00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة البينة 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة ـ ج 2   ||   تأليف : السيد شرف الدين علي الحسيني الاسترابادي النجفي

" 98 "

" سورة البينة " " وما فيها من الآيات في الائمة " الهداة "

 وهي: قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة (1) رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة (2) فيها كتب قيمة (3) وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة (4) وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلوة ويؤتوا الزكوة وذلك دين القيمة (5) إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية (6) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية (7) جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجرى من تجتها الانهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه (8) لهذه السورة تأويل ظاهر وباطن، فالظاهر ظاهر، وأما الباطن فهو: 1 - ما رواه محمد بن خالد البرقي مرفوعا، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السلام قال في قوله عزوجل (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب) قال: هم مكذبوا الشيعة، لان الكتاب هو الآيات، وأهل الكتاب الشيعة. وقوله (والمشركين منفكين) يعني المرجئة. (حتى تأتيهم البينة) قال: يتضح لهم الحق. وقوله (رسول من الله - يعني محمدا صلى الله عليه وآله - يتلوا صحفا مطهرة)

[ 830 ]

يعني يدل على أولي الامر من بعده وهم الائمة عليهم السلام وهم الصحف المطهرة. وقوله (فيها كتب قيمة) أي عندهم الحق المبين. وقوله (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب) يعني مكذبوا الشيعة. وقوله (إلا من بعد ما جائتهم البينة - أي من بعد ما جاءهم الحق. - وما أمروا - هؤلاء الاصناف - إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) والاخلاص: الايمان بالله ورسوله والائمة عليهم السلام. وقوله (ويقيموا الصلوة ويؤتوا الزكوة - فالصلاة والزكاة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - وذلك دين القيمة) قال: هي فاطمة عليها السلام وقوله (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) قال: الذين آمنوا بالله ورسوله (1) وبأولي الامر، وأطاعوهم بما أمروهم به، فذلك هو الايمان والعمل الصالح. وقوله (رضي الله عنهم ورضوا عنه) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الله راض عن المؤمن في الدنيا والآخرة، والمؤمن وإن كان راضيا عن الله فان في قلبه ما فيه، لما يرى في هذه الدنيا من التمحيص، فإذا عاين الثواب يوم القيامة رضي عن الله الحق حق الرضا، وهو قوله (ورضوا عنه). وقوله (ذلك لمن خشي ربه) أي أطاع ربه (2). وقد تقدم أن الشيعة هم الذين آمنوا بالله ورسوله وبأولي الامر وأطاعوهم. وقوله " إن الائمة عليهم السلام هم الصحف المطهرة " أي: أهل الصحف المطهرة. وقوله " الصلاة والزكاة أمير المؤمنين عليه السلام ". فقد تقدم في مقدمة الكتاب عن أبي عبد الله عليه السلام وقد سأله داود بن كثير فقال له: أنتم الصلاة في كتاب الله عزوجل. فقال: يا داود نحن الصلاة في كتاب الله عزوجل، ونحن الزكاة. الحديث (3) ؟

___________________________

(1) في البحار: برسوله.

 (2) عنه البحار: 23 / 369 ح 43 والبرهان: 4 / 489 ح 1.

 (3) راجع المقدمة ح 2.

 

[ 831 ]

ومعنى آخر أن بولايتهم تقبل الصلاة والزكاة وجميع الاعمال. وقوله " دين القيمة " فاطمة عليها السلام أي صاحبة الدين، القيمة أي الملة المستقيمة. 2 - وروى علي بن أسباط، عن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عزوجل (وذلك دين القيمة) قال: إنما هو ذلك دين القائم عليه السلام (1). وقد جاء في تأويل (أولئك هم خير البرية) أحاديث منها: 3 - ما رواه محمد بن العباس (رحمه الله)، عن أحمد بن الهيثم (2) عن الحسن بن عبد الواحد، عن حسن بن حسين، عن يحيى بن مساور، عن إسماعيل بن زياد، عن إبراهيم بن مهاجر، عن يزيد بن شراحيل كاتب علي عليه السلام قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: (حدثني رسول الله صلى الله عليه وآله) (3) وأنا مسنده إلى صدري وعائشة (عند أذني، فأصغت عائشة) (4) لتسمع ما يقول. فقال: أي أخي ألم تسمع قول الله عزوجل (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) [ هم ] (5) أنت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض، إذا جثت (6) الامم تدعون غرا محجلين، شباعا مرويين (7). 4 - ومنها: ما رواه أيضا، عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن أبي مخنف، عن يعقوب بن ميثم، أنه وجد في كتب أبيه: أن عليا عليه السلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية " ثم التفت إلي فقال: هم أنت يا

___________________________

(1) عنه البحار: 23 / 370 ح 44 والبرهان: 4 / 489 ح 1، وفي نسختي " أ، م " وذلك.

 (2) في نسخة " أ " الهشيم.

 (3) في البحار: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول.

 (4) ليس في نسخة " ج "، وفي البحار " ظهرى " بدل " صدري ".

 (5) من نسخة " ب ".

 (6) في نسة " ب " جئت.

 (7) عنه البحار: 23 / 389 ح 99 وج 68 / 53 ح 95 والبرهان: 4 / 489 ح 1 وحلية الابرار: 1 / 464.

 

[ 832 ]

علي وشيعتك، وميعادك وميعادهم الحوض، تأتون غرا محجلين متوجين. قال يعقوب: فحدثت به أبا جعفر عليه السلام. فقال: هكذا هو عندنا في كتاب علي صلوات الله عليه (1). 5 - ومنها: ما رواه أيضا، عن أحمد بن محمد الوراق، عن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن أبي عبد الله، عن مصعب بن سلام، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام، عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه الذي قبض فيه لفاطمة عليها السلام: يا بنية بأبي أنت وأمي ارسلي إلى بعلك فادعيه إلي. فقالت فاطمة للحسن عليهما السلام: إنطلق إلى أبيك فقل له: إن جدي يدعوك. فانطلق إليه الحسن فدعاه، فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وفاطمة عنده وهي تقول: واكرباه لكربك يا أبتاه ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا كرب على أبيك بعد اليوم، يا فاطمة إن النبي لا يشق عليه الجيب، ولا يخمش عليه الوجه، ولا يدعى عليه بالويل، ولكن قولي كما قال أبوك على إبراهيم " تدمع العين وقد يوجع القلب ولا نقول ما يسخط الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون " ولو عاش إبراهيم لكان نبيا. ثم قال: يا علي ادن مني. فدنا منه، فقال: أدخل أذنك في فمي. ففعل، فقال: يا أخي ألم تسمع قول الله عزوجل في كتابه (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) ؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: هم أنت وشيعتك، تجيؤون غرا محجلين، شباعا مرويين، ألم تسمع قول الله عزوجل في كتابه (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية) ؟

___________________________

(1) عنه البحار: 23 / 390 ح 100 وج 27 / 130 ح 121 وفيه: محجلين مكحلين متوجين وج 68 / 53 ح 96 والبرهان: 4 / 490 ح 2 وحلية الابرار: 1 / 465.

 

[ 833 ]

قال: بلى يا رسول الله، قال: هم أعداؤك وشيعتهم، يجيؤون يوم القيامة مسودة وجوههم ظماء مظمئين أشقياء معذبين، كفارا منافقين، ذاك لك ولشيعتك، وهذا لعدوك وشيعتهم (1). 6 - ومنها ما رواه أيضا، عن جعفر بن محمد الحسني ومحمد بن أحمد الكاتب قالا: حدثنا محمد بن علي بن خلف، عن أحمد بن عبد الله، عن معاوية، عن عبد الله ابن أبي رافع، عن أبيه، عن جده أبي رافع (2) أن عليا عليه السلام قال لاهل الشورى: أنشدكم بالله هل تعلمون يوم أتيتكم وأنتم جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: هذا أخي قد أتاكم، ثم التفت إلى الكعبة وقال: ورب الكعبة المبنية إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة، ثم أقبل عليكم وقال: أما إنه أولكم إيمانا وأقومكم بأمر الله وأوفاكم بعهد الله، وأقضاكم بحكم الله، وأعدلكم في الرعية (وأقومكم) (3) وأقسمكم بالسوية، وأعظمكم عند الله مزية، فأنزل الله سبحانه (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) فكبر النبي صلى الله عليه وآله وكبرتم، وهنأتموني بأجمعكم، فهل تعلمون أن ذلك كذلك ؟ قالوا: اللهم نعم (4). ولا شك أن من نظر بعين البصيرة رأى عين اليقين، أن محمدا وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم أجمعين هم خير البرية وقد قامت بذلك الادلة الواضحة (و) (5) البراهين، ولو لم يكن إلا هذه الاية الكريمة لكفت فضلا، دع سائر الآيات

___________________________

(1) عنه البحار: 24 / 263 ح 22 وج 68 / 64 ح 97 والبرهان: 4 / 490 ح 3 وحلية الابرار: 1 / 465.

 (2) في نسخة " أ " عن علي عليه السلام إلى تمام ست وعشرين رواية متصلة الاسناد مفيدة المراد.

 (3) ليس في نسختي " ب، م ".

 (4) عنه البحار: 35 / 346 ح 21 وج 68 / 55 ح 98 والبرهان: 4 / 490 ح 4 وحلية الابرار: 1 / 466.

 (5) ليس في نسختي " ب، م ".

 

[ 834 ]

المنزلة في الكتاب المبين. هذا مع ما ورد في (1) الاخبار في أنهم افضل الخلق ما لا يحصى كثرة، ولنورد الآن منها خبرا فيه كفاية عنها وهو: 7 - ما رواه الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن بابويه (رحمة الله عليه) باسناد يرفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: افتخر إسرافيل على جبرئيل فقال: أنا خير منك. فقال: ولم أنت خير مني ؟ قال: لاني صاحب الثمانية حملة العرش، وأنا صاحب النفخة في الصور، وأنا أقرب الملائكة إلى الله عزوجل. فقال له جبرئيل: أنا خير منك. فقال إسرافيل: وبماذا أنت خير مني ؟ فقال (2): لاني أمين الله على وحيه ورسوله إلى الانبياء والمرسلين، وأنا صاحب الخسوف والقرون (3) وما أهلك الله أمة من الامم إلا على يدي. قال: فاختصما إلى الله تبارك وتعالى، فأوحى إليهما: اسكتا، فوعزتي وجلالي لقد خلقت من هو خير منكما. قالا: يا رب وتخلق من هو خير منا، ونحن (خلقتنا) (4) من نور ! فقال الله: نعم. وأوحى إلى حجب القدرة: انكشفي. فانكشفت فإذا على ساق العرش (مكتوب) (5): لا إله إلا الله محمد [ رسول الله ] (6) وعلي وفاطمة والحسن والحسين خير خلق الله. فقال جبرئيل: يا رب فأسألك بحقهم عليك أن تجعلني خادمهم. فقال الله تعالى: قد فعلت. فجبرئيل من أهل البيت، وإنه لخادمنا (7). فإذا علمت ذلك فاستمسك أيها الولي بولايتهم، وتقرب إلى الله سبحانه

___________________________

(1) في نسخة " م " من.

 (2) في نسخة " م " والبحار: قال.

 (3) في ارشاد القلوب: الكسوف، وفي البحار: والقذوف.

 (4) ليس في نسخة " ج ".

 (5) ليس في نسختي " ج، م "، وفي نسخة " ج " هو بساق بدل " على ساق ".

 (6) من نسخة " ب " وارشاد القلوب.

 (7) عنه البحار: 26 / 344 ح 17 وعن ارشاد القلوب: 2 / 403.

 

[ 835 ]

بمودتهم، لتكون من مواليهم وشيعتهم، وتنزل يوم القيامة منزلتهم السامية العلية، وتسمو الدرجة الرفيعة السنية، وتدخل في زمرة شيعتهم الذين هم بولايتهم خير البرية فعليهم من الله أفضل السلام وأوفر التحية وأكمل الصلاة الطيبة الزكية ما زهرت النجوم الفلكية وبزغت الشمس المضيئة.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21401960

  • التاريخ : 19/04/2024 - 11:28

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net