00989338131045
 
 
 
 
 
 

 سورة النحل 

القسم : تفسير القرآن الكريم   ||   الكتاب : تفسير الصافي ( الجزء الثالث)   ||   تأليف : المولى محسن الملقب بـ « الفيض الكاشاني »

[ 126 ]

سورة النحل

أربعون آية من أولها مكية والباقي من قوله (والذين هاجروا في الله) إلى آخر السورة مدنية وقيل مكية كلها غير ثلاث آيات (وإن عاقبتم) إلى آخر السورة عدد آياتها مأة وثمان وعشرون آية. بسم الله الرحمن الرحيم (1) أتى أمر الله فلا تستعجلوه قيل كانوا يستعجلون ما أوعدهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من قيام الساعة وإهلاك الله إياهم كما فعل يوم بدر استهزاءا وتكذيبا ويقولون إن صح ما تقوله فالأصنام تشفع لنا وتخلصنا منه فنزلت والمعنى إن الأمر الموعود به بمنزلة الاتي المتحقق من حيث أنه واجب الوقوع فلا تستعجلوا وقوعه فإنه لا خير لكم فيه ولا خلاص لكم عنه. القمي قال نزلت لما سألت قريش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن ينزل عليهم العذاب فأنزل الله أتى أمر الله فلا تستعجلوه. والعياشي عن الصادق عليه السلام إذا أخبر الله إن شيئا كائن فكأنه قد كان سبحانه (1) وتعالى عما يشركون تبرأ وجل أن يكون له شريك فيدفع ما أراد بهم وقرئ بالتاء


1 - هذه كلمة تنزيه لله تعالى عما لا يليق به وبصفاته وتنزيه له من ان يكون له شريك في عبادته اي جل وتقدس وتنزه من ان يكون له شريك تعالى وتعظم وارتفع من جميع صفات النقص. (*)

[ 127 ]

(2) ينزل الملائكة بالروح بما يحيى به القلوب الميتة بالجهل من الوحي والقرآن. القمي يعني بالقوة التي جعلها الله فيهم. وعن الباقر عليه السلام يقول بالكتاب والنبوة وقرئ ينزل من أنزل وينزل على المبني للمفعول والتشديد من أمره من ملكوته على من يشآء من عباده. في البصائر عن الباقر عليه السلام أنه سئل عن هذه الاية فقال جبرئيل الذي نزل على الأنبياء والروح يكون معهم ومع الأوصياء لا يفارقهم يفقههم ويسددهم من عند الله. الحديث. ويأتي كلام آخر في الروح في سورة بني إسرائيل إن شاء الله وقد سبق تمام تحقيقه في سورة الحجر أن أنذروا بأن اعلموا من أنذرت بكذا إذا أعلمته أنه لا إله إلا أنا فاتقون. (3) خلق السموت والارض بالحق تعالى عما يشركون. (4) خلق الانسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين. القمي قال خلقه من قطرة ماء منتن فيكون خصيما متكلما بليغا. (5) والانعام الأزواج الثمانية خلقها لكم فيها دف ء. القمي ما تستدفئون به مما يتخذ من صوفها ووبرها ومنافع نسلها ودرها وظهورها وإثارة الأرض وما يعوض بها ومنها تأكلون أي تأكلون مما يؤكل منها كاللحوم والشحوم والألبان. (6) ولكم فيها جمال زينة حين تريحون تردونها من مراعيها إلى مراحها بالعشي وحين تسرحون تخرجونها بالغداة إلى المرعى فإن الأفنية تتزين بها في الوقتين ويجل أهلها في أعين الناظرين إليها وتقديم الاراحة لأن الجمال فيها أظهر فإنها تقبل ملأ البطون حافلة الضروع ثم تأوى إلى الحظاير حاضرة لأهلها. (7) وتحمل أثقالكم أحمالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إن لم تكن فضلا عن

[ 128 ]

أن تحملوها على ظهوركم إليه إلا بشق الانفس إلا بكلفة ومشقة إن ربكم لرؤف رحيم حيث رحمكم بخلقها لأنتفاعكم بها وسهولة الأمر عليكم. (8) والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون. القمي قال العجائب التي خلقها الله في البر والبحر. (9) وعلى الله قصد السبيل هداية الطريق المستقيم الموصل إلى الحق ونحوه إن علينا للهدى ومنها جائر حائد عن القصد ولو شاء لهديكم أجمعين إلى القصد. (10) هو الذى أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر ومنه يكون نبات فيه تسيمون ترعون مواشيكم. (11) ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والاعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لاية لقوم يتفكرون فيستدلون بها على عظمة خالقها وكمال قدرته وحكمته وقرئ ننبت بالنون. (12) وسخر لكم اليل والنهار والشمس والقمر والنجوم بأن هيأها لمنافعكم مسخرات بأمره وقرئ برفع النجوم ومسخرات وبرفع الشمس والقمر أيضا إن في ذلك لايات لقوم يعقلون جمع الايات هنا وذكر العقل دون الفكر لأن في الاثار العلوية أنواعا من الدلالة ظاهرة للعقلاء على عظمة الله. (13) وما ذرأ لكم في الارض وسخر لكم ما خلق لكم في الأرض من حيوان ونبات ومعدن مختلفا ألوانه أي أصنافه فإنها تتخالف باللون غالبا إن في ذلك لاية لقوم يذكرون. (14) وهو الذى سخر لكم البحر ذلله بحيث تتمكنون من الأنتفاع به بالركوب والأصطياد والغوص لتأكلوا منه لحما طريا هو السمك وتستخرجوا منه حلية تلبسونها (1) كاللؤلؤ والمرجان وترى الفلك السفن مواخر فيه جواري فيه تشقه بحيازيمها من المخر


1 - أي يتزينون بها وتلبسونها نساءكم ولولا تسخيره سبحانه ذلك لما قدرتم على الدنو منه والغوص فيه. م‍ ن. (*)

[ 129 ]

وهو شق الماء وقيل صوت جري الفلك ولتبتغوا من فضله من سعة رزقه بركوبها للتجارة ولعلكم تشكرون أي تعرفون نعمة الله فتقومون بحقها. (15) وألقى في الارض رواسي جبالا ثوابت أن تميد بكم كراهة أن تميل بكم وتضطرب. في الخصال عن الصادق عن أبيه عن جده عليهم السلام أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال إن الله تبارك وتعالى لما خلق البحار فخرت وزخرت وقالت أي شئ يغلبني فخلق الله الفلك فأدارها به وذللها ثم إن الأرض فخرت وقالت أي شئ يغلبني فخلق الله الجبال فاثبتها في ظهرها أوتادا منعها من أن تميد بما عليها فذلت الأرض واستقرت. وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إن الله جعل الأئمة عليهم السلام أركان الأرض أن تميد بأهلها. وفي الأكمال عن الباقر عليه السلام لو أن الأمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله وأنهارا وجعل فيها أنهارا وسبلا لعلكم تهتدون إلى مقاصدكم. (16) وعلامات هي معالم الطرق وكل ما يستدل به المارة من جبل وسهل وغير ذلك وبالنجم هم يهتدون بالليل في البراري والبحار. في الكافي والمجمع والقمي والعياشي في أخبار كثيرة عنهم عليهم السلام نحن العلامات والنجم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. والعياشي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالنجم هم يهتدون هو الجدي لأنه نجم لا يزول وعليه بناء القبلة وبه يهتدي أهل البر والبحر. وعن الصادق عليه السلام في هذه الاية قال ظاهر وباطن الجدي يبني عليه القبلة وبه يهتدي أهل البر والبحر لأنه لا يزول.

[ 130 ]

أقول: يعني معناه الظاهر الجدي والباطن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. (17) أفمن يخلق كمن لا يخلق يعني الأصنام أفلا تذكرون فتعرفوا فساد ذلك. (18) وإن تعدوا (1) نعمة الله لا تحصوها لا تضبطوا عددها فضلا أن تطيقوا القيام بشكرها إن الله لغفور حيث يتجاوز عن تقصيركم في أداء شكرها رحيم لا يقطعها لتفريطكم فيه ولا يعاجلكم بالعقوبة على كفرانها. (19) والله يعلم ما تسرون وما تعلنون من عقايدكم وأعمالكم وهو وعيد. (20) والذين يدعون من دون الله والالهة الذين تعبدونهم من دونه وقرئ تدعون بالتاء لا يخلقون شيئا وهم يخلقون. (21) أموات (2) غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون ولا يعلمون وقت بعثهم أو بعث عبدتهم فكيف يكون لهم وقت جزاء على عبادتهم. (22) إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالاخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون. (23) لا جرم حقا أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون فيجازيهم وهو وعيد إنه لا يحب المستكبرين. القمي والعياشي عن الباقر عليه السلام لا يؤمنون بالاخرة يعني بالرجعة قلوبهم منكرة يعني كافرة وهم مستكبرون يعني عن ولاية علي عليه السلام إنه لا يحب المستكبرين يعني عن ولاية علي عليه السلام.


1 - معناه وان اردتم تعداد نعم الله سبحانه عليكم ومعرفة تفاصيلها لم يمكنكم احصاؤها ولا تعديدها وانما يمكنكم ان تعرفوا مجملها. من. 2 - اكد كونها امواتا بقوله غير احياء لنفي الحياة عنها على الاطلاق فان من الاموات من سبقت له حالة في الحياة وله حالة منتظرة من الحياة بخلاف الاصنام فانه ليس لها حياة سابقة ولا منتظرة وقال اموات ولم يقل موات وان كان الاموات جمع الميت الذي كان فيه حياة فزالت لانهم صوروا الاصنام على صور العقلاء وهيأتهم وعاملوها معاملة العقلاء تسمية واعتقادا ولذلك قال لا يخلقون شيئا وهم يخلقون مجمع البيان. (*)

[ 131 ]

والعياشي مر الحسين بن علي عليهما السلام على مساكين قد بسطوا كساء لهم وألقوا كسرا فقالوا هلم يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فثنى وركه فأكل معهم ثم تلا إن الله لا يحب المستكبرين. وفي الكافي عن الصادق عليه السلام من ذهب يرى أن له على الاخر فضلا فهو من المستكبرين فقيل إنما يرى أن له عليه فضلا بالعافية إذا رآه مرتكبا بالمعاصي فقال هيهات هيهات فلعله أن يكون قد غفر له ما أتى وأنت موقوف تحاسب أما تلوت قصة سحرة موسى عليه السلام. (24) وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الاولين أحاديث الأولين وأباطيلهم. (25) ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيمة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون أي قالوا ذلك إضلالا للناس وصدا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحملوا أوزار ضلالتهم كاملة وبعض أوزار من أضلوهم لأن الضال والمضل شريكان هذا يضله وهذا يطاوعه على إضلاله بغير علم يعني يضلون من لا يعلم أنهم ضلال وإنما لم يعذر الجاهل لأن عليه أن يبحث وينظر بعقله حتى يميز بين المحق والمبطل. العياشي عن الباقر عليه السلام ماذا أنزل ربكم في علي عليه السلام قالوا أساطير الاولين شجع أهل الجاهلية في جاهليتهم ليحملوا أوزارهم ليستكملوا الكفر يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم يعني كفر الذين يتولونهم. والقمي يحملون آثامهم يعني الذين غصبوا أمير المؤمنين عليه السلام وآثام كل من اقتدى بهم وهو قول الصادق عليه السلام والله ما اهريقت محجمة من دم ولا قرع عصا بعصا ولا غصب فرج حرام ولا أخذ مال من غير حله إلا وزر ذلك في أعناقهما من غير أن ينقص عن أوزار العاملين شئ. وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيما داع دعا إلى الهدى فاتبع فله مثل اجورهم من غير أن ينقص من اجورهم شئ وأيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع عليه فإن عليه مثل أوزار من تبعه من غير أن ينقص من أوزارهم.

[ 132 ]

(26) قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد من الأساطين التي بنوا عليها فخر عليهم السقف من فوقهم هذا تمثيل لاستيصالهم بمكرهم والمعنى أنهم سووا منصوبات ليمكروا الله بها فجعل الله هلاكهم في تلك المنصوبات كحال قوم بنوا بنيانا وعمدوه بالأساطين فأتى البنيان من جهة الأساطين بأن ضعضعت فسقط عليهم السقف وهلكوا ومن أمثالهم من حفر لأخيه جبا وقع فيه منكبا والمراد بإتيان الله إتيان أمره من القواعد أي من جهة القواعد وأتهم العذاب من حيث لا يشعرون لا يحتسبون ولا يتوقعون وفي الجوامع والعياشي عن الصادق عليه السلام إنه قرأ فأتى الله بيتهم وزاد العياشي يعني بيت مكرهم. وعن الباقر عليه السلام كان بيت غدر يجتمعون فيه إذا أرادوا الشر. والقمي عنه عليه السلام بيت مكرهم أي ماتوا فألقاهم الله في النار قال وهو مثل لأعداء آل محمد صلوات الله عليهم. وفي التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث فإتيانه بنيانهم من القواعد إرسال العذاب. (27) ثم يوم القيمة يخزيهم يذلهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم تعادون المؤمنين وتخاصمونهم في شأنهم وقرئ بكسر النون أي تشاققونني لأن مشاقة المؤمنين مشاقة الله قال الذين أوتوا العلم أي الأنبياء والعلماء الذين كانوا يدعونهم إلى التوحيد فيشاقونهم ويتكبرون عليهم إن الخزى اليوم والسوء الذلة والعذاب على الكفرين إظهارا للشماتة وزيادة في الأهانة. القمي الذين أوتوا العلم الأئمة عليهم السلام يقولون لأعدائهم أين شركاؤكم ومن أطعتموهم في الدنيا. (28) الذين تتوفيهم الملائكة أي ملائكة العذاب كما سبق بيانه في سورة النساء عند نظير هذه الاية وقرئ بالياء ظالمي أنفسهم بأن عرضوها للعذاب المخلد فألقوا السلم فسالموا وأخبتوا حين عاينوا الموت ما كنا نعمل من سوء جحدوا ما وجد

[ 133 ]

منهم من الكفر والعدوان في الدنيا بلى رد عليهم اولو العلم إن الله عليم بما كنتم تعملون فهو يجازيكم عليه وهذا ايضا من الشماتة وكذلك. (29) فادخلوا أبواب جهنم كل صنف بابها المعد له خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين جهنم. (30) وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا أطبقوا الجواب على السؤال معترفين بالأنزال بخلاف الجاحدين إذ قالوا أساطير الاولين وليس من الأنزال في شئ للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة مكافأة في الدنيا ولدار الاخرة خير أي ولثوابهم في الاخرة خير منها وهو عدة للذين إتقوا ويجوز أن يكون بما بعده من تتمة كلامهم بدلا وتفسيرا لخير ولنعم دار المتقين. (31) جنات عدن إقامة وخلود يدخلونها تجرى من تحتها الانهار لهم فيها ما يشاؤن من أنواع المشتهيات وقد مضى في شأن جنات عدن أخبار في سورة التوبة كذلك يجزى الله المتقين. في الأمالي عن أمير المؤمنين عليه السلام عليكم بتقوى الله فإنها تجمع الخير ولا خير غيرها ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا والاخرة قال الله عز وجل وقيل للذين اتقوا وتلا هذه الاية. والعياشي عن الباقر عليه السلام ولنعم دار المتقين. (32) الذين تتوفهم الملائكة أي ملائكة الرحمة كما سبق بيانه في سورة النساء طيبين ببشارة الملائكة إياهم بالجنة يقولون سلام عليكم سلامة لكم من كل سوء ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون. القمي في قوله طيبين قالوا هم المؤمنون الذين طابت مواليدهم وفي الأمالي عن أمير المؤمنين عليه السلام ليس من أحد من الناس يفارق روحه جسده حتى يعلم إلى أي المنزلين يصير إلى الجنة أم النار أعدو هو لله أو ولي فإن كان وليا لله فتحت له أبواب الجنة وشرع له طرقها ونظر إلى ما أعد الله له فيها ففرغ من كل شغل ووضع عنه كل ثقل وإن كان عدوا لله فتحت له أبواب النار وشرع له طرقها ونظر إلى ما أعد

[ 134 ]

الله له فيها فاستقبل كل مكروه ونزل كل شرور وكل هذا يكون عند الموت وعنده يكون بيقين قال الله تعالى الذين تتوفهم الملائكة ظالمي أنفسهم الاية. (33) هل ينظرون هل ينتظر الذين لا يؤمنون بالاخرة إلا أن تأتيهم الملائكة ملائكة العذاب لقبض أرواحهم وقرئ بالياء أو يأتي أمر ربك. القمي من العذاب والموت وخروج القائم عليه السلام كذلك مثل ذلك الفعل من الشرك والتكذيب فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله بتدميرهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون بكفرهم ومعاصيهم المؤدية إليه. (34) فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن وأحاط بهم جزاؤه والحيق لا يستعمل إلا في الشر. القمي ما كانوا به يستهزؤون من العذاب في الرجعة. (35) وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شئ نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شئ كذلك فعل الذين من قبلهم أشركوا بالله وحرموا ما أحل الله وارتكبوا ما حرم الله فلما نبهوا على قبح أعمالهم نسبوها إلى الله وقالوا لو شاء الله لم نفعلها فهل على الرسل إلا البلاغ المبين إلا الابلاغ الموضح للحق. (36) ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله وفقهم للأيمان لكونهم من أهل اللطف ومنهم (1) من حقت عليه الضلالة إذ خذلهم ولم يوفقهم لتصميمهم على الكفر فسيروا في الارض. والعياشي عن الباقر عليه السلام ما بعث الله نبيا قط إلا بولايتنا والبراءة من أعدائنا وذلك قوله تعالى ولقد بعثنا الاية إلى قوله من حقت عليه الضلالة يعني بتكذيبهم والقمي أي في أخبار من هلك قبله فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين من


1 - ومنهم من اعرض عما دعاه إليه الرسول فخذله الله فثبت عليه الضلالة ولزمته فلا يؤمن قط وقيل معناه وجبت عليه الضلالة وهي العذاب والهلاك وقيل معناه ومنهم من حقت عليه عقوبة الضلالة وقد سمى الله سبحانه العقاب ضلالا بقوله ام المجرمين في ضلال وسعر. مجمع البيان. (*)

[ 135 ]

عاد وثمود وغيرهم لعلكم تعتبرون. (37) إن تحرص يا محمد على هديهم فإن الله لا يهدى من يضل من يخذله وما لهم من ناصرين من ينصرهم. (38) وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت قيل يعني الذين أشركوا كما أنكروا التوحيد أنكروا البعث مقسمين عليه بلى يبعثهم وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون إنهم يبعثون إما لعدم علمهم بأنه من مواجب الحكمة وإما لقصور نظرهم بالمألوف فيتوهمون امتناعه. (39) ليبين لهم أي يبعثهم ليبين لهم الذى يختلفون فيه وهو الحق وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين فيما كانوا يزعمون. (40) إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون وقرئ بفتح النون بيان لأمكان البعث هذا ما قاله المفسرون في تفسير هذه الايات. وفي الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام إنه قال لأبي بصير ما تقول في هذه الاية فقال إن المشركين يزعمون ويحلفون لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الله لا يبعث الموتى قال فقال تبا لمن قال هذا سلهم هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللات والعزى قال قلت جعلت فداك فأوجدنيه قال فقال لي يا أبا بصير لو قد قام قائمنا بعث الله إليه قوما من شيعتنا قبايع سيوفهم على عواتقهم فيبلغ ذلك قوما من شيعتنا لم يموتوا فيقولون بعث فلان وفلان وفلان من قبور وهم مع القائم فيبلغ ذلك قوما من عدونا فيقولون يا معشر الشيعة ما أكذبكم هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب لا والله ما عاش هؤلاء ولا يعيشون إلى يوم القيامة قال فحكى الله قولهم فقال وأقسموا بالله جهد أيمنهم لا يبعث الله من يموت. والقمي عنه عليه السلام إنه قال ما يقول الناس في هذه الاية قيل يقولون نزلت في الكفار قال إن الكفار لا يحلفون بالله وإنما نزلت في قوم من امة محمد صلى الله عليه وآله وسلم قيل لهم ترجعون بعد الموت قبل يوم القيامة فيحلفون أنهم لا يرجعون فرد الله

[ 136 ]

عليهم فقال ليبين لهم الذى يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين يعني في الرجعة يردهم فيقتلهم ويشفي صدور المؤمنين منهم. والعياشي عنه عليه السلام إنه قال ما يقول الناس في هذه الاية قيل يقولون لا قيامة ولا بعث ولا نشور فقال كذبوا والله إنما ذلك إذا قام القائم وكر معه المكرون فقال أهل خلافكم قد ظهرت دولتكم يا معشر الشيعة وهذا من كذبكم تقولون رجع فلان وفلان لا والله لا يبعث الله من يموت ألا ترى أنه قال وأقسموا بالله جهد أيمانهم كانت المشركون أشد تعظيما لللات والعزى من أن يقسموا بغيرها فقال الله بلى وعدا عليه حقا ليبين لهم الذى يختلفون فيه الايات الثلاث. (41) والذين هاجروا في الله في حقه ولوجهه من بعد ما ظلموا قيل لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمهاجرون ظلمهم قريش فهاجر بعضهم إلى الحبشة ثم إلى المدينة والمحبوسون المعذبون بمكة بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أصحابه لنبوئنهم في الدنيا حسنة مبأة حسنة وهي الغلبة على أهل مكة الذين ظلموهم وعلى العرب قاطبة وعلى أهل المشرق والمغرب ولاجر الاخرة أكبر مما تعجل لهم في الدنيا لو كانوا يعلمون (1). (42) الذين صبروا على أذى الكفار ومفارقة الوطن وعلى ربهم يتوكلون يفوضون إليه الأمر كله. (43) وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم رد لقولهم الله أعظم من أن يرسل إلينا بشرا مثلنا وقد سبق بيان الحكمة فيه في سورة الأنعام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولعله اشير إلى مثل ذلك بقوله فاسألوا أهل الذكر يعني وجه الحكمة فيه فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. في الكافي والقمي والعياشي عنهم عليهم السلام في أخبار كثيرة أن رسول الله


1 - أي لو كان الكفار يعلمون ذلك وقيل معناه لو علم المؤمنون تفاصيل ما اعد الله لهم في الجنة لازدادوا سرورا وحرصا على التمسك بالدين م‍ ن. (*)

[ 137 ]

الذكر وأهل بيته المسؤولون وهم أهل الذكر وزاد في العيون عن الرضا عليه السلام قال الله تعالى قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله فالذكر رسول الله ونحن أهله. وفي البصائر عن الباقر عليه السلام والكافي عن الصادق عليه السلام الذكر القرآن وأهله آل محمد صلوات الله عليهم وزاد في الكافي أمر الله بسؤالهم ولم يؤمروا بسؤال الجهال وسمى الله القرآن ذكرا فقال وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم. وفيه والعياشي عن الباقر عليه السلام إن من عندنا يزعمون أن قول الله فاسئلوا أهل الذكر أنهم اليهود والنصارى قال إذا يدعونكم إلى دينهم ثم قال بيده إلى صدره نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون. وفي العيون عن الرضا عليه السلام مثله وزاد العياشي قال: وقال الذكر القرآن. وفي الكافي عن السجاد عليه السلام على الأئمة من الفرض ما ليس على شيعتهم وعلى شيعتنا ما ليس علينا أمرهم الله أن يسألونا قال فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون فأمرهم أن يسألونا وليس علينا الجواب إن شئنا أجبنا وإن شئنا أمسكنا ومثله عن الباقر والرضا عليهما السلام. أقول: المستفاد من هذه الأخبار أن المخاطبين بالسؤال هم المؤمنون دون المشركين وأن المسؤل عنه كل ما أشكل عليهم دون كون الرسل رجالا وهذا إنما يستقيم إذا لم يكن وما أرسلنا ردا للمشركين أو كان فاسألوا كلاما مستأنفا أو كانت الاية مما غير نظمه ولا سيما إذا علق قوله بالبينت والزبر بقوله أرسلنا فإن هذا الكلام بينهما وأما أمر المشركين بسؤال أهل البيت عن كون الرسل رجالا لا ملائكة مع عدم إيمانهم بالله ورسوله فمما لا وجه له إلا أن يسألوهم عن بيان وجه الحكمة فيه وفيه ما فيه. (44) بالبينت والزبر قيل أي أرسلناهم بالمعجزات والكتب كأنه جواب قائل

[ 138 ]

بم أرسلوا وأنزلنا إليك الذكر أي القرآن كما سبق آنفا سمي ذكرا لأنه موعظة وتنبيه لتبين للناس ما نزل إليهم مما امروا به ونهوا عنه ولعلهم يتفكرون وإرادة أن يتأملوا فيه فيتنبهوا للحقايق والمعارف. (45) أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الارض كما خسف بقارون أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون بغتة كما فعل بقوم لوط. (46) أو يأخذهم في تقلبهم إذا جاؤوا وذهبوا في متاجرهم وأعمالهم فما هم بمعجزين. (47) أو يأخذهم على تخوف على مخافة بأن يهلك قوما قبلهم فيتخوفوا فيأتيهم العذاب وهم متخوفون أو على تنقص بأن ينقصهم شيئا بعد شئ في أنفسهم وأموالهم حتى يهلكوا من تخوفته إذا تنقصته. القمي قال على تيقظ وبالجملة هو خلاف قوله من حيث لا يشعرون. والعياشي عن الصادق عليه السلام هم أعداء الله وهم يمسخون ويقذفون ويسيحون في الأرض. وفي الكافي عن السجاد عليه السلام في كلام له في الوعظ والزهد في الدنيا ولا تكونوا من الغافلين المايلين إلى زهرة الدنيا الذين مكروا السيئات فإن الله يقول في محكم كتابه أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الارض الاية فاحذروا ما حذركم الله بما فعل بالظلمة في كتابه ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما توعد به القوم الظالمين في الكتاب والله لقد وعظكم الله في كتابه بغيركم فإن السعيد من وعظ بغيره فإن ربكم لرءوف رحيم حيث لا يعاجلهم بالعقوبة. (48) أولم يروا إلى ما خلق الله من شئ إستفهام إنكار أي قد رأوا أمثال هذه الصنايع فما بالهم لم يتفكروا فيها ليظهر لهم كمال قدرته وقهره فيخافوا منه وقرئ أو لم تروا بالتاء يتفيؤا ظلاله يعني أولم ينظروا إلى المخلوقات التي لها ظلال متفيئة وقرئ تتفيؤ

[ 139 ]

بالتاء عن اليمين والشمائل عن إيماننا وشمائلنا وتوحيد بعض وجمع بعض باعتبار اللفظ والمعنى سجدا لله وهم داخرون مستسلمين له منقادين وهم صاغرون لأفعال الله فيها. القمي قال تحويل كل ظل خلقه الله هو سجود لله قيل ويجوز أن يكون المراد بقوله وهم داخرون أن الأجرام أنفسها أيضا داخرة صاغرة منقادة لله سبحانه فيما يفعل فيها وإنما جمع بالواو والنون لأن الدخور من أوصاف العقلاء. (49) ولله يسجد ما في السموت وما في الارض ينقاد من دابة بيان لهما لأن الدبيب هي الحركة الجسمانية سواء كانت في أرض أو سماء والملئكة ممن لا مكان له. والقمي قال الملائكة ما قدر الله لهم تمرون فيه وهم لا يستكبرون عن عبادته. (50) يخافون ربهم من فوقهم يخافونه وهو فوقهم بالقهر وهو القاهر فوق عباده ويفعلون ما يؤمرون. في المجمع قد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن لله ملائكة في السماوات السابعة سجودا منذ خلقهم إلى يوم القيامة ترعد فرائصهم من مخافة الله لا تقطر من دموعهم قطرة إلا صار ملكا فإذا كان يوم القيامة رفعوا رؤوسهم وقالوا ما عبدناك حق عبادتك قال بعض أهل المعرفة إن أمثال هذه الايات يدل على أن العالم كله في مقام الشهود والعبادة ألا كل مخلوق له قوة التفكر وليس إلا النفوس الناطقة الأنسانية والحيوانية خاصة من حيث أعيان أنفسهم لا من حيث هياكلهم فإن هياكلهم كساير العالم في التسبيح له والسجود فأعضاء البدن كلها مسبحة ناطقة ألا تراها تشهد على النفوس المسخرة لها يوم القيامة من الجلود والأيدي والأرجل والألسنة والسمع والبصر وجميع القوى فالحكم لله العلي الكبير ويأتي زيادة بيان لهذا المقام في سورة النور إن شاء الله. (51) وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله وحد أكد العدد في الموضعين

[ 140 ]

دلالة على العناية به فإنك لو قلت إنما هو إله لخيل أنك أثبت الألهية لا الوحدانية فاياي فارهبون كأنه قيل ف ءنا هو فإياي فارهبون لا غير. (52) وله ما في السموت والارض خلقا وملكا وله الدين الطاعة واصبا. العياشي عن الصادق عليه السلام قال واجبا أفغير الله تتقون. (53) وما بكم من نعمة فمن الله. القمي النعمة الصحة والسعة والعافية. وعن الصادق عليه السلام من لم يعلم أن لله عليه نعمة إلا في مطعم أو ملبس فقد قصر عمله ودنا عذابه ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون فما تتضرعون إلا إليه والجور رفع الصوت بالدعاء والأستغاثة. (54) ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون. (55) ليكفروا بما آتيناهم من نعمة الكشف عنهم كأنهم قصدوا بشركهم كفران النعمة وإنكار كونها من الله فتمتعوا فسوف تعلمون تهديد ووعيد. (56) ويجعلون لما لا يعلمون لالهتهم التي لا علم لها أو لا علم لهم بها نصيبا مما رزقناهم (1) من الزروع والأنعام. القمي كانت العرب يجعلون للأصنام نصيبا في زرعهم وإبلهم وغنمهم فرد الله عليهم تالله لتسئلن عما كنتم تفترون من أنها آلهة وأنها أهل للتقرب إليها وهو وعيد لهم على ذلك. (57) ويجعلون لله البنات. القمي قالت قريش الملائكة هم بنات الله سبحنه (2) تنزيه له من قولهم أو


1 - يتقربون إليه بذلك كما يجب ان يتقرب الى الله تعالى وهو ما حكى الله عنهم في سورة الانعام من الحرث وغير ذلك وقولهم هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا م‍ ن. 2 - فقد جعلوا لله ما يكرهونه لانفسهم وهذا غاية الجهل م‍ ن. (*)

[ 141 ]

تعجب منه ولهم ما يشتهون يعني البنين. (58) وإذا بشر أحدهم بالانثى اخبر بولادتها ظل صار وجهه مسودا من الكآبة والحياء من الناس وهو كظيم مملو غيظا من المرأة. (59) يتوارى من القوم يستخفي منهم من سوء ما بشر به أيمسكه محدثا نفسه متفكرا في أن يتركه على هون ذل أم يدسه في التراب أم يخفيه فيه ويئده (1) ألا ساء ما يحكمون حيث يجعلون لمن تعالى عن الولد ما هذا محله عندهم (2). (60) للذين لا يؤمنون بالاخرة مثل السوء صفة السوء وهي الحاجة إلى الولد والأستظهار بالذكور وكراهة الاناث ووأدهن خشية الأملاق والعار ولله المثل الاعلى وهي الصفات الألهية والغنى عن الصاحبة والولد والنزاهة عن صفات المخلوقين وهو العزيز الحكيم المتفرد بكمال القدرة والحكمة. (61) ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم بكفرهم ومعاصيهم ما ترك عليها على الأرض من دابة قط بشؤم ظلمهم أو من دابة ظالمة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى كي يتوالدوا فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. (62) ويجعلون لله ما يكرهون أي ما يكرهونه لأنفسهم من البنات والشركاء في الرياسة والأستخفاف بالرسل وأراذل الأموال وتصف ألسنتهم الكذب مع ذلك. القمي يقول ألسنتهم الكاذبة أن لهم الحسنى أي عند الله كقول قائلهم ولئن رجعت إلى ربي أن لي عنده للحسنى لا جرم أن لهم النار رد لكلامهم وإثبات لضده وأنهم مفرطون مقدمون إلى النار معجلون وقرئ بكسر الراء من الأفراط في المعاصي. القمي أي معذبون.


1 - الذي كان من عادة العرب وهو ان احدهم كان يحفر حفيرة صغيرة فإذا ولد له انثى جعلها فيها وحثى عليها التراب حتى تموت تحته وكان يفعلون ذلك مخافة الفقر عليهن فيطمع غير الاكفاء فيهن. م‍ ن. 2 - وقيل معناه ساء ما يحكمونه في قتل البنات من مساواتهن للبنين في حرمة الولادة ولعل الجارية خير من الغلام وروي عن ابن عباس لو اطاع الله الناس في الناس لما كان الناس لانه ليس احد الا ويحب ان يولد له ذكر ولو كان الجميع ذكورا لما كان لهم اولاد فيفنى الناس. (*)

[ 142 ]

(63) تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فأصروا على قبايحها وكفروا بالمرسلين فهو وليهم اليوم قرينهم أو ناصرهم يعني لا ناصر لهم ولهم عذاب أليم. (64) وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذى اختلفوا فيه من المبدأ والمعاد والحلال والحرام وهدى ورحمة لقوم يؤمنون. (65) والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الارض بعد موتها أنبت فيها أنواع النبات بعد يبسها إن في ذلك لاية لقوم يسمعون سماع تدبر وإنصاف. (66) وإن لكم في الانعام لعبرة (1) يعبر بها من الجهل إلى العلم نسقيكم مما في بطونه تذكير الضمير هاهنا بإعتبار اللفظ وتأنيثه في سورة المؤمنون بإعتبار المعنى لكونه اسم جمع من بين فرث ودم لبنا يكتنفانه خالصا صافيا لا يستصحب لون الدم ولا رائحة الفرث ولا يشوبانه شيئا (2). القمي قال الفرث ما في الكرش سائغا للشاربين سهل المرور في حلقهم. في الكافي عن الصادق عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس أحد يغص بشرب اللبن لأن الله عز وجل يقول لبنا خالصا سائغا للشاربين. (67) ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سكرا قيل خمرا. والقمي الخل والعياشي عن الصادق عليه السلام إنها نزلت قبل آية التحريم فنسخت بها وفيه دلالة على أن المراد به الخمر وقد جاء بالمعنيين جميعا وعلى إرادة الخمر لا يستلزم حلها في وقت لجواز أن يكون عتابا ومنة قبل بيان تحريمها ومعنى النسخ نسخ


1 - العبرة بالكسر اسم من الاعتبار وهو الاتعاظ وهو ما يفيده الفكر الى ما هو الحق من وجوب ترك الدنيا والعمل للاخرة واشتقاقها من العبور لان الانسان ينتقل فيا من أمر الى امر. م‍. 2 - عن ابن عباس قال إذا استقر العلف في الكرش صار اسفله فرثا واعلاه دما واوسطه لبنا فيجري الدم في العروق واللبن في الضرع ويبقي الفرث كما هو فذلك قوله من بين فرث ودم لبنا خالصا لا يشوبه الدم ولا الفرث. مجمع البيان. (*)

[ 143 ]

السكوت فلا ينافي ما جاء في أنها لم تكن حلالا قط وفي مقابلتها بالرزق الحسن تنبيه على قبحها ورزقا حسنا كالتمر والزبيب والدبس إن في ذلك لاية لقوم يعقلون. (68) وأوحى ربك إلى النحل ألهمها وقذف في قلوبها فإن صنعتها الأنيقة ولطفها في تدبير أمرها ودقيق نظرها شواهد بينة على أن الله سبحانه وتعالى أودعها علما بذلك. القمي قال وحى إلهام. والعياشي عن الباقر عليه السلام مثله أن اتخذى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون يعرش الناس من كرم أو سقف. (69) ثم كلي من كل الثمرات من كل ثمرة تشتهيها حلوها ومرها فاسلكي سبل ربك الطرق التي ألهمك في عمل العسل ذللا مذللة ذللها وسهلها لك أو أنت منقادة لما أمرتك به يخرج من بطونها شراب يعني العسل فإنه مما يشرب مختلف ألوانه أبيض وأصفر وأحمر وأسود فيه شفاء للناس. في الكافي والخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام لعق العسل شفاء من كل داء ثم تلا هذه الاية قال وهو مع قراءة القرآن ومضغ اللسان يذيب البلغم. وفي العيون عنه عليه السلام ثلاثة يزدن في الحفظ ويذهبن بالبلغم وذكر هذه الثلاثة. وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن يكن في شئ شفاء ففي شرطة الحجام وفي شربة عسل. وعنه عليه السلام لا تردوا شربة عسل من أتاكم بها وقد سبق في أول سورة النساء حديث في الأستشفاء به في المجمع في النحل والعسل وجوه من الأعتبار منها إختصاصه بخروج العسل من فيه ومنها جعل الشفاء من موضع السم فإن النحل يلسع ومنها ما ركب الله من البدايع والعجايب فيه وفي طباعه ومن أعجبها أن جعل سبحانه لكل فئة منه يعسوبا هو أميرها يقدمها ويحامي عنها ويدبر أمرها ويسوسها وهي

[ 144 ]

تتبعه وتقتفي أثره ومتى فقدته اختل نظامها وزال قوامها وتفرقت شذر (1) مذر وإلى هذا المعنى فيما أخال. أشار علي أمير المؤمنين عليه السلام في قوله أنا يعسوب المؤمنين. والقمي عن الصادق عليه السلام نحن والله النحل الذي أوحى الله إليه أن اتخذى من الجبال بيوتا أمرنا أن نتخذ من العرب شيعة ومن الشجر يقول من العجم ومما يعرشون يقول من الموالي والذي يخرج من بطونها شراب مختلف ألونه أي العلم الذي يخرج منا إليكم. والعياشي عنه عليه السلام النحل الأئمة والجبال العرب والشجر الموالي عتاقه ومنها يعرشون يعني الأولاد والعبيد ممن لم يعتق وهو يتولى الله ورسوله والأئمة والثمرات المختلفة ألوانه فنون العلم الذي قد يعلم الأئمة شيعتهم فيه شفاء للناس والشيعة هم الناس وغيرهم الله أعلم بهم ما هم ولو كان كما تزعم أنه العسل الذي يأكله الناس إذا ما أكل منه ولا شرب ذو عاهة إلا شفي لقول الله تعالى فيه شفاء للناس ولا خلف لقول الله وإنما الشفاء في علم القرآن وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة لأهله لا شك فيه ولا مرية وأهله أئمة الهدى الذين قال الله ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا إن في ذلك لاية لقوم يتفكرون. (70) والله خلقكم (2) ثم يتوفيكم بآجال مختلفة ومنكم من يرد إلى أرذل العمر أخسه وأحقره يعني الهرم الذي يشابه الطفولية في نقصان القوة والعقل. في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام هو خمس وسبعون سنة. والقمي عن الصادق عليه السلام عن أبيه عليه السلام إذا بلغ العبد مأة سنة فذلك أرذل العمر.


1 - تفرقوا شذر مذر بالتحريك والنصب شذر مذر إذا ذهبوا في كل وجه. ص. 2 - اي اوجدكم وانعم عليكم بضروب النعم الدينية والدنيوية م‍ ن. (*)

[ 145 ]

وفي الخصال مثله قال وقد روي أن أرذل العمر أن يكون عقله مثل عقل ابن سبع سنين لكى لا يعلم بعد علم شيئا. القمي قال إذا كبر لا يعلم ما علمه قبل ذلك. وفي الكافي في حديث الأرواح ذكر هذه الاية ثم قال فهذا ينقص منه جميع الأرواح وليس بالذي يخرج من دين الله لأن الفاعل به رده إلى أرذل العمر فهو لا يعرف للصلوة وقتا ولا يستطيع التهجد بالليل ولا بالنهار ولا القيام في الصف مع الناس فهذا نقصان من روح الأيمان وليس يضره شيئا إن الله عليم بما ينبغي ويليق بكم من مقادير الأعمار قدير على أن لا يعمركم بذلك. (71) والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فمنكم غني ومنكم فقير ومنكم موال يتولون رزقهم ورزق غيرهم ومنكم مماليك احالهم على خلاف ذلك فما الذين فضلوا برادي رزقهم بمعطي رزقهم على ما ملكت أيامنهم على مماليكهم فهم فيه سواء قيل معناه أن الموالي والمماليك الله رازقهم جميعا فهم في رزقه سواء فلا يحسب الموالي أنهم يرزقون المماليك من عندهم وإنما هو رزق الله أجراه إليهم على أيديهم وقيل معناه فلم يردوا الموالي ما رزقوه على مماليككم حتى يتساووا في المطعم والملبس وقيل بل معناه إن الله جعلكم متفاوتين في الرزق فرزقكم أفضل مما رزق مماليككم وهم بشر مثلكم فأنتم لا تسوون بينكم وبينهم فيما أنعم الله عليكم ولا تجعلون لكم فيه شركاء ولا ترضون ذلك لأنفسكم فكيف رضيتم أن تجعلوا عبيده له شركاء في الالوهية وتوجهون في العبادة والقرب إليهم كما توجهون إليه أفبنعمة الله يجحدون فجعل ذلك من جملة جحود النعمة وقرئ بالخطاب. القمي قال لا يجوز للرجل أن يخص نفسه بشئ من المأكول دون عياله وفي الجوامع يحكى عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول إنما هم إخوانكم فأكسوهم مما تكتسون وأطعموهم مما تطعمون فما رأى عبده بعد ذلك إلا ورداؤه رداؤه وإزاره إزاره من غير تفاوت.

[ 146 ]

(72) والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا من جنسكم لتأنسوا بها وليكون أولادكم مثلكم. والقمي يعني خلق حواء من آدم وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة. العياشي عن الصادق عليه السلام في هذه الاية قال الحفدة بنو البنت ونحن حفدة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي رواية اخرى عنه عليه السلام بنين وحفدة قال هم الحفدة وهم العون يعني البنين. وفي المجمع عنه عليه السلام هم أختان الرجل على بناته. والقمي قال الأختان. أقول: ومعنى الحافد المسرع في الخدمة والطاعة ورزقكم من الطيبت من اللذائذ أي بعضها أفبالباطل يؤمنون قيل هو ما يعتقدون من منفعة الأصنام وشفاعتها وبنعمة الله هم يكفرون بنعمة الله المشاهدة التي لا شبهة فيها قيل كفرهم بها إضافتهم إياها إلى الأصنام أو تحريمهم ما أحل الله وقيل يريد بنعمة الله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن والأسلام أي هم كافرون بها منكرون لها. (73) ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السموات والارض شيئا يعني لا يملك أن يرزق شيئا من مطر ونبات ولا يستطيعون أن يملكوه أولا استطاعة لهم قيل ويجوز أن يكون الضمير للكفار يعني ولا يستطيعون هم مع أنهم أحياء شيئا من ذلك فكيف بالجماد. (74) فلا تضربوا لله الامثال فلا تجعلوا له مثلا تشركون به أو تقيسونه عليه فإن ضرب المثل تشبيه حال بحال قيل كانوا يقولون إن عبادة عبيد الملك أدخل في التعظيم من عبادته إن الله يعلم كنه الأشياء وضرب الأمثال وأنتم لا تعلمون (1)


1 - وان من كان الها فهو منزه عن الشركاء وانتم لا تعلمون ذلك بل تجهلونه ولو تفكرتم لعلمتم وقيل معناه والله يعلم ما عليكم من الضرة في عبادة غيره وانتم لا تعلمون ولو علمتم لتركتم عبادتها. من. (*)

[ 147 ]

(75) ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون قيل معناه إذا لم يستويا هذان مع تشاركهما في الجنسية والمخلوقية فكيف يستوي الأصنام التي هي أعجز المخلوقات والغني القادر على كل شئ ويجوز أن يكون تمثيلا للكافر المخذول والمؤمن الموفق أو الجاهل والعالم المعلم الحمد لله لا يستحقه غيره فضلا عن العبادة لأن النعم كلها منه بل أكثرهم لا يعلمون فيضيفون النعم إلى غيره ويشركون به. العياشي عن الباقر والصادق عليهما السلام قالا المملوك لا يجوز طلاقه ولا نكاحه إلا بإذن سيده قيل فإن كان السيد زوجه بيد من الطلاق قال بيد السيد ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ أفشئ الطلاق وفي معناه أخبار اخر. (76) وضرب الله مثلا (1) رجلين أحدهما أبكم ولد أخرس لا يفهم ولا يفهم لا يقدر على شئ من الصنايع والتدابير لنقصان عقله وهو كل ثقل وعيال على مولاه على من يلي أمره ويعوله أينما يوجهه حيثما يرسله مولاه في أمر لا يأت بخير بنجح (2) وكفاية مهم هل يستوى هو ومن يأمر بالعدل ومن كان سليم الحواس نفاعا كافيا ذا رشد وديانة فهو يأمر الناس بالعدل والخير وهو على صراط مستقيم وهو في نفسه على دين قويم وسيرة صالحة وهذا المثل مثل سابقه في الأحتمالات. القمي الذي يأمر بالعدل أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام. (77) ولله غيب السموات والارض ما غاب منهما عن العباد وخفي علمه وما أمر الساعة في سرعته وسهولته إلا كلمح البصر كرجع الطرف من أعلى الحدقة إلى أسفلها أو (3) هو أقرب لأنه يقع دفعة إن الله على كل شئ قدير فيقدر على أن يحيي الخلايق دفعة كما قدر أن أحياهم متدرجا.


1 - اي بين الله مثلا فيه بيان المقصود تقريبا للخطاب الى افهامهم ثم ذكر ذلك المثل فقال عبدا مملوكا لا يقدر من امره على شئ ومن رزقناه رزقا حسنا يريد وحرا رزقناه وملكناه مالا ونعمة م‍ ن. 2 - النجح والنجاح الظفر بالحوائج. ص. 3 - أو للتخيير أو بمعنى بل. (*)

[ 148 ]

(78) والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والابصار والافئدة وركب فيكم هذه الأدوات لأزالة الجهل الذي ولدتم عليه وإكتساب العلم والعمل به لعلكم تشكرون كي تعرفوا ما أنعم عليكم طورا بعد طور فتشكروه. (79) ألم يروا إلى الطير وقرئ بالتاء مسخرات مذللات للطيران بما خلق لها من الأجنحة والأسباب المواتية له في جو السماء في الهواء المتباعد من الأرض ما يمسكهن فيه إلا الله فإن ثقل جسدها يقتضي سقوطها ولا علاقة فوقها ولا دعامة تحتها تمسكها إن في ذلك لايات لقوم يؤمنون لأنهم هم المنتفعون بها. (80) والله جعل لكم من بيوتكم سكنا موضعا تسكنون فيه وقت إقامتكم وجعل لكم من جلود الانعام بيوتا يعني الخيم والمضارب المتخذة من الأدم والوبر والصوف والشعر تستخفونها تجدونها خفيفة يخف عليكم حملها ونقلها ووضعها وضربها يوم ظعنكم ترحالكم وسفركم وقرئ بفتح العين ويوم إقامتكم نزولكم ومن حضركم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها الصوف للضأن والوبر للأبل والشعر للمعز أثاثا ما يلبس ويفرش ومتعا ينتفع به إلى حين إلى مدة من الزمان. القمي في رواية أبي الجارود أثاثا قال المال ومتاعا قال المنافع إلى حين بلاغها. (81) والله جعل لكم مما خلق من الشجر والجبال والأبنية وغيرها ظلالا تتقون به حر الشمس. القمي قال ما يستظل به وجعل لكم من الجبال أكنانا مواضع تسكنون بها من الغيران والبيوت المنحوتة فيها وجعل لكم سرابيل ثيابا من القطن والكتان والصوف وغيرها تقيكم الحر إكتفي بذكر أحد الضدين لدلالته على الاخر ولأن وقاية الحر كانت عندهم أهم وسرابيل تقيكم بأسكم يعني الدروع والجواشن والسربال يعم كل ما يلبس كذلك كإتمام هذه النعم التي تقدمت يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون أي تنظرون في نعمه الفاشية فتؤمنون به وتنقادون لحكمه.

[ 149 ]

(82) فإن تولوا أعرضوا ولم يقبلوا منك فإنما عليك البلاغ المبين وقد بلغت واعذرت. (83) يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون. القمي عن الصادق عليه السلام نحن والله نعمة الله التي أنعم بها على عباده وبنا فاز من فاز. وفي الكافي عنه عن أبيه عن جده عليهم السلام في هذه الاية قال لما نزلت إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الاية إجتمع نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مسجد المدينة فقال بعضهم لبعض ما تقولون في هذه الاية فقال بعضهم إن كفرنا بهذه الاية نكفر بسائرها وإن آمنا فهذا ذل حين يسلط علينا ابن أبي طالب عليه السلام فقالوا قد علمنا أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم صادق فيما يقول ولكنا لا نتولاه ولا نطيع عليا فيما أمرنا قال فنزلت هذه الاية يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها يعرفون يعني ولاية علي عليه السلام. والعياشي عن الكاظم عليه السلام إنه سئل عن هذه الاية فقال عرفوه ثم أنكروه. (84) ويوم نبعث من كل أمة شهيدا وهو نبيها وإمامها القائم مقامه يشهد لهم وعليهم بالايمان والكفر. في المجمع والقمي عن الصادق عليه السلام لكل زمان وامة إمام تبعث كل امة مع إمامها ثم لا يؤذن للذين كفروا في الأعتذار إذ لا عذر لهم فدل بترك الأذن على أن لا حجة لهم ولا عذر ولا هم يستعتبون يسترضون أي لا يقال لهم ارضوا ربكم من العتبى وهو الرضا. (85) وإذا رأى الذين ظلموا العذاب ثقل عليهم فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون يمهلون.

[ 150 ]

(86) وإذا رأى الذين أشركوا شركائهم من الأصنام والشياطين قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك نعبدهم أو نطيعهم فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون يعني كذبهم الذين عبدوهم بإنطاق الله إياهم في أنهم شركاء الله وأنهم ما عبدوهم حقيقة وإنما عبدوا أهواءهم كقوله كلا سيكفرون بعبادتهم وألقوا والقى الذين ظلموا إلى الله يومئذ السلم الأستسلام والأنقياد لامره وضل عنهم وضاع عنهم وبطل ما كانوا يفترون من أن لله شركاء وأنهم ينصرونهم ويشفعون لهم. (88) الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله بالمنع عن الأسلام والحمل على الكفر زدناهم عذابا لصدهم فوق العذاب المستحق لكفرهم (1) بما كانوا يفسدون بكونهم مفسدين الناس بصدهم. القمي قال كفروا بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصدوا عن أمير المؤمنين. (89) ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك يا محمد شهيدا على هؤلاء. القمي يعني من الأئمة على هؤلاء يعني على الأئمة عليهم السلام فرسول الله شهيد على الأئمة عليهم السلام وهم شهداء على الناس. أقول: وقد سبق تحقيق هذا المعنى في سورة البقرة والنساء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا (2) بيانا بليغا لكل شئ (3) وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين.


1 - وقيل زدناهم الافاعي والعقارب في النار لها أنياب كالنخل الطوال. م‍ ن. 2 - اي بيانا لكل امر مشكل ومعناه ليبين كل شئ يحتاج إليه من امور الشرع فانه ما من شئ يحتاج الخلق إليه في امر من لمور دينهم الا وهو مبين في الكتاب اما بالتضيص عليه وبالاحالة على ما يوجب العلم من بيان النبي والحجج القائمين مقامه أو اجماع الامة فيكون حكم الجميع في الحاصل مستفادا من القرآن. م‍ ن. 3 - اي ونزلنا عليك القرآن دلالة الى الرشد ونعمة على الخلق لما فيه من الشرايع والاحكام أو لانه يؤدي الى نعم الاخرة وبشرى للمسلمين اي بشارة لهم بالثواب الدائم والنعيم المقيم. م‍ ن. (*)

[ 151 ]

العياشي عن الصادق عليه السلام نحن والله نعلم ما في السموات وما في الأرض وما في الجنة وما في النار وما بين ذلك ثم قال إن ذلك في كتاب الله ثم تلا هذه الاية. وعنه عليه السلام قال الله لموسى وكتبنا له في الالواح من كل شئ فعلمنا إنه لم يكتب لموسى الشئ كله وقال الله لعيسى عليه السلام ليبين لهم الذى يختلفون فيه وقال لمحمد عليه السلام وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتب تبيانا لكل شئ. وفي الكافي عنه عليه السلام إني لأعلم ما في السموات وما في الأرض وأعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار وأعلم ما كان وما يكون ثم سكت هنيئة فرأى أن ذلك كبر على من سمعه منه فقال علمت ذلك من كتاب الله عز وجل إن الله يقول فيه تبيان كل شئ. وعنه عليه السلام إن الله أنزل في القرآن تبيان كل شئ حتى والله ما ترك شيئا يحتاج إليه العباد حتى لا يستطيع عبد يقول لو كان هذا انزل في القرآن إلا أنزله الله فيه. (90) إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذى القربى وإعطاء الأقارب ما يحتاجون إليه وينهى عن الفحشاء ما جاوز حدود الله والمنكر ما ينكره العقول والبغى التطاول على الناس بغير حق في المعاني والعياشي عن أمير المؤمنين عليه السلام العدل الأنصاف والأحسان التفضل. والقمي قال العدل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم رسول الله والأحسان أمير المؤمنين والفحشاء والمنكر والبغي فلان وفلان وفلان. والعياشي عن الباقر عليه السلام مثله إلا أنه قال الفحشاء الأول والمنكر الثاني والبغي الثالث قال وفي رواية سعد عنه عليه السلام العدل محمد صلى الله عليه وآله وسلم فمن أطاعه فقد عدل والاحسان علي عليه السلام فمن تولاه فقد أحسن

[ 152 ]

والمحسن في الجنة وإيتاء ذى القربى قرابتنا أمر الله العباد بمودتنا وإيتائنا ونهاهم عن الفحشاء والمنكر والبغي من بغى علينا أهل البيت ودعا إلى غيرنا. وعن الصادق عليه السلام إنه قرئ عنده هذه الاية فقال اقرأ كما أقول لك إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذى القربى حقه قيل إنا لا نقرأ هكذا في قراءة زيد قال ولكنا نقرؤها هكذا في قراءة علي عليه السلام قيل فما يعني بايتاء ذي القربى حقه قال أداء إمام إلى إمام بعد إمام وينهى عن الفحشاء والمنكر قال ولاية فلان يعظكم لعلكم تذكرون تتعظون في روضة الواعظين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جماع التقوى في قوله إن الله يأمر بالعدل والاحسان الاية قيل لو لم يكن في القرآن غير هذه الاية لصدق عليه أنه تبيان لكل شئ. (91) وأوفوا بعهد الله إذا عهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا شاهدا ورقيبا إن الله يعلم ما تفعلون في نقض الأيمان والعهود. في الكافي والقمي عن الصادق عليه السلام لما نزلت ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام وكان من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سلموا على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين فكان مما أكد الله عليهم في ذلك اليوم قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهما قوما فسلما عليه بإمرة المؤمنين فقالا أمن الله أو من رسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الله ومن رسوله فأنزل الله تعالى ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون يعني به قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهما وقولهما أمن الله أو من رسوله. والعياشي ما يقرب منه. (92) ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها كالمرأة التي غزلت ثم نقضت غزلها من بعد قوة من بعد إحكام (1) وفتل أنكاثا جمع نكث (2) بالكسر وهو ما ينكث فتله.


1 - احكمه اتقنه وضعه عن الفساد. ق. 2 - من النكث اي النقض. (*)

[ 153 ]

القمي عن الباقر عليه السلام التي نقضت غزلها إمرأة من بني تميم بن مرة يقال لها ريطة بنت كعب بن سعد بن تميم بن لوي ابن غالب كانت حمقاء وتغزل الشعر فإذا غزلته نقضته ثم عادت فغزلته فقال الله كالتى نقضت غزلها الاية قال إن الله تبارك وتعالى أمر بالوفاء ونهى عن نقض العهد فضرب لهم مثلا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم دخلا وخيانة ومكرا وخديعة وذلك لأنهم كانوا حين عهدهم يضمرون الخيانة والناس يسكنون إلى عهدهم والدخل أن يكون الباطن خلاف الظاهر وأصله يدخل الشئ ما لم يكن منه أن تكون أمة هي أربى من أمة يعني لا تنقضوا العهد بسبب أن تكون جماعة وهي كفرة قريش أزيد عددا وأوفر مالا من امة يعني جماعة المؤمنين إنما يبلوكم الله به إنما يختبركم بكونهم أربى لينظر أتوفون بعهد الله أم تغترون بكثرة قريش وقوتهم وثروتهم وقلة المؤمنين وضعفهم وفقرهم وليبين لكم يوم القيمة ما كنتم فيه تختلفون وعيد وتحذير من مخالفة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. (93) ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة مسلمة مؤمنة ولكن يضل من يشاء بالخذلان ويهدى من يشاء بالتوفيق ولتسألن عما كنتم تعملون سؤال تبكيت ومجاراة (1). (94) ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم تصريح بالنهي عنه بعد التضمين تأكيدا ومبالغة في قبح المنهي عنه فتزل قدم عن محجة الأسلام بعد ثبوتها عليها أي فتضلوا عن الرشد بعد أن تكونوا على الهدى يقال زل قدم فلان في أمر كذا إذا عدل عن الصواب والمراد أقدامهم وإنما وحد ونكر للدلالة على أن زلل قدم واحدة عظيم فكيف بأقدام كثيرة وتذوقوا السوء في الدنيا بما صددتم عن سبيل الله بصدودكم أو بصدكم غيركم عنها لأنهم لو نقضوا العهد وارتدوا لاتخذ نقضها سنة يستن بها ولكم عذاب عظيم في الاخرة. في الجوامع عن الصادق عليه السلام نزلت هذه الايات في ولاية علي عليه


1 - التبكيت التقريع والغلبة بالحجة. جاراه مجاراة وجراء جرى معه. ق. (*)

[ 154 ]

السلام والبيعة له حين قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم سلموا على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين. وفي الكافي والقمي عنه عليه السلام إنه قرأ أن تكون أئمة هي أزكى من ائمتكم فقيل إنا نقرؤها هي أربى من أمة فقال وما أربى وأومأ بيده فطرحها قال إنما يبلوكم الله به يعني بعلي عليه السلام يختبركم بعد ثبوتها يعني بعد مقالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في علي عن سبيل الله يعني به عليا. وزاد القمي لجعلكم أمة واحدة قال على مذهب واحد وأمر واحد ولكن يضل من يشاء يعذب بنقض العهد ويهدى من يشآء قال يثيب. والعياشي ما يقرب منه. وعنه عليه السلام التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا عائشة هي نكثت إيمانها. (95) ولا تشتروا بعهد الله ولا تستبدلوا عهد الله وبيعة رسول الله ثمنا قليلا عرضا يسيرا من متاع الدنيا إنما عند الله من الثواب على الوفاء بالعهد هو خير لكم إن كنتم تعلمون. (96) ما عندكم من متاع الدنيا ينفد أي ينقضي ويفنى وما عند الله من خزائن رحمته باق لا ينفد ولنجزين وقرئ بالنون الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون. (97) من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حيوة طيبة في الدنيا يعيش عيشا طيبا. القمي قال القنوع بما رزقه الله. وفي نهج البلاغة أنه عليه السلام سئل عنها فقال هي القناعة وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنها القناعة والرضا بما قسم الله ولنجزينهم أجرهم

[ 155 ]

بأحسن ما كانوا يعملون من الطاعة. (98) فإذا قرأت القرآن إذا أردت قراءته فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم فاسأل الله أن يعيذك من وساوسه لئلا يوسوسك في القراءة. العياشي عن الصادق عليه السلام قيل له كيف أقول قال تقول أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم قال الرجيم أخبث الشياطين. وفي قرب الأسناد عن سدير قال صليت المغرب خلف أبي عبد الله عليه السلام فتعوذ بإجهار أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وأعوذ بالله أن يحضرون ثم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم وروت العامة عن ابن مسعود قال قرأت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا أقرأنيه جبرئيل عن القلم عن اللوح المحفوظ وقد سبق تفسير الأستعاذة في أول الكتاب. وفي الكافي عن الباقر عليه السلام إذا قرأت بسم الله الرحمن الرحيم فلا تبالي إلا تستعيذ. (99) إنه ليس له سلطان تسلط وولاية على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون فإنهم لا يطيعون أوامره. (100) إنما سلطانه على الذين يتولونه يحبونه ويطيعونه والذين هم به مشركون. في الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام في هذه الاية قال يسلط والله على المؤمن على بدنه ولا يسلط على دينه قد سلط على أيوب فشوه خلقه ولم يسلط على دينه وقال الذين هم به مشركون يسلط على أبدانهم وعلى أديانهم. والعياشي عنه عليه السلام إنه سئل عن هذه الاية فقال ليس له أن يزيلهم عن الولاية فأما الذنوب وأشباه ذلك فإنه ينال منهم كما ينال من غيرهم والقمي مثله.

[ 156 ]

(101) وإذا بدلنا آية مكان آية بالنسخ والله أعلم بما ينزل من المصالح فلعل ما يكون مصلحة في وقت يكون مفسدة في آخر وهو إعتراض لتوبيخ الكفار على قولهم أو حالهم قالوا أي الكفار إنما أنت مفتر متقول على الله تأمر بشئ ثم يبدو لك فتنهي عنه. القمي قال كانوا إذا نسخت آية قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنت مفتر فرد الله عليهم بل أكثرهم لا يعلمون حكمة الأحكام ولا يميزون الخطأ من الصواب. (102) قل نزله روح القدس يعني جبرئيل عليه السلام من ربك بالحق متلبسا بالحكمة ليثبت الذين آمنوا على الأيمان بأنه كلام الله فإنهم إذا سمعوا الناصح وتدبروا ما فيه من رعاية الصلاح والحكمة رسخت عقائدهم واطمأنت قلوبهم وهدى وبشرى للمسلمين المنقادين لحكمه. القمي عن الباقر عليه السلام روح القدس هو جبرئيل والقدس الطاهر ليثبت الذين آمنوا هم آل محمد صلوات الله عليهم. العياشي عن الصادق عليه السلام أن الله تبارك وتعالى خلق روح القدس فلم يخلق خلقا أقرب إليه منها وليست بأكرم خلقه عليه فإذا أراد الله أمرا ألقاه إليها فالقته إلى النجوم فجرت به. (103) ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذى يلحدون إليه يضيفون إليه التعليم ويميلون قولهم عن الأستقامة إليه وقرئ بفتح الياء والحاء أعجمى غير بين وهذا القرآن لسان عربي مبين (1) ذو بيان وفصاحة. القمي لسان الذي يلحدون إليه هو لسان أبي فكيهة مولى ابن الحضرمي كان أعجمي اللسان وكان قد إتبع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآمن به وكان من


1 - يعني إذا كانت العرب يعجز عن الاتيان بمثله وهو بلغتهم فكيف يأتي الاعجمي بمثله م‍ ن. (*)

[ 157 ]

أهل الكتاب فقالت قريش هذا والله يعلم محمدا صلى الله عليه وآله وسلم علمه بلسانه. (104) إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يصدقون إنها من عند الله لا يهديهم الله لا يلطف بهم ويخذلهم ولهم عذاب أليم في الاخرة. - 105) إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله لأنهم لا يخافون عقابا يردعهم عنه هذا رد لقولهم إنما أنت مفتر يعني إنما يليق إفتراء الكذب لمن لا يؤمن بالله لأن الأيمان يمنع الكذب وأولئك هم الكاذبون. (106) من كفر بالله (1) من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان لم تتغير عقيدته ولكن من شرح بالكفر صدرا اعتقده وطاب به نفسا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم إذ لا جرم أعظم من جرمه. القمي إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان فهو عمار بن ياسر أخذته قريش بمكة فعذبوه بالنار حتى أعطاهم بلسانه ما أرادوا وقلبه مطمئن بالأيمان وقوله ولكن من شرح بالكفر صدرا فهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن لؤي قال وكان عاملا لعثمان بن عفان على مصر. أقول: قصة عمار على ما روته المفسرون في شأن نزول هذه الاية إن قريشا أكرهوه وأبويه ياسر وسمية على الأرتداد فأبى أبواه فقتلوهما وهما أول قتيلين في الأسلام وأعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا مكرها فقيل يا رسول الله إن عمارا كفر فقال كلا إن عمارا أملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الأيمان بلحمه ودمه فأتى عمار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يبكي فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يمسح عينيه وقال مالك إن عادوا لك فعد لهم بما قلت. وفي الكافي قيل للصادق عليه السلام إن الناس يروون أن عليا عليه السلام


1 - قال الزجاج من كفر بالله في موضع رفع على البدل من الكاذبين ولا يجوز ان يكون رفعا بالابتداء لانه لا خبر ها هنا للابتداء فان قوله من كفر بالله بعد ايمانه الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ليس بكلام تام وقوله فعليهم غضب من الله خبر قوله من شرح بالكفر صدرا وقال الكوفيون من كفر شرط وجوابه يدل عليه جواب من شرح فكأنه قيل من كفر فعليه غضب من الله م‍ ن. (*)

[ 158 ]

قال على منبر الكوفة أيها الناس إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني ثم تدعون إلى البراءة مني فلا تبرأوا مني فقال ما أكثر ما يكذب الناس على علي عليه السلام. قال إنما قال إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني ثم تدعون إلى البراءة مني وإني لعلى دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولم يقل لا تبرؤوا مني فقال له السائل أرأيت أن اختار القتل دون البراءة فقال والله ما ذاك عليه وما له إلا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكره أهل مكة وقلبه مطمئن بالأيمان فأنزل الله فيه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالاءيمن فقال له النبي صلى الله عليه وآله عندها يا عمار إن عادوا فعد فقد أنزل الله عذرك وأمرك أن تعود إن عادوا. والعياشي عن الباقر عليه السلام مثله. وعن الصادق عليه السلام إنه سئل مد الرقاب أحب إليك أم البراءة من علي عليه السلام فقال الرخصة أحب إلي أما سمعت قول الله في عمار إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان. (107) ذلك بأنهم استحبوا الحيوة الدنيا على الاخرة بسبب أنهم آثروها عليها وأن الله لا يهدي القوم الكافرين أي الكافرين في علمه إلى ما يوجب ثبات الأيمان. (108) أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم فامتنعت عن إدراك الحق وأولئك هم الغفلون الكاملون في الغفلة إذ غفلوا عن التدبر في عاقبة أمرهم. (109) لا جرم أنهم في الاخرة هم الخسرون إذ ضيعوا أعمارهم بصرفها فيما أفضى إلى العذاب الدائم. العياشي عن الصادق عليه السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يدعو أصحابه فمن أراد الله به خيرا سمع وعرف ما يدعوه إليه ومن أراد به شرا طبع على قلبه فلا يسمع ولا يعقل وهو قوله تعالى أولئك الذين طبع الله الاية. (110) ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا عذبوا في الله واكرهوا على الكفر فاعطوا بعض ما اريد منهم ليسلموا من شرهم كعمار وقرئ بفتح الفاء والتاء ثم

[ 159 ]

جاهدوا وصبروا على الجهاد وما أصابهم من المشاق إن ربك من بعدها من بعد الأفتتان والجهاد والصبر لغفور لما فعلوا من قبل رحيم ينعم عليهم مجازاة على مشاقهم لغفور خبر إن الاولى والثانية جميعا ونظير هذا التكرير في القرآن كثير وثم لتباعد حال هؤلاء من حال أولئك. (111) يوم تأتى كل نفس تجدل عن نفسها أي ذاتها تحتج عنها وتعتذر لها وتسعى في خلاصها لا يهمها شأن غيرها فتقول نفسي نفسي وتوفي كل نفس ما عملت جزاء ما عملت وهم لا يظلمون. (112) وضرب الله مثلا لكل قوم أنعم الله عليهم فأبطرتهم النعمة فكفروا بها فأنزل الله بهم نقمته قرية كانت آمنة مطمئنة لا يزعج أهلها خوف يأتيها رزقها رغدا واسعا من كل مكان من نواحيها فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف وقرء بنصب الخوف إستعار الذوق لأدراك أثر الضرر واللباس لما غشيهم وإشتمل عليهم من الجوع بما كانوا يصنعون. القمي قال نزلت في قوم كان لهم نهر يقال له البليان وكانت بلادهم خصبة كثيرة الخير وكانوا يستنجون بالعجين ويقولون هو ألين لنا فكفروا بأنعم الله واستخفوا بنعمة الله فحبس الله عليهم البليان فجدبوا حتى أحوجهم الله إلى ما كانوا يستنجون به حتى كانوا يتقاسمون عليه. والعياشي عن الصادق عليه السلام كان أبي يكره أن يمسح يده بالمنديل وفيه شئ من الطعام تعظيما له إلا أن يمصها أو يكون إلى جانبه صبي فيمصها له قال وإني أجد اليسير يقع من الخوان فأتفقده فيضحك الخادم ثم قال إن أهل قرية ممن كان قبلكم كان الله قد وسع عليهم حتى طغوا فقال بعضهم لبعض لو عمدنا إلى شئ من هذا النقي فجعلناه نستنجي به كان ألين علينا من الحجارة قال فلما فعلوا ذلك بعث الله على أرضهم دوابا أصغر من الجراد فلم تدع لهم شيئا خلقه الله إلا أكلته من شجر أو غيره فبلغ بهم الجهد إلى أن أقبلوا على الذي كانوا يستنجون به فأكلوه وهي القرية التي قال

[ 160 ]

الله ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة إلى قوله بما كانوا يصنعون. (113) ولقد جائهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون. (114) فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون. (115) إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم قد سبق تفسيره في سورة البقرة. (116) ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام. القمي هو ما كانت اليهود يقولون ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا. قيل: أي لا تحللوا ولا تحرموا بمجرد قول ينطق به ألسنتكم من غير حجة ونص ووصف ألسنتهم الكذب مبالغة في وصف كلامهم بالكذب كأن حقيقة الكذب كانت مجهولة وألسنتهم تصفها وتعرفها بكلامهم هذا كقولهم وجهها يصف الجمال وعينها تصف السحر لتفتروا على الله الكذب من قبيل التعليل الذي لا يتضمنه الغرض إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون. (117) متاع قليل أي ما يفترون لأجله منفعة قليلة تنقطع عن قريب ولهم عذاب أليم في الاخرة. في التوحيد عن الصادق عليه السلام إذا أتى العبد بكبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهى الله عنها كان خارجا من الأيمان وساقطا عنه إسم الأيمان وثابتا عليه إسم الأسلام فإن تاب واستغفر عاد إلى الأيمان ولم يخرجه إلى الكفر والجحود والأستحلال فإذا قال للحلال هذا حرام وللحرام هذا حلال ودان بذلك فعندنا يكون خارجا من الأيمان والأسلام إلى الكفر وكان بمنزلة رجل دخل الحرم ثم دخل الكعبة فأحدث في الكعبة حدثا فاخرج عن الكعبة وعن الحرم فضربت عنقه وصار إلى النار الحديث.

[ 161 ]

(118) وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل أي في سورة الأنعام بقوله وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر الاية وما ظلمناهم بالتحريم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون حيث فعلوا ما عوقبوا به عليه وفيه دلالة على أن التحريم عليهم كان للعقوبة لا للمضرة. (119) ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة جاهلين غير متدبرين للعاقبة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها من بعد التوبة لغفور لذلك السوء رحيم يثيب على الأنابة. (120) إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا. في الكافي عن الصادق عليه السلام والامة واحد فصاعدا كما قال الله وتلا الاية. والقمي عن الباقر عليه السلام وذلك أنه كان على دين لم يكن عليه أحد غيره فكأنه امة واحدة وأما قانتا فالمطيع وأما الحنيف فالمسلم. والعياشي عن الصادق عليه السلام شئ فضله الله به وعن الكاظم عليه السلام لقد كانت الدنيا وما كان فيها إلا واحد يعبد الله ولو كان معه غيره إذا لأضافه إليه حيث يقول إن إبرهيم كان أمة الاية فعبر بذلك ما شاء الله ثم إن الله آنسه باسمعيل وإسحق فصاروا ثلاثة ولم يك من المشركين تكذيب لقريش فيما كانوا يزعمون أنهم على ملة إبراهيم عليه السلام. (121) شاكرا لانعمه لأنعم الله معترفا بها روي أنه كان لا يتغذى إلا مع ضيفه اجتبيه اختاره وهديه إلى صراط مستقيم إلى الطريق الواضح. (122) وآتيناه في الدنيا حسنة بأن حببه إلى الناس حتى أن أرباب الملل يتولونه ويثنون عليه ورزقه أولادا طيبة وعمرا طويلا في السعة والطاعة وإنه في الاخرة لمن الصالحين لمن أهل الجنة كما سأله بقوله وألحقني بالصالحين. (123) ثم أوحينا إليك يا محمد أن اتبع ملة إبرهيم حنيفا وما كان من

[ 162 ]

المشركين قيل في ثم هذه تعظيم لمنزلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإعلام بأن أفضل ما أوتي خليل الله من الكرامة إتباع نبينا ملته حيث دلت على تباعد هذا النعت في المرتبة من بين سائر النعوت التي أثنى الله عليه بها في مصباح الشريعة عن الصادق عليه السلام لا طريق للأكياس (1) من المؤمنين أسلم من الأقتداء لأنه المنهج الأوضح قال الله عز وجل ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبرهيم حنيفا فلو كان لدين الله تعالى مسلك أقوم من الأقتداء لندب أولياءه وأنبياءه إليه. والعياشي عن الحسين بن علي عليهما السلام ما أحد على ملة إبراهيم إلا نحن وشعيتنا وساير الناس منها براء. (124) إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون. القمي وذلك أن موسى عليه السلام أمر قومه أن يتفرغوا لله كل سبعة أيام يوما يجعله الله عليهم وهم الذين اختلفوا فيه. أقول: قد سبقت قصتهم في سورة الأعراف. (125) ادع إلى سبيل ربك بالحكمة بالمقالة المحكمة الصحيحة الموضحة للحق المزيحة للشبهة هذا للخواص والموعظة الحسنة الخطابات المقنعة والعبر النافعة التي لا يخفي عليهم إنك تناصحهم بها وتنفعهم فيها وهذا للعوام وجادلهم (2) بالتى هي أحسن بالطريقة التي هي أحسن طرق المجادلة وهذا للمعاندين والجاحدين. في الكافي والقمي عن الصادق عليه السلام يعني بالقرآن.


1 - الكيس كفلس العقل والفطنة وجودة القريحة وقيل الكيس مخفف من كيس مثل هين وهين والاول اصح لان الكيس مصدر كاس كباع والكيس بالتثقيل اسم فاعل وجمعه اكياس مثل جيد واجياد م‍. 2 - أي ناظرهم بالقرآن وباحسن ما عندك من الحجج وتقديره بالكلمة التي هي احسن والمعنى افتل المشركين واصرفهم عما هم عليه من الشرك بالرفق والسكينة ولين الجانب في النصيحة ليكونوا اقرب الى الاجابة فان الجدل هو فتل الخصم عن مذهبه بطريق الحجاج وقيل هو ان يجادلهم على قدر ما يحتملونه كما جاء في الحديث امرنا معاشر الانبياء ان نكلم الناس على قدر عقولهم مجمع البيان. (*)

[ 163 ]

وفي الأحتجاج وتفسير الأمام عليه السلام عند قوله تعالى قل هاتوا برهنكم إن كنتم صادقين من سورة البقرة ذكر عند الصادق عليه السلام الجدال في الدين وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام نهوا عنه فقال الصادق عليه السلام لم ينه مطلقا ولكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن أما تسمعون قوله تعالى ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن وقوله تعالى ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن فالجدال بالتي هي أحسن قد أمر به العلماء بالدين والجدال بغير التي هي أحسن محرم حرمه الله على شيعتنا وكيف يحرم الله الجدال جملة وهو يقول وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى قال الله تعالى تلك أمانيهم قل هاتوا برهنكم إن كنتم صادقين فجعل علم الصدق والأيمان بالبرهان وهل يؤتى بالبرهان إلا في الجدال بالتي هي أحسن قيل يا ابن رسول الله فما الجدال بالتي هي أحسن والتي ليست بأحسن قال أما الجدال بغير التي هي أحسن فإن تجادل مبطلا فيورد عليك باطلا فلا ترده بحجة قد نصبها الله تعالى ولكن تجحد حقا يريد بذلك المبطل أن يعين به باطله فتجحد ذلك الحق مخافة أن يكون له عليك فيه حجة لأنك لا تدري كيف المخلص منه فذلك حرام على شعيتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم وعلى المبطلين أما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلته وضعف في يده حجة له على باطله وأما الضعفاء فتغتم قلوبهم لما يرون من ضعف المحق في يد المبطل وأما الجدال بالتي هي أحسن وهو ما أمر الله به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت وإحياء الله تعالى له فقال الله له حاكيا عنه وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيى العظام وهى رميم وقال الله في الرد عليه قل يا محمد يحييها الذى أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم الذى جعل لكم من الشجر الاخضر نارا إلى آخر السورة فأراد الله من نبيه أن يجادل المبطل الذي قال كيف يجوز أن يبعث هذه العظام وهي رميم فقال الله قل يحييها الذى أنشأها أول مرة أفيعجز من ابتدائه لا من شئ أن يعيده بعد أن يبلى بل إبتداؤه أصعب عندكم من إعادته ثم قال الذى جعل

[ 164 ]

لكم من الشجر الاخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون أي إذا كمن [ تكن خ ل ] النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب يستخرجها فعرفكم أنه على إعادة ما بلى أقدرتم ثم قال أو ليس الذى خلق السموات والارض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم إذا كان خلق السموات والأرض أعظم وأبعد في أوهامكم وقدركم أن تقدروا عليه من إعادة البالي فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم والأصعب لديكم ولم تجوزوا منه ما هو أسهل عندكم من إعادة البالي فقال الصادق عليه السلام فهذا الجدال بالتي هي أحسن لأن فيها قطع عذر الكافرين وإزالة شبهتهم وأما الجدال بغير التي هي أحسن فإن تجحد حقا لا يمكنك أن تفرق بينه وبين باطل من تجادله وإنما تدفعه عن باطله بأن تجحد الحق فهذا هو المحرم لأنك مثله جحد هو حقا وجحدت أنت حقا آخر إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين أي ليس عليك أن تهديهم ولا أن تردهم عن الضلالة وإنما عليك البلاغ فمن كان فيه خير كفاه البرهان والوعظ ومن لا خير فيه عجزت عنه الحيل فكأنك تضرب منه في حديد بارد. (126) وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين. القمي وذلك أن المشركين يوم احد مثلوا بأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذين استشهدوا فيهم حمزة فقال المسلمون أما والله لئن أدالنا الله عليهم لنمثلن بأخيارهم فذلك قول الله تعالى وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به يعني بالاموات. وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال يوم احد من له علم بعمي حمزة فقال الحارث بن الصمت أنا أعرف موضعه فجاء حتى وقف على حمزة فكره أن يرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين عليه السلام أطلب يا علي عمك فجاء علي عليه السلام فوقف على حمزة فكره أن يرجع إليه فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى وقف عليه فلما رأى ما فعل به بكى ثم قال ما وقفت موقفا قط أغيظ علي من هذا المكان لئن أمكنني

[ 165 ]

الله من قريش لأمثلن سبعين رجلا منهم فنزل عليه جبرئيل فقال وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل أصبر. والعياشي عن الصادق عليه السلام لما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما صنع بحمزة بن عبد المطلب قال اللهم لك الحمد واليك المشتكى وأنت المستعان على ما أرى ثم قال لئن ظفرت لأمثلن وامثلن قال فانزل الله وإن عاقبتم الاية فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصبر أصبر. (127) واصبر وما صبرك إلا بالله إلا بتوفيقه وتثبيته ولا تحزن عليهم على أصحابك وما فعل بهم فإن الله نقلهم إلى دار كرامته ولا تك في ضيق مما يمكرون في ضيق صدر من مكرهم وقرئ بكسر الضاد. (128) إن الله مع الذين اتقوا الشرك والمعاصي والذين هم محسنون في أعمالهم. في ثواب الأعمال والعياشي عن الباقر عليه السلام من قرأ سورة النحل في كل شهر كفى المغرم في الدنيا وسبعين نوعا من أنواع البلاء أهونه الجنون والجذام والبرص وكان مسكنه في جنة عدن وهي وسط الجنان اللهم ارزقنا بحق محمد وآله.




 
 

  أقسام المكتبة :
  • نصّ القرآن الكريم (1)
  • مؤلّفات وإصدارات الدار (21)
  • مؤلّفات المشرف العام للدار (11)
  • الرسم القرآني (14)
  • الحفظ (2)
  • التجويد (4)
  • الوقف والإبتداء (4)
  • القراءات (2)
  • الصوت والنغم (4)
  • علوم القرآن (14)
  • تفسير القرآن الكريم (108)
  • القصص القرآني (1)
  • أسئلة وأجوبة ومعلومات قرآنية (12)
  • العقائد في القرآن (5)
  • القرآن والتربية (2)
  • التدبر في القرآن (9)
  البحث في :



  إحصاءات المكتبة :
  • عدد الأقسام : 16

  • عدد الكتب : 214

  • عدد الأبواب : 96

  • عدد الفصول : 2011

  • تصفحات المكتبة : 21398718

  • التاريخ : 18/04/2024 - 06:51

  خدمات :
  • الصفحة الرئيسية للموقع
  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • المشاركة في سـجل الزوار
  • أضف موقع الدار للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • للإتصال بنا ، أرسل رسالة

 

تصميم وبرمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net

دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم : info@ruqayah.net  -  www.ruqayah.net