00989338131045
 
 
 
 
 
 

 من آية ( 42 - 50 )  

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير كنز الدقائق ( الجزء الأول )   ||   تأليف : الميرزا محمد المشهدي

الآية: 42 - 50

[ ولا تلبسوا الحق بالبطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون(42) وأقيموا الصلوة وء_اتوا الزكوة واركعوا مع الركعين(43) أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتب أفلا تعقلون(44) واستعينوا بالصبر والصلوة وإنها لكبيرة إلا على الخشعين(45) ]

وإيى فارهبون: فلا تنقضوا عهدي.

وء_امنوا بما أنزلت: من القرآن.

مصدقا لما معكم: من التوراة والانجيل وغيرهما.

ولا تكونوا أول كافر به: أول فوج كفر به.

ولا تشتروا: لا تستبدلوا.

بايتى ثمنا قليلا: من الرئاسة التي تخافون أن تفوت عنكم باتباع محمد، والشئ الذي تأخذونه من رعاياكم على تحريف الكلم وتسهيل ما صعب عليهم من الشرائع.

وإيى فاتقون * ولا تلبسوا الحق بالبطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون وأقيموا الصلوة: أي صلاة المسلمين.

وء_اتوا الزكوة: زكاتهم.

واركعوا مع الركعين: منهم، لان اليهود لا ركوع في صلاتهم.

أتأمرون الناس: من أقاربكم في الخفية.

بالبر: اتباع محمد.

وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتب أفلا تعقلون واستعينوا: في حوائجكم.

[238]

[ الذين يظنون أنهم ملقوا ربهم وأنهم إليه رجعون(46) يبنى إسرء_يل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم وأنى فضلتكم على العلمين(47) واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون(48) ]

بالصبر: أي الصوم.

والصلوة: أي الصلاة.

وإنها لكبيرة إلا على الخشعين * الذين يظنون أنهم ملقوا ربهم وأنهم إليه رجعون * يبنى إسرء_يل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم: التكرير للتوكيد، وتذكير التفضيل الذي هو أجل النعم خصوصا، والربط بالوعيد الشديد تخويفا لمن غفل عنها وأخل بحقوقها.

وأنى فضلتكم: نصب عطف على نعمتي، أي وتفضيلي.

على العلمين: أي عالمي: المراد تفضيل آبائهم الذين كانوا في عصر موسى (عليه السلام) وبعده قبل أن يغيروا بما منحهم الله من العلم والايمان والعمل الصالح وجعلهم أنبياء وملوكا مقسطين.

ويحتمل أن يكون المعنى على الجم الغفير من الناس، كقوله: " باركنا فيها للعالمين "(1) يقال: رأيت عالما من الناس، يراد الكثرة، فعلى هذا لا يستقيم ما قيل إن في الآية دلالة على تفضيل البشر على الملك.

واتقوا يوما: فيه مجاز عقلي، أي ما فيه من الحساب والعذاب، والتنكير للتفخيم.

___________________________________

(1) سورة الاعراف: الآية 137، وسورة الانبياء: الآية 71 و 81. (*)

[239]

لا تجزى نفس عن نفس شيئا: أي لا تقضي عنها شيئا من الحقوق، فيكون (شيئا) مفعولا به، أو لا تجزي عنها شيئا من الجزاء، أي قليلا منه، فيكون نصبا على المصدر، كقوله " ولا تظلمون شيئا "(1).

وقرئ (لا تجزء) من أجزأ عنه، إذا أغنى، وعلى هذا تعين أن يكون مصدرا، أي شيئا من الاغناء، وقرئ " لا تجزي نسمة عن نسمة شيئا ". وتنكير الشئ مع النفيين، للاقناط الكلي والتعميم.

والجملة في محل النصب صفة ليوما، والعائد محذوف، والتقدير لا تجزي فيه، و إن لم نجور حذف يقال: اتسع فيه، فحذف الجار أولا، واجري مجرى المفعول، ثم حذف كما حذف من قوله:

كتبت إليهم كتابا مرارا *** فلم يرجع إلى منهم جواب

فما أدري أغيرهم تناه *** وطول العهد أم مال أصابوا(2)

أي اصابوه.

ولا يقبل منها شفعة: من الشفع، فإن المشفوع كان فردا، فجعله الشفيع زوجا بضم نفسه إليه.

وقرأ ابن كثير وأبوعمرو: ولا تقبل بالتاء.

ولا يؤخذ منها: أي من النفس الثانية العاصية، أو الاولى.

عدل: المراد به الفدية، وقيل: مطلق البدل، وأصله التسوية، سميت به الفدية، لانها سويت بالمفدى، والمقصود بالآية: نفي أن يدفع العذاب أحد عن أحد من كل وجه محتمل، فانه إما أن يكون قهرا أو غيره، والاول النصرة، والثاني إما أن يكون مجانا أو غيره، والاول أن يشفع له، والثاني إما بأداء ما كان عليه وهو أن

___________________________________

(1) سورة البقرة: الآية 279.

(2) وقد استشهد به البيضاوي: ج 1، ص 55، ولم يسم قائله، قال عند تفسيره للآية: ومن لم يجوز حذف العائد المجرور قال: اتسع فيه، فحذف عنه الجار واجري مجرى المفعول به، ثم حذف كما حذف من قوله: أم مال أصابوا. (*)

[240]

[ وإذ نجينكم من_ء_ال فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناء_كم ويستحيون نساء_كم وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم(49) وإذ فرقنا بكم البحر فأنجينكم وأغرقنا ء_ال فرعون وأنتم تنظرون(50) ]

يجزي عنه، أو بغيره وهو أن يعطي عنه عدلا.

ولا هم ينصرون: الضمير يرجع إلى النفوس الكثيرة التي دلت عليها النفس الثانية المنكرة الواقعة في سياق النفي.

والنضرة: أخص من المعونة، لاختصاصها بدفع الضرر.

واستدلت المعتزلة بهذه الآية على نفي الشفاعة لاهل الكبائر قال البيضاوي: واجيب بأنها مخصوصة بالكفار، للآيات والاحاديث الواردة في الشفاعة، قال: ويؤيده أن الخطاب معهم، والآية نزلت ردا لما كانت اليهود تزعم أن آباء_هم تشفع لهم(1).

أقول: الآية يحتمل أن تكون مخصصة للآيات والاحاديث الواردة في الشفاعة الدالة على عمومها، كما أن كون الخطاب معهم يحتمل أن يكون مؤيدا للتخصيص بالكفار، فلا يتم الاستدلال من الجانبين، فتأمل.

وإذ نجينكم: عطف على نعمتي، كعطف جبرئيل وميكائيل على الملائكة، فصل بعد الاجمال في قوله: " نعمتي " لانه أوقع وأمكن في النفس. وقرئ (نجيناكم) و (أنجيتكم).

من_ء_ال فرعون: أصل (آل) أهل، لان تصغيره اهيل، اعل وخص استعماله

___________________________________

(1) تفسير البيضاوي: ج 1، ص 55. (*)

[241]

بالاضافة إلى اولي الخطر كالانبياء والملوك.

قال الكسائي: سمعت أعرابيا يقول: آل واؤيل وأهل وأهيل، فأصله أء_ل بالهمزة(1).

وفرعون: لقب لمن ملك العمالقة، ككسرى لملك الفرس وقيصر لملك الروم، ولقبوا الفراعنة، اشتق منه تفرعن الرجل، إذا عتى وتجبر.

قال البيضاوي: وكان فرعون موسى: مصعب بن ريان، وقيل اسمه وليد من بقايا عاد، وفرعون يوسف (عليه السلام) ريان وكان بينهما أكثر من أربعمائة سنة(2).

يسومونكم: أي يبغونكم، يقال: سامه خسفا، إذا أولاه ظلما، أي أصابه إياه، وأصل السوم الذهاب في طلب الشئ.

سوء العذاب: أي أفظعه، فإنه قبيح بالاضافة إلى سائره، يقال: أعوذ بالله من سوء الخلق وسوء الفعل، يراد قبيحهما، والسوء مصدر ساء يسوء، ونصبه على المفعول ل_(يسومونكم) والجملة حال من الضمير في أنجيناكم، أو من آل فرعون، أو منهما.

يذبحون أبناء_كم ويستحيون نساء_كم: بيان ل_(يسومونكم) ولذلك فصل، وقرئ بالتخفيف.

وإنما فعلوا بهم ذلك، لان فرعون رأى في المنام، أو قال له الكهنة: سيولد منهم من يذهب بملكه، فلم يرد اجتهادهم من قدر الله شيئا، ويستحيون نساء_هم، أي يبقونهن طلبا لحياتهن ويتخذوهن إماء، وزعم بعضهم أنه من طلب الحياء، أي الفرج، أي ينظرن هل هن حبالى أم لا.

وفى ذلكم بلاء: محنة إن اشير بذلك إلى صنعهم، ونعمة إن اشير به إلى الانجاء وأصله الاختبار، لكن لما كان إختبار الله عباده تارة بالنعمة، وتارة

___________________________________

(1) تفسير روح المعاني: ج 3، ص 253.

(2) تفسير البيضاوي: ج 1، ص 55. (*)

[242]

بالمحنة، أطلق عليهما، ويجوز أن يشار بذلك إلى الجملة، ويراد به الامتحان الشائع بينهما.

من ربكم: بتسليطهم عليكم، أو ببعث موسى وتوفيقه لتخليصكم، أو بهما.

عظيم: صفة بلاء.

وفي الآية إشعار بأنه قد يكون إصابة العبد بالخير والشر من اختبار الله سبحانه العبد، فيجب أن لا يغتر بما أنعم عليه فيطغى، ولا ييأس من روح الله بما ضيق عليه فيعيش ضنكا، وأن يكون دائما راجيا خائفا مستشعرا لما اريد منه.

قال البيضاوي: وفي الآية تنبيه على أن ما يصيب العبد من خير أو شر اختبار من الله، فعليه أن يشكر على مساره ويصبر على مضاره، ليكون من خير المختبرين(1). ولا يخفى عليك أنه إنما يصح بناء على قاعدة كسب الاعمال، وقد أبطلناها في مقامها، مع أنه ينافي ما سبقها من إسناد الذبح والاستحياء إلى آل فرعون، والله أعلم بحقائق الامور.

وإذ فرقنا بكم البحر: فصلنا بين بعضه وبعضه حتى حصلت فيه مسالك بسلوككم فيه، أو بسبب إنجائكم، أو متلبسا بكم. والفرق هو الفصل بين الشيئين، بالفتح مصدر، وبالكسر الطائفة من كل شئ. والبحر، يسمى بحرا لاستبحاره، وهو سعته وانبساطه. وقرأ الزهري في الشواذ على بناء التكثير، لان المسالك كانت اثني عشر بعدد الاسباط.

فأنجينكم وأغرقنا: الغرق: الرسوب في الماء، والنجاة: ضد الغرق، كما أنها ضد الهلاك.

ء_ال فرعون: أراد به فرعون وقومه، واقتصر على ذكرهم للعلم بأنه كان أولى

___________________________________

(1) تفسير البيضاوي: ج 1، ص 56. (*)

[243]

به، وقيل: شخصه، كما يقال: اللهم صل على آل محمد، أي شخصه، واستغنى بذكره عن أتباعه.

والاحسن فيه أنه من باب راكب الناقة طليحان، اعتبارا للمضاف والمضاف إليه، أي هو والناقة.

وأنتم تنظرون: ذلك، أو غرقهم، أو انفلاق البحر عن طرق يابسة، أو جثثهم التي قذفها البحر إلى الساحل، أو ينظر بعضكم بعضا.

ذكر الشيخ الطبرسي في تفسيره عن ابن عباس: أن الله تعالى أوحى إلى موسى أن يسري ببني إسرائيل من مصر، فسرى موسى (عليه السلام) بهم ليلا، فاتبعهم فرعون في ألف الف حصان سوى الاناث، وكان موسى في ستمائة ألف و عشرين ألفا، فلما عاينهم فرعون قال: إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون و إنا لجميع حاذرون فسرى موسى بهم حتى هجموا على البحر، فالتفتوا فإذا هم برهج(1) دواب فرعون، فقالوا: يا موسى، أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا، هذا البحر أمامنا، وهذا فرعون قد رهقنا بمن معه، فقال موسى: عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الارض فينظر كيف تعملون فقال له يوشع بن نون: بم امرت؟ قال: امرت أن أضرب بعصاي البحر، قال: اضرب، وكان الله تعالى أوحى إلى البحر: أن أطع موسى إذا ضربك، فبات البحر له إفكل، أي رعدة، لا يدري في أي جوانبه يضربه، فضرب بعصاه البحر فانفلق، وظهر اثنا عشر طريقا، فكان لكل سبط طريق يأخذون فيه، فقالوا: إنا لا نسلك طريقا نديا، فأرسل الله ريح الصبا حتى جففت الطريق كما قال: فاضرب لهم طريقا يبسا، فجروا فيه، فلما أخذوا في الطريق قال بعضهم لبعض: مالنا لا نرى أصحابنا، فقالوا لموسى: أين أصحابنا؟ فقال: في طريق مثل طريقكم، فقالوا: لا نرضى حتى نراهم.

فقال موسى: اللهم أعني على أخلاقهم السيئة، فأوحى إليه أن فل بعصاك هكذا وهكذا يمينا وشمالا، فأشار بعصاه يمينا وشمالا فظهر كالكوة ينظر منها بعضهم إلى بعض، فلما انتهى فرعون إلى ساحل البحر وكان على فرس حصان

___________________________________

(1) الرهج: ما اثير من الغبار. (*)




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21338460

  • التاريخ : 29/03/2024 - 10:59

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net