00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة المجادلة 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير الصافي ( الجزء الخامس )   ||   تأليف : المولى محسن الملقب بـ « الفيض الكاشاني »

[ 142 ]

سورة المجادلة

مدنية عدد آيها احدى وعشرون آية مكي والمدني الاخير وآيتان في الباقين اختلافها آية في الاذلين غير المكي والمدني الأخير بسم الله الرحمن الرحيم (1) قد سمع الله قول التى تجادلك في زوجها وتشتكى إلى الله والله يسمع تحاور كما تراجعكما الكلام إن الله سميع بصير للاقوال والاحوال. (2) الذين يظاهرون منكم من نسائهم الظهار أن يقول الرجل لامرأته أنت علي كظهر امي مشتق من الظهر وقرئ يظهرون من أظهرو يظاهرون من ظاهر ما هن امهاتهم على الحقيقة ان امهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور لما سلف منه. (3) والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا قيل أي إلى قولهم بالتدارك بنقض ما يقتضيه ويأتي له تفسير آخر عن قريب فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به لكي ترتدعوا عن مثله والله بما تعملون خبير لا يخفى عليه خافية. (4) فمن لم يجد الرقبة فصيام شهرين متتابعين بأن يصوم شهرا ومن الاخر شيئا متصلا به ثم يتم الاخر متواليا أو متفرقا من قبل أن يتماسا بالمجامعة فمن لم يستطع الصيام من مرض أو عطاش أو غير ذلك فإطعام ستين مسكينا بقدر شبعهم أو إعطاء مد لكل مسكين ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله فرض ذلك لتصدقوا بالله ورسوله في قبول شرائعه ورفض ما كنتم عليه في جاهليتكم وتلك حدود الله لا يجوز تعديها وللكفرين الذين لا يقبلونها عذاب أليم القمي قال كان سبب نزول هذه الاية أنه أول

[ 143 ]

من ظاهر في الاسلام كان رجلا يقال له أوس بن الصامت بن الانصار وكان شيخا كبيرا فغضب على أهله يوما فقال لها أنت علي كظهر امي ثم ندم على ذلك قال وكان الرجل في الجاهلية إذا قال لاهله أنت علي كظهر امي حرمت عليه آخر الابد وقال أوس لاهله يا خولة إنا كنا نحرم هذا في الجاهلية وقد أتانا الله بالاسلام فاذهبي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاسألي عن ذلك فأتت خولة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت بأبي أنت وامي يا رسول الله إن أوس بن الصامت هو زوجي وأبو ولدي وابن عمي فقال لي أنت علي كظهر امى وإنا نحرم ذلك في الجاهلية وقد أتانا الله بالاسلام بك. وفي الفقيه عن الصادق (عليه السلام) ما في معناه وزاد في آخره فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله) أيتها المرأة ما أظنك إلا وقد حرمت عليه فرفعت المرأة يدها إلى السماء فقالت أشكو إلى الله فراق زوجي فأنزل الله يا محمد قد سمع الله إلى قوله لعفو غفور قال ثم أنزل الله الكفارة في ذلك فقال الذين يظاهرون من نسائهم إلى عذاب أليم. وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) ان أمير المؤمنين (عليه السلام) قال إن إمرأة من المسلمات أتت النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت يا رسول الله إن فلانا زوجي وقد نثرت له بطني واعنته على دنياه وآخرته لم يرمني مكروها أشكوه إلى الله وإليك فقال مما تشكينه فقالت انه قال أنت علي حرام كظهر امي وقد أخرجني من منزلي فانظر في أمري فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما أنزل الله تبارك وتعالى كتابا أقضي فيه بينك وبين زوجك وأنا أكره أن أكون من المتكلفين فجعلت تبكي وتشتكي ما بها إلى الله عز وجل وإلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وانصرفت قال فسمع الله تبارك وتعالى مجادلتها لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في زوجها وما شكت إليه فأنزل الله عز وجل في ذلك قرآنا بسم الله الرحمن الرحيم قد سمع الله قول التى تجادلك في زوجها وتشتكى إلى الله والله يسمع تحاور كما يعني محاورتها لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في زوجها إن الله سميع بصير الذين يظاهرون منكم الاية قال فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المرأة فأتته فقال لها جيئيني بزوجك فأتت به فقال

[ 144 ]

له أقلت لامرأتك هذه أنت علي حرام كظهر امي فقال قد قلت لها ذاك فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أنزل الله تبارك وتعالى فيك وفي إمرأتك قرآنا فقرأ عليه ما أنزل الله قد سمع الله إلى قوله لعفو غفور ثم قال فضم إليك إمرأتك فإنك قد قلت منكرا من القول وزورا وقد عفا الله عنك وغفر لك ولا تعد قال فانصرف الرجل وهو نادم على ما قال لامرأته وكره الله عز وجل ذلك للمؤمنين بعد وأنزل الله الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا قال يعني ما قال الرجل الاول لامرأته أنت علي حرام كظهر أمي قال فمن قالها بعد ما عفا الله وغفر للرجل الاول فان عليه تحرير رقبة من قبل أن يتماسا يعني مجامعتها ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير قال فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين يعني من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا قال فجعل الله عقوبة من ظاهر بعد النهي هذا ثم قال ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله قال هذا حد الظهار ثم قال (عليه السلام) ولا يكون ظهار في يمين ولا في إضرار ولا في غضب ولا يكون ظهار إلا على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين مسلمين. والقمي عن الباقر (عليه السلام) قال إن إمرأة الحديث بأدنى تفاوت في ألفاظه. وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عن رجل مملك (1) ظاهر من إمراته قال لا يكون ظهار ولا إيلاء حتى يدخل بها وتفاصيل أحكام الظهار تطلب من كتب الاخبار. (5) إن الذين يحادون الله ورسوله يعادونهما فإن كلا من المتعاديين في حد غير حد الاخر وقيل يضعون حدودا غير حدودهما كبتوا اخزوا واهلكوا وأصل الكبت الكب كما كبت الذين من قبلهم يعني كفار الامم الماضية وقد أنزلنا آيات بينات تدل على صدق الرسول وما جاء به وللكافرين عذاب مهين يذهب عزهم وتكبرهم. (6) يوم يبعثهم الله جميعا كلهم لا يدع أحدا أو مجتمعين فينبئهم بما عملوا أي على رؤوس الاشهاد تقريرا لعذابهم أحصه الله أحاط به عددا لم يغب منه شئ

______________________________

(1) الاملاك: التزويج عقد النكاح. (*)

[ 145 ]

ونسوه لكثرته أو تهاونهم به والله على كل شئ شهيد لا يغيب عنه شئ. (7) ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الارض ما يكون من نجوى ثلثة من تناجي ثلاثة أو من متناجين ثلاثة إلا هو رابعهم إلا الله يجعلهم أربعة إذ هو مشاركهم في الاطلاع عليها ولا خمسة ولا نجوى خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم يعلم ما يجري بينهم أينما كانوا فإن علمه بالاشياء ليس لقرب مكاني حتى يتفاوت باختلاف الامكنة. في الكافي عن الصادق (عليه السلام) يعني بالاحاطة والعلم لا بالذات لان الاماكن محدودة تحويها حدود أربعة فإذا كان بالذات لزمها الحواية. وسئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الله أين هو فقال هو هيهنا وهيهنا وفوق وتحت ومحيط بنا ومعنا ثم تلا هذه الاية أشار إلى انه إنما هو رابع الثلاثة وسادس الخمسة المتناجين بإحاطته بهم وغلبته عليهم وعلمه بما يتناجون به وشهوده لديهم في تناجيهم لا أنه واحد منهم وفي عدادهم بذاته المقدسة لان ذلك يستلزم الحد والمكان والحواية ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيمة تقريرا لما يستحقونه من الجزاء إن الله بكل شئ عليم لا يخفى عليه خافية. في الكافي عن الصادق (عليه السلام) نزلت هذه الاية في فلان وفلان وأبي عبيدة ابن الجراح وعبد الرحمان بن عوف وسالم مولى أبي حذيفة والمغيرة بن شعبة حيث كتبوا الكتاب بينهم وتعاهدوا وتواثقوا لئن مضى محمد (صلى الله عليه وآله) لا تكون الخلافة في بني هاشم ولا النبوة أبدا والقمي ما في معناه. (8) ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه قيل نزلت في اليهود والمنافقين كانوا يتناجون فيما بينهم ويتغامزون بأعينهم إذا رأوا المؤمنين فنهاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم عادوا لمثل فعلهم ويتنجون بالاثم والعدوان ومعصية الرسول أي بما هو إثم وعدوان للمؤمنين وتواص بمعصية الرسول وقرئ وينتجون ويشهد لها حديث ما انتجيته بل الله انتجاه في شأن علي (عليه السلام) وإذا جاؤك حيوك بما لم يحيك به الله فيقولون السام عليك أو أنعم صباحا

[ 146 ]

وأنعم مساء والله سبحانه يقول وسلام على عباده الذين اصطفى. في روضة الواعظين روي إن اليهود أتت النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا السام عليك يا محمد والسام بلغتهم الموت فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليكم فأنزل الله هذه الاية والقمي إذا أتوه قالوا له أنعم صباحا وأنعم مساء وهي تحية أهل الجاهلية فأنزل الله هذه الاية فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أبدلنا الله بخير من ذلك تحية أهل الجنة السلام عليكم ويقولون في أنفسهم فيما بينهم لو لا يعذبنا الله بما نقول هلا يعذبنا بذلك لو كان محمد نبيا حسبهم جهنم عذابا يصلونها يدخلونها فبئس المصير جهنم. (9) يأيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالاثم والعدوان ومعصيت الرسول كما يفعله المنافقون وتناجوا بالبر والتقوى بمايتضمن خير المؤمنين والاتقاء عن معصية الرسول واتقوا الله الذى إليه تحشرون فيما تأتون وتذرون فإنه مجازيكم عليه. (10) إنما النجوى من الشيطان فإنه المزين لها والحامل عليها ليحزن الذين آمنوا بتوهمهم أنها في نكبة أصابتهم وليس الشيطان أو التناجي بضارهم بضار المؤمنين شيئا إلا بإذن الله بمشيئته وعلى الله فليتوكل المؤمنون ولا يبالوا بنجواهم. والقمي عن الباقر (عليه السلام) انه سئل عن قول الله إنما النجوى من الشيطان قال الثاني. وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال إذا كنتم ثلاثة فلا يتناج إثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه وفيه وقيل إن المراد بالاية أحلام المنام التي يراها الانسان في نومه فتحزنه. والقمي عن الصادق (عليه السلام) كان سبب نزول هذه الاية أن فاطمة (عليها السلام) رأت في منامها أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) هم أن يخرج هو وفاطمة وعلي والحسن والحسين (عليهم السلام) من المدينة فخرجوا حتى جازوا من حيطان

[ 147 ]

المدينة فعرض لهم طريقان فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات اليمين حتى إنتهى إلى موضع فيه نخل وماء فاشترى رسول الله (صلى الله عليه وآله) شاة ذراء وهي التي في أحد اذنيها نقط بيض فأمرب ذبحها فلما أكلوا ماتوا في مكانهم فانتبهت فاطمة (عليها السلام) باكية ذعرة فلم تخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك فلما أصبحت جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) بحمار فأركب عليه فاطمة (عليها السلام) وأمرأن يخرج أمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام) من المدينة كما رأت فاطمة (عليها السلام) في نومها فلما خرجوا من حيطان المدينة عرض لهم طريقان فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات اليمين كما رأت فاطمة (عليها السلام) حتى انتهوا إلى موضع فيه نخل وماء فاشترى رسول الله (صلى الله عليه وآله) شاة ذراء كما رأت فاطمة (عليها السلام) فأمر بذبحها فذبحت وشويت فلما أرادوا أكلها قامت فاطمة (عليها السلام) وتنحت ناحية منهم تبكي مخافة أن يموتوا فطلبها رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى وقع عليها وهي تبكي فقال ما شأنك يا بنية قالت يا رسول الله رأيت البارحة كذا وكذا في نومي وقد فعلت أنت كما رأيته فتنحيت عنكم لئلا أراكم تموتون فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصلى ركعتين ثم ناجى ربه فنزل عليه جبرئيل فقال يا محمد هذا شيطان يقال له الزها وهو الذي أرى فاطمة هذه الرؤيا ويؤذي المؤمنين في نومهم ما يغتمون به فأمر جبرئيل (عليه السلام) فجاء به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له أنت الذي أريت فاطمة هذه الرؤيا فقال نعم يا محمد فبزق عليه ثلاث بزقات قبيحة في ثلاث مواضع ثم قال جبرئيل لمحمد (صلى الله عليه وآله) يا محمد إذا رأيت شيئا في منامك تكرهه أو رأى أحد من المؤمنون فليقل أعوذ بما عاذت به ملئكة الله المقربون وأنبياء الله المرسلون وعباد الله الصالحون من شر ما رأيت في رؤياي ويقرأ الحمد والمعوذتين وقل هو الله أحد ويتفل عن يساره ثلاث تفلات فإنه لا يضره ما رأى فأنزل الله عز وجل على رسوله إنما النجوى من الشيطان الاية. وفي الكافي عنه (عليه السلام) قال إذا رأى الرجل منكم ما يكره في منامه فليتحول عن شقه الذي كان عليه نائما وليقل إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله ثم ليقل عذت بما عاذت به ملائكة الله المقربون

[ 148 ]

وأنبياؤه المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت ومن شر الشيطان الرجيم. (11) يأيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس توسعوا فيها وليفسح بعضكم عن بعض من قولهم افسح عني أي تنح قيل كانوا يتضامون بمجلس النبي (صلى الله عليه وآله) تنافسا على القرب منه وحرصا على استماع كلامه وقرئ في المجلس فافسحوا يفسح الله لكم فيما تريدون التفسح به من المكان والرزق والصدر وغيرها وإذا قيل انشزوا انهضوا للتوسعة فانشزوا وقرئ بضم الشين فيهما القمي قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا دخل المسجد يقوم له الناس فنهاهم الله أن يقوموا له فقال تفسحوا أي وسعوا له في المجلس وإذا قيل انشزوا فانشزوا يعني إذا قال قوموا فقوموا يرفع الله الذين آمنوا منكم بالنصر وحسن الذكر في الدنيا وإيوائهم غرف الجنات في الاخرة والذين اوتوا العلم درجات ويرفع العلماء منهم خاصة مزيد رفعة. في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) فضل العالم على الشهيد درجة وفضل الشهيد على العابد درجة وفضل النبي على العالم درجة وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه وفضل العالم على سائر الناس كفضلي على ادناهم وفي الجوامع عنه (صلى الله عليه وآله) فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وعنه (صلى الله عليه وآله) بين العالم والعابد مائة درجة وبين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة وعنه (صلى الله عليه وآله) تشفع يوم القيامة ثلاثة الانبياء ثم العلماء ثم الشهداء. وفي الفقيه عن الصادق (عليه السلام) إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد ووضعت الموازين فيوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء. وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد والاخبار في هذا المعنى أكثر من أن تحصى والله بما تعملون خبير تهديد لمن

[ 149 ]

لم يمتثل الامر أو استكرهه. (12) يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجويكم صدقة فتصدقوا قدامها مستعار ممن له يدان وفي هذا الامر تعظيم الرسول وإنفاع الفقراء والنهي عن الافراط في السؤال والميز بين المخلص والمنافق ومحب الاخرة ومحب الدنيا القمى قال إذا سألتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) حاجة فتصدقوا بين يدي حاجتكم ليكون أقضى لحوائجكم فلم يفعل ذلك إلا أمير المؤمنين (عليه السلام) فإنه تصدق بدينار وناجى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشر نجوات. وعن الباقر (عليه السلام) إنه سئل عن هذا الاية فقال قدم علي بن أبي طالب (عليه السلام) بين يدي نجواه صدقة ثم نسختها قوله ء أشفقتم أن تقدموا الاية وبإسناده إلى مجاهد قال قال علي (عليه السلام) ان في كتاب الله لاية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى انه كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم فجعلت اقدم بين يدي كل نجوى اناجيها النبي (صلى الله عليه وآله) درهما قال فنسختها قوله ء أشفقتم إلى قوله خبير بما تعملون. وفي الخصال عنه (عليه السلام) في احتجاجه على أبي بكر قال فانشدك بالله أنت الذي قدم بين يدي نجواه لرسول الله (صلى الله عليه وآله) صدقة فناجاه وعاتب الله تعالى قوما فقال ء أشفقتم الاية أم انا قال بل أنت ذلك أي ذلك التصدق خير لكم وأطهر لانفسكم من الزينة وحب المال فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم لمن لم يجد حيث رخص له في المناجات بلا تصدق. (13) ءأشفقتم أن تقدموا بين يدى نجويكم صدقات أخفتم الفقر من تقديم الصدقة أو خفتم التقديم لما يعدكم الشيطان عليه من الفقر وجمع صدقات لجمع المخاطبين أو لكثرة التناجي فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم بأن رخص لكم أن لا تفعلوه. في الخصال عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذه الاية فهل تكون التوبة إلا

[ 150 ]

عن ذنب فأقيموا الصلوة وآتوا الزكوة ولا تفرطوا في أدائهما وأطيعوا الله ورسوله في سائر الامور لعلها تجبر تفريطكم في ذلك والله خبير بما تعملون ظاهرا وباطنا. (14) ألم تر إلى الذين تولوا والوا قوما غضب الله عليهم يعني اليهود ما هم منكم ولا منهم لانهم منافقون مذبذبون بين ذلك ويحلفون على الكذب وهم يعلمون أن المحلوف عليه كذب كمن يحلف بالغموس. (15) أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون. (16) اتخذوا أيمانهم جنة وقاية دون دمائهم وأموالهم فصدوا عن سبيل الله فصدوا الناس في خلال امنهم عن دين الله بالتحريش والتثبيط فلهم عذاب مهين. (17) لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا اولئك أصحاب النار هم فيها خالدون وقد سبق مثله. (18) يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له أي لله تعالى كما يحلفون لكم في الدنيا ويحسبون أنهم على شيئ إذ تمكن النفاق في نفوسهم بحيث يخيل إليهم في الاخرة أن الايمان الكاذبة تروج الكذب على الله كما تروجه عليكم في الدنيا ألا إنهم هم الكاذبون البالغون الغاية في الكذب حيث يكذبون مع عالم الغيب والشهادة ويحلفون عليه. (19) استحوذ عليهم الشيطان إستولى عليهم فأنشا ؟ هم ذكر الله لا يذكرونه بقلوبهم ولا بألسنتهم اولئك حزب الشيطان جنوده واتباعه ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون لانهم فوتوا على أنفسهم النعيم المؤبد وعرضوها للعذاب المخلد. القمي قال نزلت في الثاني لانه مر به رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو جالس عند رجل من اليهود يكتب خبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأنزل الله تعالى ألم تر إلى الذين تولوا الاية فجاء الثاني إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) رأيتك تكتب عن اليهود وقد نهى الله عز وجل عن ذلك فقال يا رسول الله كتبت عنه ما في التورة من صفتك وأقبل يقرء ذلك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو (صلى الله عليه وآله) غضبان فقال له رجل من الانصار ويلك أما ترى غضب النبي

[ 151 ]

(صلى الله عليه وآله) عليك فقال أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله إني إنما كتبت ذلك لما وجدت فيه من خبرك فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا فلان لو أن موسى بن عمران فيهم قائما ثم أتيته رغبة عما جئت به لكنت كافرا بما جئت به وهو قوله اتخذوا أيمانهم جنة أي حجابا بينهم وبين الكفار وأيمانهم إقرار باللسان خوفا من السيف ورفع الجزية وقوله يوم يبعثهم اله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم قال إذا كان يوم القيامة جمع الله الذين غصبوا آل محمد حقهم فيعرض عليهم أعمالهم فيحلفون له أنهم لم يعملوا منها شيئا كما حلفوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في الدنيا حين حلفوا أن لا يردوا الولاية في بني هاشم وحين هموا بقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في العقبة فلما أطلع الله نبيه (صلى الله عليه وآله) وأخبره حلفوا له أنهم لم يقولوا ذلك ولم يهموا به حين أنزل الله على رسوله يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن اغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم قال إذا عرض الله عز وجل ذلك عليهم في القيامة ينكروه ويحلفوا له كما حلفوا الرسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو قوله يوم يبعثهم الله جميعا الاية وقد سبق فيه حديث آخر في سورة يس وحم السجدة. (20) إن الذين يحادون الله ورسوله اولئك في الاذلين في جملة من هو أذل خلق الله (21) كتب الله في اللوح لا غلبن أنا ورسلي بالحجة ان الله قوى على نصر أنبيائه عزيز لا يغلب عليه في مراده في المجمع روي أن المسلمين قالوا لما راوا ما يفتح الله عليهم من القرى ليفتحن الله علينا الروم وفارس فقال المنافقون اتظنون أن فارس والروم كبعض القرى التي غلبتم عليها فأنزل الله هذه الاية. (22) لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ولو كان المحادون أقرب الناس إليهم اولئك أي الذين لم يوادوهم كتب في قلوبهم الايمان أثبته فيها وأيدهم بروح منه من عنده. في الكافي عنهما (عليهما السلام) هو الايمان.

[ 152 ]

وعن الصادق (عليه السلام) ما من مؤمن إلا ولقلبه اذنان في جوفه اذن ينفث فيها الوسواس الخناس واذن ينفث فيها الملك فيؤيد الله المؤمن بالملك فلذلك قوله وأيدهم بروح منه. وعن الكاظم (عليه السلام) إن الله تبارك وتعالى أيد المؤمن بروح منه تحضره في كل وقت يحسن فيه ويتقي وتغيب عنه في كل وقت يذنب فيه ويعتدي فهي معه تهتز سرورا عند إحسانه وتسيخ ف ي الثرى عند إسائته فتعاهدوا عباد الله نعمه بإصلاح أنفسكم تزدادوا يقينا وتربحوا نفيسا ثمينا رحم الله إمرءهم بخير فعمله أو هم بشر فارتدع عنه ثم قال نحن نؤيد الروح بالطاعة لله والعمل له. وعن الباقر (عليه السلام) في قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا زنى الرجل فارقه روح الايمان قال هو قوله وأيدهم بروح منه ذاك الذي يفارقه ويدخلهم جنات تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها رضى الله عنهم بطاعتهم ورضوا عنه بقضائه وبما وعدهم من الثواب اولئك حزب الله جنده وأنصار دينه ألا إن حزب الله هم المفلحون الفائزون بخير الدارين وقد سبق ثواب قراءة هذه السورة في آخر سورة الحديد.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21402003

  • التاريخ : 19/04/2024 - 11:45

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net