00989338131045
 
 
 
 
 
 

 من آية ( 135 - 144) 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الأول )   ||   تأليف : الميرزا محمد المشهدي

[349]

الآية 135 - 144

[ وقالوا كونوا هودا أو نصرى تهتدوا قل بل ملة إبرهم حنيفا وما كان من المشركين(135) ]

أقول: ويمكن أن يكون مراده (عليه السلام) جارية في القائم (عليه السلام)، كون الوصية والتقرير بالقائم (عليه السلام) داخلين في وصية يعقوب وتقريره لبنيه، أي وصى بنيه وقررهم بالقائم (عليه السلام) فيما أوصاه وقرره.

ويؤيد هذا التوجيه ما كتبه صاحب نهج الامامة، قال: روى صاحب شرح الاخبار بإسناده يرفعه قال: قال أبوجعفر الباقر (عليه السلام) في قوله عزوجل: " و وصى به إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا و أنتم مسلمون " بولاية على (عليه السلام)(1).

تلك: أي الامة المذكورة التي هي إبراهيم ويعقوب وبنوهما الموحدون أمة قد خلت: قد مضت.

لها ما كسبت: لا ينفعكم إلا ما كسبوا من أعمال الخير.

ولكم ما كسبتم: لا ينفعكم إلا ما كسبتم منها.

ولا تسئلون عما كانوا يعملون: لا تؤاخذون بسيئاتهم كما لا تثابون بحسناتهم، والمقصود نفي الانهار بالوائل (كذا) ونحو قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا بني هاشم لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم(2).

وقالوا كونوا هودا أو نصرى تهتدوا: أي قالت اليهود: كونوا هودا تهتدوا، وقالت النصارى: كونوا نصارى تهتدوا.

___________________________________

(1) تفسير البرهان: ج 1، ص 156، ح 2، نقلا عن ابن شهر آشوب وغيره عن صاحب شرح الاخبار.

(2) تفسير الكشاف: ج 1، ص 194، في تفسير آية 134، من سورة البقرة. (*)

[350]

[ قولوا ء_امنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبرهم و إسمعيل وإسحق ويعقوب والاسباط وما أوتى موسى و عيسى وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون(136) ]

قل بل ملة إبرهم: أي بل نكون ملة إبراهيم، أي أهل ملته، وقيل: بل نتبع ملة إبراهيم.

وقرئ بالرفع، أي ملته ملتنا، أو أمرنا ملته، أو نحن ملته بمعنى أهل ملته.

حنيفا: حال من المضاف إليه كقولك: رأيت وجه هند قائمة والحنيف: المائل عن كل دين باطل إلى دين الحق، والحنف الميل في القدمين، وتحنف إذا مال.

روى العياشي عن الصادق (عليه السلام) قال: الحنيفية، هي الاسلام(1).

وعن الباقر (عليه السلام) قال: ما أبقت الحنيفة شيئا، حتى أن منها قص شارب وقلم الاظفار والختان(2).

وما كان: إبراهيم.

من المشركين: تعريض بأهل الكتاب وغيرهم، لان كلا منهم يدعي إتباع إبراهيم وهو على الشرك.

قولوا ء_امنا بالله: خطاب للكافرين، أي قولوا: لتكونوا على الحق وإلا فأنتم على الباطل.

وكذا قوله: بل ملة إبراهيم، يجوز أن يكون على معنى بل إتبعوا أنتم ملة إبراهيم وكونوا أهل ملته.

والاظهر أن الخطاب للمؤمنين، ويؤيده ما نرويه في تأويله.

___________________________________

(1 و 2) تفسير العياشي: ج 1، ص 61، ح 103 و 104. (*)

[351]

وهو ما رواه محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان، عن سلام بن عمرة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله عزوجل: " قولوا امنا بالله وما انزل إلينا " قال: إنما عنى بذلك عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وجرت بعدهم في الائمة، ثم رجع القول من الله في الناس فقال " فإن آمنوا " يعني الناس " بمثل ما آمنتم به " يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين والائمة (عليهم السلام) " فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق " يعني الناس. انتهى(1).

ومعناه أن الله سبحانه أمر الائمة صلوات الله عليهم أن يقولوا: آمنا بالله وما بعدها، لانهم المؤمنون بما امروا به حقا وصدقا، ثم قال مخاطبا للامة يعني الناس: فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به، فقد اهتدوا بكم وبما آمنتم به، وإن تولوا فإنما هم في شقاق ومصارعة ومحاربة لك يا محمد، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم.

وما أنزل إلينا: وهو القرآن.

وما أنزل إلى إبراهيم وإسمعيل وإسحق ويعقوب والاسباط: جمع سبط، وهو الحافد، وهم حفدة يعقوب ذراري أبنائه الاثني عشر.

روى العياشي عن الباقر (عليه السلام): أنه سئل هل كان ولد يعقوب أنبياء؟ قال: لا ولكنهم كانوا أسباطا أولاد الانبياء، لم يكونوا يفارقوا الدنيا إلا سعداء تابوا وتذكروا ما صنعوا(2). والمراد بما انزل على هؤلاء الصحف.

وما أوتى موسى وعيسى: التوراة والانجيل.

وما أوتى النبيون: جملة المذكورين وغيرهم.

من ربهم: متعلق بالايتاء، وكلمة " من " إبتدائية.

لا نفرق بين أحد منهم: لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض كما فعلت اليهود

___________________________________

(1) الكافي: ج 1، ص 415، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح 19، ورواه العياشي في تفسيره: ج 1، ص 62، ح 107.

(2) تفسير العياشي: ج 1، ص 62، ح 106. (*)

[352]

[ فإن ء_امنوا بمثل ماء_امنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم(137) صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عبدون(138) قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعملنا ولكم أعملكم ونحن له مخلصون(139) ]

والنصارى، ولوقوع (أحد) في سياق النفي وعمومه أضيف إليه (بين)، وقيل: لانه في معنى الجماعة.

ونحن له مسلمون: منقادون في جميع ما أمر به ونهى عنه.

وفي الخصال: فيما علم أمير المؤمنين أصحابه: إذا قرأتم قولوا آمنا، فقولوا: آمنا إلى قوله: " مسلمون "(1).

وفي الفقيه: في وصاياه لابنه محمد بن الحنفية: وفرض على اللسان الاقرار والتعبير بما عقد عليه، فقال عزوجل: " قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا " الآية(2).

فإن_ء_امنوا: أي سائر الناس.

بمثل ماء_امنتم به: من باب التبكيت، لان دين الحق واحد لا مثل له، ولو فرض أنهم حصلوا دينا آخر مثل دينكم في الصحة والسداد فقد اهتدوا، ونظيره قولك للرجل الذي تشير عليه: هذا هو الرأي الصواب فإن كان عندك رأي أصوب منه فاعمل به، وقد علمت أنه لا أصوب من رأيك، والمراد تبكيته.

ويجوز أن يكون الباء للاستعانة، أي فإن دخلوا في الايمان بشهادة مثل

___________________________________

(1) الخصال: ج 2، ص 629، حديث الاربعمائة.

(2) الفقيه: ج 2، ص 129، باب 227 الفروض على الجوارح. (*)

[353]

شهادتكم التي آمنتم بها.

أو المثل مقحم كما في قوله: " وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله "(1) أي عليه.

وقرئ بحذفه، وقرأ ابي بالذي آمنتم به(2).

فقد اهتدوا: إلى الحق.

وإن تولوا: عما أنتم عليه.

فإنما هم في شقاق: في كفر على ما رواه الطبرسي عن الصادق (عليه السلام)(3).

وأصله المخالفة: المناواة، فإن كل واحد من المتخالفين في شق غير شق الآخر.

فسيكفيكهم الله: تسلية للمؤمنين ووعد لهم بالحفظ والنصر. وهو السميع: لاقوالكم. العليم: بنياتكم.

صبغة الله: مصدر منتصب من قوله: " آمنا به " وهي فعلة، من صبغ كالجلسة من جلس، وهي الحالة التي يقع عليها الصبغ، والمعنى تطهير الله، لان الايمان يطهر النفوس.

والاصل فيه أن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر، يسمونه المعمودية، ويقولون هو تطهير لهم، فإذا فعل الواحد منهم بولده ذلك، قال: الآن صار نصرانيا حقا فامر المسلمون بأن يقولوا لهم: قولوا: آمنا وصبغنا الله بالايمان صبغة لا مثل صبغتنا وطهرنا به لا مثل تطهيرنا، أو يقولوا: صبغنا الله بالايمان صبغته ولم يصبغ صبغتكم، فهو من باب المشاكلة، كما تقول لمن يغرس الاشجار: إغرس كما يغرس فلان، تريد رجلا يصطنع الكرام.

___________________________________

(1) سورة الاحقاف: الآية 10.

(2) تفسير الكشاف: ج 1، ص 195.

(3) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 218، في بيان معنى الآية 137، من سورة البقرة. (*)

[354]

وفسرها الصادق (عليه السلام) بالاسلام(1).

روى الشيخ محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن حسان، عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله عزوجل " صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة " قال: صبغ المؤمنين بالولاية في الميثاق(2).

وأقول: يظهر من الخبرين أن الاسلام لا يتحقق بدون الولاية، وقد ذكرنا لك مرارا ما يدلك على هذا.

ومن أحسن من الله صبغة: لا أحسن من صبغته.

ونحن له عبدون: معطوف على (آمنا بالله) وتعريض بهم، أي لا نشرك به كشرككم.

وقيل: صبغة الله بدل من " ملة إبراهيم " أو نصب على الاغراء، بمعنى عليكم صبغة الله، ويردهما هذا العطف، للزوم فك النظم، وإخراج الكلام عن التيامه.

قل أتحاجوننا في الله: قرئ اتحاجونا بإدغام النون، يعني تحاجونا في شأن الله واصطفائه النبي من العرب دونكم، وتقولون: لو أنزل الله على أحد لانزل علينا، لانا أهل الكتاب والعرب عبدة الاوثان، ونحن أسبق في النبوة، لان الانبياء كلهم كانوا منا.

وهو ربنا وربكم: لا اختصاص له بقوم دون قوم يصيب برحمته من يشاء.

ولنا أعملنا ولكم أعملكم: فلا يبعد أن يكرمنا بأعمالنا.

ونحن له مخلصون: موحدون نخلصه بالايمان والطاعة دونكم.

والحاصل أن إعطاء الكرامة إما بالتفضل وكونه ربا، أو بالعمل، أو بالاخلاص، والاولان مشتركان بيننا وبينكم، والاخير مختص بنا، فدعوتكم الاحقية ساقطة لا وجه لها، بل نحن أحق.

___________________________________

(1) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 219.

(2) الكافي: ج 1، ص 422، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح 53. (*)

[355]

[ أم تقولون إن إبرهم وإسمعيل وإسحق ويعقوب والاسباط كانوا هودا أو نصرى قل_ء_أنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهدة عنده من الله وما الله بغفل عما تعملون(140) تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون(141) ]

أم تقولون: يحتمل على قراء_ة التاء أن تكون (أم) معادلة للهمزة في (أتحاجوننا) بمعني أي الامرين يأتون للمحاجة في حكم الله أم إدعاء اليهودية والنصرانية على الانبياء، والمقصود إنكارهما والتوبيخ عليهما معا، وأن تكون منقطعة بمعنى بل تقولون، والهمزة على قراء_ة الياء لا تكون إلا منقطعة.

إن إبرهم وإسمعيل وإسحق ويعقوب والاسباط كانوا هودا أو نصرى: ولم يكونوا مسلمين.

قل_ء_أنتم أعلم أم الله: وأنه شهد لهم بالاسلام في قوله: " ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما "(1).

ومن أظلم ممن كتم شهدة عنده من الله: أي شهادة الله لابراهيم بالحنيفية، و " من " فيه كما في قولك: " هذه شهادة مني لفلان "، إذا شهدت له، والمعنى أن أهل الكتاب لا أحد أظلم منهم لانهم كتموا هذه الشهادة وهم عالمون بها، أو إنا لو كتمنا هذه الشهادة لم يكن أحد أظلم منا فلا نكتمها، أو الاعم من المعنيين، وفي الاخيرين تعريض بكتمانهم شهادة الله لمحمد (عليه السلام) بالنبوة في كتبهم، والآية تدل على كفر من كتم شهادة الله بالولاية، وعلى كفر أهل الخلاف.

___________________________________

(1) سورة آل عمران: الآية 67. (*)

[356]

[ * سيقول السفهاء من الناس ما ولهم عن قبلتهم التى كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صرط مستقيم(142) ]

وتقريره: ان نص النبي على شئ شهادة الله عليه، فكتمان نص النبي كتمان شهادة الله، وكتمان شهادة الله أشد الظلم، فهو إما الكفر أو أشد منه، وعلى كلا التقديرين يلزم المدعى.

ويدل عليه أيضا ما رواه في الفقيه عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في أثناء خبر قال: فقلت له: أرأيت من جحد الامام منكم ما حاله؟ فقال: من جحد إماما من الله وبرئ منه ومن دينه فهو كافر مرتد عن الاسلام، لان الامام من الله ودينه دين الله، ومن برئ من دين الله فهو كافر و دمه مباح في تلك الحال، إلا أن يرجع ويتوب إلى الله عزوجل مما قال(1).

وما الله بغفل عما تعملون: وعيد لهم، وقرئ بالتاء.

تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون: قيل: التكرير للمبالغة في التحذير والزجر عما استحكم في الطبائع من الافتخار بالآباء والاتكال عليهم، أو الخطاب فيما سبق لهم.

وفي هذه الآية لنا تحذير عن الاقتداء بهم. أو المراد بالامة في الاول الانبياء، وفي الثاني أسلاف اليهود والنصارى.

سيقول السفهاء من الناس: الذين خفت أحلامهم واستمهنوها بالتقليد والاعراض عن النظر، يريد المنكرين لتغيير القبلة من المنافقين واليهود والمشركين.

___________________________________

(1) كتاب الغيبة للنعماني: باب 7، ما روي فيمن شك في واحد من الائمة، ص 129، ح 3، و رواه في الوسائل: ج 18، ص 565، الباب 10، من أبواب حد المرتد، ح 38. (*)

[357]

وفائدة تقديم الاخبار، توطين النفس وإعداد الجواب، وفي المثل: قتل الرمي برأس السهم.

ما ولهم: ما صرفهم؟ عن قبلتهم التى كانوا عليها: وهي بيت المقدس.

قل لله المشرق والمغرب: بلاد الشرق والغرب، أو الارض كلها.

يهدي من يشاء إلى صرط مستقيم: وهي ما توجبه الحكمة والمصلحة من توجيههم تارة إلى بيت المقدس واخرى إلى الكعبة.

وفي تفسير الامام (عليه السلام) عند قوله عزوجل: ما ننسخ من آية أو ننسها، وفي الاحتجاج عنه (عليه السلام) أيضا قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمكة أمره الله عز وجل أن يتوجه نحو بيت المقدس في صلاته، ويجعل الكعبة بينه و بينها إذا أمكن، وإذا لم يمكن استقبل بيت المقدس كيف كان.

وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يفعل ذلك طول مقامه بها ثلاث عشرة سنة، فلما كان بالمدينة و كان متعبدا باستقبال بيت المقدس، استقبله وانحرف عن الكعبة، وكان متعبدا سبعة عشر شهرا، وجعل قوم من مردة اليهود يقولون: والله ما يدري محمد كيف يصلي حتى صار يتوجه إلى قبلتنا، ويأخذ في صلاته بهدينا ونسكنا، فاشتد ذلك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما اتصل به عنهم وكره قبلتهم وأحب الكعبة، فجاء_ه جبرئيل (عليه السلام)، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا جبرئيل لوددت لو صرفني الله عن بيت المقدس إلى الكعبة، ولقد تأذيت بما يتصل بي من قبل اليهود من قبا، فقال جبرئيل: فسل ربك أن يحولك إليها، فإنه لا يردك عن طلبتك ولا يخيبك من بغيتك، فلما استتم دعاء_ه صعد جبرئيل (عليه السلام) ثم عاد من ساعته فقال: اقرأ يا محمد " قد نرى تقلب وجهك في السماء " الآية.

فقالت اليهود عند ذلك " ما وليهم عن قبلتهم التى كانوا عليها " فأجابهم الله بأحسن جواب، فقال: " قل لله المشرق والمغرب " وهو يملكهما، وتكليفه التحول إلى جانب كتحويله لكم إلى جانب آخر، يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، هو مصلحتهم و مؤديهم بطاعته إلى جنات النعيم.

[358]

وجاء قوم من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا محمد هذه القبلة بيت المقدس قد صليت إليها أربع عشرة سنة ثم تركتها، أفحقا كان ما كنت عليه، فقد تركته إلى باطل فإن ما يخالف الحق فهو باطل، أو كان باطلا فقد كنت عليها طول المدة، فلا يؤمننا أن تكون الآن على باطل؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بل كان ذلك حقا وهذا حق، يقول الله تعالى: " قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " إذا عرف صلاحكم يا أيها العباد في استقبال المشرق أمركم به، وإذا عرف صلاحكم في إستقبال المغرب أمركم به، وإن عرف صلاحكم في غيرهما أمركم به، فلا تنكروا تدبير الله تعالى في عباده وقصده إلى مصالحكم.

ثم قال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): لقد تركتم العمل يوم السبت ثم عملتم به في سائر الايام ثم تركتموه في السبت ثم عملتم بعده، أفتركتم الحق إلى الباطل، أو الباطل إلى حق، أو الباطل إلى باطل، أو الحق إلى الحق، قولوا: كيف شئتم فهو قول محمد وجوابه لكم، قالوا: بل ترك العمل في السبت حق والعمل بعده حق، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فكذلك قبلة بيت المقدس في وقته حق، ثم قبلة الكعبة في وقتها حق، فقالوا يا محمد: فبدا لربك فيما كان أمرك به بزعمك من الصلاة إلى بيت المقدس وحين نقلك إلى الكعبة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما بدا له عن ذلك فإنه العالم بالعواقب والقادر على المصالح، لا يستدرك على نفسه غلطا ولا يستحدث رأيا بخلاف المتقدم جل عن ذلك، ولا يقع عليه أيضا مانع يمنعه عن مراده، وليس يبدو إلا لمن كان هذا صفته، وهو جل وعز يتعالى عن هذه الصفات علوا كبيرا.

ثم قال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيها اليهود أخبروني عن الله أليس يمرض ثم يصح ويصح ثم يمرض، أبدا له في ذلك؟ أليس يحيي ويميت، أبدا له في كل واحد من ذلك؟ قالوا: لا، قال: فكذلك الله تعبد نبيه بالصلاة إلى الكعبة بعد أن كان تعبد بالصلاة إلى بيت المقدس، وما بدا له في الاول.

قال: أليس الله يأتي بالشتاء في أثر الصيف والصيف بعد الشتاء، أبدا له في كل واحد من ذلك؟

[359]

قالوا: لا، قال: فكذلك لم يبد له في القبلة، ثم قال: أليس قد ألزمكم في الشتاء أن تحترزوا من البرد بالثياب الغليظة، وألزمكم في الصيف أن تحترزوا من الحر، فبدا له في الصيف حتى أمركم بخلاف ما كان أمركم في الشتاء؟ قالوا: لا فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فكذالكم الله في تعبدكم في وقت لصلاح يعلمه بشئ، ثم تعبده في وقت آخر لصلاح آخر يعلمه بشئ آخر، فإذا أطعتم الله في الحالين استحققتم ثوابه، وأنزل الله " ولله المشرق والمغرب فاينما تولوا فثم وجه الله " إذا توجهتم بأمره فثم الوجه الذي تقصدون منه الله وتأملون ثوابه.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عباد الله أنتم المرضى والله رب العالمين كالطبيب، وصلاح المريض فيما يعلمه الطبيب ويدبره، لا فيما يشتهيه و يقترحه، ألا فسلموا لله أمره تكونوا من الفائزين(1) انتهى. وهذا الخبر كما ترى يدل على نفي البداء لله تعالى.

وقد روى محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: ما بعث الله نبيا إلا بتحريم الخمر، وأن يقر لله بالبداء(2). فوقع التنافي بين الخبرين.

وقد روي عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال: لو علم الناس ما في القول بالبداء من الاجر ما فروا عن الكلام فيه(3).

فينبغي التكلم في الجمع بين الخبرين فأقول: البداء له معنيان:

___________________________________

(1) تفسير الامام العسكري (عليه السلام): ص 201، في تفسير قوله تعالى: " ما ننسخ من آية " الآية.

وفي احتجاج الطبرسي: ج 1، ص 40، احتجاجه (صلى الله عليه وآله وسلم) على اليهود في جواز نسخ الشرائع وفي غير ذلك.

(2) الكافي: ج 1، ص 148، كتاب التوحيد، باب البداء، ح 15.

(3) الكافي: ج 1، ص 148، كتاب التوحيد، باب البداء، ح 12. (*)

[360]

الاول: أن يبدو له رأي غير الرأي الاول، لمفسدة في الرأي الاول، أو لمحمدة في الرأي الثاني لم يعلم به سابقا. وهو بهذا المعنى منفي عنه تعالى عن ذلك علوا كبيرا، وهو المرادفي الخبر الاول.

والثاني: أن يكون في علمه السابق أن الصلاح في وقت معين في الفعل الفلاني، وإذا جاز ذلك الوقت فالمصلحة في الشئ الفلاني، وكان في علمه السابق تغيير ذلك الشئ إذا جاء وقته.

أو كان مقررا في علمه السابق أن زيدا إن لم يعمل بالخيرات مات في وقت كذا، وإن عمل مات في وقت بعده مع علمه بوقوع أحدهما، لكن كان ذلك العلم مخزونا عنده لا يبديه لاحد من ملائكته وأنبيائه وأئمته.

والبداء إنما يكون بهذا المعنى، فالبداء في الحقيقة في علم الملك أو النبي أو الامام، بمعنى الظهور لاحدهم غير ما ظهر لهم أولا، لا في علمه تعالى بذلك المعنى، وهو المراد حيث اثبت له البداء، تعالى الله عما يقول الظالمون.

ويؤيد هذا المعنى ما رواه محمد بن يعقوب، عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبدالله، عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: العلم علمان: فعلم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه، وعلم علمه ملائكته ورسله.

فما علمه ملائكته ورسله فإنه سيكون لا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله، وعلم عنده مخزون يقدم منه ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء ويثبت ما يشاء(1).

وأيضا قد روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: إن لله علمين: علم مكنون مخزون لا يعلمه إلا هو، من ذلك يكون البداء، وعلم علمه ملائكته ورسله وأنبياء_ه، فنحن نعلمه(2).

* * *

___________________________________

(1) الكافي: ج 1، ص 147، كتاب التوحيد، باب البداء، ح 6.

(2) الكافي: ج 1، ص 147، كتاب التوحيد، باب البداء، ح 8. (*)

[361]

[ وكذلك جعلنكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التى كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله و ما كان الله ليضيع إيمنكم إن الله بالناس لرء_وف رحيم(143) ]

وكذلك جعلنكم أمة: اي مثل ذلك الجعل العجيب جعلناكم امة. روى الصدوق: يعني أئمة(1).

وسطا: أي خيارا، وقيل للخيار وسط، لان الاطراف يتسارع إليها الخلل.

وقال الصدوق: أي عدلا وواسطة بين الرسول والناس(2).

لتكونوا شهداء على الناس: يعني يوم القيامة.

ويكون الرسول عليكم شهيدا: روي في التفاسير أن الامم يوم القيامة يجحدون بتبليغ الانبياء، فيطالب الله الانبياء بالبينة على أنهم قد بلغوا وهو أعلم، فيؤتى بامة محمد (صلى الله عليه وآله) فيشهدون، فتقول الامم: من أين عرفتم؟ فيقول: علمنا ذلك بإخبار الله في كتابه الناطق على لسان نبيه الصادق، فيؤتى بمحمد (صلى الله عليه وآله) فيسأل عن حال امته، فيزكيهم ويشهد بعدالتهم، و ذلك قوله: " فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا(3).

___________________________________

(1 و 2) تفسير القمي: ج 1، ص 63، قال: وأما قوله: " وكذلك جعلناكم امة وسطا "، يعني أئمة وسطا، أي عدلا وواسطة بين الرسول والناس.

(3) تفسير الكشاف: ج 1، ص 199. (*)

[362]

وفي الكافي(1)، والعياشي: عن الباقر (عليه السلام): نحن الامة الوسط ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه وسمائه(2) وفي حديث ليلة القدر: عنه، عن علي (عليه السلام) وأيم الله لقد قضي الامر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف، ولذلك جعلهم شهداء على الناس يشهد محمد (صلى الله عليه وآله) ونشهد على شيعتنا، ويشهد شيعتنا على الناس(3).

وروى الحسكاني في شواهد التنزيل: بإسناده عن سليم بن قيس عن علي (عليه السلام): إن الله تعالى إيانا عني بقوله: " لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " فرسول الله شاهد علينا، ونحن شهداء الله على خلقه وحجته في أرضه، ونحن الذين قال الله: " وكذلك جعلناكم امة وسطا "(4).

وروى العياشي عن الباقر (عليه السلام) أنه قال (عليه السلام): نحن نمط الحجاز، قيل: وما نمط الحجاز؟ قال: أوسط الانماط، إن الله يقول: وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول شهيدا عليكم، قال: ولا يكون شهداء على الناس إلا الائمة (عليهم السلام)، فأما الامة فإنه غير جائز أن يشهدها الله وفيهم من لا تجوز شهادته في الدنيا على حزمة بقل(5). وما جعلنا القبلة التى كنت عليها: هي بيت المقدس، أى غيرناه إلى الكعبة.

وقيل: هي الكعبة، لان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يصلي بمكة إلى الكعبة، ثم امر بالصلاة إلى صخرة بيت المقدس بعد الهجرة تألفا لليهود، ثم حول إلى

___________________________________

(1) الكافي: ج 1، ص 190، باب في أن الائمة شهداء على الناس، ح 2.

(2) تفسير العياشي: ج 1، ص 62، ح 11.

(3) الكافي: ج 1، ص 366، باب في شأن انا انزلناه في ليلة القدر، قطعة من ح 7.

(4) شواهد التنزيل: ج 1، ص 92، ومما نزل فيهم (عليهم السلام) " وكذلك جعلناكم امة وسطا " ح 129، ورواه في مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 224.

(5) تفسير العياشي: ج 1، ص 63، ح 111، وفيه بعد قوله تعالى: " وكذلك جعلناكم امة وسطا " ما لفظه، قال: ثم قال: إلينا يرجع القالي وبنا يلحق التالي. وأما بقية الحديث الذي أورده المصنف قدس سره فهو مضمون الحديث 114، في تفسير العياشي فلاحظ. (*)

[363]

الكعبة، وينافيه ما رويناه سابقا من أنه (عليه السلام) كان يصلي بمكة إلى بيت المقدس.

إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه: يرتد عن دينه، إلفا لقبلة آبائه.

وذلك أن هوى أهل المدينة كان في بيت المقدس، فأمرهم بمخالفته، ليبين من يوافق محمدا فيما يكرهه، وقال (لنعلم) ولم يزل عالما بذلك، إما لان المراد ليعلم رسول الله والمؤمنون، والاسناد إلى ذاته لانهم خواصه، أو لان المراد ليتميز التابع من الناكص بوضع العلم موضع التميز، لان العلم يقع به التميز، أو لان المراد لنعلم علما يتعلق به الخبر، أو هو أن يعلمه موجودا حاصلا.

والاخير مروي في التفسير المنسوب إلى الامام(1) وفي الاحتجاج أيضا(2).

وإن كانت: إن هي المخففة التي تلزمها اللام الفارقة، والضمير في كانت للصلاة إلى بيت المقدس، أو لما دل عليه قوله " وما جعلنا القبلة " من الردة أو التحويلة أو الجعلة.

لكبيرة: لثقيلة شاقة إلا على الذين هدى الله، وعرف أن الله يتعبد بخلاف ما يريده المرء، ليبتلي طاعته في مخالفة هواه.

وفي الكشاف: أنه يحكى عن الحجاج أنه قال للحسن: ما رأيك في أبي تراب؟ فقرأ قوله: إلا على الذين هدى الله: ثم قال: وعلي منهم وهو ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وختنه على ابنته وأقرب الناس إليه وأحبهم(3).

وما كان الله ليضيع إيمنكم: أي صلاتكم.

___________________________________

(1) تفسير الامام العسكري (عليه السلام): ص 202، قال: ولما قال الله عزوجل: وما جعلنا القبلة التي كنت عليها، وهي بيت المقدس، إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه إلا لنعلم ذلك منه موجودا بعد أن علمناه سيوجد.

(2) وفي الاحتجاج: ص 42، في احتجاجه (صلى الله عليه وآله) على اليهود في جواز نسخ الشرائع مثله.

(3) الكشاف: ج 1، ص 201، في تفسير آية 143، من سورة البقرة. (*)

[364]

[ قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغفل عما يعملون(144) ]

روى العياشي عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن الايمان أقول هو وعمل، أم قول بلا عمل؟ فقال: الايمان عمل كله والقول بعض ذلك العمل مفترض من الله مبين في كتابه، واضح نوره ثابتة حجته، يشهد له بها الكتاب و يدعو إليه، ولما أن صرف نبيه إلى الكعبة عن بيت المقدس قال المسلمون للنبي (صلى الله عليه وآله): أرأيت صلاتنا التي كنا نصلي إلى بيت المقدس ما حالنا فيها، وحال من مضى من أمواتنا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله: " وما كان الله ليضيع إيمانكم " فسمى الصلاة إيمانا، فمن لقي الله حافظا لجوارحه، موفيا كل جارحة من جوارحه ما فرض الله عليه لقي الله مستكملا لايمانه وهو من أهل الجنة، ومن خان في شئ منها وتعدى ما أمر الله فيها لقي الله ناقص الايمان(1). وقرئ ليضيع بالتشديد.

إن الله بالناس لرء_وف: لا يضيع أجورهم.

رحيم: لا يترك ما يصلحهم.

قد نرى: ربما نرى، وأصل الرؤية إدراك الشئ بالبصر، ويستعمل بمعنى العلم.

تقلب وجهك في السماء: تردده تطلعا على الوحي، في موضع مفعولي

___________________________________

(1) تفسير العياشي: ج 1، ص 63، ح 115. (*)

[365]

(نرى) أو هو مما لمفعول واحد.

وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقع في روعه ويتوقع من ربه أن يحوله إلى الكعبة، لانها قبلة إبراهيم (عليه السلام) وأقدم القبلتين، وأدعى للعرب إلى الايمان، ولمخالفة اليهود، وذلك على كمال أدبه حيث انتظر ولم يسأل.

فلنولينك قبلة: فلنمكننك من استقبالها، من قولك: وليته كذا، إذا صيرته واليا له، أو فلنحولنك إلى جهتها.

ترضها: تحبها وتتشوق إليها لمقاصد دينية وافقت مشيتة الله تعالى وحكمه.

والرضا والمحبة نظيران، ويظهر الفرق بأن ضد المحبة: البغض وضد الرضا: السخط.

فول وجهك شطر المسجد الحرام: أي نحوه.

قال الشاعر:

وقد أظلكم من شطر ثغركم *** هول له ظلم يغشاكم قطعا(1) -

أي من نحو ثغركم وتلقائه.

وقيل: جانبه، لان الشطر لما انفصل عن الشئ، من شطر إذا انفصل، ودار شطورة أي منفصلة عن الدور، ثم استعمل لجانبه، وإن لم ينفصل كالقطر.

وقيل: شطر الشئ نصفه، من شطرت الشئ جعلته نصفين. و " الحرام " المحرم كالكتاب بمعنى المكتوب، والحساب بمعنى المحسوب. أي محرم فيه القتال، أو ممنوع من الظلمة أن يتعرضوه.

وذكر (المسجد) دون الكعبة، لان البعيد يكفيه مراعاة الجهة، بخلاف القريب.

والنبي (صلى الله عليه وآله) كان حينئذ في المدينة بعد أن صلى إلى بيت المقدس سته عشر شهرا، ثم وجه إلى الكعبة في رجب بعد الزوال قبل قتال بدر

___________________________________

(1) قائله لقيط الايادي على ما قاله الفخر الرازي في التفسير الكبير: ج 4، ص 112، وضبط في المصراع الاول (شعركم) بدل (ثغركم) واستشهد به في مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 226، وفي الجامع لاحكام القرآن للقرطبي: ج 2، ص 159، وفي تفسير البحر المحيط لابي حيان من دون تعرض لقائله. (*)

[366]

بشهرين، وقد صلى بأصحابه في مسجد بني سلمة ركعتين من الظهر، فتحول في الصلاة، واستقبل الميزاب وتبادل الرجال والنساء صفوفهم، فسمي المسجد مسجد القبلتين.

وحيث ما كنتم: في الارض في بر أو بحر أو سهل أو جبل في بيت المقدس وفي غيره.

فولوا وجوهكم شطره: تخصيص الخطاب بالنبي أولا، تعظيمه (عليه السلام)، والتصريح بعموم الحكم.

وفيه تأكيد لامر القبلة وتحضيض للامة على المتابعة وسلوك طريق الاسترواح والرفق بالمأمورين.

وإن الذين أوتوا الكتب: علماء اليهود، وقيل: هم والنصارى.

ليعلمون أنه: أي التحويل أو التوجيه.

الحق من ربهم: لانه كان في بشارة الانبياء لهم أن يكون نبي في صفاته كذا وكذا، وكان في صفاته أن يصلي إلى القبلتين.

وما الله بغفل عما يعملون: وعد للمطيعين ووعيد لغيرهم. وقرئ بالتاء.

قال ابن عباس: أول ما نسخ من القرآن فيما ذكر لنا من شأن القبلة(1)، وقال قتادة: نسخت هذه الآية ما قبلها(2). والاقوى أنه مما نسخ السنة بالقرآن كما قاله جعفر بن مبشر، لانه ليس في القرآن ما يدل على التعبد بالتوجه إلى بيت المقدس.

ومن قال: نسخت قوله: " فأينما تولوا فثم وجه الله "(3)، ففيه أن هذه الآية عندنا مخصوصة بالنوافل في حال السفر، روي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام)(4) وليست مخصوصة، واختلف في صلاة النبي إلى بيت المقدس، فقال قوم: كانت صلاته (عليه السلام) بمكة إلى الكعبة فلما هاجر إلى المدينة امر بالصلاة إليه ثم حول إلى

___________________________________

(1 و 2) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 227.

(3) سورة البقرة: الآية 115.

(4) لاحظ الوسائل: ج 3، ص 242، كتاب الصلاة، الباب 15 من أبواب القبلة، أحاديث 18 و 19 و 23. (*)

[367]




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21336298

  • التاريخ : 28/03/2024 - 21:28

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net