الوحي الأوّل

السؤال :

إذا كانت حالة الوحي وعي تامّ وخاص وحاضر في نفس النبي (صلّى الله عليه وآله) وهذا التنبّه كيف يغيب عنه حالة تمييزه في أوله عندما جاء الوحي فقال: «اقرأ» فقال «ما أقرأ»... وكأن الامر مفاجئاً له (صلّى الله عليه وآله).

 


الجواب :

الرواية التي كانت تقول بأنّ الوحي فاجأ النبي وأنّه عندما قال له جبرائيل «اقرأ «قال: ما أنا بقارئ» فغطّه ثلاث مرّات، ثمّ بدأ بالقراءة، إنّما هي عن طريق أهل السنّة والجماعة.

ولكن بحسب الرواية الواردة عن أئمّتنا (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) فإنّه حين نزل عليه الوحي كان مطمئنّاً مستبشراً، ولم يتردّد، ولم يكن متفاجئاً، بل كان مؤهَّلاً لمثل ذلك اليوم، وعاد إلى زوجته خديجة والإمام عليّ بن أبي طالب (عليهما السلام) وأخبرهما بنزول جبرائيل عليه، فكانا أوّل من صلّى مع النبي صلاة الظهر في ذلك اليوم المبارك.

وأمّا الرواية الواردة عن طريق السنّة فهي رواية غير صحيحة؛ وذلك:

أوّلاً: لأنّ النبي كان عالماً بالقرآن قبل نزوله كما هو ظاهر قوله تعالى: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ}، فلا معنى لأن يتفاجأ، ولأن يسأل، أو ينفي ويقول «ما أنا بقارئ».

وثانياً: إنّ هذا يتنافى مع الحكمة الإلهية؛ فإنّ البشر العادي إذا أراد أن يبعث رسولاً من قبله فلابد أن يختار الرسول الواعي والملتفت إلى الرسالة والقادر على تطبيقها، ولو بعث رسولاً قلِقاً أو غير واعٍ للرسالة، أو متفاجأً بها، لعُدّ بعثه منافياً للحكمة، فكيف يصدر من الباري تبارك وتعالى أن يُنزل الوحي على النبي من دون أن يُعدّه نفسياً، ومن دون أن يؤهّله قلبياً لتلقّي الرسالة والوحي فإنّ هذا منافٍ للحكمة الإلهية.

نعم، تبليغ الأمر بالصلوات للناس إنّما كان في المدينة المنوّرة، ولكن قيامه (صلوات الله وسلامه عليه) بالصلاة، وإمامته لخديجة وعلي (عليهما السلام) كان منذ أوّل يومٍ نزل عليه الوحي.

 

سماحة السيّد منير الخباز

المصدر: موقع (www.almoneer.org) على الانترنت، بتصرّف يسير.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=994