عرش بلقيس بين عفريت الجنّ و (مَن عنده علم من الكتاب)

السؤال :

1- {قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [سورة النمل: 38]

2- {قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} [سورة النمل: 39]

3- {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [سورة النمل: 40]

في الآيات الثلاث المحور الرئيسي يدور حول عرش بلقيس، اﻵية الأولى فيها طلب عرش بلقيس. الثانية تعهد عفريت من الجن بجلب عرش بلقيس قبل أن يقوم من مقامه وهو قوي أمين. الثالثة تنافس الذي عنده علم من الكتاب قال آتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك, فلما رآه أمامه قال نبي الله سليمان فيها ابتلاء أأشكر أم أكفر، من شكره فلنفسه، ومن كفر فإن ربي غني كريم.

1-عندما رأى العرش مستقراً لماذا {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} بأي شيء يكفر؟

2-{قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ}

بأي قوة يتمكن عفريت من الجن أن يأتي بعرش بلقيس هل  يتمكن بقوته البدنية أو قوة أخرى؟

3-{قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} من هو الذي كان عنده علم من الكتاب؟

4-وهل يمكن لكل شخص متقي أو  من المخلصين أن يحصل على علم من الكتاب؟

5-هل توجد معلومات عن محتوى الكتاب؟



الجواب :

1- بأي شيء يكفر؟

يتضح الجواب بتفسير الآية الكريمة بأن الشكر هنا في قوله {أَأَشْكُرُ} أي: بأن أراه فضلاً من الله، بلا حول منّي ولا قوّة، وأقوم بحقّه {أَمْ أَكْفُرُ} أي: بأن أجد لنفسي فيه حولاً وقوّة، أو أن أقصّر في أداء حقوقه.

2- بأي قوة يتمكن عفريت من الجن أن يأتي بعرش بلقيس هل  يتمكن بقوته البدنية أو قوة أخرى؟

واضح ان (عفريت الجن) ليست لديه قوة بدنية كما لدينا نحن بل هو موجود غير مرئي وتحكمه قوانين غير قوانيننا، لكن لا يعنى ذلك أنه مجرّد من القوة بل إن للجن أيضاً قوى تختلف عن قوانا وغير معهودة بالنسبة إلينا فيأتون بعجائب الأشياء، إلا أن قدرتهم على التصرف بالموجودات هي بقدرٍ حدّده الله تعالى.

(وإن من الناس ـ حتى غير المؤمنين منهم ـ من تكون له قدرة على بعض الأمور الخارقة للعادة (وذلك للرياضة المجهدة ومجاهدة النفس) إلا أن الفرق بين ما يقومون به ممّا يخرق العادة وبين المعجزة هو أنّه لما كانت أعمالهم مستندة إلى قدرة بشرية محدودة ... فهي «أعمالهم الخارقة للعادة» محدودة دائماً، في حين أن المعاجز تستند إلى قدرة الله التي لا نهاية لها، وقدرته كسائر صفاته غير محدودة! لذلك نرى أن العفريت من الجن يحدّد قدرته على فترة بقاء سليمان في مجلس القضاء والتحقيق في أمور البلد، ليأتيه بعرش ملكة سبأ. [الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج‏12، ص:72- 73، بتصرّف يسير]

3- من هو الذي كان عنده علم من الكتاب؟

جاء في التفاسير أنّه آصف بن برخيا. وكان وزير سليمان وكاتبه وابن أخته. وكان صدّيقاً يعرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب. [زبدة التفاسير: 5 / 100]

قال في الأمثل: الظاهر أنّ هذا الشخص هو أحد أقارب سليمان المؤمنين وأوليائه الخاصين، وقد جاء اسمه في التواريخ بأنه (آصف بن برخيا) وزير سليمان و ابن أخته. [تفسير الامثل: 12 / 70]

وقد ذكر المفسرون أنه كان يعلم اسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أجاب، وربما ذكر بعضهم أن ذلك الاسم هو الحي القيوم، وقيل: ذو الجلال والإكرام، وقيل: الله الرحمن، إلى غير ذلك ممّا قيل.

ومن المحال أن يكون الاسم الأعظم الذي له التصرف في كل شي‏ء من قبيل الألفاظ ولا المفاهيم التي تدل عليها وتكشف عنها الألفاظ بل إن كان هناك اسم له هذا الشأن أو بعض هذا الشأن فهو حقيقة الاسم الخارجية التي ينطبق عليها مفهوم اللفظ نوعاً من الانطباق وهي الاسم حقيقة واللفظ الدال عليها اسم الاسم. ولم يرد في لفظ الآية نبأ من هذا الاسم الذي ذكروه بل الذي تتضمنه الآية أنه كان عنده علم من الكتاب، وأنه قال: أَنَا آتِيكَ بِهِ، ومن المعلوم مع ذلك أن الفعل فعل الله حقيقة، وبذلك كله يتحصل أنه كان له من العلم بالله والارتباط به ما إذا سأل ربه شيئاً بالتوجه إليه لم يتخلف عن الاستجابة وإن شئت فقل: إذا شاءه الله سبحانه. ويتبين أيضاً أن هذا العلم لم يكن من سنخ العلوم الفكرية التي تقبل الاكتساب والتعلم. [تفسير الميزان، 15 / 363، بتصرف يسير]

4-وهل يمكن لكل شخص متقي أو  من المخلصين أن يحصل على علم من الكتاب؟

إن كان معنى الكتاب العلوم التي خصها الله أنبياءه وأولياءه (أي: من جنس الكتب السماوية) فمن الطبيعي أن يشترط فيه ما يشترط في النبي والولي من الشروط منها الاختيار الإلهي، لكن غير المؤمن قد يصل إليه شيء من تلك العلوم عن طريق النبي أو الوصي أو بالواسطة عنهم (عليهم السلام).

5-هل توجد معلومات عن محتوى الكتاب؟

المراد بالكتاب الذي هو مبدأ هذا العلم العجيب إما جنس الكتب السماوية أو اللوح المحفوظ، والعلم الذي أخذه هذا العالم منه كان علماً يسهل له الوصول إلى هذه البغية [الميزان، 15 / 363]

وأمّا «علم الكتاب» فالمراد منه معرفة ما في الكتب السماوية ... المعرفة العميقة التي تمكّنه من القيام بهذا العمل الخارق للعادة! وقال بعضهم: يحتمل أن يكون المراد من (علم الكتاب) هو اللوح المحفوظ الذي علم الله بعضه ذلك الرجل «آصف» ولذلك استطاع أن يأتي بعرش ملكة سبأ بطرفة عين، ويحضره عند سليمان! [تفسير الأمثل: 12 / 70 - 71]


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=997