00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة الحديد 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير شبر   ||   تأليف : العلامة المحقق الجليل السيد عبدالله شبر

سورة الحديد

 (57) سورة الحديد ثمان أو تسع وعشرون آية (28 - 29) مدنية

بسم الله الرحمن الرحيم

(سبح لله ما في السموات والأرض) نزهه كل شيء نطقا أو حالا عما لا يليق به (وهو العزيز الحكيم) حال يؤذن بموجب التسبيح.

(له ملك السموات والأرض يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير).

[503 ]

(هو الأول) السابق لكل الموجودات بلا ابتداء (والآخر) الباقي بعد فنائها بلا انتهاء (والظاهر) بكثرة الدلائل على وجوده أو الغالب على كل شيء (والباطن) من إدراك العقول حقيقة ذاته أو العالم بباطن كل شيء (وهو بكل شيء عليم).

(هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام) في قدرها (ثم استوى على العرش) بالتدبير (يعلم ما يلج في الأرض) كالموتى (وما يخرج منها) كالنبات (وما ينزل من السماء) كالوحي (وما يعرج فيها) كالعمل (وهو معكم) بالعلم (أين ما كنتم والله بما تعملون بصير) فيجازيكم به.

(له ملك السموات والأرض وإلى الله ترجع الأمور).

(يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) يدخل كلا منهما في الآخر (وهو عليم بذات الصدور) بسرائرها.

(ءامنوا بالله ورسوله وأنفقوا) في سبيله (مما جعلكم مستخلفين فيه) من المال الذي استخلفكم في التصرف فيه (فالذين ءامنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير) على إيمانهم وإنفاقهم.

(وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم) حال من واو تؤمنون (وقد أخذ) أي الله وقرىء ببناء المفعول (ميثاقكم) بالإيمان بنصب الأدلة والتمكين من النظر (إن كنتم مؤمنين).

(هو الذي ينزل على عبده ءايات بينات ليخرجكم) أي الله أو عبده (من الظلمات) الكفر (إلى النور) الإيمان (وإن الله بكم لرءوف رحيم) حيث بعث الرسول ونصب الأدلة.

(وما لكم) أي شيء لكم في (ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السموات والأرض) يرثهما وما فيهما وتصير إليه أموالكم فقدموا لأنفسكم منها بل إن صدقتم في محبتها فخذوها معكم وأرسلوها أمامكم بالإنفاق فإنها ذخر مذخور لا أن تبقوها بعدكم لغيركم المهنى وعليكم الوزر (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح) لمكة (وقاتل) وقسيمه ومن أنفق بعده وحذف لظهوره ودلالة ما بعده (أولئك أعظم درجة) عليه لسبقهم عند مس الحاجة وقوة يقينهم لضعف الإسلام حينئذ (من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا) أي من بعد الفتح (وكلا وعد الله الحسنى) أي وعد كلا من الصنفين المثوبة الحسنى أي الجنة (والله بما تعملون خبير) فيجازيكم به.

(من ذا الذي يقرض الله) أي ينفق ماله في سبيله (قرضا حسنا) اقتراضا خالصا لوجهه أو مقرضا حلالا طيبا (فيضاعفه له وله) مع المضاعفة (أجر كريم) كثير النفع والخير.

(يوم ترى المؤمنين والمؤمنات

[504 ]

يسعى نورهم) الذي يهتدون به إلى الجنة (بين أيديهم وبأيمانهم) إذ بها يعطون كتبهم وهو أمارة نجاتهم ويقال لهم (بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم) الظفر بالبغية.

(يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين ءامنوا انظرونا) انظروا إلينا فإنهم إذا نظروا إليهم استضاءوا بنور قدامهم، أو انتظرونا لأنهم يمضون إلى الجنة كالبرق الخاطف وقرىء بهمزة وكسر الظاء أي أمهلونا (نقتبس) نأخذ قبسا (من نوركم قيل) لهم تهكما بهم (ارجعوا وراءكم) إلى المحشر حيث أعطينا النور (فالتمسوا نورا) أو إلى الدنيا فاطلبوه بالإيمان والطاعة (فضرب بينهم) بين الفريقين (بسور) بحائط (له باب باطنه) باطن السور أو الباب (فيه الرحمة) بالجنة للمؤمنين (وظاهره من قبله) من جهته (العذاب) بالنار للمنافقين.

(ينادونهم ألم نكن معكم) أي موافقين لكم ظاهرا (قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم) بالنفاق (وتربصتم) بالمؤمنين الدوائر (وارتبتم) وشككتم في الدين (وغرتكم الأماني) الآمال الطوال (حتى جاء أمر الله) بالموت (وغركم بالله الغرور) الشيطان أو الدنيا.

(فاليوم لا يؤخذ) بالياء والتاء (منكم فدية) فداء (ولا من الذين كفروا) علانية (مأواكم النار هي مولاكم) أولى بكم (وبئس المصير) هي.

(ألم يأن) أما حان (للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله) قيل لما قدم الصحابة المدينة أصابوا نعمة وريفا فتغيروا عما كانوا عليه فنزلت (وما نزل من الحق) عطف لأحد وصفي القرآن على الآخر (ولا يكونوا) عطف على تخشع أو نهي (كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد) المدة بطول أعمارهم أو ما بينهم وبين أنبيائهم (فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) خارجون عن دينهم.

(اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها) تذكير بالبعث حثا على الخشوع وزجرا عن القسوة أو تمثيلا لإحياء الذكر للقلوب الميتة بالقسوة (قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون) تتأملوها بقلوبكم.

(إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم) مر تفسيره.

(والذين ءامنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون) المبالغون في الصدق أو التصديق (والشهداء) القائمون بالشهادة لله أو على الأمم (عند ربهم لهم أجرهم ونورهم) الموعودان (و الذين كفروا وكذبوا

[505 ]

بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم) الملازمون لها.

(اعلموا أنما الحيوة الدنيا لعب ولهو وزينة) وتزين (وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد) تزهيد في الدنيا وبيان حقارة أمورها وسرعة زوالها (كمثل غيث أعجب الكفار) الحراث أو الكفرة بالله المعجبون بالدنيا (نباته) الذي نشأ واستوى عنه (ثم يهيج) ييبس (فتراه مصفرا ثم يكون حطاما) فتاتا (وفي الآخرة عذاب شديد) لمن اشتغل عنها بالدنيا ونكر تعظيما وكذا (ومغفرة من الله ورضوان) إن لم يشتغل بالدنيا (وما الحيوة الدنيا) ما التمتع بأعراضها (إلا متاع الغرور).

(سابقوا إلى مغفرة من ربكم) إلى ما يوجبها (وجنة عرضها كعرض السماء والأرض) لو تواصلتا وذكر العرض مبالغة في وضعها بالسعة لأنه دون الطول (أعدت للذين ءامنوا بالله ورسله) وهي الآن مخلوقة (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) فيتفضل بأعظم من ذلك.

(ما أصاب من مصيبة في الأرض) كجدب ووباء (ولا في أنفسكم) كمرض وأذى (إلا في كتاب) إلا مثبت في اللوح أو في علمه تعالى (من قبل أن نبرأها) نخلقها أي المصيبة أو الأرض أو الأنفس (إن ذلك) الإثبات (على الله يسير).

(لكيلا تأسوا) لئلا تحزنوا (على ما فاتكم) من حظوظ الدنيا حزنا يبلغ الجزع (ولا تفرحوا بما ءاتاكم) أعطاكم الله منها فرح بطر واختيال (والله لا يحب كل مختال) متكبر على الناس بما أوتي (فخور) عليهم به.

(الذين يبخلون) بالحقوق الواجبة (ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول) عما يجب عليه (فإن الله هو الغني) عن خلقه (الحميد) في ذاته.

(لقد أرسلنا رسلنا) الملائكة إلى الأنبياء أو الأنبياء إلى أممهم (بالبينات) بالحجج الواضحة (وأنزلنا معهم الكتاب) أي جنسه أي الكتب لتقرير الشرائع (والميزان) آلة الوزن أو صفتها أو العدل أي أمرنا به (ليقوم الناس بالقسط) ليلزموا العدل فيما بينهم (وأنزلنا الحديد) أي أنشأناه (فيه بأس شديد) يحارب به (ومنافع للناس) لاحتياج كل صنعة إليه (وليعلم الله) علم ظهور عطف على محذوف دل عليه فيه بأس لتضمنه تعليلا أو التقدير وأنزله ليعلم (من ينصره ورسله) بآلات الحرب وغيرها (بالغيب) حال من هاء ينصره أي غائبا عن أبصارهم (إن الله قوي عزيز) لا يحتاج إلى نصركم.

(ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب) الكتب المنزلة (فمنهم) من الذرية أو المرسل إليهم (مهتد وكثير

[506 ]

منهم فاسقون) خارجون عن نهج الحق.

(ثم قفينا على آثارهم برسلنا) رسولا بعد رسول (وقفينا بعدهم بعيسى ابن مريم وءاتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة) فتوادوا وتعاطفوا (ورهبانية) هي المبالغة في العبادة والرياضة والانقطاع عن الناس وروي أنها صلاة الليل (ابتدعوها) من قبل أنفسهم (ما كتبناها) ما فرضناها (عليهم إلا ابتغاء رضوان الله) منقطع أي لكن فعلوها طلب رضاه (فما رعوها) جمعا (حق رعايتها) إذ تركها كثير منهم وكفروا بعيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ومنهم من بقي على دينه وآمن لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (فآتينا الذين ءامنوا) بعيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون).

(يا أيها الذين ءامنوا) بالرسل الماضين أو بعيسى (عليه السلام) (اتقوا الله وءامنوا برسوله) محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (يؤتكم كفلين) نصيبين (من رحمته) لإيمانكم بمن قبل محمد وبه (ويجعل لكم نورا تمشون به) في السلوك إلى الجنة (ويغفر لكم والله غفور رحيم).

(لئلا يعلم) ليعلم (أهل الكتاب أن) مخففة (لا يقدرون على شيء من فضل الله) مما ذكر ولا ينالونه (وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) فيتفضل بما يشاء على من يشاء.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21401796

  • التاريخ : 19/04/2024 - 09:43

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net