوان بن امية بن خلف القرشي ثم الجشمي الجمحي والاقرع بن حابس التميمي ثم عمر احد بني حازم وعيينة بن حصين الفزاري ومالك بن عوف وعلقمة بن علاقة، بلغني ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يعطي الرجل منهم مائة من من الابل ورعاتها واكثر من ذلك واقل، رجع إلى تفسير على بن ابراهيم في قوله " وفي الرقاب " قوم قد لزمهم كفارات في قتل الخطأ وفي الظهار وقتل الصيد في الحرم وفي الايمان وليس عندهم ما يكفرون وهم مؤمنون فجعل الله لهم منها سهما في الصدقات ليكفر عنهم " والغارمين " قوم قد وقعت عليهم ديون انفقوها في طاعة الله من غير اسراف فيجب على الامام ان يقضي ذلك عنهم ويفكهم من مال الصدقات " وفي سبيل الله " قوم يخرجون في الجهاد وليس عندهم ما ينفقون،  او قوم من المسلمين ليس عندهم ما يحجون به او في جميع سبل الخير فعلى الامام ان يعطيهم من مال الصدقات حتى ينفقوا به على الحج والجهاد و " ابن السبيل " ابناء الطريق الذين يكونون في الاسفار في طاعة الله فيقطع عليهم ويذهب ما لهم فعلى الامام ان يردهم إلى اوطانهم من مال الصدقات، والصدقات تتجزى ثمانية اجزاء فيعطى كل انسان من هذه الثمانية على قدر ما يحتاجون اليه بلا اسراف ولا تقتير يقوم في ذلك الامام يعمل بما فيه الصلاح.

 

===============

(300)

وقوله (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن) فانه كان سبب نزولها ان عبدالله بن نفيل كان منافقا وكان يقعد لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فيسمع كلامه وينقله إلى المنافقين وينم عليه، فنزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال يامحمد ان رجلا من المنافقين ينم عليك وينقل حديثك إلى المنافقين، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من هو؟ فقال الرجل الاسود الكثير شعر الرأس ينظر بعينين كانهما قدران وينطق بلسان شيطان، فدعاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاخبره فخلف انه لم يفعل فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد قبلت منك فلا تقعد فرجع إلى اصحابه فقال ان محمدا أذن اخبره الله انى انم عليه وانقل اخباره فقبل واخبرته اني لم افعل ذلك فقبل فانزل الله على نبيه " ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن قل اذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين " اي يصدق الله فيما يقول له ويصدقك فيما تعتذر اليه في الظاهر ولا يصدقك في الباطن وقوله " ويؤمن للمؤمنين " يعني المقرين بالايمان من غير اعتقاد وقوله (يحلفون بالله لكم ليرضوكم) فانها نزلت في المنافقين الذين كانوا يحلفون للمؤمنين انهم منهم لكي يرضى عنهم المؤمنين فقال الله (والله ورسوله احق ان يرضوه ان كانوا مؤمنين) وقوله (يحذر المنافقون ان تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزؤا ان الله مخرج ما تحذرون) قال كان قوم من المنافقين لما خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى تبوك كانوا يتحدثون فيما بينهم ويقولون أيرى محمد ان حرب الروم مثل حرب غيرهم لا يرجع منهم احد ابدا، فقال بعضهم ما اخلفه ان يخبر الله محمدا بما كنا فيه وبما في قلوبنا وينزل عليه بهذا قرآنا يقرأه الناس وقالوا هذا على حد الاستهزاء فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعمار بن ياسر الحق القوم فانهم قد احترقوا فلحقهم عمار فقال ما قلتم قالوا ما قلنا شيئا انما كنا نقول شيئا على حد اللعب والمزاح فانزل الله (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم ان نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بانهم كانوا مجرمين).

وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) في قوله " لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم " قل هؤلاء قوم كانوا مؤمنين صادقين ارتابوا وشكوا

 

===============

(301)

ونافقوا بعد ايمانهم وكانوا اربعة نفر وقوله " ان نعف عن طائفة منكم " كان أحد الاربعة محتبر (نحشى ط) بن الحمير واعترف وناب وقال يا رسول الله اهلكني اسمي فسماه رسول الله (صلى الله عليه وآله) عبدالله بن عبدالرحمن فقال يا رب اجعلني شهيد حيث لا يغلم احد اين انا فقتل يوم اليمامة ولم يعلم احد اين قتل فهو الذي عفى الله عنه قال علي بن ابراهيم ذكر المنافقين فقال (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض ـ إلى قوله ـ ولكن كانوا انفسهم يظلمون) فانه محكم ثم ذكر المؤمنين فقال (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الانهار) الآية محكمة وقوله (ياايها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم) قال إنما نزلت " ياايها النبي جاهد الكفار بالمنافقين " لان النبي (صلى الله عليه وآله) لم يجاهد المنافقين بالسيف. قال حدثني ابى عن ابن ابى عمير عن ابى بصير عن ابى جعفر (عليه السلام) قال جاهد الكفار والمنافقين بالزام الفرائض وقوله (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم) قال نزل في الذين تحالفوا في الكعبة ألا يردوا هذا الامر في بني هاشم فهى كلمة الكفر ثم قعدوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في العقبة وهموا بقتله وهو قوله " وهموا بما لم ينالوا " حدثنا (1) احمد بن الحسن التاجر قال حدثنا الحسن بن على بن عثمان الصوفى قال حدثنا زكريا بن محمد عن محمد بن على عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: لما اقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) امير المؤمنين يوم غدير خم كان بحذائه سبعة نفر من المنافقين وهم فلان وفلان وعبدالرحمن بن عوف وسعد بن ابى وقاص وابوعبيده وسالم مولى ابى حذيفه والمغيره بن شعبة قال الثانى اما ترون عينه كانما عينا مجنون يعنى النبى الساعة يقوم ويقول قال لى ربى فلما قام قال ايها الناس من اولى بكم من انفسكم قالوا الله ورسوله قال اللهم فاشهد ثم قال الا من كنت مولاه فعلى مولاه وسلموا عليه بامرة المؤمنين فنزل جبرئيل واعلم رسول الله بمقالة القوم فدعاهم وسألهم فانكروا وحلفوا فانزل الله (يحلفون بالله ما قالوا الخ) ثم ذكر البخلاء وسماهم منافقين وكاذبين فقال (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله ـ إلى قوله اخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون) وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر ع قال هو ثعلبة بن خاطب بن

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) هذه الروايه واردة في الصافى بعينها ج ز (*)

 

===============

(302)

عمرو بن عوف كان محتاجا فعاهد الله فلما آتاه الله بخل به، ثم ذكر المنافقين فقال (ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجويهم وان الله علام الغيوب) واما قوله (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم) فجاء سالم بن عمير الانصاري بصاع من تمر فقال يارسول الله كنت ليلتي اجيرا لجرير حتى نلت صاعين تمرا اما احدهما فامسكته واما الآخر فاقرضه ربي،  فامر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان ينثره في الصدقات، فسخر منه المنافقون وقالوا والله ان الله يغني عن هذا الصاع ما يصنع الله بصاعه شيئا ولكن ابا عقيل اراد ان يذكر نفسه ليعطى من الصدقات فقال: (سخر الله منهم ولهم عذاب اليم) قوله (استغفر لهم او لا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) قال علي بن ابراهيم انها نزلت لما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة ومرض عبدالله ابن ابي وكان ابنه عبدالله بن عبدالله مؤمنا فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابوه يجود بنفسه فقال يا رسول الله بابي انت وامي انك ان لم تأت ابي كان ذلك عارا علينا، فدخل اليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمنافقون عنده، فقال ابنه عبدالله بن عبدالله يارسول الله استغفر له فاستغفر له، فقال الثانى ألم ينهك الله يارسول الله ان تصلى عليهم او تستغفر لهم فاعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاعاد عليه فقال له ويلك انى خيرت فاخترت ان الله يقول " استغفر لهم او لا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم " فلما مات عبدالله جاء ابنه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال بابي انت وامي يا رسول الله ان رأيت ان تحضر جنازته فحضره رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقام على قبره فقال له الثانى يا رسول الله ألم ينهك الله ان تصلي على احد منهم مات ابدا وان تقوم على قبره؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويلك وهل تدري ما قلت؟ انما قلت اللهم احش قبره نارا وجوفه نارا واصله النار،  فبدا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما لم يكن يحب.

قال ولما قدم النبي (صلى الله عليه وآله) من تبوك كان اصحابه المؤمنون يتعرضون للمنافقين ويؤذونهم وكانوا يحلفون لهم انهم على الحق وليس هم بمنافقين لكي

 

===============

(303)

يعرضوا عنهم ويرضوا عنهم فانزل الله (سيحلفون بالله لكم اذا انقلبتم اليهم لتعرضوا الجزء (11) عنهم فاعرضوا عنهم انهم رجس وماويهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم فان ترضوا عنهم فان الله لا يرضى عن القوم الفاسقين) ثم وصف الاعراب فقال (الاعراب اشد كفرا ونفاقا واجدر ان لا يعلموا حدود ما انزل الله على رسوله والله عليم حكيم ومن الاعراب من يتخذ ما ينفق مفرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم ومن الاعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر) ثم ذكر السابقين فقال (والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار) وهم النقباء ابوذر والمقداد وسلمان وعمار ومن آمن وصدق وثبت على ولاية امير المؤمنين (عليه السلام) (والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم) وقوله (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله ان يتوب عليهم ان الله غفور رحيم) نزلت في ابي لبابة بن عبدالمنذر وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما حاصر بني قريظة قالوا له ابعث الينا ابا لبابة نستشيره في امرنا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا أبا لبابة ائت حلفاءك ومواليك فاتاهم فقالوا له يا أبا لبابة ما ترى تنزل على حكم محمد؟ فقال انزلوا واعلموا ان حكمه فيكم هو الذبح واشار إلى حلقه ثم ندم على ذلك، فقال خنت الله ورسوله ونزل من حصنهم ولم يرجع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومر إلى المسجد وشد في عنقه حبلا ثم شده إلى الاسطوانة التي تسمى اسطوانة التوبة وقال لا احله حتى اموت او يتوب الله علي، فبلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال اما لو اتانا لاستغفرنا الله له، فاما اذا قصد إلى ربه فالله اولى به، وكان ابولبابة يصوم النهار ويأكل بالليل ما يمسك به رمقه فكانت ابنته تأتيه بعشائه وتحله عند قضاء الحاجة فلما كان بعد ذلك ورسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيت ام سلمة نزلت توبته فقال ياام سلمة، قد ناب الله على ابي لبابة، فقالت يارسول الله

 

===============

(304)

افأوذنه بذلك؟ فقال لتفعلن، فاخرجت رأسها من الحجرة، فقالت ياابا لبابة ابشر لقد تاب الله عليك، فقال الحمد لله فوثب المسلمون ليحلوه فقال لا والله حتى يحلني رسول الله فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال يا ابا لبابة قد تاب الله عليك توبة لو ولدت من امك يومك هذا لكفاك، فقال يا رسول الله أفأتصدق بمالي كله؟ قال لا قال فبثلثيه قال لا قال فبنصفه قال لا قال فبثلثه قال نعم فانزل الله (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله ان يتوب عليهم ان الله غفور رحيم خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم والله سميع عليم ألم يعلموا ان الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وان الله هو التواب الرحيم) حدثني ابي عن يعقوب بن شعيب عن ابي عبدالله (عليه السلام) في قوله (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) المؤمنون ههنا الائمة الطاهرون صلوات الله عليهم وعن محمد بن الحسن الصفار عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال ان اعمال؟

العباد تعرض على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل صباح ابرارها وفجارها فاحذروا فليستحيي احدكم ان يعرض على نبيه العمل القبيح، وعنه صلوات الله عليه وآله قال ما من مؤمن يموت او كافر يوضع في قبره حتى يعرض عمله على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلى امير المؤمنين (عليه السلام) وهلم جرا إلى آخر من فرض الله طاعته فذلك قوله " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " واما قوله (وآخرون مرجون لامر الله اما يعذبهم واما يتوب عليهم) قال فانه حدثني ابي عن يحيى بن ابي عمران عن يونس عن ابى الطيار قال قال ابوعبدالله (عليه السلام) المرجون لامر الله قوم كانوا مشركين قتلوا حمزة وجعفر واشباههما من المؤمنين ثم دخلوا بعد ذلك في الاسلام فوحدوا الله وتركوا الشرك ولم يعرفوا الايمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنة ولم يكونوا على جحودهم فتجب لهم النار فهم على تلك الحالة مرجون لامر الله

 

===============

(305)

اما يعذبهم واما يتوب عليهم وقوله (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا) فانه كان سبب نزولها انه جاء قوم من المنافقين إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا يا رسول الله اتأذن لنا ان نبني مسجدا في بني سالم للعليل والليلة المطيرة والشيخ الفاني فاذن لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو على الخروج إلى تبوك فقالوا يارسول الله لو اتيتنا فصليت فيه قال (صلى الله عليه وآله) انا على جناح السفر فاذا وافيت ان شاء الله اتيته فصليت فيه فلما اقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من تبوك نزلت عليه هذه الآية في شأن المسجد وابي عامر الراهب وقد كانوا حلفوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) انهم يبنون ذلك للصلاح والحسنى فانزل الله على رسوله (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وارصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل) يعني ابا عامر الراهب كان يأتيهم فيذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) واصحابه (وليحلفن ان ارادنا إلا الحسنى والله يشهد انهم لكاذبون لا تقم فيه ابدا لمسجد اسس على التقوى من اول يوم) يعني مسجد قبا (احق ان تقوم فيه فيه رجال يحبون ان يتطهروا والله يحب المتطهرين) قال كانوا يتطهرون بالماء وقوله (افمن اسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير من اسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدى القوم الظالمين) وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) قال مسجد ضرار الذى " اسس على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم " قال علي ابن ابراهيم قوله (لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلى ان تقطع قلوبهم) إلى في موضع حتى تنقطع قلوبهم (والله عليم حكيم) فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) مالك بن الدجشم (دجشم خ ل) الخزاعي وعامر بن عدي اخا بني عمرو بن عوف على ان يهدموه ويحرقوه فجاء مالك فقال لعامر انتظرني حتى اخرج نارا من منزلى فدخل فجاء بنار واشعل في سعف النخل ثم اشعله في المسجد فتفرقوا وقعد زيد ابن حارثة حتى احترقت البلية ثم امر بهدم حايطه.

 

===============

(306)

واما قوله (ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة) قال نزلت في الائمة فالدليل على ان ذلك فيهم خاصة حين مدحهم وحلاهم ووصفهم بصفة لا يجوز في غيرهم فقال (التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله) فالآمرون بالمعروف هم الذين يعرفون المعروف كله صغيره وكبيره ودقيقه وجليه والناهون عن المنكر هم الذين يعرفون المنكر كله صغيره وكبيره والحافظون لحدود الله هم الذين يعرفون حدود الله صغيرها وكبيرها ودقيقها وجليها ولا يجوز ان يكون بهذه الصفة غير الائمة (عليهم السلام) قال حدثني ابي عن بعض رجاله قال لقي الزهرى علي بن الحسين (عليه السلام) في طريق الحج فقال له ياعلي بن الحسين تركت الجهاد وصعوبته واقبلت على الحج ولينته ان الله يقول " ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن ومن اوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم " قال له علي بن الحسين انهم الائمة فقال " التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين " فقال علي ابن الحسين (عليه السلام) إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم افضل من الحج وقوله (ما كان للنبي والذين آمنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي قربى) اي ولو كانوا قراباتهم وقوله (وما كان استغفار ابراهيم لابيه إلا عن موعدة وعدها إياه) قال ابراهيم لابيه ان لم تعبد الاصنام استغفرت لك فلما لم يدع الاصنام تبرأ منه ابراهيم (ان ابراهيم لاواه حليم) اي دعاء، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (عليه السلام) قال الاواه المتضرع إلى الله في صلاته واذا خلا في قفرة في (من خ ل) الارض وفي الخلوات.

 

===============

(307)

وقوله (ياايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) يقول كونوا مع علي بن ابى طالب وآل محمد (عليهم السلام) والدليل على ذلك قول الله " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه " فهو حمزة " ومنهم من ينتظر " وهو علي بن ابى طالب (عليه السلام) يقول الله " وما بدلوا تبديلا " وقال الله تعالى " اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " وهم آل محمد (عليهم السلام) قال علي ابن ابراهيم في قوله " يا ايها آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " هم الائمة (عليهم السلام) وهو معطوف على قوله " وبشر المؤمنين " وقوله (ما كان لاهل المدينة ومن حولهم من الاعراب ان يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بانفسهم عن نفسه ذلك بانهم لا يصيبهم ظمأ) أي عطش (ولا نصب) أي عناء (ولا مخمصة في سبيل الله) أي جوع (ولا يطؤن موطئا يغيظ الكفار) يعني لا يدخلون بلاد الكفار (ولا ينالون من عدو نيلا) يعني قتلا واسرا (إلا كتب لهم به عمل صالح ان الله لا يضيع اجر المحسنين) وقوله (ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله احسن ما كانوا يعملون) قال كلما فعلوا من ذلك لله جازاهم الله عليه وقوله (ما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا اليهم) يعني إذا بلغهم وفاة الامام يجب ان يخرج من كل بلاد فرقة من الناس ولا يخرجوا كلهم كافة ولم يفرض الله ان يخرج الناس كلهم فيعرفوا خبر الامام ولكن يخرج طائفة ويؤدوا ذلك إلى قومهم (لعلهم يحذرون) كي يعرفوا اليقين وقوله (يا ايها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة) قال يجب على كل قوم ان يقاتلوا الذين من يليهم ممن يقرب من بلادهم من الكفار ولا يجوزوا ذلك الموضع والغلظة اي غلظوا لهم القول والقتل وقوله (واذا ما انزلت سورة فمنهم من يقول ايكم زادته هذه ايمانا فاما الذين آمنوا فزادتهم ايمانا وهم يستبشرون

 

(308)

واما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم) اي شكا إلى شكهم فهو رد علي من يزعم ان الايمان لا يزيد ولا ينقص ومثله في سورة الانفال في قوله " انما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون " ومثله كثير مما حكى الله من زيادة الايمان وقوله أو لا يرون انهم يفتنون في كل عام مرة او مرتين) أي يمرضون (ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون) وقوله (وإذا ما انزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض) يعني المنافقين (ثم انصرفوا) اي تفرقوا (صرف الله قلوبهم) عن الحق إلى الباطل باختيارهم الباطل على الحق ثم خاطب الله عزوجل الناس واحتج عليهم برسول الله فقال:

(لقد جاءكم رسول من انفسكم) اي مثلكم في الخلقة ويقرأ من انفسكم (1) أي اشرفكم (عزيز عليه ما عنتم) أي انكرتم وجحدتم (حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) ثم عطف بالمخاطبة على النبي (صلى الله عليه وآله) (فان تولوا) يا محمد عما تدعوهم اليه (فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم)




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21403012

  • التاريخ : 19/04/2024 - 18:58

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net