00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة النور 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير الصافي ( الجزء الثالث)   ||   تأليف : المولى محسن الملقب بـ « الفيض الكاشاني »

[ 414 ]

سورة النور

مدنية بلا خلاف عدد آيها أربع وستون آية عراقي شامي آيتان حجازي اختلافها آيتان بالغدو والاصال ويذهب بالابصار كلاهما عراقي بسم الله الرحمن الرحيم (1) سورة أنزلناها وفرضناها وفرضنا ما فيها من الأحكام وقرئ بالتشديد وأنزلنا فيها آيات بينات واضحات الدلالة لعلكم تذكرون فتتقون المحارم. (2) الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مأة جلدة القمي هي ناسخة لقوله والاتي يأتين الفاحشة من نسائكم الاية. في الكافي عن الباقر عليه السلام في حديث وسورة النور انزلت بعد سورة النساء وتصديق ذلك أن الله عز وجل أنزل عليه في سورة النساء والاتي يأتين الفاحشة من نسائكم إلى قوله لهن سبيلا والسبيل الذي قال الله عز وجل سورة أنزلناها إلى قوله من المؤمنين. وفيه وفي التهذيب عن الصادق عليه السلام الحر والحرة إذا زنيا جلد كل واحد منهما مائة جلدة فأما المحصن والمحصنة فعليهما الرجم. وعنه عليه السلام الرجم في القرآن قوله تعالى الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها البتة فإنهما قضيا الشهوة القمي: وكانت آية الرجم نزلت في الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها البتة فإنهما قضيا الشهوة نكالا من الله والله عليم حكيم. وفيهما وفي رواية في الشيخ والشيخة الجلد ثم الرجم وفي اخرى وفي المحصن والمحصنة أيضا كذلك وفي البكر والبكرة جلد مائة ونفي سنة في غير مصرهما وهما اللذان قد أملكا ولم يدخل بها.

[ 415 ]

وفي الكافي عنه عليه السلام إنه سئل عن المحصن فقال الذي يزني وعنده ما يغنيه. وفيهما عن الباقر عليه السلام من كان له فرج يغدو عليه ويروح فهو محصن. وعن الكاظم عليه السلام إنه سئل عن الجارية أتحصن قال نعم إنما هو على وجه الأستغناء قيل المتعة قال لا إنما ذاك على الشئ الدائم. وعن الصادق عليه السلام لا يرجم الرجل ولا المرأة حتى تشهد عليهما أربعة شهداء على الجماع والأيلاج والأدخال كالميل في المكحلة. أقول: وتأتي العلة باعتبار الأربعة شهداء إن شاء الله وعن الاصبغ بن نباتة أن عمر اوتي بخمسة نفر اخذوا في الزنا فأمر أن يقام على كل واحد منهم الحد وكان أمير المؤمنين عليه السلام حاضرا فقال يا عمر ليس هذا حكمهم قال فأقم أنت الحد عليهم فقدم واحدا منهم فضرب عنقه وقدم الاخر فرجمه وقدم الثالث فضربه الحد وقدم الرابع فضربه نصف الحد وقدم الخامس فعزره فتحير عمر وتعجب الناس من فعله فقال له عمر يا أبا الحسن خمسة نفر في قضية واحدة أقمت عليهم خمسة حدود وليس شئ منها يشبه الاخر فقال أمير المؤمنين عليه السلام أما الأول فكان ذميا فخرج عن ذمته ولم يكن له حد إلا السيف وأما الثاني فرجل محصن كان حده الرجم وأما الثالث فغير محصن حده الجلد وأما الرابع فعبد ضربناه نصف الحد وأما الخامس فمجنون مغلوب على عقله. والقمي مثله إلا أنه قال ستة نفر قال وأطلق السادس ثم قال وأما الخامس فكان منه ذلك الفعل بالشبهة فعزرناه وأدبناه وأما السادس فمجنون مغلوب على عقله سقط منه التكليف. وفيهما عن الباقر عليه السلام قال يضرب الرجل الحد قائما والمرأة قاعدة ويضرب كل عضو ويترك الرأس والمذاكير. وعن الكاظم عليه السلام إنه سئل عن الزاني كيف يجلد قال أشد الجلد فقيل فوق الثياب فقال لا بل يجرد.

[ 416 ]

أقول: وباقي الأحكام تطلب من الوافي ولا تأخذكم بهما رأفة رحمة وقرئ بفتح الهمزة في دين الله في طاعته وإقامة حده فتعطلوه أو تسامحوا فيه. وفي التهذيب عن أمير المؤمنين عليه السلام قال في إقامة الحدود إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر فإن الأيمان يقتضي الجد في طاعة الله والاجتهاد في إقامة أحكامه وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين. القمي عن الباقر عليه السلام قال وليشهد عذابهما يقول ضربهما طائفة من المؤمنين يجمع لهما الناس إذا جلدوا. وفي التهذيب عن أمير المؤمنين عليه السلام قال الطائفة واحد. وفي العوالي عن الباقر عليه السلام قال الطائفة الحاضرة هي الواحدة. وفي الجوامع عنه عليه السلام إن أقلها رجل واحد. (3) الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين. القمي هو رد على من يستحل التمتع بالزواني والتزويج بهن وهن المشهورات المعروفات في الدنيا لا يقدر الرجل على تحصينهن قال ونزلت هذه الاية في نساء مكة كن مستعلنات بالزنا سارة وخثيمة والرباب كن يغنين بهجاء رسول الله صلى الله عليه وآله فحرم الله نكاحهن وجرت بعدهن في النساء من أمثالهن. وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذه الاية فقال هن نساء مشهورات بالزنا ورجال مشهورون بالزنا شهروا به وعرفوا به والناس اليوم بتلك المنزلة فمن اقيم عليه حد الزنا أو شهر بالزنا لم ينبغ لأحد أن يناكحه حتى يعرف منه التوبة. وعنه عليه السلام إنما ذلك في الجهر ثم قال لو أن إنسانا زنى ثم تاب تزوج حيث شاء. وعن الباقر عليه السلام هم رجال ونساء كانوا على عهد رسول الله صلى الله

[ 417 ]

عليه وآله مشهورين بالزنا فنهى الله عن أولئك الرجال والنساء والناس اليوم على تلك المنزلة من شهر شيئا من ذلك أو اقيم عليه الحد فلا تزوجوه حتى تعرف توبته. وعنه عليه السلام في حديث إنها نزلت بالمدينة قال فلم يسم الله الزاني مؤمنا ولا الزانية مؤمنة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن فإنه إذا فعل ذلك خلع عنه الأيمان كخلع القميص. (4) والذين يرمون المحصنات يقذفوهن بالزنا ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة لا فرق في الطرفين بين الذكر والانثى. ففي الكافي والتهذيب عن الصادق عليه السلام في الرجل يقذف الرجل بالزنا قال يجلد هو في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله. وعن الباقر عليه السلام في امرأة قذفت رجلا قال تجلد ثمانين جلدة وأما إذا كان أحدهما غلاما أو جارية أو مجنونا لم يحد كما وردت به الأخبار عنهم عليهم السلام. وفيهما عن الصادق عليه السلام قال إذا قذف العبد الحر جلد ثمانين قال وهذا من حقوق الناس. وعنه عليه السلام لو أتيت برجل قد قذف عبدا مسلما بالزنا لا يعلم منه إلا خيرا لضربته الحد حد الحر إلا سوطا وعنه عليه السلام من افترى على مملوك عزر لحرمة الأسلام. وعنه عليه السلام في الحر يفتري على المملوك قال يسئل فإن كانت امه حرة جلد الحد. وعنه عليه السلام قال قضى أمير المؤمنين عليه السلام إن الفرية ثلاثة يعني ثلاث وجوه إذا رمى الرجل الرجل بالزنا وإذا قال امه زانية وإذا دعي لغير أبيه فذلك فيه حد ثمانون.

[ 418 ]

وعنه عليه السلام في رجل قال لرجل يابن الفاعلة يعني الزنا فقال إن كانت امه حية شاهدة ثم جاءت تطلب حقها ضرب ثمانين جلدة وإن كانت غائبة انتظر بها حتى تقدم فتطلب حقها وإن كانت قد ماتت ولم يعلم منها إلا خيرا ضرب المفتري عليها الحد ثمانين جلدة. وعنه عليه السلام قال إذا قذف الرجل الرجل فقال إنك لتعمل عمل قوم لوط تنكح الرجال قال يجلد حد القاذف ثمانين جلدة. وعنه عليه السلام قال كان علي عليه السلام يقول إذا قال الرجل للرجل يا معفوج ويا منكوحا في دبره فإن عليه الحد حد القاذف. أقول: العفج بالمهملة والفاء والجيم الجماع. وعنه عليه السلام إنه سئل عن رجل افترى على قوم جماعة قال إن أتوا به مجتمعين ضرب حدا واحدا وإن أتوا به متفرقين ضرب لكل واحد منهم حدا. وعن الباقر عليه السلام في الرجل يقذف القوم جميعا بكلمة واحدة قال إذا لم يسمهم فإنما عليه حد واحد وإن سمى فعليه لكل رجل حد. وعن الصادق عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن لا ينزع شئ من ثياب القاذف إلا الرداء وعنه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الزاني أشد ضربا من شارب الخمر وشارب الخمر أشد ضربا من القاذف والقاذف أشد ضربا من التعزير. وعن الكاظم عليه السلام يجلد المفتري ضربا بين الضربين يضرب جسده كله ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون. في الكافي عن الباقر عليه السلام في حديث ونزل بالمدينة والذين يرمون المحصنات الاية قال فبرأه الله ما كان مقيما على الفرية من أن يسمى بالأيمان قال الله عز وجل أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستون وجعله الله منافقا فقال الله إن المنافقين هم الفاسقون وجعله الله من أولياء ابليس فقال إلا ابليس كان من الجن ففسق

[ 419 ]

عن أمر ربه وجعله ملعونا فقال إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والاخرة ولهم عذاب عظيم ب يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون وليست تشهد الجوارح على مؤمن إنما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه قال الله عز وجل فأما من اوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم ولا يظلمون فتيلا. (5) إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم. القمي عن الصادق عليه السلام القاذف يجلد ثمانين جلدة ولا يقبل له شهادة أبدا إلا بعد التوبة أو يكذب نفسه وإن شهد ثلاثة وأبى واحد يجلد الثلاثة ولا تقبل شهادتهم حتى يقول أربعة رأينا مثل الميل في المكحلة ومن شهد على نفسه أنه زنى لم تقبل شهادته حتى يعيدها أربع مرات. وفي الكافي والتهذيب إنه عليه السلام سئل كيف تعرف توبته فقال يكذب نفسه على رؤوس الخلائق حين يضرب ويستغفر ربه فإذا فعل ذلك فقد ظهرت توبته. وعنه عليه السلام إنه سئل عن الرجل يقذف الرجل فيجلد حدا ثم يتوب ولا يعلم منه إلا خيرا تجوز شهادته قال نعم ما يقال عندكم قيل يقولون توبته فيما بينه وبين الله ولا تقبل شهادته أبدا فقال بئس ما قالوا كان أبي يقول إذا تاب ولم يعلم منه إلا خيرا اجازت شهادته. (6) والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات وقرء بالرفع بالله لمن الصدقين أي فيما رماها به من الزنا. (7) والخامسة أن لعنة الله عليه وقرء بتخفيف ان ان كان من الكاذبين في الرمي. (8) ويدرء عنها العذاب الرجم أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به. (9) والخامسة وقرئ بالنصب أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين في

[ 420 ]

ذلك وقرئ بتخفيف أن وكسر الضاد. في الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذه الاية فقال هو القاذف الذي يقذف إمرأته فإذا قذفها ثم أقر أنه كذب عليها جلد الحد وردت إليه إمرأته وإن أبى إلا أن يمضي فليشهد عليها أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين والخامسة يلعن فيها نفسه إن كان من الكاذبين وإن أرادت أن تدرء عن نفسها العذاب والعذاب هو الرجم شهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فإن لم تفعل رجمت وإن فعلت درأت عن نفسها الحد ثم لا تحل له إلى يوم القيامة قيل أرأيت إن فرق بينهما ولها ولد فمات قال ترثه امه وإن ماتت امه ورثه أخواله ومن قال إنه ولد زنا جلد الحد قيل يرد إليه الولد إذا أقر به قال لا ولا كرامة ولا يرث الأبن ويرثه الأبن. وعنه عليه السلام إن رجلا من المسلمين أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله أرأيت لو أن رجلا دخل منزله فوجد مع إمرأته رجلا يجامعها ما كان يصنع قال فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وانصرف الرجل وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلي بذلك من إمرأته قال فنزل الوحي من عند الله بالحكم فيهما فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ذلك الرجل فدعاه فقال له أنت الذي رأيت مع إمرأتك رجلا فقال نعم فقال له إنطلق فأتني بإمرأتك فإن الله قد أنزل الحكم فيك وفيها قال فأحضرها زوجها فأوقفهما رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال للزوج إشهد أربع شهادات بالله إنك لمن الصادقين فيما رميتها به قال فشهد ثم قال له إتق الله فإن لعنة الله شديدة ثم قال له إشهد الخامسة أن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين قال فشهد ثم أمر به فنحي ثم قال للمرأة إشهدي أربع شهادات بالله إن زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به قال فشهدت ثم قال لها إمسكي فوعظها وقال لها إتقي الله فإن غضب الله شديد ثم قال لها إشهدي الخامسة أن غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به قال فشهدت قال ففرق بينهما وقال لهما لا تجتمعا بنكاح أبدا بعد ما تلاعنتما. والقمي إنها نزلت في اللعان وكان سبب ذلك إنه لما رجع رسول الله صلى الله

[ 421 ]

عليه وآله من غزوة تبوك جاء إليه عويمر بن ساعدة العجلاني وكان من الأنصار فقال يا رسول الله إن إمرأتي زنى بها شريك بن سمحا وهي منه حامل فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله فأعاد عليه القول فأعرض عنه حتى فعل ذلك أربع مرات فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله منزله فنزل عليه آية اللعان وخرج رسول الله وصلى بالناس العصر وقال لعويمر إيتني بأهلك فقد أنزل الله فيكما قرآنا فجاء إليها فقال الزوج لها رسول الله صلى الله عليه وآله يدعوك وكانت في شرف من قومها فجاء معها جماعة فلما دخلت المسجد قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعويمر تقدم إلى المنبر والتعنا فقال كيف أصنع فقال تقدم وقل أشهد بالله إني إذا لمن الصادقين فيما رميتها به فتقدم وقالها فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أعدها فأعادها ثم قال أعدها فأعادها حتى فعل ذلك أربع مرات فقال له في الخامسة عليك لعنة الله إن كنت من الكاذبين فيما رميتها به فقال في الخامسة إن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن اللعنة موجبة إن كنت كاذبا ثم قال له تنح فتنحى ثم قال لزوجته تشهدين كما شهد وإلا أقمت عليك حد الله فنظرت في وجوه قومها فقالت لا اسود هذه الوجوه في هذه العشية فتقدمت إلى المنبر وقالت أشهد بالله إن عويمر بن ساعدة من الكاذبين فيما رماني به فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله أعيديها فأعادتها حتى أعادتها أربع مرات فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله إلعني نفسك في الخامسة إن كان من الصادقين فيما رماك به فقالت في الخامسة إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ويلك إنها موجبة لك ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لزوجها إذهب فلا تحل لك أبدا قال يا رسول الله فمالي الذي أعطيتها قال إن كنت كاذبا فهو أبعد لك منه وإن كنت صادقا فهو لها بما استحللت من فرجها ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن جاءت بالولد أحمش الساقين أنفس العينين جعد قطط فهو للأمر السيئ وإن جاءت به أشهل وأصهب فهو لأبيه فيقال إنها جاءت به على الأمر السيئ فهذه لا تحل لزوجها وإن جاءت بولد لا يرثه أبوه وميراثه لامه وإن لم يكن له ام فلأخواله وإن قذفه أحد جلد حد القاذف.

[ 422 ]

وفي العوالي روي إن هلال بن امية قذف زوجته بشريك بن السمحا فقال النبي صلى الله عليه وآله البينة وإلا حد في ظهرك فقال يا رسول الله يجد أحدنا مع إمرأته رجلا يلتمس البينة فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يقول البينة وإلا حد في ظهرك فقال والذي بعثك بالحق إنني لصادق وسينزل الله ما يبرأ ظهري من الجلد فنزل قوله تعالى والذين يرمون أزواجهم الاية. وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إذا قذف الرجل إمرأته فإنه لا يلاعنها حتى يقول رأيت بين رجليها رجلا يزني بها. وعن الباقر عليه السلام يجلس الأمام مستدبر القبلة فيقيمها بين يديه مستقبل القبلة بحذاه ويبدأ بالرجل ثم المرأة. وفي رواية ويجعل الرجل عن يمينه والمرأة عن يساره. وعن الصادق عليه السلام في رجل أوقفه الأمام للعان فشهد شهادتين ثم نكل فأكذب نفسه قبل أن يفرغ من اللعان قال يجلد جلد القاذف ولا يفرق بينه وبين إمرأته. وعن الجواد عليه السلام إنه قيل له كيف صار إذا قذف الرجل امرأته كانت شهادته أربع شهادات بالله وإذا قذفها غيره أب أو أخ أو ولد أو قريب جلد الحد ويقيم البينة على ما قال فقال قد سئل جعفر عليه السلام عن ذلك فقال إن الزوج إذا قذف إمرأته فقال رأيت ذلك بعيني كانت شهادته أربع شهادات بالله وإذا قال إنه لم يره قيل له أقم البينة على ما قلت وإلا كان بمنزلة غيره وذلك إن الله جعل للزوج مدخلا لم يجعله لغيره من والد ولا ولد يدخله بالليل والنهار وفجاز له أن يقول رأيت ولو قال غيره رأيت قيل له وما أدخلك بالمدخل الذي ترى هذا فيه وحدك أنت متهم فلابد أن يقام عليك الحد الذي أوجبه الله عليك قال وإنما صارت شهادة الزوج أربع شهادات لمكان الأربعة شهداء مكان كل شاهد يمين. وفي العلل عن الصادق عليه السلام إنه سئل لم يجعل في الزنا أربعة شهود

[ 423 ]

وفي القتل شاهدان فقال إن الله عز وجل حل لكم المتعة وعلم أنها ستنكر عليكم فجعل الأربعة الشهود إحتياطا لكم لولا ذلك لاتى عليكم وقلما يجتمع أربعة على شهادة بأمر واحد. وفي رواية اخرى قال عليه السلام الزنا فيه حدان ولا يجوز أن يشهد كل إثنين على واحد لأن الرجل والمرأة جميعا عليهما الحد والقتل إنما يقام الحد على القاتل ويدفع عن المقتول. (10) ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم لفضحكم وعاجلكم بالعقوبة حذف الجواب لتعظيمه. (11) إن الذين جاؤوا بالافك بأبلغ ما يكون من الكذب عصبة منكم جماعة منكم لا تحسبوه شرا لكم إستيناف والهاء للأفك بل هو خير لكم لأكتسابكم به الثواب العظيم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الاثم بقدر ما خاض فيه والذى تولى كبره معظمه منهم من الخائضين له عذاب عظيم. في الجوامع وكان سبب الأفك إن عايشة ضاع عقدها في غزوة بني المصطلق وكانت قد خرجت لقضاء حاجة فرجعت طالبة له وحمل هودجها على بعيرها ظنا منهم إنها فيها فلما عادت إلى الموضع وجدتهم قد رحلوا وكان صفوان من وراء الجيش فلما وصل إلى ذلك الموضع وعرفها أناخ بعيره حتى ركبته وهو يسوقه حتى أتى الجيش وقد نزلوا في قائم الظهيرة. قال كذا رواه الزهري عن عايشة. والقمي روت العامة إنها نزلت في عايشة وما رميت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة. وأما الخاصة فإنهم رووا إنها نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عايشة. ثم روي عن الباقر عليه السلام قال لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله حزن عليه رسول الله صلى الله عليه وآله حزنا شديدا فقالت له عايشة ما

[ 424 ]

الذي يحزنك عليه فما هو إلا ابن جريح فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام وأمره بقتله فذهب علي عليه السلام إليه ومعه السيف وكان جريح القبطي في حايط فضرب علي باب البستان فأقبل إليه جريح ليفتح له الباب فلما رأى عليا عرف في وجهه الغضب فأدبر راجعا ولم يفتح باب البستان فوثب علي على الحائط ونزل إلى البستان واتبعه وولى جريح مدبرا فلما خشى أن يرهقه صعد في نخلة وصعد علي في أثره فلما دنا منه رمى بنفسه من فوق النخلة فبدت عورته فإذا ليس له ما للرجال ولا له ما للنساء فانصرف علي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال له يا رسول الله إذا بعثتني في الأمر أكون فيه كالمسمار المحمي في الوبر أمضي على ذلك أم أثبت قال لا بل تثبت قال والذي بعثك بالحق ماله ما للرجال ولا له ما للنساء فقال الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت وهذه الرواية أوردها القمي بعبارة اخرى في سورة الحجرات عند قوله تعالى إن جائكم فاسق بنبإ فتبينوا اوزاد فاتي به رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له ما شأنك يا جريح فقال يا رسول لله إن القبط يحبون حشمهم ومن يدخل إلى أهاليهم والقبطيون لا يأنسون إلا بالقبطيين فبعثني أبوها لأدخل إليها وأخدمها واونسها. أقول إن صح هذا الخبر فلعله صلى الله عليه وآله إنما بعث عليا إلى جريح ليظهر الحق ويصرف السوء وكان قد علم أنه لا يقتله ولم يكن يأمر بقتله بمجرد قول عايشة. يدل على هذا ما رواه القمي في سورة الحجرات عن الصادق عليه السلام إنه سئل كان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بقتل القبطي وقد علم أنها قد كذبت عليه أو لم يعلم وأنما دفع الله عن القبطي القتل بتثبت علي عليه السلام فقال بلى قد كان والله علم ولو كانت عزيمة من رسول الله صلى الله عليه وآله القتل ما رجع علي عليه السلام حتى يقتله ولكن إنما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله لترجع عن ذنبها فما رجعت ولا اشتد عليها قتل رجل مسلم بكذبها. (12) لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين كما يقول المستيقن المطلع على الحال وإنما عدل فيه من الخطاب إلى

[ 425 ]

الغيبة مبالغة في التوبيخ وإشعارا بأن الأيمان يقتضي ظن الخير بالمؤمنين والكف عن الطعن فيهم وذب الطاعنين عنهم كما يذبونهم عن أنفسهم. (13) لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون قيل إستيناف أو هو من جملة المقول تقريرا لكونه كذبا فإن ما لا حجة عليه مكذب عند الله أي في حكمه ولذلك رتب عليه الحد. (14) ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والاخرة ولولا هذه لأمتناع الشئ لوجود غيره والمعنى ولولا فضل الله عليكم في الدنيا بأنواع النعم التي من جملتها الأمهال للتوبة ورحمته في الاخرة بالعفو والمغفرة المقدرين لكم لمسكم عاجلا في ما أفضتم فيه خضتم فيه عذاب عظيم يستحقر دونه اللوم والجلد. (15) إذ تلقونه بألسنتكم يأخذه بعضكم عن بعض بالسؤال عنه وتقولون بأفواهكم بلا مساعدة من القلوب ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا سهلا لا تبعة له وهو عند الله عظيم في الوزر واستحرار العذاب فهذه ثلاثة آثام مترتبة علق بها مس العذاب العظيم. (16) ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا ما ينبغي وما يصح لنا أن نتكلم بهذا سبحانك تعجب ممن يقول ذلك فإن الله ينزه عند كل متعجب من أن يصعب عليه أو تنزيه لله من أن يكون حرمة نبيه صلى الله عليه وآله فاجرة فإن فجورها تنفير عنه بخلاف كفرها هذا بهتان عظيم لعظمته المبهوت عليه. (17) يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين فإن الأيمان يمنع عنه وفيه تهييج وتقريع. (18) ويبين الله لكم الايات الدالة على الشرايع ومحاسن الاداب كي تتعظوا وتتأدبوا والله عليم بالأحوال كلها حكيم في تدابيره. (19) إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والاخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون.

[ 426 ]

في الكافي والأمالي والقمي عن الصادق عليه السلام قال من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته اذناه فهو من الذين قال الله عز وجل إن الذين يحبون الاية. وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام إنه قيل له الرجل من إخواني بلغني عنه الشئ الذي أكرهه فأسئله عنه فينكر ذلك وقد أخبرني عنه قوم ثقات فقال كذب سمعك وبصرك عن أخيك وإن شهد عندك خمسون قسامة وقال لك قولا فصدقه وكذبهم ولا تذيعن عليه شيئا تشينه به وتهدم به مروته فتكون من الذين قال الله تعالى إن الذين يحبون الاية وعن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من أذاع فاحشة كان كمبتديها. (20) ولو لا فضل الله عليكم ورحمته تكرير للمنة بترك المعاجلة بالعقاب للدلالة على عظم الجريمة وحذف الجواب للأستغناء عنه بذكره مرة وأن الله لرؤف رحيم حيث لم يعاجلكم بالعقوبة. (21) يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان بإشاعة الفاحشة. وفي المجمع عن علي عليه السلام خطأت بالهمزة ومن يتبع خطوات الشيطن فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر الفحشاء ما أفرط في قبحه والمنكر ما أنكره الشرع والعقل ولو لا فضل الله عليكم ورحمته بتوفيق التوبة الماحية للذنوب وشرع الحدود المكفرة لها ما زكى ما طهر من دنسها منكم من أحد أبدا اخر الدهر ولكن الله يزكي من يشاء بحمله على التوبة وقبولها والله سميع لمقالتهم عليم بنياتهم. (22) ولا يأتل ولا يحلف من الالية على وزن فعيلة بمعنى اليمين أو ولا يقصر من الألو أولوا الفضل الغنى منكم والسعة في المال أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله في الجوامع قيل نزلت في جماعة من الصحابة حلفوا ألا يتصدقوا على من تكلم بشئ من الأفك ولا يواسوهم وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم. القمي عن الباقر عليه السلام أولو القربى هم قرابة رسول الله صلى الله عليه

[ 427 ]

وآله يقول يعفو بعضكم عن بعض ويصفح بعضكم بعضا فإذا فعلتم كانت رحمة من الله لكم يقول الله ألا تحبون الاية. وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله ولتعفوا ولتصفحوا بالتاء كما روي بالياء أيضا وفي المناقب ما سبق عند تفسير ولدينا كتاب ينطق بالحق من سورة المؤمنين. (23) إن الذين يرمون المحصنات الغافلات مما قذفن به المؤمنات بالله ورسوله لعنوا في الدنيا والاخرة كما طعنوا فيهن ولهم عذاب عظيم لعظم ذنوبهم. (24) يوم تشهد عليهم قرء بالياء ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون بانطاق الله إياها بغير إختيارهم. (25) يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق جزاءهم المستحق ويعلمون لمعاينتهم الأمر أن الله هو الحق المبين العادل الظاهر الذي لا ظلم في حكمه. في الكافي عن الباقر عليه السلام ليست تشهد الجوارح على مؤمن إنما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب وقد مضى تمام الحديث في هذه السورة. (26) الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات في المجمع عنهما عليهما السلام الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء والطيبات من النساء للطيبين من الرجال والطيبون من الرجال للطيبات من النساء قالا هي مثل قوله الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة إلا أن اناسا هموا أن يتزوجوا منهن فنهاهم الله عن ذلك وكره ذلك لهم وقيل الخبيثات والطيبات من الأقوال والكلم والقمي يقول الخبيثات من الكلام والعمل للخبيثين من الرجال والنساء يسلمونهم ويصدق عليهم من قال والطيبون من الرجال والنساء للطيبات من الكلام والعمل وقد مر ما يقرب من هذا في سورة الأنفال في تفسير هذه الاية. وفي الأحتجاج عن الحسن المجتبى عليه السلام وقد قام من مجلس معاوية

[ 428 ]

وأصحابه وقد ألقمهم الحجر الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات هم والله يا معاوية أنت وأصحابك هؤلاء وشيعتك والطيبات للطيبين إلى آخر الاية هم علي بن أبي طالب عليه السلام وأصحابه وشيعته أولئك يعني الطيبين والطيبات على الأول والطيبين على الأخير مبرؤن مما يقولون فيهم أو من أن يقولوا مثل قولهم لهم مغفرة ورزق كريم. (27) يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم التي تسكنونها حتى تستأنسوا تستأذنوا من الأستيناس بمعنى الأستعلام من آنس الشئ إذا أبصره فإن المستأذن مستعلم للحال مستكشف هل يراد دخوله أو من الأستيناس الذي هو خلاف الاستيحاش فإن المستأذن مستوحش خائف أن لا يؤذن له وتسلموا على أهلها بأن تقولوا السلام عليكم أأدخل. في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله إن رجلا إستأذن عليه فتنحنح فقال صلى الله عليه وآله لأمرأة يقال لها روضة قومي إلى هذا فعلميه وقولي له قل السلام عليكم ء أدخل فسمعها الرجل فقالها فقال ادخل. وعنه عليه السلام إنه سئل ما الأستيناس فقال يتكلم الرجل بالتسبيحة والتحميدة والتكبيرة ويتنحنح على أهل البيت. وفي المعاني والقمي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذه الاية فقال الأستيناس وقع النعل والتسليم. وفي الكافي عنه عليه السلام يستأذن الرجل إذا دخل على أبيه ولا يستأذن الأب على الأبن ويستأذن الرجل على إبنته واخته إذا كانتا متزوجتين. وفي المجمع إن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وآله أستأذن على امي قال نعم قال إنها ليس لها خادم غيري أفأستأذن عليها كلما دخلت قال أتحب أن تراها عريانة قال الرجل لا قال فاستأذن عليها. وفي الفقيه عنه عليه السلام إنما الأذن على البيوت ليس على الدار إذن ذلكم

[ 429 ]

خير لكم أي الأستيذان والتسليم خير لكم من أن تدخلوا بغتة لعلكم تذكرون قيل لكم هذا إرادة أن تذكروا وتعملوا بما هو أصلح لكم. (28) فإن لم تجدوا فيها أحدا يأذن لكم فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا ولا تلحوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم. (29) ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم إستمتاع لكم كالأستكنان من الحر والبرد وإيواء الرجال والجلوس للمعاملة. القمي عن الصادق عليه السلام هي الحمامات والخانات والأرحية تدخلها بغير إذن والله يعلم ما تبدون وما تكتمون وعيد لمن دخل مدخلا لفساد أو تطلع على عورة. (30) قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم أي ما يكون نحو محرم ويحفظوا فروجهم أي من النظر المحرم ذلك أزكى لهم أطهر لما فيه من البعد عن الريبة إن الله خبير بما يصنعون. (31) وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن. القمي عن الصادق عليه السلام كل آية في القرآن في ذكر الفروج فهي من الزنا إلا هذه الاية فإنها من النظر فلا يحل لرجل مؤمن أن ينظر إلى فرج أخيه ولا يحل للمرأة أن تنظر إلى فرج اختها. وفي الكافي عنه عليه السلام في حديث يذكر فيه فرض الأيمان على الجوارح وفرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عليه وأن يعرض عما نهى الله عنه مما لا يحل له وهو من الأيمان فقال تبارك وتعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم فنهاهم عن أن ينظروا إلى عوراتهم وأن ينظر المرء إلى فرج أخيه ويحفظ فرجه أن ينظر إليه وقال وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن من أن تنظر إحداهن إلى فرج أختها وتحفظ فرجها من أن ينظر إليها وقال كل شئ في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلا هذه الاية فإنها من النظر.

[ 430 ]

وعن الباقر عليه السلام قال إستقبل شاب من الأنصار إمرأة بالمدينة وكانت النساء يتقنعن خلف آذانهن فنظر إليها وهي مقبلة فلما جازت نظر إليها ودخل في زقاق قد سماه ببني فلان فجعل ينظر خلفها واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشق وجهه فلما مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره فقال والله لاتين رسول الله صلى الله عليه وآله ولأخبرنه قال فأتاه فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله قال له ما هذا فأخبره فهبط جبرئيل بهذه الاية ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها. في الكافي عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى إلا ما ظهر منها قال الزينة الظاهرة الكحل والخاتم وفي رواية الخاتم والمسكة وهي القلب. أقول: القلب بالضم السوار. في الجوامع عنهم عليهم السلام الكفان والأصابع. والقمي عن الباقر عليه السلام في هذه الاية قال هي الثياب والكحل والخاتم وخضاب الكف والسوار والزينة ثلاث زينة للناس وزينة للمحرم وزينة للزوج فأما زينة الناس فقد ذكرناها وأما زينة المحرم فموضع القلادة فما فوقها والدملج وما دونه والخلخال وما أسفل منه وأما زينة الزوج فالجسد كله. وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله قال للزوج ما تحت الدرع وللابن والاخ ما فوق الدرع ولغير ذي محرم أربعة أثواب درع وخمار وجلباب وإزار. وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما قال الوجه والكفان والقدمان وعنه عليه السلام لا بأس بالنظر إلى رؤوس أهل تهامة والأعراب وأهل السواد والعلوج لأنهم إذا نهوا لا ينتهون قال والمجنونة والمغلوب على عقلها ولا بأس بالنظر إلى شعرها وجسدها ما لم يتعمد ذلك. وعنه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا حرمة لنساء أهل الذمة أن ينظر إلى شعورهن وأيديهن وعنه عليه السلام إنه سئل عن الرجل يريد أن

[ 431 ]

يتزوج المرأة يتأملها وينظر إلى خلفها وإلى وجهها قال لا بأس وفي رواية لا بأس أن ينظر إلى وجهها ومعاصمها إذا أراد أن يتزوجها. أقول: المعصم كمنبر بكسر الميم موضع السوار وفي رواية اخرى ينظر إلى شعرها ومحاسنها إذا لم يكن متلذذا وفي اخرى إنما يشتريها بأغلى الثمن. وفي الخصال قال النبي صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام يا علي أول نظرة لك والثانية عليك لا لك وفي رواية لكم أول نظرة من المرأة فلا تسحبوها بنظرة اخرى واحذروا الفتنة وليضربن بخمرهن على جيوبهن سترا لأعناقهن ولا يبدين زينتهن كرره لبيان من يحل له الابداء ومن لا يحل إلا لبعولتهن فأنهم المقصودون بالزينة ولهم أن ينظروا إلى جميع جسدهن كما مر أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن قد سبق مالهم أن ينظروا إليه منها. وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن الذراعين من المرأة هما من الزينة التي قال الله تعالى ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن قال نعم وما دون الخمار من الزينة وما دون السوارين أو نسائهن يعني النساء المؤمنات. وفي الكافي والفقيه عن الصادق عليه السلام قال لا ينبغي للمرأة أن تنكشف بين اليهودية والنصرانية فإنهن يصفن ذلك لأزواجهن أو ما ملكت أيمانهن يعني العبيد والأماء كذا. في المجمع عن الصادق عليه السلام وفي الكافي عنه عليه السلام في هذه الاية قال لا بأس أن يرى المملوك الشعر والساق وفي رواية شعر مولاته وساقها وفي اخرى لا بأس أن ينظر إلى شعرها إذا كان مأمونا. وعنه عليه السلام لا يحل للمرأة أن ينظر عبدها إلى شئ من جسدها إلا إلى شعرها غير متعمد لذلك أو التابعين غير أولي الاربة أي أولي الحاجة إلى النساء والأربة العقل وجودة الرأي وقرئ غير بالنصب من الرجال.

[ 432 ]

القمي هو الشيخ الفاني الذي لا حاجة له إلى النساء. وفي الكافي عن الباقر عليه السلام قال هو الأحمق الذي لا يأتي النساء وعن الصادق عليه السلام الأحمق المولى عليه الذي لا يأتي النساء. وفي المجمع عنه عليه السلام إن التابع الذي يتبعك لينال من طعامك ولا حاجة له في النساء وهو الأبله المولى عليه. وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام إنه سئل عن الرجل يكون له الخصي يدخل على نسائه فيناولهن الوضوء فيرى شعورهن قال لا أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء لعدم تميزهم من الظهور بمعنى الأطلاع أو لعدم بلوغهم حد الشهوة من الظهور بمعنى الغلبة ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ليتقعقع خلخالها فيعلم إنها ذات خلخال فإن ذلك يورث ميلا في الرجال وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون إذ لا يكاد يخلو أحد منكم من تفريط سيما في الكف عن الشهوات وقرء أيه بضم الهاء لعلكم تفلحون بسعادة الدارين. (32) وانكحوا الايامى منكم هي مقلوب أيايم جمع أيم وهو العزب ذكرا كان أو انثى بكرا كان أو ثيبا والصالحين من عبادكم وإمائكم قيل خص الصالحين لأن إحصان دينهم أهم وقيل بل المراد الصالحون للنكاح إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله رد لما عسى أن يمنع من النكاح والله واسع ذو سعة لا تنفذ نعمه عليم يبسط الرزق ويقدر على ما تقتضيه حكمته. في الكافي عن الصادق عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء ظنه بالله عز وجل إن الله عز وجل يقول إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. وعنه عليه السلام جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فشكا إليه الحاجة فقال تزوج فوسع عليه. (33) وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا أسبابه حتى يغنيهم الله من فضله المشهور

[ 433 ]

في تفسيرها ليجتهدوا في قمع الشهوة وطلب العفة بالرياضة لتسكين شهوتهم. كما قال النبي صلى الله عليه وآله يا معشر الشبان من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. أقول: الباءة الجماع والوجاء إن ترض أنثيا الفحل رضا شديدا يذهب بشهوة الجماع أراد أن الصوم يقطع النكاح كما يقطعه الوجاء قيل الاية الاولى وردت للنهي عن رد المؤمن وترك تزويج المؤمنة والثانية لأمر الفقير بالصبر على ترك النكاح حذرا من تعبه حالة الزواج فلا تناقض. أقول: بل الأولى حمل الاول على عموم النهي عن تركه مخافة الفقر اللاحق كما دل عليه حديث مخافة العيلة وحمل الثانية على الأمر بالأستعفاف للفقر الحاضر المانع خاصة. وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في الاية الثانية قال يتزوجون حتى يغنيهم الله من فضله ولعل معناه إنهم يطلبون العفة بالتزويج والأحصان ليصيروا أغنياء وعلى هذا فالايتان متوافقتان في المعنى إلا أن هذا التفسير لا يلايم عدم الوجدان إلا بتكلف ويمكن أن يكون لفظة لا سقطت من صدر الحديث والعلم عند الله والذين يبتغون الكتاب المكاتبة وهي أن يقول الرجل لمملوكه كاتبتك على كذا أي كتبت على نفسي عتقك إذا أديت كذا من المال مما ملكت أيمانكم عبدا كان أو أمة فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا. في الكافي والتهذيب عن الصادق عليه السلام إن علمتم لهم مالا وفي رواية دينا ومالا. وفي الفقيه عنه عليه السلام والخير أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله ويكون بيده عمل يكتسب به أو يكون له حرفة وفي الكافي عنه عليه السلام سئل عن العبد يكاتبه مولاه وهو يعلم أنه ليس له قليل ولا كثير قال يكاتبه وإن كان يسأل الناس ولا يمنعه المكاتبة من أجل أن ليس له مال فإن الله يرزق العباد بعضهم من بعض والمؤمن معان وآتوهم من مال الله الذى آتيكم أعطوهم مما

[ 434 ]

كاتبتموهم به شيئا. في الكافي عن الصادق عليه السلام تضع من نجومه التي لم تكن تريد أن تنقصه ولا تزيد فوق ما في نفسك فقيل كم فقال وضع أبو جعفر عن مملوك ألفا من ستة آلاف. وعنه عليه السلام لا تقول اكاتبه بخمسة آلاف وأترك له ألفا ولكن انظر إلى الذي أضمرت عليه فأعطه ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء على الزنا إن أردن تحصنا تعففا شرط للأكراه فإنه لا يوجد بدونه وإن جعل شرطا للنهي لم يلزمه من عدمه جواز الأكراه لجواز أن يكون إرتفاع النهي بامتناع المنهي عنه لتبتغوا عرض الحيوة الدنيا. القمي كانت العرب وقريش يشترون الأماء ويضعون عليهم الضريبة الثقيلة ويقولون إذهبوا وازنوا واكتسبوا فنهاهم الله عن ذلك ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم وقرء من بعد إكراههن لهن غفور رحيم. ونسبه في المجمع إلى الصادق عليه السلام القمي أي لا يؤاخذهن الله بذلك إذا اكرهن عليه. وعن الباقر عليه السلام هذه الاية منسوخة نسختها فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب. (34) ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا وقصة عجيبة من الذين من أمثال الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين خصهم بها لأنهم المنتفعون. (35) الله نور السموات والارض الظاهر بنفسه المظهر لهما بما فيهما. وفي التوحيد عن الرضا عليه السلام هاد لأهل السماء وهاد لأهل الأرض قال وفي رواية البرقي هدى من في السموات وهدى من في الأرض مثل نوره صفة نوره العجيبة الشأن كمشكوة كصفة مشكاة وهي الكوة غير النافذة فيها مصباح سراج ضخم ثاقب المصباح في زجاجة في قنديل من الزجاج الزجاجة كأنها كوكب درى مضئ متلألأ منسوب إلى الدر وقرء بالهمزة وبضم الدال وكسرها من الدرء كأنه يدفع الظلام

[ 435 ]

بضوئه يوقد المصباح وقرئ بالتاء على إسناده إلى الزجاجة بحذف المضاف أي مصباحها وبفتح التاء والدال وتشديد القاف من شجرة مباركة زيتونة إبتداء ثقوب المصباح من شجرة الزيتون المتكاثر نفعه بأن رويت زبالته بزيتها لا شرقية ولا غربية تقع الشمس عليها حينا دون حين بل بحيث تقع عليها طول النهار فإن ثمرتها تكون أنضج وزيتها أصفي يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار أي يكاد يضئ بنفسه من غير نار لتلألئه وفرط وميضه نور على نور نور متضاعف فإن نور المصباح زاد في إنارته صفاء الزيت وزهرة القنديل وضبط المشكاة لأشعته يهدي الله لنوره من يشآء أي لهذا النور الثاقب ويضرب الله الامثال للناس تقريب للمعقول إلى المحسوس توضيحا وبيانا والله بكل شئ عليم معقولا كان أو محسوسا. في التوحيد عن الصادق عليه السلام هو مثل ضربه الله تعالى لنا وعنه عليه السلام الله نور السموات والارض قال كذلك الله عز وجل مثل نوره قال محمد صلى الله عليه وآله كمشكاة قال صدر محمد صلى الله عليه وآله فيها مصباح قال فيه نور العلم يعني النبوة المصباح في زجاجة قال علم رسول الله صلى الله عليه وآله صدر إلى قلب علي عليه السلام الزجاجة كأنها قال كأنه كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية قال ذاك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لا يهودي ولا نصراني يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار قال يكاد العلم يخرج من فم العالم من آل محمد صلوات الله عليهم من قبل أن ينطق به نور على نور قال الأمام في أثر الأمام وفي معناه أخبار اخر. وفي الكافي عن الباقر عليه السلام في حديث يقول أنا هادي السماوات والأرض مثل العلم الذي أعطيته وهو نوري الذي يهتدي به مثل المشكاة فيها المصباح فالمشكاة قلب محمد صلى الله عليه وآله والمصباح نوره الذي فيه العلم وقوله المصباح في زجاجة يقول إني اريد أن أقبضك فأجعل الذي عندك عند الوصي كما يجعل المصباح في الزجاجة كأنها كوكب دري فأعلمهم فضل الوصي يوقد من شجرة مباركة فأصل الشجرة المباركة إبراهيم عليه السلام وهو قول الله عز وجل رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد وهو قول الله إن الله اصطفي آدم ونوحا وآل

[ 436 ]

إبرهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم لا شرقية ولا غربية يقول لستم بيهود فتصلوا قبل المغرب ولا نصارى فتصلوا قبل المشرق وأنتم على ملة إبراهيم عليه السلام وقد قال الله عز وجل ما كان إبرهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين وقوله يكاد زيتها يضئ يقول مثل أولادكم الذين يولدون منكم مثل الزيت الذي يعصر من الزيتون يكادون أن يتكلموا بالنبوة ولو لم ينزل عليهم ملك. والقمي عن الصادق عن أبيه عليهما السلام في هذه الاية الله نور السموات والارض قال بدأ بنور نفسه مثل نوره مثل هداه في قلب المؤمن كمشكاة فيها مصباح المشكاة جوف المؤمن والقنديل قلبه والمصباح النور الذي جعله الله فيه توقد من شجرة مباركة قال الشجرة المؤمن زيتونة لا شرقية ولا غربية قال على سواء الجبل لا غربية أي لا شرق لها ولا شرقية أي لا غرب لها إذا طلعت الشمس طلعت عليها وإذا غربت غربت عليها يكاد زيتها يعني يكاد النور الذي جعله الله في قلبه يضئ وإن لم يتكلم نور على نور فريضة على فريضة وسنة على سنة يهدي الله لنوره من يشاء قال يهدي الله لفرائضه وسننه من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس قال فهذا مثل ضربه الله للمؤمن قال فالمؤمن يتقلب في خمسة من النور مدخله نور ومخرجه نور وعلمه نور وكلامه نور ومصيره يوم القيامة إلى الجنة نور قال الراوي قلت لجعفر عليه السلام إنهم يقولون مثل نور الرب قال سبحان الله ليس لله مثل أما قال فلا تضربوا لله الامثال. (36) في بيوت أي كمشكاة في بعض بيوت أو توقد في بيوت أذن الله أن ترفع بالتعظيم ويذكر فيها اسمه. في الكافي عن الصادق عليه السلام هي بيوت النبي صلى الله عليه وآله. وفيه وفي الأكمال عن الباقر عليه السلام هي بيوتات الأنبياء والرسل والحكماء وأئمة الهدى. والقمي عنه عليه السلام هي بيوت الأنبياء وبيت علي عليه السلام منها.

[ 437 ]

وفي الكافي عنه عليه السلام إن قتادة قال له والله لقد جلست بين يدي فقهاء وقدامهم فما اضطرب قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامك فقال له أتدري أين أنت بين يدي بيوت أذن الله أن ترفع إلى آخر الاية فأنت ثمة ونحن أولئك فقال له قتادة صدقت والله جعلني الله فداك والله ما هي بيوت حجارة ولا طين يسبح له فيها بالغدو والاصال وقرء بفتح الباء. (37) رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلوة وإيتآء الزكوة. في الفقيه عن الصادق عليه السلام في هذه الاية قال كانوا أصحاب تجارة فإذا حضرت الصلاة تركوا التجارة وانطلقوا إلى الصلاة وهم أعظم أجرا ممن لا يتجر. وفي المجمع عنهما عليهما السلام مثله. وفي الكافي رفعه قال هم التجار الذين لاتلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله إذا دخل مواقيت الصلاة أدوا إلى الله حقه فيها. وعن الصادق عليه السلام إنه سئل عن تاجر ما فعل فقيل صالح ولكنه قد ترك التجارة فقال عمل الشيطان ثلاثا أما علم أن رسول الله صلى الله عليه وآله إشترى عيرا أتت من الشام فاستفضل فيها ما قضى دينه وقسم في قرابته يقول الله عز وجل رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله الاية يقول القصاص إن القوم لم يكونوا يتجرون كذبوا ولكنهم لم يكونوا يدعون الصلاة في ميقاتها وهو أفضل ممن حضر الصلاة ولم يتجر يخافون يوما مع ما هم عليه من الشكر والطاعة تتقلب فيه القلوب والابصار وتتغير من الهول. (38) ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله أشياء لم يعدهم على أعمالهم ولا يخطر ببالهم والله يرزق من يشاء بغير حساب تقرير للزيادة وتنبيه على كمال القدرة ونفاذ المشيئة وسعة الأحسان. (39) والذين كفروا اعمالهم كسراب بقيعة بأرض مستوية يحسبه الظمآن ماء

[ 438 ]

حتى إذا جائه لم يجده شيئا مما ظنه ووجد الله عنده محاسبا إياه فوفيه حسابه والله سريع الحساب لا يشغله حساب عن حساب وقد سبق معناه. روي أنها نزلت في عتبة بن ربيعة بن امية تعبد في الجاهلية والتمس الدين فلما جاء الأسلام كفر. (40) أو كظلمات عطف على كسراب واو للتحييز فإن أعمالهم لكونها لاغية لا منفعة لها كالسراب ولكونها خالية عن نور الحق كالظلمات المتراكمة من لج البحر والأمواج والسحاب أو للتنويع فإن أعمالهم إن كانت حسنة فكالسراب وإن كانت قبيحة فكالظلمات في بحر لجي عميق منسوب إلى اللجج وهو معظم الماء يغشيه يغشى البحر موج من فوقه موج أي أمواج مترادفة متراكمة من فوقه من فوق الموج الثاني سحاب غطى النجوم وحجب أنوارها ظلمات هذه ظلمات وقرء بالجر على ابدالها من الاولى أو بإضافة سحاب إليها بعضها فوق بعض إذا أخرج يده يعني من كان هناك لم يكد يراها لم يقرب أن يراها فضلا أن يريها ومن لم يجعل الله له نورا ومن لم يقدر له الهداية ولم يوفقه لأسبابها فما له من نور خلاف الموفق الذي له نور على نور. وفي الكافي عن الصادق عليه السلام أو كظلمات قال الأول وصاحبه يغشيه موج الثالث من فوقه موج ظلمات الثاني بعضها فوق بعض معاوية لعنه الله وفتن بني امية إذا أخرج يده المؤمن في ظلمة فتنتهم لم يكد يريها ومن لم يجعل الله له نورا إماما من ولد فاطمة عليها السلام فما له من نور إمام يوم القيامة. والقمي عنه عليه السلام أو كظلمات فلان وفلان في بحر لجي يغشه موج يعني نعثل من فوقه موج طلحة والزبير بعضها فوق بعض معاوية ويزيد لعنهم الله وفتن بني امية إذا أخرج يده في ظلمة فتنتهم لم يكد يريها ومن لم يجعل الله له نورا يعني إماما من ولد فاطمة عليها السلام فما له من نور فماله من إمام يمشي بنوره كما في قوله تعالى يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم قال إنما المؤمنون يوم القيامة نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم حتى ينزلوا منازلهم من الجنان.

[ 439 ]

(41) ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والارض والطير أيضا صافات واقفات في الجو مصطفات الأجنحة في الهواء كل قد علم صلوته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون قال بعض أهل المعرفة خلق الله الخلق ليسبحوه فنطقهم بالتسبيح له والثناء عليه والسجود له فقال ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والارض والطير الاية وقال أيضا ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الارض والشمس والقمر والنجوم الاية وخاطب بهاتين الايتين نبيه الذي أشهده ذلك وأراه فقال ألم تر ولم يقل الم تروا فإنا ما رأيناه فهو لنا إيمان ولمحمد صلى الله عليه وآله عيان فأشهده سجود كل شئ وتواضعه لله وكل من أشهده الله ذلك ورآه دخل تحت هذا الخطاب وهذا تسبيح فطري وسجود ذاتي ينشأ عن تجل تجلى لهم فأحبوه فانبعثوا إلى الثناء عليه من غير تكليف بل إقتضاء ذاتي وهذه هي العبادة الذاتية التي أقامهم الله فيها بحكم الأستحقاق الذي يستحقه قال وليس هذا التسبيح بلسان الحال كما يقوله أهل النظر ممن لا كشف له قال ونحن زدنا مع الأيمان بالأخبار الكشف فقد سمعنا الأحجار تذكر الله رؤية عين بلسان تسمعه آذاننا منها وتخاطبنا مخاطبة العارفين بجلال الله مما ليس يدركه كل إنسان. أقول: قد سبق في سورتي النحل وبني إسرائيل زيادة بيان لهذا. والقمي عن الصادق عليه السلام ما من طير يصاد في بر ولا بحر ولا يصاد شئ من الوحش إلا بتضييعه التسبيح. وعن أمير المؤمنين عليه السلام إن لله ملكا في صورة الديك الأملح الأشهب براثنه في الأرضين السابعة وعرفه تحت العرش له جناحان جناح بالمشرق وجناح بالمغرب فأما الجناح الذي في المشرق فمن ثلج وأما الجناح الذي في المغرب فمن نار فكلما حضر وقت الصلاة قام على براثنه ورفع عرفه تحت العرش ثم أمال أحد جناحيه إلى الاخر يصفق بهما كما يصفق الديك في منازلكم فلا الذي في الثلج يطفي النار ولا الذي من النار يذيب الثلج ثم ينادي بأعلى صوته أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين وأن وصيه خير الوصيين سبوح

[ 440 ]

قدوس رب الملائكة والروح فلا يبقى في الأرض ديك إلا أجابه وذلك قوله عز وجل والطير صافات كل قد علم صلوته وتسبيحه. وفي التوحيد عنه عليه السلام مثله. (42) ولله ملك السموات والارض وإلى الله المصير مرجع الجميع. (43) ألم تر أن الله يزجي يسوق سحابا ثم يؤلف بينه بأن يكون قطعا فيضم بعضه إلى بعض ثم يجعله ركاما متراكبا بعضه الى بعض فترى الودق المطر يخرج من خلاله من فتوقه جمع خلل وينزل من السماء من الغمام فإن كل ما علاك فهو سماء من جبال من قطع عظام تشبه الجبال في عظمها وجمودها فيها من برد بيان للجبال فيصيب به بالبرد من يشاء ويصرفه عن من يشاء. في الكافي عن الصادق عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن الله عز وجل جعل السحاب غرابيل للمطر هي تذيب البرد ماء لكيلا يضر شيئا يصيبه والذي ترون فيه من البرد والصواعق نقمة من الله عز وجل يصيب بها من يشاء من عباده وفيه عنه عليه السلام قال البرد لا يؤكل لأن الله تعالى يقول يصيب به من يشاء وفي الأهليلجية عنه عليه السلام في حديث يذكر فيه الرياح قال وبها يتألف المفترق وبهما يفترق الغمام المطبق حتى ينبسط في السماء كيف يشاء مدبره فيجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله بقدر معلوم لمعاش مفهوم وأرزاق مقسومة وآجال مكتوبة. وفي الفقيه عن الباقر عليه السلام في حديث يذكر فيه أنواع الرياح قال ومنها رياح تحبس السحاب بين السماء والأرض ورياح تعصر السحاب فتمطر بإذن الله ورياح تفرق السحاب يكاد سنا برقه ضوء برقه يذهب بالابصار بأبصار الناظرين إليه من فرط الأضاءة. (44) يقلب الله الليل والنهار بالمعاقبة بينهما ونقص أحدهما وزيادة الاخر وتغيير أحوالهما بالحر والبرد والظلمة والنور إن في ذلك فيما تقدم ذكره لعبرة لاولي الابصار.

[ 441 ]

(45) والله خلق كل دابة كل حيوان يدب على الأرض وقرئ خالق بالأضافة من ماء. القمي من مني وقيل من الماء الذي جزء مادته إذ من الحيوانات ما يتولد لا عن النطفة فمنهم من يمشى على بطنه كالحية ومنهم من يمشى على رجلين كالأنس والطير ومنهم من يمشى على أربع كالنعم والوحش. وفي المجمع عن الباقر عليه السلام. والقمي عن الصادق عليه السلام ومنهم من يمشي على أكثر من ذلك يخلق الله ما يشآء مما ذكر ومما لم يذكر بمقتضى مشيته إن الله على كل شئ قدير. (46) لقد أنزلنا آيات مبينات للحقايق بأنواع الدلائل والله يهدي من يشاء بالتوفيق للنظر فيها والتدبر لمعانيها إلى صراط مستقيم الموصل إلى درك الحق والفوز بالجنة. (47) ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا لهما ثم يتولى فريق منهم بالأمتناع عن قبول حكمه من بعد ذلك بعد قولهم هذا وما أولئك بالمؤمنين الذين عرفتهم وهم المخلصون في الأيمان الثابتون عليه. (48) وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أي ليحكم النبي صلى الله عليه وآله فإنه الحاكم ظاهرا والمدعو إليه وذكر الله لتعظيمه والدلالة على أن حكمه في الحقيقة حكم الله إذا فريق منهم معرضون فاجاء فريق منهم الأعراض إذا كان الحق عليهم لعلمهم بأنه لا يحكم لهم وهو شرح للتولي ومبالغة فيه. (49) وإن يكن لهم الحق لا عليهم يأتوا إليه مذعنين منقادين لعلمهم بأنه يحكم لهم. (50) أفي قلوبهم مرض كفر وميل إلى الظلم أم ارتابوا بأن رأوا منك تهمة فزالت ثقتهم بك أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله في الحكومة بل أولئك هم الظالمون إضراب عن القسمين الأخيرين لتحقيق القسم الأول والفصل لنفي ذلك

[ 442 ]

عن غيرهم سيما المدعو إلى حكمه. القمي عن الصادق عليه السلام نزلت هذه الاية في أمير المؤمنين عليه السلام وعثمان وذلك أنه كان بينهما منازعة في حديقة فقال أمير المؤمنين عليه السلام نرضى برسول الله صلى الله عليه وآله فقال عبد الرحمن بن عوف لعثمان لا تحاكم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه يحكم له عليك ولكن حاكمه إلى ابن شيبة اليهودي فقال عثمان لأمير المؤمنين عليه السلام لا نرضى إلا بإبن شيبة اليهودي فقال ابن شيبة لعثمان تأتمنون رسول الله صلى الله عليه وآله على وحي السماء وتتهمونه في الأحكام فأنزل الله عز وجل على رسوله وإذا دعوا إلى الله ورسوله الايات وفي المجمع حكى البلخي إنه كانت بين علي وعثمان منازعة في أرض اشتراها من علي فخرجت فيها أحجار فأراد رده بالعيب فلم يأخذها فقال بيني وبينك رسول الله صلى الله عليه وآله فقال الحكم بن أبي العاص إن حاكمته إلى ابن عمه حكم له فلا تحاكمه إليه فيه فنزلت الايات قال وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام أو قريب منه. (51) إنما كان قول المؤمنين. في المجمع عن علي عليه السلام إنه قرأ قول المؤمنين بالرفع إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون. في المجمع عن الباقر عليه السلام والقمي أن المعني بالاية أمير المؤمنين عليه السلام. (52) ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه وقرئ بغير الأشباع وبسكون الهاء وبسكون القاف فأولئك هم الفائزون بالنعيم المقيم. (53) وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم بالخروج عن ديارهم وأموالهم ليخرجن قل لا تقسموا على الكذب طاعة معروفة المطلوب منكم طاعة معروفة لا اليمين على الطاعة النفاقية المنكرة إن الله خبير بما تعملون فلا يخفي عليه سرائركم.

[ 443 ]

(54) قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول أمر بتبليغ ما خاطبهم الله به على الحكاية مبالغة في تبكيتهم فإن تولوا فإنما عليه على محمد صلى الله عليه وآله ما حمل من التبليغ وعليكم ما حملتم من الأمتثال وإن تطيعوه تهتدوا إلى الحق وما على الرسول إلا البلاغ المبين التبليغ الواضح لما كلفتم وقد أدى وإنما بقى ما حملتم فإن أديتم فلكم وإن توليتم فعليكم. في الكافي عن الصادق عليه السلام في خطبة في وصف النبي صلى الله عليه وآله قال وأدى ما حمل من أثقال النبوة. وعن الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا معشر قراء القرآن إتقوا الله عز وجل فيما حملكم من كتابه فإني مسؤول وإنكم مسؤولون إنى مسؤول عن تبليغ الرسالة وأما أنتم فتسئلون عما حملتم من كتاب الله وسنتي. (55) وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض ليجعلنهم خلفاء بعد نبيكم كما استخلف الذين من قبلهم يعني وصاة الأنبياء عليهم السلام بعدهم وقرء بضم التاء وكسر اللام وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وهو الأسلام وليبدلنهم من بعد خوفهم من الأعداء وقرئ بالتخفيف أمنا منهم يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر ارتد أو كفر هذه النعمة بعد ذلك بعد حصوله فأولئك هم الفاسقون الكاملون في فسقهم حيث ارتدوا بعد وضوح الأمر وكفروا تلك النعمة العظيمة. في الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذه الاية فقال هم الأئمة عليهم السلام. وعن الباقر عليه السلام ولقد قال الله في كتابه لولاة الأمر من بعد محمد صلى الله عليه وآله خاصة وعد الله الذين آمنوا منكم إلى قوله وأولئك هم الفاسقون يقول استخلفكم لعلمي وديني وعبادتي بعد نبيكم كما استخلف وصاة آدم عليه السلام من بعده حتى يبعث النبي الذي يليه يعبدونني لا يشركون بي شيئا يقول يعبدونني بإيمان لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله فمن قال غير ذلك فأولئك هم الفاسقون فقد مكن ولاة الأمر بعد محمد صلى الله عليه وآله بالعلم ونحن هم فاسألونا فإن صدقناكم

[ 444 ]

فأقروا وما أنتم بفاعلين. والقمي نزلت في القائم من آل محمد عليهم السلام. أقول: تبديل خوفهم بالأمن يكون بالقائم عليه السلام أو مجموع ذلك معا يكون به فلا ينافي الخبر السابق. وفي المجمع المروي عن أهل البيت عليهم السلام إنها في المهدي من آل محمد عليهم السلام. قال وروى العياشي بإسناده عن علي بن الحسين عليهما السلام إنه قرأ الاية وقال هم والله شيعتنا أهل البيت يفعل ذلك بهم على يدي رجل منا وهو مهدي هذه الامة وهو الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله لو لم يبق من الدنيا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من عترتي إسمه إسمي يملا الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا. قال وروي مثل ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال فعلى هذا يكون المراد بالذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات النبي وأهل بيته. أقول: فقوله عليه السلام هم والله شيعتنا يفعل ذلك بهم يعني تبديل الخوف بالأمن إنما يكون لهم. وفي الأكمال عن الصادق عليه السلام في قصة نوح وذكر إنتظار المؤمنين من قومه الفرج حتى أراهم الله الأستخلاف والتمكين قال وكذلك القائم عليه السلام فإنه تمتد أيام غيبته ليصرح الحق عن محضه ويصفو الأيمان عن الكدر بإرتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسوا بالأستخلاف والتمكين والأمر المنتشر في عهد القائم عليه السلام قال الراوي فقلت يابن رسول الله فإن هذه النواصب تزعم أن هذه الاية نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي فقال لا لا يهد الله قلوب الناصبة متى كان الدين الذي إرتضاه الله ورسوله متمكنا بإنتشار الأمر في الامة وذهاب الخوف من قلوبها وإرتفاع الشك من صدورها في عهد واحد من

[ 445 ]

هؤلاء وفي عهد علي عليه السلام مع إرتداد المسلمين والفتن التي كانت تثور في أيامهم والحروب التي كانت تنشب بين الكفار وبينهم. وفي الأحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث ذكر فيه مثالب الثلاثة وإمهال الله إياهم قال كل ذلك لتتم النظرة التي أوجبها الله لعدوه إبليس إلى أن يبلغ الكتاب أجله ويحق القول على الكافرين ويقرب الوعد الحق الذي بينه الله في كتابه بقوله وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وذلك إذا لم يبق من الأسلام إلا إسمه ومن القرآن إلا رسمه وغاب صاحب الأمر بإيضاح العذر له في ذلك لاشتمال الفتنة على القلوب حتى يكون أقرب الناس إليه أشد عداوة له وعند ذلك يؤيده الله بجنود لم تروها ويظهر دين نبيه على يديه ويظهره على الدين كله ولو كره المشركون. وفي الجوامع عن النبي صلى الله عليه وآله قال زويت لي الأرض فاريت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك امتي ما زوى لي منها. وروى المقداد عنه صلى الله عليه وآله أنه قال لا يبقى على الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله كلمة الأسلام بعز عزيز وذل ذليل إما أن يعزهم الله فيجعلهم من أهلها وإما أن يذلهم فيدينون بها. (56) وأقيموا الصلوة وآتوا الزكوة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون. (57) لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الارض معجزين الله عن ادراكهم واهلاكهم وقرئ بالياء ومأويهم النار ولبئس المصير. (58) يا أيها الذين آمنوا ليستاذنكم الذين ملكت أيمانكم. في الكافي عن الصادق عليه السلام هي خاصة في الرجال دون النساء قيل فالنساء يستأذن في هذه الثلاث ساعات قال لا ولكن يدخلن ويخرجن وفي رواية اخرى هم المملوكون من الرجال والنساء والصبيان الذين لم يبلغوا والذين لم يبلغوا الحلم منكم الصبيان من الأحرار.

[ 446 ]

في الكافي عن الصادق عليه السلام قال: من أنفسكم قال: عليكم استيذان كاستيذان من قد بلغ في هذه الثلاث ساعات ثلاث مرات يعني في اليوم والليلة من قبل صلاة الفجر لأنه وقت القيام من المضاجع وطرح ثياب النوم ولبس ثياب اليقظة وحين تضعون ثيابكم يعني للقيلولة من الظهيرة بيان للحين أي وقت الظهر ومن بعد صلاة العشاء لأنه وقت التجرد عن اللباس والألتحاف باللحاف ثلاث عورات لكم أي ثلاث أوقات لكم يختل فيها تستركم وأصل العورة الخلل وقرء ثلاث بالنصب ليس عليكم جناح بعدهن بعد هذه الأوقات في ترك الأستيذان. في الكافي عن الصادق عليه السلام ويدخل مملوككم وغلمانكم من بعد هذه الثلاث عورات بغير إذن إن شاؤا طوافون عليكم أي هم طوافون إستيناف لبيان العذر المرخص في ترك الأستيذان وهو المخالطة وكثرة المداخلة بعضكم طائف على بعض هؤلاء للخدمة وهؤلاء للأستخدام فإن الخادم إذا غاب احتيج إلى الطلب وكذا الأطفال للتربية كذلك يبين الله لكم الايات أي الأحكام والله عليم بأحوالكم حكيم فيما شرع لكم. في الكافي عن الصادق عليه السلام قال ليستأذن الذين ملكت إيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات كما أمركم الله قال: ومن بلغ الحلم فلا يلج على امه ولا على اخته ولا على خالته ولا على من سوى ذلك إلا بإذن ولا تأذنوا حتى يسلم فإن السلام طاعة لله - عز وجل - وقال: وليستأذن عليك خادمك إذا بلغ الحلم في ثلاث عورات إذا دخل في شئ منهن ولو كان بيته في بيتك قال: وليستأذن عليك بعد العشاء التي تسمى العتمة وحين تصبح وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة إنما أمر الله - عز وجل - بذلك للخلوة فإنها ساعة عزة وخلوة. والقمي قال إن الله تعالى نهى أن يدخل أحد في هذه الثلاثة الأوقات على أحد لا أب ولا اخت ولا ام ولا خادم إلا بإذن. (59) وإذا بلغ الاطفال منكم أيها الأحرار الحلم فليستأذنوا أي في جميع الأوقات كما استأذن الذين من قبلهم الذين بلغوا من قبلهم من الأحرار المستأذنين في الأوقات

[ 447 ]

كلها وإنما خوطب به الأحرار لأن بلوغ الأحرار يوجب رفع الحكم المذكور في تخصيص الأستيذان بالأوقات الثلاثة بخلاف بلوغ المماليك فإن الحكم باق معه في التخصيص للأحتياج إلى الخدمة والأستخدام وقد مضى ما يدل عليه من النص كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم كرره تأكيدا ومبالغة في الأمر بالأستيذان. (60) والقواعد من النساء العجايز اللاتي قعدن من الحيض والنكاح اللاتي لا يرجون نكاحا لا يطمعن فيه لكبرهن فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن أي الثياب الظاهرة. وفي المجمع قرأ الباقر والصادق عليهما السلام يضعن من ثيابهن. القمي قال نزلت في العجايز اللاتي يئسن من المحيض والتزويج أن يضعن الثياب. وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه قرأها فقال الجلباب والخمار إذا كانت المرأة مسنة. وعنه عليه السلام قال الخمار والجلباب قيل بين يدي من كان قال بين يدي من كان. وفي رواية قال تضع الجلباب وحده وفي اخرى إلا أن تكون أمة ليس عليها جناح أن تضع خمارها رواها في التهذيب. وفي العيون عن الرضا عليه السلام في هذه الاية قال عني الجلباب قال فلا بأس بالنظر إلى شعور مثلهن غير متبرجات بزينة غير مظهرات زينة مما أمرن بإخفائه في قوله تعالى ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها كما رواه. في الكافي عن الصادق عليه السلام قال والزينة التي يبدين لهن شئ في الاية الاخرى. أقول: وهو الوجه والكفان والقدمان كما مضى وما سوى ذلك داخل في النهي

[ 448 ]

عن التبرج بها وأصل التبرج التكلف في إظهار ما يخفي وأن يستعففن خير لهن من الوضع. القمي قال أي لا يظهرن للرجال. وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال فإن لم تفعل فهو خير لها والله سميع لمقالهن للرجال عليم بمقصودهن. (61) ليس على الاعمى حرج ولا على الاعرج حرج ولا على المريض حرج نفي لما كانوا يتحرجون من مواكلة الأصحاء حذرا من إستقذارهم أو أكلهم من بيت من يدفع إليهم المفتاح ويبيح لهم التبسط فيه إذا خرج إلى الغزو وخلفهم على المنازل مخافة أن لا يكون ذلك من طيبة قلب أو من إجابة من يدعوهم إلى بيوت آبائهم وأولادهم وأقاربهم فيطعمونهم كراهة أن يكونوا كلا عليهم. القمي عن الباقر عليه السلام في هذه الاية قال وذلك إن أهل المدينة قبل أن يسلموا كانوا يعتزلون الأعمى والأعرج والمريض وكانوا لا يأكلون معهم وكانت الأنصار فيهم تيه وتكرمة فقالوا إن الأعمى لا يبصر الطعام والأعرج لا يستطيع الزحام على الطعام والمريض لا يأكل كما يأكل الصحيح فعزلوا لهم طعامهم على ناحية وكانوا يرون عليهم في مواكلتهم جناح وكان الأعمى والأعرج والمريض يقولون لعلنا نؤذيهم إذا أكلنا معهم فاعتزلوا من مواكلتهم فلما قدم النبي صلى الله عليه وآله سألوه عن ذلك فأنزل الله عز وجل ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم قيل يعني من البيوت التي فيها أزواجكم وعيالكم فيدخل فيها بيوت الأولاد لأن بيت الولد كبيته لقوله صلى الله عليه وآله أنت ومالك لأبيك وقوله إن أطيب ما يأكل المرء من كسبه وأن ولده من كسبه. وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل ما يحل للرجل من مال ولده قال قوت بغير سرف إذا إضطر إليه قيل فقول رسول الله صلى الله عليه وآله للرجل الذي قدم أباه أنت ومالك لأبيك فقال إنما جاء بأبيه إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله هذا أبي وقد ظلمني ميراثي من امي فأخبره الأب أنه قد أنفقه عليه وعلى

[ 449 ]

نفسه فقال أنت ومالك لأبيك ولم يكن عند الرجل شئ وما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحبس الأب للأبن أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه. في الكافي عن الصادق عليه السلام قال الرجل له وكيل يقوم فيما له فيأكل بغير إذنه. وعن أحدهما عليهما السلام ليس عليك جناح فيما أطعمت وأكلت مما ملكت مفاتحه ما لم تفسده أو صديقكم. في المجمع عن أئمة الهدى عليهم السلام انهم قالوا لا بأس بالأكل لهؤلاء من بيوت من ذكره الله قدر حاجتهم من غير إسراف. وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل ما يعني بقوله أو صديقكم قال هو والله الرجل يدخل بيت صديقه فيأكل بغير إذنه. وعنه عليه السلام هؤلاء الذين سمى الله عز وجل في هذه الاية يأكل بغير إذنهم من التمر والمادوم وكذلك تطعم المرأة من منزل زوجها بغير إذنه فأما ما خلا ذلك من الطعام فلا. وعنه عليه السلام قال للمرأة أن تأكل وأن تتصدق وللصديق أن يأكل من منزل أخيه ويتصدق. وفي الجوامع عنه عليه السلام من عظم حرمة الصديق أن جعله من الانس والثقة والأنبساط وترك الحشمة بمنزلة النفس والأب والأخ والأبن ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا مجتمعين أو متفرقين. القمي لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة وآخى بين المسلمين من المهاجرين والأنصار قال فكان بعد ذلك إذا بعث أحدا من أصحابه في غزاة أو سرية يدفع الرجل مفتاح بيته إلى أخيه في الدين ويقول له خذ ما شئت وكل ما

[ 450 ]

شئت فكانوا يمتنعون من ذلك حتى ربما فسد الطعام في البيت فأنزل الله ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا يعني إن حضر صاحبه أو لم يحضر إذا ملكتم مفاتحه. وفي المحاسن عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى ليس عليكم جناح قال بإذن وبغير إذن فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة. في المعاني عن الباقر عليه السلام قال هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل ثم يردون عليه فهو سلامكم على أنفسكم. وفي المجمع عن الصادق عليه السلام مثله والقمي قال هو سلامكم على أهل البيت وردهم عليكم فهو سلامك على نفسك. وعن الباقر عليه السلام قال إذا دخل الرجل منكم بيته فإن كان فيه أحد يسلم عليهم وإن لم يكن فيه أحد فليقل السلام علينا من عند ربنا يقول الله تحية من عند الله مباركة طيبة. وفي الجوامع وصفها بالبركة والطيب لأنها دعوة مؤمن لمؤمن يرجو بها من الله زيادة الخير وطيب الرزق. ومنه قوله عليه السلام سلم على أهل بيتك تكثر خير بيتك كذلك يبين الله لكم الايات مزيد تأكيد وتفخيم للأحكام المختتمة به لعلكم تعقلون الخير في الأمور. (62) إنما المؤمنون الكاملون في الأيمان الذين آمنوا بالله ورسوله من صميم قلوبهم وإذا كانوا معه على أمر جامع كالجمعة والأعياد والحروب والمشاورة في الامور لم يذهبوا حتى يستاذنوه يستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وآله فيأذن لهم. القمي نزلت في قوم كانوا إذا جمعهم رسول الله صلى الله عليه وآله لأمر من الامور أو في بعث يبعثه أو في حرب قد حضرت يتفرقون بغير إذنه فنهاهم الله عن ذلك إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله أعاده مؤكدا على اسلوب

[ 451 ]

أبلغ فإنه يفيد أن المستأذن مؤمن لا محالة وإن الذاهب بغير إذن ليس كذك تنبيها على كونه مصداقا لصحة الأيمان ومميزا للمخلص عن المنافق وتعظيما للمجرم فإذا استأذنوك لبعض شأنهم ما يعرض لهم من المهام وفيه أيضا مبالغة وتضييق للأمر فأذن لمن شئت منهم تفويض للأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله واستغفر لهم الله بعد الأذن فإن الأستيذان ولو لعذر قصور لأنه تقديم لأمر الدنيا على أمر الدين إن الله غفور لفرطات العباد رحيم لتيسير. القمي نزلت في حنظلة بن أبي عياش وذلك أنه تزوج في الليلة التي كان في صبيحتها حرب احد فأستأذن رسول الله صلى الله عليه وآله أن يقيم عند أهله فأنزل الله عز وجل هذه الاية فأذن لمن شئت منهم فأقام عند أهله ثم أصبح وهو جنب فحضر القتال واستشهد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله رأيت الملائكة تغسل الحنظلة بماء المزن في صحائف فضة بين السماء والأرض فكان سمي غسيل الملائكة. (63) لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا القمي قال لا تدعوا رسول الله كما يدعو بعضكم بعضا. وعن الباقر عليه السلام قال يقول لا تقولوا يا محمد ولا يا أبا القاسم لكن قولوا يا نبي الله ويا رسول الله. وفي المناقب عن الصادق عليه السلام قالت فاطمة عليها السلام لما نزلت هذه الاية هبت رسول الله صلى الله عليه وآله أن أقول له يا أبة فكنت أقول يا رسول الله فأعرض عني مرة أو اثنتين أو ثلاثا ثم أقبل علي فقال يا فاطمة إنها لم تنزل فيك ولا في أهلك ولا في نسلك أنت مني وأنا منك إنما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش أصحاب البذخ والكبر قولي يا أبة فإنها أحيى للقلب وأرضى للرب قد يعلم الله الذين يتسللون منكم يخرجون قليلا قليلا من الجماعة لواذا ملاوذة بأن يستتر بعضهم ببعض حتى يخرج أو يلوذ بمن يؤذن فينطلق معه كأنه تابعه فليحذر الذين يخالون عن أمره. القمي أي يعصون أمره أن تصيبهم فتنة محنة في الدنيا القمي بلية أو يصيبهم عذاب أليم قال قال القتل.

[ 452 ]

وفي الجوامع عن الصادق عليه السلام قال يسلط عليهم سلطان جائرا أو عذاب أليم في الاخرة. (64) ألا إن لله ما في السموات والارض قد يعلم ما أنتم عليه من المخالفة والموافقة والنفاق والأخلاص وإنما أكد علمه بقدر لتأكيد الوعيد ويوم يرجعون إليه يرجع المنافقون إليه للجزاء أو الألتفات والكل مراد فينبئهم بما عملوا والله بكل شئ عليم لا يخفي عليه خافية. في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام قال حصنوا أموالكم وفروجكم بتلاوة سورة النور وحصنوا بها نسائكم فإن من أدمن قراءتها في كل يوم أو في كل ليلة لم يزن أحد من أهل بيته أبدا حتى يموت فإذا هو مات شيعه إلى قبره سبعون ألف ملك كلهم يدعون ويستغفرون الله له حتى يدخل في قبره. وفي الكافي عنه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا تنزل النساء الغرف ولا تعلموهن الكتابة وعلموهن المغزل وسورة النور اللهم ارزقنا تلاوته.

 




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21338989

  • التاريخ : 29/03/2024 - 13:02

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net