00989338131045
 
 
 
 
 
 

 من آية (275 - 286) 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الأول )   ||   تأليف : الميرزا محمد المشهدي

الآية 275 - 286

[ الذين يأكلون الربوا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطن من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربوا وأحل الله البيع وحرم الربوا فمن جآء_ه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحب النار هم فيها خلدون(275) يمحق الله الربوا ويربى الصدقت والله لا يحب كل كفار أثيم(276) ]

وقيل: للعطف والخبر محذوف، أي ومنهم الذين ينفقون، ولذا جوز الوقف على (وعلانية) الذين يأكلون الربوا: أي الآخذون للربا، وانما ذكر الاكل، لانه معظم منافع المال. وهو بيع جنس بما يجانسه مع الزيادة بشرط كونه مكيلا أو موزونا، والقرض مع اشتراط النفع. وانما كتب بالواو كالصلوة، للتفخيم على لغة من يفخم، وزيدت الالف بعدها تشبيها بألف الجمع. لا يقومون إذا بعثوا من قبورهم، أو في المحشر، أو في الدنيا يؤول عاقبة أمرهم إلى ذلك.

في تفسير العياشى عن شهاب بن عبد ربه قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: آكل الربا لا يخرج من الدنيا حتى يتخبطه الشيطان(1).

___________________________________

(1) تفسير العياشى: ج 1، ص 152، ح 503. (*)

[665]

وفي الاخبار ما يدل على الاولين(1). ويمكن الجمع بأن ابتداء حصول هذه الآية في الدنيا.

إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطن: قياما كقيام المصروع، بناء على زعم الناس: أن الشيطان يمس الانسان فيصرع، والخبط صرع على غير اتساق، كالعشواء، أو الافساد.

من المس: متعلق ب_(لا يقومون) أي لا يقومون من المس الذي بهم بسبب أكل الربا، أو ب_(يقوم) أو ب_(يتخبطه) فيكون نهوضهم وسقوطهم كالمصروعين، لا لاختلال عقلهم، ولكن لان الله أربى ما في بطونهم ما أكلوه من الربا فأثقلهم.

وفي تفسير علي بن ابراهيم: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسري بي إلى السماء رأيت قوما يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر أن يقوم من عظم بطنه، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس(2). ذلك: العقاب. بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربوا بسبب إنهم نظموا البيع والربا في سلك واحد، لافضائهما إلى الربح، فاستحلوه استحلالا له.

وهو من باب القلب، والاصل: إنما الربا مثل البيع، عكس للمبالغة، كأنهم جعلوا الربا أصلا وقاسوا البيع به.

وأحل الله البيع وحرم الربوا في موضع الحال.

في عيون الاخبار: في باب ما كتب الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل: وعلة تحريم الربا: إنها نهى الله عنه لما فيه من فساد

___________________________________

(1) لاحظ مستدرك الوسائل: ج 2 ص 478 كتاب التجارة، الباب(1) من أبواب الربا.

(2) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1، ص 93 في تفسيره لآية (الذين يأكلون الربا الآية) من سورة البقرة. (*)

[666]

الاموال، لان الانسان إذا اشترى الدرهم بالدرهمين، كان ثمن الدرهم درهما وثمن الآخر باطلا، فبيع الربا واشتراؤه وكس على كل حال على المشتري وعلى البايع، فحرم الله تعالى الربا لعلة فساد الاموال، كما حظر على السفيه أن يدفع إليه ماله لما يتخوف عليه من إفساده حتى يؤنس منه رشده فلهذه العلة حرم الله تعالى الربا وبيع الدرهم بدرهمين يدا بيد.

وعلة تحريم الربا بعد البينة: لما فيه من الاستخفاف بالحرام المحرم وهي كبيرة بعد البيان وتحريم الله تعالى لها، ولم يكن ذلك منه إلا إستخفافا بالمحرم الحرام، والاستخفاف بذلك دخول في الكفر وعلة تحريم الربا بالنسية، لعلة ذهاب المعروف وتلف الاموال ورغبة الناس في الربح وتركهم القرض وصنايع المعروف وما في ذلك من الفساد والظلم وفناء الاموال(1).

وفي الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: إني رأيت الله تعالى قد ذكر الربا في غير آية وكرره، فقال: أوتدري لم ذاك؟ قلت: لا، قال: لئلا يمتنع الناس من اصطناع المعروف(2).

علي بن إبراهيم، عن أبيه عن إبن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إنما حرم الله عزوجل الربا لئلا يمتنع الناس من اصطناع المعروف(3).

روى علي بن ابراهيم: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: درهم ربا أعظم عند الله من سبعين زنية بذات محرم في بيت الله الحرام، وقال: الربا سبعون جزء_ا أيسره أن ينكح الرجل امه في بيت الله

___________________________________

(1) عيون أخبار الرضا: ج 2، ص 93، باب 33، في ذكر ما كتب به الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل، ح 1.

(2) الكافي: ج 5، ص 146، كتاب المعيشة، باب الربا، ح 7.

(3) الكافي: ج 5، ص 146، كتاب المعيشة، باب الربا، ح 8. (*)

[667]

الحرام(1). فمن جآء_ه موعظة أي وعظ وتوبة.

في تفسير العياشى: عن محمد بن مسلم أن رجلا سأل أبا جعفر عليه السلام وقد عمل بالربا حتى كثر ماله بعد أن سأل غيره من الفقهاء فقالوا: ليس يقبل منك شئ إلا أن ترده إلى أصحابه، فلما قص على أبي جعفر عليه السلام قال له أبوجعفر عليه السلام: مخرجك في كتاب الله قوله: " فمن جاء_ه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف " والموعظة التوبة(2).

وفي اصول الكافي: علي بن إبراهيم، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عزوجل " فمن جاء_ه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف " قال: الموعظة، التوبة(3). من ربه أي بلغه النهي عن الربا من ربه. فانتهى عن أخذه وتاب عنه. فله ما سلف ما تقدم من أخذه، ولا يسترد منه. (وما) في موضع الرفع بالظرف إن جعلت (من) موصولة.

وبالابتداء إن جعلت شرطية على رأي سيبويه، إذ الظرف معتمد على ما قبله. وأمره إلى الله أي يجازيه على انتهائه، أو يحكم في شأنه، ولا اعتراض لكم عليه.

في الكافي: أحمد بن محمد، عن الوشا، عن أبي المغرا، عن الحلبي قال: قال أبو عبدالله عليه السلام: كل ربا أكله الناس بجهالة ثم تابوا عنه، فإنه يقبل منهم اذا عرف منهم التوبة.

وأيما رجل أفاد مالا كثيرا قد أكثر فيه من الربا فجهل ذلك ثم عرفه بعد، فأراد أن ينزعه، فما مضى فله، ويدعه فيما يستأنف(4).

___________________________________

(1) تفسير علي بن ابراهيم: ج 1، ص 93، في تفسيره لآية " الذين ياكلون الربا " من سورة البقرة.

(2) تفسير العياشى: ج 1، ص 152، ح 506.

(3) الكافي: ج 2، ص 431، كتاب الايمان والكفر، باب التوبة، ح 2.

(4) الكافي: ج 5، ص 145، كتاب المعيشه، باب الربا، قطعة من حديث 4 (*)

[668]

علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام في حديث طويل يقول فيه: إن رسول الله صلى الله عليه وآله: قد وضع ما مضى من الربا وحرم عليهم ما بقي، فمن جهله وسع له جهله حتى يعرفه فإذا عرف تحريمه حرم عليه، ووجب عليه فيه العقوبة إذا ركبه كما يجب على من يأكل الربا(1).

عدة من أصحابنا: عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد جميعا، عن ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع الشامي قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل اربي بجهالة ثم أراد أن يتركه؟ قال: قال: أما ما مضى فله، وليتركه فيما يستقبل(2). ومن عاد إلي تحليل الربا، إذ الكلام فيه.

فأولئك أصحب النار هم فيها خلدون: لانهم كفروا به كما مر في حديث العيون.

وفي الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن منصور، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يأكل الربا وهو يرى أنه له حلال؟ قال: لا يضر حتى يصيبه متعمدا، فهو بالمنزل الذي قال الله عزوجل(3).

يمحق الله الربوا: يذهب بركته، ويهلك المال الذي فيه.

في من لا يحضره الفقيه: وسأل رجل الصادق عليه السلام عن قول الله عزوجل " يمحق الله الربا ويربي الصدقات " وقد أرى من يأكل الربا يربوا ماله؟ قال: فأي محق أمحق من درهم ربا، يمحق الدين، فإن تاب منه ذهب ماله و افتقر(4).

___________________________________

(1) الكافي: ج 5، ص 145، كتاب المعيشة، باب الربا قطعة من حديث ح 5.

(2) الكافي: ج 5، ص 146، كتاب المعيشة باب الربا قطعة من حديث 9.

(3) الكافي: ج 5، ص 144، كتاب المعيشة، باب الربا، ح 3.

(4) من لا يحضره الفقيه: ج 3، ص 176، باب 87 الربا، ح 15. (*)

[669]

ويربى الصدقت يضاعف ثوابها ويبارك فيما اخرجت منه.

في تفسير العياشى: عن سالم بن أبي حفصة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله يقول: ليس من شئ إلا وكلت به من يقبضه غيري إلا الصدقة فإني أتلقفها بيدي تلقفا(1) حتى أن الرجل والمرأة يتصدق بالتمرة وبشق تمرة، فاربيها كما يربي الرجل فلوه وفصيله(2) فيلقى في يوم القيامة وهو مثل احد وأعظم من احد(3).

وعن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال الله تبارك وتعالى: أنا خالق كل شئ، وكلت بالاشياء غيري إلا الصدقة، وذكر نحو ما سبق(4).

وعن علي بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنه ليس شئ إلا وقد وكل به ملك غير الصدقة، فإن الله يأخذه بيده ويربيه كما يربي أحدكم ولده حتى يلقاه يوم القيامة وهي مثل احد(5).

وفي مجمع البيان: روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: يقبل الصدقات، ولا يقبل منها إلا الطيب ويربيها لصاحبها كما يربي أحدكم مهره أو

* * *

___________________________________

(1) وفي حديث الصدقة: اتلقفها تلقفا، اي اتناولها بسرعة، وهو على المجاز دون الحقيقة: مجمع البحرين: ج 5، ص 121، لغة لقف.

(2) في الحديث القدسي: الرجل يتصدق بالتمرة ونصف التمرة فاربيها كما يربي الرجل فلوه وفصيله.

الفلو بتشديد الواو وضم اللام المهر يفصل عن امه لانه يفتلى، أي يفطم والجمع افلاء كعدو واعداء، وإنما ضرب المثل بالفلو لانه يريد زيادة تربيته، وكذا الفصيل، مجمع البحرين: ج 1، ص 332 لغه فلا.

(3) تفسير العياشى: ج 1، ص 152، ح 507.

(4) تفسير العياشى: ج 1، ص 153، ح 509.

(5) تفسير العياشى: ج 1، ص 153، ح 510. (*)

[670]

[ إن الذين ء_امنوا وعملوا الصلحت وأقاموا الصلوة وء_اتوا الزكوة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون(277) يأيها الذين ء_امنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربوا إن كنتم مؤمنين(278) فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رء_وس أمولكم لا تظلمون ولا تظلمون(279) ]

فصيله حتى أن اللقمة لتصير مثل احد(1).

وفي أمالي الصدوق رحمه الله بإسناده إلى الصادق عليه السلام أنه قال: من تصدق بصدقة في شعبان رباه عزوجل كما يربي أحدكم فصيله حتى يوافي يوم القيامة وقد صارت مثل احد(2).

والله لا يحب كل كفار لا يرضاه. أثيم منهمك في الاثم.

إن الذين ء_امنوا: بالله ورسله واوصياء رسله.

وعملوا الصلحت عطف على (آمنوا) ولا يدل على خروج العمل عن الايمان، كما لا يدل عطف.

وأقاموا الصلوة وء_اتوا الزكوة عليه على خروجه عنه.

لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم على آت. ولا هم يحزنون: فائت.

___________________________________

(1) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 390، في بيان المعنى لآية(279) من سورة البقره.

(2) الامالي للصدوق: ص 373، المجلس الحادى والتسعون. (*)

[671]

يأيها الذين ء_امنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربوا بقايا ما شرطتم على الناس من الربا.

إن كنتم مؤمنين بقلوبكم، فإن دليله امتثال ما امرتم به.

في تفسير على بن إبراهيم: إن سبب نزولها أنه لما أنزل الله " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " فقام خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله ربا أبي في ثقيف، وقد أوصاني عند موته بأخذه فأنزل الله تبارك وتعالى الآية، قال: ومن أخذ الربا وجب عليه القتل وكل من اربى وجب عليه القتل(1).

فإن لم تفعلوا فأذنوا فاعلموا من أذن بالشئ، إذا علم به وقرأ حمزة وعاصم في رواية ابن عباس: (فأذنوا) أي فاعلموا بها غيركم، من الاذن وهو الاستماع، فانه من طرق العلم(2).

بحرب من الله ورسوله تنكيره للتعظيم، أي حرب عظيم.

وذلك يقتضي أن يقاتل الحربي بعد الاستتابة حتى يفئي إلى أمر الله، وذلك يقتضي كفره.

وإن تبتم: رجعتم من الارتباء واعتقاد حله فلكم رء_وس أمولكم فيه دلالة على أن المربي لو لم يتب لم يكن له رأس ماله، وهو كذلك، لان المصر على التحليل مرتد وماله فيئ. لا تظلمون بأخذ الزيادة.

ولا تظلمون بالمطل والنقصان من رأس المال.

وفي تفسير العياشى: عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن التوبة مطهرة من دنس الخطيئة قال: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين " إلى قوله " ولا تظلمون " فهذا ما دعى الله اليه من التوبة، ووعدهم عليها من ثوابه، فمن خالف ما أمره الله به من التوبة سخط

___________________________________

(1) تفسير علي بن ابراهيم: ج 1، ص 93، في تفسيره لقوله تعالى: " الذين يأكلون الربا ".

(2) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 143. (*)

[672]

[ وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن - كنتم - تعلمون(280) - واتقوا - يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى - كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون(281) ]

الله عليه، وكانت النار أولى به وأحق(1).

وفي الكافي: أحمد بن محمد، عن الوشا، عن أبي المغرا، عن الحلبي قال: قال أبو عبدالله عليه السلام: لو أن رجلا ورث من أبيه مالا وقد عرف أن في ذلك المال ربا ولكن قد اختلط في التجارة بغيره حلال كان حلالا طيبا فليأكله، وإن عرف منه شيئا أنه ربا فليأخذ رأس ماله وليرد الربا(2).

وإن كان ذو عسرة: أي إن وقع غريم ذو عسرة. وقرئ ذا عسرة.

والمعسر من لم يقدر على ما يفضل عن قوته وقوت عياله على الاقتصاد(3).

قال في مجمع البيان: روي ذلك عن أبي عبدالله عليه السلام(4).

والظاهر أن المراد ما فضل عن قوت اليوم والليلة. فنظرة: أي فالحكم نظرة.

أو فعليكم نظرة. أو فليكن نظرة، وهي الانظار.

وقرئ فناظرة على لفظ الخبر، على معنى فالمستحق ناظرة، أي منتظرة.

___________________________________

(1) تفسير العياشى: ج 1، ص 153، ح 512.

(2) الكافي: ج 5، ص 145، كتاب المعيشة، باب الربا، قطعة من حديث 4.

(3) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 143.

(4) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 393، في بيان المعنى لآية(280) من سورة البقرة. (*)

[673]

أو صاحب نظرية على طريق النسب. أو على لفظ الامر أي فسامحه بالنظرة(1).

وعلى كل تقدير فانظار المعسر واجب في كل دين.

قال في مجمع البيان: وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام(2). إلى ميسرة: يسار.

وقرأ نافع وحمزة بضم السين، وهما لغتان كمشرقة ومشرقة(3) وقرئ بهما مضافين بحذف التاء عند الاضافة.

كقوله: * واخلفوك عدا الامر الذي وعدوا(4) * في الكافي: محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سليمان، عن رجل من أهل الجزيرة يكنى أبا محمد قال: سأل الرضا عليه السلام رجل وأنا أسمع فقال له: جعلت فداك إن الله تبارك وتعالى يقول " وان كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة " أخبرني عن هذه النظرة التي ذكرها الله عزوجل في كتابه، لها حد يعرف إذا صار هذا المعسر لابد له من أن ينظر، وقد أخذ مال هذا الرجل وأنفقه على عياله، وليس له غلة ينتظر إدراكها، ولا دين ينتظر محله، ولا مال غائب ينتظر قدومه؟ قال نعم: ينتظر بقدر ما ينتهي خبره إلى الامام فيقضي عنه ما عليه من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة الله، فان كان انفقه في

___________________________________

(1) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 143.

(2) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 393، في بيان المعنى لآية(280) من سورة البقرة.

(3) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 143.

(4) لابي امية الفضل ابن العباس بن عبتة بن أبي لهب وقيل لزهير، وقبله: إن الخليط أجدوا البين وانجردوا * وأخلفوك عدا الامر الذي وعدوا والخيط المخالط في العشرة، وهو كالعشير يقال للواحد والمتعدد، وأجدوا البين: اجتهدوا في الفراق، وانجردوا: مضوا، وعدا الامر: أصله عدة الامر، وأصلها وعد، فعوضت التاء عن الواو، ثم حذفت التاء للاضافة، كالتنوين على لغة (عن هامش الكشاف: ج 1، ص 323، في تفسيره لآية(280) من سورة البقرة). (*)

[674]

معصية الله فلا شئ له على الامام قلت: فما لهذا الرجل الذي إئتمنه وهو لا يعلم فيما أنفقه في طاعة الله أم في معصية الله؟ قال: سعى له في ماله فيرده وهو صاغر(1).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن السكوني، عن مالك بن مغيرة، عن حماد بن سلمة، عن جذعان، عن سعيد بن المسيب عن عايشة أنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما من غريم ذهب بغريمه إلى وال من ولاة المسلمين واستبان للوالي عسرته، إلا برئ هذا المعسر من دينه وصار دينه على والي المسلمين فيما في يديه من أموال المسلمين.

قال عليه السلام: ومن كان له على رجل مال أخذه ولم ينفقه في إسراف أو في معصية فعسر عليه أن يقضيه فعلى من له المال أن ينظره حتى يرزقه الله فيقضيه.

وان كلام الامام العادل قائما فعليه أن يقضي عنه دينه، لقول رسول الله صلى الله عليه وآله: من ترك مالا فلورثته، ومن ترك دينا أو ضياعا فعلى الامام ما ضمنه الرسول(2).

وأن تصدقوا: بالابراء. وقرأ عاصم بتخفيف الصاد(3). خير لكم: اكثر ثوابا من الانظار.

إن كنتم تعلمون إنه معسر.

في الكافي: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن يحيى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر ذات يوم فحمد الله وأثنى عليه وصلى على أنبيائه صلى الله عليهم ثم قال: أيها الناس ليبلغ الشاهد منكم الغائب، ألا ومن أنظر معسرا كان له على الله في كل يوم صدقة بمثل ماله حتى

___________________________________

(1) الكافي: ج 5، ص 93، كتاب المعيشة، باب الدين ح 5.

(2) تفسير علي بن ابراهيم: ج 1، ص 94، في تفسير لآية (فنظرة إلى ميسرة) من سورة البقرة.

(3) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 143. (*)

[675]

يستوفيه.

ثم قال أبو عبدالله عليه السلام: " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وان تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون " أنه معسر، فتصدقوا بمالكم عليه فهو خير لكم(1).

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من أراد أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله، قالها ثلاثا، فهابه الناس أن يسألوه، فقال: فلينظر معسرا أو ليدع له من حقه(2).

محمد بن يحيى، عن عبدالله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال في يوم حار، وحنا كفه(3) من أحب أن يستظل من فور جهنم(4)، قالها: ثلاث مرات، فقال الناس في كل مرة: نحن يارسول الله، فقال: من أنظر غريما او ترك المعسر.

ثم قال لي أبو عبدالله عليه السلام: قال لي عبدالله بن كعب بن مالك: إن أبي أخبرني أنه لزم غريما له في المسجد فاقبل رسول الله صلى الله عليه وآله فدخل بيته ونحن جالسان، ثم خرج في الهاجرة(5) فكشف رسول الله صلى الله عليه وآله ستره وقال: يا كعب ما زلتما جالسين؟ قال: نعم بأبى وامي قال: فأشار رسول الله صلى الله عليه وآله بكفه خذ النصف قال: فقلت: بأبي وامي ثم قال: إتبعه ببقية حقك، قال: فأخذت النصف ووضعت له النصف(6).

واتقوا يوما: نصب على المفعول به على الاتساع، أي ما فيه.

___________________________________

(1) الكافي: ج 4، ص 35، كتاب الزكاة باب إنظار المعسر ح 4.

(2) الكافي: ج 4، ص 35، كتاب الزكاة باب إنظار المعسر ح 1.

(3) حنا كفه مخففة ومشددة: لواها وعطفها.

(4) وفور جهنم: وهجها وغليانها.

(5) الهاجرة اشتداد الحر نصف النهار.

(6) الكافي: ج 4 ص 35 كتاب الزكاة باب إنظار المعسر ح 2. (*)

[676]

ترجعون فيه إلى الله: يوم القيامة أو يوم الموت، أو الاعم، فتأهبوا لمصيركم إليه.

وقرأ أبوعمر ويعقوب بفتح التاء وكسر الجيم(1).

ثم توفى كل نفس ما كسبت: جزاء ما عملت من خير أو شر.

وهم لا يظلمون بنقص ثواب وتضعيف عذاب.

قال البيضاوي: وعن ابن عباس إنها آخر آية نزل بها جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: ضعها في رأس المأتين والثمانين من البقرة، وعاش رسول الله صلى الله عليه وآله بعدها إحدى وعشرين يوما، وقيل: إحدى وثمانين، وقيل: سبعة أيام، وقيل: ثلاث ساعات(2).

* * *

___________________________________

(1 و 2) انوار التنزيل واسرار التأويل: ج 1، ص 143. (*)

[677]

[ يأيها الذين ء_امنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذى عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذى عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحديهما فتذكر إحديهما الاخرى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ولا تسئموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهدة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجرة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضآر كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شئ عليم(282) ]

يأيها الذين ء_أمنا إذا تداينتم بدين: إذا داين بعضكم بعضا. والتداين والمدانية المعاملة نسية معطيا أو آخذا.

وذكر الدين لدفع توهم أنه من التداين بمعنى المجازات.

إلى أجل مسمى: معلوم بالايام والاشهر، فإنه معلوم، لا بالحصاد وقدوم

[678]

الحاج، فانه لا يجوز لانه غير معلوم. فاكتبوه: لانه أوثق وأدفع للنزاع. والامر بها للاستحباب.

في كتاب علل الشرايع: باسناده إلى أبي جعفر عليه السلام: إن الله عزوجل عرض على أدم أسماء الانبياء وأعمارهم، قال: فمر آدم باسم داود عليه السلام، فإذا عمره في العالم أربعون سنة، فقال آدم: يا رب ما أقل عمر داود وما أكثر عمري، يا رب إن أنا زدت داود ثلاثين سنة، اثبتت ذلك له؟ قال: نعم يا آدم قال: فإنى قد زدته من عمري ثلاثين سنة، فأنفذ ذلك له وأثبتها له عندك واطرحها من عمري، قال أبوجعفر عليه السلام: فأثبت الله عزوجل لداود في عمره ثلاثين وكانت له عند الله مثبتة، فذلك قوله عزوجل: " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب " فمحى الله ما كان مثبتا لآدم وأثبت لداود ما لم يكن عنده مثبتا.

قال فمضى عمر آدم فهبط ملك الموت لقبض روحه فقال له آدم: يا ملك الموت إنه قد بقي من عمري ثلاثون سنة، فقال له ملك الموت: يا آدم ألم تجعلها لابنك داود النبي وطرحتها من عمرك حين عرض عليك أسماء الانبياء من ذريتك وعرضت عليك أعمارهم وأنت يومئذ بوادي الاحياء؟ فقال له آدم: ما أذكر هذا، قال: فقال له ملك الموت: يا آدم لا تجحد ألم تسأل الله عزوجل أن يثبته لداود ويمحوها من عمرك، فأثبتها لداود في الزبور ومحاها عن عمرك في الذكر قال آدم: حتى أعلم ذلك.

قال أبوجعفر: وكان آدم صادقا، لم يذكر ولم يجحد، فمن ذلك اليوم أمر الله تبارك وتعالى أن يكتبوا بينهم إذا تداينوا وتعاملوا إلى أجل، لنسيان آدم وجحوده ما جعل على نفسه(1).

وفي الكافي: أبوعلي الاشعري، عن عيسى بن أيوب، عن علي بن مهزيار، عمن ذكره، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لما عرض على آدم ولده نظر إلى داود فأعجبه فزاده خمسين سنة من عمره، قال: ونزل جبرئيل وميكائيل فكتب

___________________________________

(1) علل الشرايع: ج 2، ص 239، الباب(341) العلة التي من اجلها امر الله تبارك وتعالى عباده اذا تداينوا وتعاملوا ان يكتبوا بينهم كتابا ح 1. (*)

[679]

عليه ملك الموت صكا(1) بالخمسين سنة، فلما حضرته الوفاة انزل عليه ملك الموت فقال آدم: قد بقي من عمري خمسون سنة، قال: فأين الخمسون سنة التي جعلتها لابنك داود؟ قال: فأما أن يكون نسيتها أو أنكرها، فنزل جبرئيل وميكائيل فشهدا عليه، وقبضه ملك الموت، فقال أبو عبدالله عليه السلام: كان أول صك كتب في الدنيا(2).

وفيه حديث آخر طويل نحوه غير أن فيه: أن عمر داود كان أربعين سنة فزاده آدم ستين تمام الماء_ة(3).

وليكتب بينكم كاتب بالعدل: بالسوية لا يزيد ولا ينقص. وهو للاستحباب أيضا.

ولا يأب كاتب: لا يمتنع أحد من الكتاب. وهو للاستحباب أيضا.

أن يكتب كما علمه الله: من كتبة الوثائق، وهو أن يكتب بالعدل.

أو لا يأب أن ينتفع الناس بكتابته كما نفعه الله بتعليمها.

فليكتب: تلك المعلمة، أمر بها بعد النهي عن الاباء، تأكيدا.

وقيل: يجوز أن يتعلق الكاف بالامر فيكون النهي عن الامتناع ثم الامر بها مقيدة، وهو ضعيف.

وليملل الذى عليه الحق: لانه المقر. والاملال والاملاء واحدة. وليتق الله ربه: أي المملي أو الكاتب.

ولا يبخس: لا ينقص. منه شيئا: اي من الحق، أو مما املي عليه.

فإن كان الذى عليه الحق سفيها: ناقص العقل.

___________________________________

(1) الصك. الكتاب: نهاية ابن الاثير: ج 3، ص 43، باب الصاد مع الكاف الصك بتشديد الكاف: كتاب كالسجل يكتب في المعاملات. مجمع البحرين: ج 5، ص 279. لغة صكك.

(2) الكافي: ج 7، ص 379، كتاب الشهادات، باب أول صك كتب في الارض، ح 2.

(3) الكافي: ج 7، ص 378، كتاب الشهادات، باب أول صك كتب في الارض، ح 1. (*)

[680]

أو ضعيفا: صبيا.

وفي تفسير العياشى: عن ابن سنان قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: متى يدفع إلى الغلام ماله؟ قال: إذا بلغ واونس منه رشد، ولم يكن سفيها أو ضعيفا، قال: قلت: فإن منهم من يبلغ خمس عشر سنة وستة عشر سنة ولم يبلغ، قال: إذا بلغ ثلاث عشرة سنة جاز أمره إلا أن يكون سفيها أو ضعيفا، قال: قلت: وما السفيه والضعيف؟ قال: السفيه الشارب الخمر، والضعيف الذي يأخذ واحدا باثنين(1).

وفي تهذيب الاحكام: علي بن الحسين، عن أحمد ومحمد ابني الحسن، عن أبيهما، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سأله أبي وأنا حاضر عن قول الله عز وجل " حتى إذا بلغ " قال: الاحتلام قال: فقال: يحتلم في ستة عشر وسبع عشر سنة ونحوها، فقال: إذا أتت عليه ثلث عشر سنة كتبت له الحسنات وجاز أمره إلا أن يكون سفيها أو ضعيفا، فقال: وما السفيه؟ فقال: الذي يشتري الدرهم بأضفافه، قال: وما الضعيف؟ قال: الابله(2). أو لا يستطيع أن يمل هو: هو لخرس أو جهل باللغة.

فليملل وليه بالعدل: أي الذي يلي أمره ويقوم مقامه، من الولي الشرعي للصبي والمختل العقل، والوكيل المترجم المعتبر على الوجه الذي اعتبره الشرع، من كونه عدلين خبيرين بقصده.

واستشهدوا شهيدين: واطلبوا أن يشهد على الدين شاهدين. من رجالكم: المؤمنين.

فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان: أي فليشهدا أو فالمستشهد رجل وامراتان.

ممن ترضون من الشهداء: لعلمكم بعد التهم.

في الكافي: أحمد بن محمد العاصمي، عن علي بن الحسن التيمي، عن ابن

___________________________________

(1) تفسير العياشى: ج 1، ص 155، ح 521.

(2) التهذيب: ج 9، ص 182 باب 8 وصية الصبي والمحجور عليه ح 6. (*)

[681]

بقاح، عن أبي عبدالله المؤمن، عن عمار بن أبي عاصم قال: قال أبو عبدالله عليه السلام: أربعة لا يستجاب لهم دعوة، أحدهم رجل كان له مال فأدانه بغير بينة، يقول الله عزوجل: الم آمرك بالشهادة(1).

عدة من أصحابنا: عن أحمد بن أبي عبدالله، عن محمد بن علي، عن موسى بن سعدان، عن عبدالله بن القاسم، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من ذهب حقه على غير بينة لم يوجر(2).

محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبدالله بن القاسم، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله(3).

وفي تهذيب الاحكام: سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد، وعلي بن حديد، عن علي بن نعمان، عن داود بن الحصين، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سألته عن شهادة النساء في النكاح بلا رجل معهن إذا كانت المرأة منكرة فقال: لا بأس إلى قوله: وكان أمير المؤمنين عليه السلام يجيز شهادة امرأتين في النكاح عند الانكار، ولا يجيز في الطلاق إلا شاهدين عدلين، قلت: فأين ذكر الله تعالى وقوله " فرجل وامرأتان " فقال: ذلك في الدين، إذا لم يكن رجل فرجل وامرأتان، ورجل واحد ويمين المدعى إذا لم يكن امرأتان، قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام بعده عندكم(4).

أن تضل إحديهما: أي تضل احدى المرأتين، أي نسيت الشهادة.

فتذكر إحديهما الاخرى: أي إنما اعتبر التعدد في المرأة، لارادة أن تذكر إحداهما الاخرى إن ضلت ونسيت الشهادة، وذلك لنقصان عقولهن وقلة ضبطهن.

والعلة في الحقيقة التذكير، وضع سببه مقامه وقرأ حمزة (وأن تضل)

___________________________________

(1) الكافي: ج 5، ص 298 كتاب المعيشه باب من ادان ماله بغير بينة، ح 2.

(2) الكافي: ج 5 ص 298 كتاب المعيشة باب من ادان ماله بغير بينة ح 3.

(3) الكافي: ج 5، ص 298، كتاب المعيشة باب من ادان ماله بغير بينة، ذيل الحديث ح 3.

(4) التهذيب: ج 6، ص 281، باب 90 البينتين يتقابلان، او يترجح بعضها على بعض ح 179. (*)

[682]

على الشرط (فتذكر) بالرفع.

وابن كثير وأبوعمر ويعقوب (فتذكر) من الاذكار(1). ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا: لتحمل الشهادة.

وسموا شهداء، تنزيلا لما يشارف منزله الواقع. و (ما) مزيدة.

وقيل: لاداء الشهادة، أو التحمل.

وفي الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا " قال: لا ينبغي لاحد إذا دعي للشهادة يشهد عليها، أن يقول: لا أشهد عليكم(2).

عدة من أصحابنا: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن عليه السلام في قوله عزوجل: " ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا " فقال: إذا دعاك الرجل تشهد له على دين أو حق لم ينبغ لك أن تقاعس عنه(3).

علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا " قال: قبل الشهادة(4).

عدة من أصحابنا: عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن ابي نصر، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يأب الشهداء أن تجيب حين تدعى قبل الكتاب(5).

ولا تسئموا أن تكتبوه: ولا تملوا من كثرة مدايناتكم أن تكتبوا الدين.

___________________________________

(1) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 144.

(2) الكافي: ج 7، ص 379، كتاب الشهادات، باب الرجل يدعى إلى الشهادة ح 1.

(3) الكافي: ج 7، ص 380، كتاب الشهادات، باب الرجل يدعى إلى الشهادة ح 3.

(4) الكافي: ج 7، ص 380، كتاب الشهادات، باب الرجل يدعى إلى الشهادة ح 4.

(5) الكافي: ج 7، ص 380، كتاب الشهادات، باب الرجل يدعى إلى الشهادة ح 6. (*)

[683]

وقيل: كنى بالسأمة عن الكسل.

صغيرا أو كبيرا: كان الحق صغيرا أو كبيرا. أو الكتاب مختصرا أو مشبعا.

إلى أجله: متعلق ب_(تكتبوه) أي وقت حلوله الذي أقر به المديون.

ذلكم: اشارة إلى (أن تكتبوه). أقسط عند الله: أكثر قسطا. وأقوم للشهدة: وأثبت لها.

وهما مبنيان من أقسط وأقام على غير قياس.

أو من قاسط بمعنى ذي قسط وقويم، وإنما صحت الواو في أقوم كما صحت في التعجب لجموده.

وأدنى ألا ترتابوا: وأقرب في أن لا تشكوا في جنس الدين وقدره وأجله والشهود ونحو ذلك.

إلا أن تكون تجرة: استثناء عن مفعول فاكتبوه الراجع إلى دين باعتبار تعلق الكتابة به، وتعلقه بالتداين، وما بينهما إعتراض. أي اكتبوا الدين المتداين به إلا أن تكون تجارة.

ونصب عاصم تجارة على أنه الخبر، والاسم مضمر، تقديره إلا أن تكون الدين المتداين به تجارة.

وقرأ الباقون بالرفع على أن الخبر (تديرونها)، أو على كان التامة(1).

حاضرة: والتجارة الحاضرة يكون بدين وعين.

تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها: وإدارة التجارة تعاطيهم إياها يدا بيد، فهو على تقدير كونه صفة مخصصة أي فلا بأس بعدم الكتابة حينئذ. وأشهدوا إذا تبايعتم مطلقا، لانه أحوط.

___________________________________

(1) يحتمل البناء للفاعل والمفعول، والدليل عليه قراء_ة عمر ولا يضارر بالاظهار والكسر.

وقراء_ة ابن عباس (رض) ولا يضارر بالاظهار والفتح (الكشاف: ج 1، ص 327، في تفسيره لآية(282) من سورة البقرة (ولا يضار كاتب). (*)

[684]

وقيل: المراد هذا التبايع. والاوامر التي في هذه الآية للاستحباب.

وقيل: للوجوب فمن قائل بالاحكام وقايل بالنسخ.

ولا يضآر كاتب ولا شهيد: يحتمل البنائين ويدل عليه قرائة ولا يضارر، وبالكسر والفتح(1)، فعلى البناء للفاعل نهي لهما عن ترك الاجابة والتحريف والتغيير في الكتبة والشهادة.

وعلى البناء للمفعول نهي للمستكتب والمستشهد من أن يضارهما بالتكليف لهما ما لا يسوغ لهما من جنس جعل الكاتب وحبس الشهيد وغير ذلك. وإن تفعلوا: ما نهيتم عنه.

فإنه فسوق بكم: خروج عن الطاعة. واتقوا الله: في مخالفة نهيه.

ويعلمكم الله: أحكامه المتضمنة لمصالحكم.

والله بكل شئ عليم: كرر لفظ (الله) في الجمل الثلاث للمبالغة.

فإنه لما كان موضوعا للذات الكاملة مع جميع صفات الكمال على الكمال، فيكون عقابه في النهاية والكمال فيقتضي الانهاء منه أشد اقتضاء، ويكون تعليمه للاحكام في نهاية الافضال، فلا يجوز مخالفة حكمه بحال، ويكون علمه بقدر الجزاء شاملا أتم شمول، فلا يسوغ إغفال العمل بالذهول.

وقيل: كرر لاستقلالها.

فإن الاولى حث على التقوى، والثانية عد بإنعامه، والثالثة تعظيم لشأنه، ولانه أدخل في التعظيم من الكناية.

والوجه الاول من تعليله ضعيف، والاضمار لا يقتضي عدم الاستقلال، فتأمل.

___________________________________

(1) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 143. (*)

[685]

[ * وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهن مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذى اؤتمن أمنته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهدة ومن يكتمها فإنه ء_اثم قلبه والله بما تعملون عليم(283) ]

وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا: راكب سفر، أي مسافرين. فرهن مقبوضة: أي فالذي يستوثق فرهان.

أو فعليكم رهان. أو فليؤخذ رهان.

وظن مجاهد والضحاك أن هذا التعليق، لاشتراط السفر في الارتهان(1).

وليس كما ظنا، بل الظاهر أنه لاقامة التوثيق بالارتهان مقام التوثق بالكتب في السفر الذي هو مظنة الاعواز.

وبعضهم استدل بالآية على أن القبض بالمعنى الاخص معتبر في الرهن.

وفيه أنه يحتمل أن يكون ذكر القبض واردا في الآية على ما هو أكثر موارده.

على أنه يحتمل أن يكون المراد بالقبض ما يشمل عدم جواز تصرف الراهن بدون إذن المرتهن فيه.

وما رواه العياشي: في تفسيره، عن محمد بن عيسى، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا رهن إلا مقبوضا(2).

محمول على هذا المعنى.

وقرأ ابن كثير وأبوعمرو (فرهن) كسقف، وكلاهما جمع رهن بمعنى مرهون،

___________________________________

(1) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 145.

(2) تفسير العياشى: ج 1، ص 156، ح 525. (*)

[686]

وقرئ باسكان الهاء على التخفيف(1).

فإن أمن بعضكم بعضا: أي عد بعضكم بعض الآخر أمينا، واستغنى بأمانته عن الكتبه والارتهان.

فليؤد الذى اؤتمن أمنته: أي دينه، سماه أمانة، لايتمانه عليه بترك الارتهان.

ويحتمل أن يكون المراد بلايتمان: الاستيداع.

وقرئ الذيتمن بقلب الهمزة ياء. والذتمن بادغام الياء في التاء.

قيل: وهو خطأ لان المنقلبة عن الهمزة في حكمها، فلا يدغم.

وليتق الله ربه: في الخيانة.

وفي ذكر الرب والاضافة إلى المؤتمن - بعد ذكر الاسم الدال على الذات المستجمع لجميع الصفات، المقتضية للاتقاء عنه - زيادة إقتضاء للاتقاء على وجه اللطف والرحمة، لاشعاره بأنه تعالى مربية، فيجب أن لا يرتكب ما فيه مناقصة بكمال تربيته، فإن فيه كسر للمربي ظاهرا، ففيه نهاية الاعطاف والافضال وإظهار الملاطفة والاشعار، فاعتبروا يا اولي الابصار.

ولا تكتموا الشهدة أيها الشهود، وقيل: أو المديون، والشهادة شهادتهم على أنفسهم.

ومن يكتمها فإنه_ء_اثم قلبه: أي يأثم قلبه، أو قلبه يأثم وعلى الثاني الجملة خبر إن، وإسناد الاثم إلى القلب، لان الكتمان يقترفه. أو للمبالغة، فإنه رئيس الاعضاء وأفعاله أعظم الافعال.

وفي نهج البلاغه: قال عليه السلام: وبما في الصدور يجازي العباد(2).

وقرئ: قلبه بالنصب كحسن وجهه.

وفي من لا يحضره الفقيه: روى جابر عن أبي جعفر قال في قول الله عزوجل:

___________________________________

(1) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 145.

(2) نهج البلاغة: ص 103، من كلام له عليه السلام لما بلغه إتهام بني اميه له بالمشاركة في دم عثمان. (*)

[687]

[ - لله ما في السموت وما في الارض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشآء ويعذب من يشآء والله على كل شئ قدير(284) ]

" ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " قال: كافر قلبه(1).

والله بما تعملون عليم: في آمالي الصدوق: في مناهي النبي صلى الله عليه وآله: ونهى صلى الله عليه وآله عن كتمان الشهادة قال: ومن يكتمها أطعمه الله لحمه على رؤوس الخلايق، وهو قول الله عزوجل: " ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه "(2).

وفي الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، ومحمد بن علي، عن أبي جميلة عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من كتم شهادة أو شهد بها ليهدر بها دم امرء مسلم، أو ليزوي مال امرء مسلم اتي يوم القيامة ولوجهه ظلمة مد البصر، وفي وجهه كدوح(3) تعرفه الخلايق بأسمه ونسبه(4). لله ما في السموت وما في الارض: خلقا وملكا.

وإن تبدوا ما في أنفسكم: ما استقر في أنفسكم من السوء حتى تعزموا

___________________________________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3، ص 35، باب 22 الامتناع من الشهادة وما جاء في اقامتها وتأكيدها وكتمانها ح 5 .

(2) الامالي للصدوق: ص 257، المجلس السادس والستون.

(3) الكدوح: الخدوش، وكل أثر من خدش أو عض فهو كدح نهاية ابن الاثير: ج 4، ص 155.

(4) الكافي: ج 7، ص 380، كتاب الشهادات، باب كتمان الشهادة ح 1. (*)

[688]

عليه، لا ما خطر فيه، فإنه موضوع عنكم، فإن تبدوه بالعمل أو باللسان.

أو تخفوه يحاسبكم به الله: يوم القيامة. فيغفر لمن يشآء: مغفرته.

ويعذب من يشآء: تعذيبه وقد رفعهما عامر وعاصم ويعقوب على الاستيناف.

وجزمهما الباقون عطفا على جواب الشرط.

ومن جزم بغير فاء جعلهما بدلا عنه، بدل البعض من الكل، أو الاشتمال: كقوله:

متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا *** تجد حطبا جزلا ونارا تأججا(1)

وادغام الراء في اللام لحن، إذ الراء لا يدغم إلا في مثله.

وفي تفسير العياشى: عن سعدان، عن رجل، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله: " وان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " قال: حقيق على الله أن لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من حبهما(2).

وفي كتاب التوحيد: باسناده إلى جرير بن عبدالله، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: رسول الله صلى الله عليه وآله: رفع عن امتي تسعة أشياء: الخطأ والنسيان، وما اكرهوا عليه، ومالا يطيقون، ومالا يعلمون، وما أضطروا إليه، والحسد، والطيرة، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة(3).

وباسناده إلى حمزة بن حمران قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن

___________________________________

(1) هو من ابيات لعبد الله بن الحر يصف فيها نفسه بحسن القيام في خدمة الضيف. قوله: تأتنا مضارع من الاتيان. وتلمم مضارع من الالمام بمعنى النزول. والديار ككتاب جمع دار وهى مسكن الرجل.

وتجد مضارع من الوجدان بمعنى الادراك. والجزل بالجيم والزاء المعجمه كفلس اليابس من الحطب وغيره.

وتأجج بالجيمين أولهما مشددة ماض من التأجج، وهو تلهب النار (جامع الشواهد : ص 273، باب الميم بعده التاء).

(2) تفسير العياشى: ج 1، ص 156، ح 528.

(3) كتاب التوحيد: ص 353، باب 56 الاستطاعة، ح 24. (*)

[689]

[ ء_امن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل ء_امن بالله وملئكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد - من رسله وقالوا - سمعنا وأطعنا - غفرانك ربنا و - إليك المصير(285) ]

الاستطاعة، فلم يجبني، فدخلت عليه دخلة اخرى فقلت: أصلحك الله أنه قد وضع في قلبي منها شئ ولا يخرجه إلا شئ أسمعه منك، قال: فإنه لا يضرك ما كان في قلبك(1) وسيأتى تمام الحديث إن شاء الله.

والله على كل شئ قدير فيقدر على الاحياء والمحاسبة والمغفرة والتعذيب.

ء_امن الرسول بما أنزل إليه من ربه: شهادة وتنصيص من الله تعالى على صحة إيمانه والاعتداد به وأنه جازم في أمره غير شاك فيه.

في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة رحمه الله باسناده إلى سلام، قال: سمعت أبا سلمى راعي النبي صلى الله عليه وآله(2). يقول: سمعت رسول الله صلى الله

___________________________________

(1) كتاب التوحيد: ص 346، باب 56 الاستطاعة، ح 3.

(2) تصدى لترجمته بالاجمال في الاستيعاب في أسماء الاصحاب، وفي الاصابة في تمييز الصحابة.

وتعرض لترجمته في أسد الغابة في معرفة الصحابة، وإليك نص ما نقله " أبوسلمى راعي رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم، قيل إسمه حريث، كوفي، وقيل: شامي، روى عنه ابوسلام الاسود وابومعمر، عباد بن عبدالصمد إلى ان قال: اخبرنا عباد بن عبدالصمد قال: حدثني ابوسلمى راعي رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قال: سمعت النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول: من لقى الله عزوجل يشهد ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله وامن بالبعث والحساب دخل الجنة، قلت: انت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم؟ فادخل اصبعيه في اذنيه وقال: سمعت هذا منه غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث ولا اربع.

وروى الفضل بن الحسين عن عباد بن عبدالصمد قال: بينا أنا بالكوفة اذ قيل: هذا رجل من اصحاب رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم وكان خادما لرسول الله فناداه رجل يكنى ابا مسعر فقال: يا عبدالله كنت خادما لرسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم؟ قال: نعم كنت ارعى له، فقال: الا تحدثنا ما سمعته منه؟ قال: بلى حدثني رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم انه قال بخ بخ لخمس ما أثقلهن في الميزان: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، إلى أن قال: سلمى ضبطه إبن الفرضي بالضم وهو الصحيح (اسد الغابة ج 5، ص 219).

[690]

عليه وآله يقول: ليلة أسري بي إلى السماء قال العزيز جل ثنائه: " آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه " قلت: والمؤمنون، قال: صدقت يا محمد(1).

وروى المقلد بن غالب رحمه الله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن رهبان، عن محمد بن أحمد، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: سمعت أبا سلمى راعي النبي صلى الله عليه وآله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ليلة اسري بي إلي السماء قال الرب عزوجل: " آمن الرسول بما انزل اليه من ربه " قلت: والمؤمنون قال: صدقت يا محمد، من خلفت على امتك؟ قلت: خيرها، قال: علي بن أبي طالب عليه السلام؟ قلت: نعم يا رب، فقال: يا محمد إني اطلعت إلى الارض إطلاعة فاخترتك منها، وشققت لك إسما من أسمائي، فلا اذكر في موضع إلا ذكرت معي، فأنا المحمود وأنت المحمد.

ثم اطلعت ثانية واخترت عليا فشققت له اسما من أسمائي، فانا الاعلى وهو علي يا محمد إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والائمة من ولد الحسين من نوري.

يا محمد إني عرضت ولايتكم على أهل السماوات والارضين فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الظالمين.

يا محمد تحب أن تراهم؟ قلت: نعم يا رب قال: إلتفت، فالتفت عن يمين العرش فإذا أنا بإسم علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن، والمهدي في وسطهم كأنه كوكب دري، فقال: يا محمد هؤلاء حججي على خلقي، وهذا القائم

___________________________________

(1) الغيبة للشيخ الطوسي: ص 95. (*)

[691]

من ولدك بالسيف والمنتقم من أعدائك(1) فعلى هذين الخبرين. قوله والمؤمنون معطوف على الرسول عطف تلقين. وقوله: كل_ء_امن بالله وملئكته وكتبه ورسله: مبتدأ وخبر.

والضمير الذي ناب عنه التنوين في (كل) للرسول وللمؤمنين.

وجوز البيضاوي كون (المؤمنون) مبتدأ أولا وكون الضمير لهم، و (كل) مبتدأ ثانيا مع خبره.

وهو مع خبره، خبر للاول، قال: ويكون إفراد الرسول لتعظيمه، أو لان إيمانه عن مشاهدة وعيان وإيمانهم عن نظر واستدلال(2). وقرأ حمزة والكسائي (وكتابه) يعني القرآن، أو الجنس.

والفرق بينه وبين الجمع أنه شايع في وحدات الجنس والجمع في جموعه، ولذلك قيل: الكتاب أكثر من الكتب(3). لا نفرق بين أحد من رسله بالتصديق لبعضهم والتكذيب لبعض آخر، أي يقولون: (لا نفرق).

ويحتمل عدم تقدير القول، بجعله حالا من الفاعل وهو الرسول والمؤمنون، ويكون العدول عن الغيبة لتعظيمهم، وذلك أوجه. وقرأ يعقوب بالياء على أن الفعل لكل.

وقرأ لا يفرقون، حملا على المعنى(4). وقالوا سمعنا قولك. وأطعنا: أمرك.

غفرانك ربنا: اي إغفر غفرانك، أو نطلب غفرانك.

ويحتمل بعيدا كونه معمول (أطعنا وسمعنا) على سبيل التنازع، أي

___________________________________

(1) رواه والذي قبله في كتاب الغيبة (اصدار مكتبة نينوى الحديثه في طهران) في ص 95، ورواه المحدث الاكبر محمد بن الحسن الحر العاملي نور الله مضجعه في كتاب إثبات الهداة ج 1، الباب التاسع ص(548) تحت رقم(374) كما في المتن من جهة المتن، ولم نعثر على السند الذي نقله المصنف قدس سره عن المقلد بن غالب، والله العالم.

(2 و 3 و 4) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 146. (*)

[692]

[ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما - كسبت - وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا - تحمل علينا - إصرا - كما حملته على الذين من قبلنا - ربنا - ولا تحملنا - ما لا - طاقة - لنا به واعف - عنا واغفر - لنا وارحمنا أنت - مولينا - فانصرنا على - القوم الكفرين(286) ]

غفرانك، أي موجبه وهو الايمان سمعناه وأطعناه فآمنا. وإليك المصير بعد الموت. وهو إقرار منهم بالبعث.

وفي كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث طويل، وفيه خطبة الغدير، وفيها معاشر الناس: قولوا: ألذي قلت لكم: وسلموا على علي بإمرة المؤمنين، وقولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير(1).

لا يكلف الله نفسا إلا وسعها الا ما يسعه قدرتها، أو ما دون مدى طاقتها ويكون يسيرا عليها لقوله: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)(2). وفيه تصريح بعدم وقوع التكليف بالمحال.

وفي كتاب التوحيد بإسناده إلى أبي جميلة المفضل بن صالح، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ما امر العباد إلا بدون سعتهم،

___________________________________

(1) كتاب الاحتجاج: ج 1، ص 66، إحتجاج النبي صلى الله عليه وآله يوم الغدير على الخلق كلهم وفي غيره من الايام بولاية علي بن أبي طالب ومن بعده من ولده.

(2) سورة البقره: الآيه 185. (*)

[693]

وفي كل شئ امر الناس بأخذه فهم متسعون له، وما لا يتسعون له فهو موضوع عنهم، ولكن الناس لا خير فيهم(1).

وبإسناده إلى عبدالسلام بن صالح الهروي قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى بن جعفر عليهما السلام يقول: من قال بالجبر فلا تعطوه من الزكاة ولا تقبلوا له شهادة، إن الله تبارك وتعالى يقول: " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " ولا يحمل فوق طاقتها " ولا تكسب كل نفس إلا عليها " " ولا تزر وازرة وز أخرى "(2).

وباسناده إلى حمزة بن حمران قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الاستطاعة، إلى قوله: قلت: أصلحك الله فإني أقول: إن الله تبارك وتعالى لم يكلف العباد إلا ما يستطيعون وإلا ما يطيقون، وأنهم لا يصنعون شيئا من ذلك إلا بإرادة الله ومشيته وقضائه وقدرته قال: وهذا دين الله الذي أنا عليه وآبائي (عليهما السلام)(3) لها ما كسبت من خير. وعليها ما اكتسبت من شر، لا ينتفع بطاعتها ولا يتضرر بمعصيتها غيرها.

وتخصيص الكسب بالخير والاكتساب بالشر، لان الاكتساب فيه اعتمال، والشر تشتهيه الانفس وتنجذب إليه فكانت أجد في تحصيله وأعمل بخلاف الخير(4).

ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا أي لا تؤاخذنا بما أدى بنا إلى نسيان

___________________________________

(1) كتاب التوحيد: ص 347، باب الاستطاعة ح 6.

(2) كتاب التوحيد: ص 362، باب 59 نفي الجبر والتفويض ح 9.

(3) كتاب التوحيد: ص 346، باب 56، الاستطاعة قطعة من حديث 3.

(4) قال في الكشاف: ج 1، ص 332، في تفسير الآية ما لفظه (فان قلت: لم خص الخير بالكسب والشر بالاكتساب؟ قلت: في الاكتساب اعتمال، فلما كان الشر مما تشتهيه النفس وهي منجذبة إليه وأمارة به، كانت في تحصيله أعمل وأجد، فجعلت لذلك مكتسبة فيه. ومما لم تكن كذلك في باب الخير وصفت بما لا دلالة فيه على الاعتمال). (*)

[694]

أو خطأ، أو بما يودي الخطأ والنسيان إليه بالآخرة من عمل آخر، فإنهما يمكن أن يؤدي كثرتهما واعتيادهما إلى عمل قبيح.

وقيل: أو بأنفسهما، إذ لا يمتنع المؤاخذة بهما عقلا فإن الذنوب كالسموم، فكما أن تناولها يؤدي إلى الهلاك وإن كان خطاء، فتعاطي الذنوب لا يبعد أن يفضي إلى العقاب وإن لم يكن عزيمة، لكنه تعالى وعد التجاوز عنه رحمة وفضلا، فيجوز أن يدعو الانسان به إستدامة وإعتدادا بالنعمة فيه.

وفي اصول الكافي: الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أبي داود المسترق قال: حدثني عمرو بن مروان قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رفع عن امتي أربع خصال: خطاؤها ونسيانها وما اكرهوا عليه وما لم يطيقوه.

وذلك قول الله عزوجل " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به " وقوله: " إلا من إكره وقلبه مطمئن بالايمان "(1).

ويحتمل أن يكون هذا دعوة الرسول صلى الله عليه وآله قبل رفع الخطأ والنسيان، وبعدها كما رفع، يجيئ في الخبر. والغرض من الدعاء به، التأسي به وتذكر ما أنعم الله تعالى بسبب دعوته.

ربنا ولا تحمل علينا إصرا: ثقيلا يأمر صاحبه، أي يحبسه في مكانه. والمراد به التكاليف الشاقة.

وقرئ (ولا تحمل) بالتشديد للمبالغة(2).

كما حملته على الذين من قبلنا ربنا: حملا مثل حملك إياه عليهم.

أو مثل الذي حملته إياهم، فيكون صفة لاصرا.

والمراد به ما كلف به بنوا إسرائيل من الامور التي ذكر في الخبر الذي ينقل من الاحتجاج(3).

___________________________________

(1) الكافي: ج 2، كتاب الايمان والكفر، باب ما رفع عن الامة، ص 462، ح 1.

(2) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 147.

(3) الاحتجاج: ج 1، ص 327 إحتجاجه عليه السلام على اليهود من أحبارهم ممن قرأ الكتب والصحف في معجزات النبي صلى الله عليه وآله وكثير من فضائله. (*)

[695]

ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به: من البلاء والعقوبة. أو من التكاليف التي لا تفي بها القوة البشرية.

وهو لا يدل على جواز التكليف بما لا يطاق، بناء على احتمال كون المراد مما لا طاقة لنا، العقوبة، لا التكاليف، والتشديد هنا لتعدية الفعل إلى مفعول ثان. واعف عنا: وامح ذنوبنا.

واغفر لنا: واستر عيوبنا ولا تفضحنا بالمؤاخذة. وارحمنا: وتعطف منا وتفضل علينا.

أنت مولينا: سيدنا وناصرنا. فانصرنا على القوم الكفرين: والمراد بهم عامة الكفرة.

وفي كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله: وروى موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل، وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله فدنى بالعلم فتدلى، فدنى له من الجنة رفرف أخضر وغشى النور بصره، فرأى عظمة ربه عزوجل بفؤاده ولم يرها بعينه، فكان كقاب قوسين بينها وبينه أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى.

وكان فيما أوحى إليه الآية التي في سورة البقرة قوله تعالى: " لله ما في السموات وما في الارض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير " وكانت الآية قد عرضت على الانبياء من لدن آدم عليه السلام إلى أن بعث الله تعالى محمدا، وعرضت على الامم فأبوا أن يقبلوا من ثقلها، وقبلها رسول الله صلى الله عليه وآله وعرضها على امته فقبلوها، فلما رأى الله تبارك وتعالى منهم القبول علم أنهم لا يطيقونها.

فلما أن سار إلى ساق العرش كرر عليه الكلام ليفهمه.

فقال: " آمن الرسول بما انزل إليه من ربه " فأجاب صلى الله عليه وآله مجيبا عنه وعن امته " والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله " فقال جل ذكره: لهم الجنة والمغفرة على إن فعلوا ذلك.

فقال النبي صلى الله عليه وآله: إذا فعلت ذلك ربنا فغفرانك ربنا وإليك المصير، يعني المرجع

[696]

في الآخرة، قال: فأجابه جل ثنائه. وقد فعلت ذلك بك وبامتك.

ثم قال عزوجل: أما إذا قبلت الآية بتشديدها وعظم ما فيها وقد عرضتها على الامم فأبوا أن يقبلوها وقبلتها امتك، فحق علي أن أرفعها عن امتك، وقال: " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت " من خير " وعليها ما اكتسبت " من شر.

فقال النبي صلى الله عليه وآله لما سمع ذلك: أما إذا فعلت ذلك بي وبامتي، فزدني، قال: سل، قال: " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " قال الله عزوجل: لست اؤاخذ امتك بالنسيان أو الخطاء لكرامتك علي.

وكانت الامم السابقة إذا نسوا ما ذكروا به فتحت عليهم أبواب العذاب، وقد رفعت ذلك عن امتك.

وكانت الامة السالفة إذا أخطأوا اخذوا بالخطاء وعوقبوا، وقد رفعت ذلك عن امتك لكرامتك علي.

فقال النبي صلى الله عليه وآله: اذا أعطيتني ذلك فزدني، فقال الله تعالى: سل، قال: " ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا " يعني بالاصر الشدايد التي كانت على من كان قبلنا، فأجابه الله إلى ذلك، فقال تبارك اسمه: قد رفعت عن امتك الاصار التي كانت على الامم السالفة.

كنت لا أقبل صلاتهم إلا في بقاع من الارض معلومة إخترتها لهم وإن بعدت، وقد جعلت الارض لامتك كلها مسجدا وطهورا، فهذه من الاصار التي كانت على الامم قبلك، فرفعتها عن امتك.

وكانت الامم السالفة إذا أصابهم أذى من نجاسة قرضوه من أجسادهم، وقد جعلت الماء لامتك طهورا، فهذه من الاصار التي كانت عليهم فرفعتها عن امتك.

وكانت الامم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس، فمن قبلت ذلك منه ارسلت إليه نارا فأكلته ورجع مسرورا، ومن لم أقبل ذلك، رجع مثبورا.

وقد جعلت قربان امتك في بطون فقرائها ومساكينها، فمن قبلت ذلك منه اضعفت ذلك له أضعافا مضاعفة، ومن لم أقبل ذلك منه، رفعت عنه عقوبات الدنيا، وقد رفعت ذلك عن امتك، وهي من الاصار التي كانت على

[697]

الامم قبلك.

وكانت الامم السالفة صلاتها مفروضة عليها في ظلم الليل وأنصاف النهار، وهي من الشدايد التي كانت عليهم فرفعتها عن امتك وفرضت عليهم صلاتهم في أطراف الليل والنهار في أوقات نشاطهم.

وكانت الامم السالفة قد فرضت عليهم خمسين صلاة في خمسين وقتا، وهي الاصار التي كانت عليهم، فرفعتها عن امتك وجعلتها خسما في خسمة أوقات، وهي احدى وخمسون ركعة، وجعلت لهم أجر خمسين صلاة.

وكانت الامم السالفة، حسنتهم بحسنة، وسيئتهم بسيئة، وهي من الاصار التي كانت عليهم فرفعتها عن امتك، وجعلت الحسنة بعشر والسيئة بواحدة.

وكانت الامم السالفة، إذا نوى أحدهم بحسنة ثم لم يعملها، لم يكتب له، وإن عملها كتبت له حسنة، وإن امتك إذا هم أحدهم بحسنة ولم يعملها، كتبت له حسنة، وإن عملها كتبت له عشرا، وهي من الاصار التي كانت عليهم، فرفعتها عن امتك.

وكانت الامم السالفة إذا هم أحدهم بسيئة ثم لم يعملها، لم يكتب عليه، وإن عملها، كتبت له سيئة، وإن امتك إذا هم أحدهم بسيئة ثم لم يعملها، كتبت له حسنة، وهذه من الاصار التي كانت عليهم فرفعت ذلك عن امتك.

وكانت الامم السالفة إذا أذنبوا كتبت ذنوبهم على أبوابهم، وجعلت توبتهم من الذنوب إن حرمت عليهم بعد التوبة أحب الطعام إليهم، وقد رفعت ذلك عن امتك وجعلت ذنوبهم فيما بيني وبينهم، وجعلت عليهم ستورا كثيفة، وقبلت توبتهم بلا عقوبة ولا اعاقبهم بأن احرم عليهم أحب الطعام إليهم.

وكانت الامم السالفة يتوب أحدهم من الذنب الواحد مائة سنة وثمانين سنة أو خمسين سنة، ثم لا أقبل توبتهم دون أن اعاقبهم في الدنيا بعقوبة، وهي من الاصار التي كانت عليهم فرفعتها عن امتك.

وأن الرجل من امتك ليذنب عشرين سنة، أو ثلاثين سنة، أو أربعين سنة، أو مائة سنة، ثم يتوب ويندم طرفة عين فأغفر ذلك كله. فقال النبي صلى الله عليه وآله: إذا أعطيتني ذلك كله فزدني، قال:

[698]

سل، قال: " ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به " قال تبارك اسمه: قد فعلت ذلك بامتك وقد رفعت عنهم عظم بلايا الامم، وذلك حكمي في جميع الامم أن لا اكلف خلقا فوق طاقتهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله: " واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا " قال الله عزوجل: قد فعلت ذلك بتائبي امتك، ثم قال: " فانصرنا على القوم الكافرين " قال الله جل إسمه: إن امتك في الارض كالشامة البيضاء في الثور الاسود، هم القادرون، هم القاهرون يستخدمون ولا يستخدمون لكرامتك علي، وحق علي أن اظهر دينك على الاديان حتى لا يبقى في شرق الارض وغربها دين إلا دينك، أو يودون إلى أهل دينك الجزية(1).

وفي كتاب بصائر الدرجات: أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبدالصمد بن بشير قال: ذكر أبو عبدالله عليه السلام بدو الاذان وقصة الاذان في إسراء النبي صلى الله عليه وآله حتى انتهى إلى سدرة المنتهى قال: فقال: السدرة ما جاز في مخلوق قبل، قال: " ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى "(2) قال: فدفع إليه كتاب أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، فأخذ كتاب أصحاب اليمين بيمينه ففتحه فنظر إليه، فإذا فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم قال: فقال له: " آمن الرسول بما انزل إليه من ربه " فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته ورسله " فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " فقال الله: قد فعلت، فقال النبي صلى الله عليه وآله: " ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا " قال الله قد فعلت، قال النبي صلى الله عليه وآله: " ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين " كل ذلك يقول

___________________________________

(1) الاحتجاج: ج 1، ص 327 - 330، إحتجاجه عليه السلام على اليهود من أحبارهم ممن قرأ الكتب والصحف في معجزات النبي صلى الله عليه وآله وكثير من فضائله.

(2) سورة النجم: الآيات 8 و 9 و 10. (*)

[699]

الله عزوجل: قد فعلت، ثم قال: طوى الصحيفة فأمسكها بيمينه.

وفتح صحيفة أصحاب الشمال، فإذا فيها أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم(1).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: أما قوله: " آمن الرسول بما انزل إليه من ربه " فإنه حدثني أبي، عن إبن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبدالله عليه السلام إن هذه الآية مشافهة لنبيه صلى الله عليه وآله لما اسري به إلى السماء قال النبي صلى الله عليه وآله: إنتهيت إلى محل سدرة المنتهى وإذا الورقة منها تظل امة من الامم، فكنت من ربي كقاب قوسين أو أدنى، كما حكى الله عزوجل، فناداني ربي تبارك وتعالى " آمن الرسول بما انزل اليه من ربه " فقلت أنا مجيبه عني وعن امتى " والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله " فقلت " سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير " فقال الله: " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت " فقلت: " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " فقال الله: لا اوآخذك فقلت: " ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا " فقال الله: لا أحملك، فقلت: " ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين " فقال الله تعالى: قد أعطيت ذلك لك ولامتك.

فقال الصادق عليه السلام: ما وفد إلى الله تبارك وتعالى أحد أكرم من رسول الله صلى الله عليه وآله حين سأل لامته هذه الخصال(2).

وفي تفسير العياشي: عن عبدالصمد بن شيبة، عن أبي عبدالله عليه السلام في حديث طويل وفيه نحو ما في تفسير علي بن إبراهيم إلا قوله: فقال الصادق عليه السلام: إلى آخره(3).

___________________________________

(1) بصائر الدرجات: ج 4، ص 190، باب(5) في الائمة عليهم السلام عندهم الصحيفة التي فيها أسماء أهل الجنة وأسماء أهل النار، ح(1).

(2) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1، ص 95، في تفسيره لآية(286) من سورة البقرة.

(3) تفسير العياشي: ج 1، ص 159، ح(531) وراوي الحديث عبدالصمد بن بشير، وفي الهامش نقلا عن إثبات الهداة (عبدالصمد بن مسيب) وفي المتن أيضا إختلاف كثير، فلاحظ. (*)

[700]

في فضل قوله " آمن الرسول " إلى آخر السورة: روي عن قتادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا قرأ هذه الآية " آمن الرسول بما انزل إليه من ربه " حتى يختمها قال: وحق الله إن لله كتابا قبل أن يخلق السماوات والارض بألفي سنة فوضعه عنده فوق العرش، فانزلت آيتين فختم بهما البقرة، فأيما بيت قرئتا فيه لم يدخله شيطان(1).

وفي كتاب ثواب الاعمال: عن عمرو بن جميع رفعه إلى علي بن الحسين عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ أربع آيات من أول البقرة وآية الكرسي وآيتين بعدها وثلاث آيات من آخرها لم ير في نفسه وماله شيئا يكرهه، ولم يقربه شيطان ولا ينسى القرآن(2).

وعن جابر بن عبدالله عن النبي في حديث طويل يقول عليه السلام فيه: قال لي الله تعالى: وأعطيت لك ولامتك كنزا من كنوز الجنة فاتحة الكتاب وخاتمة سورة البقرة(3).

تم الجزء الاول من هذا التفسير القيم والسفر الجليل حسب تجزء_تنا ويليه إن شاء الله الجزء الثاني وأوله سورة آل عمران.

وقد تم الفراغ من استنساخه وتحقيقه في النصف الاول من شهر جمادى الثاني من شهور سنة 1407 هجرية.

وذلك تحت الضربات العنيفة من الغارات الجوية لعملاء الاستكبار العالمية

___________________________________

(1) الدر المنثور، في التفسير بالمأثور: ج 2، ص 137، ولفظه " وأخرج أبوعبيد والدارمي والترمذي والنسائي وابن الضريس ومحمد بن نصر وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الاسماء والصفات عن النعمان بن بشير: إن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قال: إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق السماوات والارض بالفي عام، فأنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا يقرأن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان وأخرجه ايضا في ص 138 بطريق آخر ولم نعثر عليه من طريق قتادة، كما أورده المصنف قدس سره.

(2) ثواب الاعمال: ص 104، ثواب من قرأ أربع آيات من أول البقرة.

(3) تفسير الصافي: ج 1، في آخر سورة البقرة، وبمضمونه روايات نقلها في تفسير القرآن العظيم لابن كثير الدمشقي: ج 1، ص 341. (*)

[701]

وأبناء الشياطين وأتباع الطواغيت صدام المعتدي وحزبه البعث العفلقي على ايران.

وراح ضحيتها الآلاف من المسلمين المؤمنين الابرياء من النساء والرجال والاطفال والشيوخ، وخلف عددا كثيرا من اليتامى والثكالى والارامل كما ترك جمعا غفيرا من المجروحين والمعلولين.

هذا بالنسبة إلى الارواح الطاهرة والنفوس البريئة، وأما بالنسبة إلى الممتلكات فإنه هدم البيوت والجسور والاسواق والمستشفيات والمدارس الغاصة بطلابها حين الدرس والجامعات والكليات بل المدارس العلمية الدينية أيضا.

وهكذا أخذ يقصف بغاراته الجوية العمياء القبور ومقابر العلماء الاخيار والصلحاء الابرار فأخذ لا يتعطف حتى على الموتى من تحت الثرى.

نعم أخذ يقصف بكل قساوة وشدة متكررا بلا أي ترحم ومروء_ة أغلب مدن ايران حتى عش آل محمد ألا وهي مدينة قم المشرفة حيث ذكرتني تلك الاحداث الجريحة المؤلمة طرفا من المصائب التي حلت بعترة رسول الله صلى الله عليه وآله في كربلاء المقدسة حيث هجم جيش ابن زياد وشمر وعمر بن سعد (وهم أهل الكوفة) على خيم أبي الاحرار وسيد الشهداء الحسين روحي له الفداء فأخذ ينادي بنفسى وامي يا آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم أنا الذي اقاتلكم وأنتم تقاتلونني والنساء ليس عليهن جناح.

فنسأل الله بحق محمد وآل محمد وبحرمة القرآن المجيد أن يوفقنا لاعلاء كلمة الحق وأن ينصرنا على أعدائنا لاحباط دولة الكفر والالحاد وإنشاء دولة إسلامية في العراق الجريح إنه خير ناصر ومعين.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21404018

  • التاريخ : 20/04/2024 - 04:01

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net