ما هي القراءات؟ وما هي عوامل نشوئها وتطوّرها؟

السؤال :

ما هي القراءات؟ وما هي عوامل نشوئها وتطوّرها؟



الجواب :

القراءة ـ وتعني وجهاً من محتملات النصّ القرآني ـ هو مصطلح قديم يرجع إلى عهد الصحابة الأوَّلين، حيث عمَد جماعة من كبار صحابة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بعد وفاته إلى جمْع القرآن في مصاحف: كعبد الله بن مسعود، وأُبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، والمقداد بن الأسود وأضرابهم، وربَّما اختلفوا في ثبْت النصّ أو في كيفية قراءته، ومن ثمَّ اختلفت مصاحف الصحابة الأُولى، وكان كلُّ قُطرٍ من أقطار البلاد الإسلامية تقرأ حسب المصحف الذي جمعَه الصحابيّ النازل عندهم. [انظر: تلخيص التمهيد، ج1، ص220].
فيرجع  اختلاف القراءات إلى الإمام القارئ، وهو محض اجتهاد، وممّا يؤيد ذلك أنّ كلَّ قارئ من هؤلاء السبعة أو العشرة يحتج لصحة قراءته، كما أنّ تابعيه يحتجون على ذلك أيضاً، ثمَّ إنّ إعراضه عن قراءة غيره دليل قطعي على أنّ القراءات تستند إلى اجتهاد القرّاء وآرائهم.
ولقد ذُكرت جملة من عوامل نشوء الاختلاف في قراءات القرآن الكريم، منها:
1 ـ اختلاف المصاحف في الأمصار، فإنّ كلَّ أهل مصر ملتزمون بالقراءة وفق مصحفهم, وعلى نهج مقرئهم الخاص.
2 ـ تحكيم الرأي والاجتهاد من قِبل الإمام القارئ، وعدم العدول برأيه وإن خالفه الجمهور وأهلُ التحقيق.
3 ـ بداية ظهور الخط في أوساط المجتمعات العربيّة، وهم لم يحكموا بعدُ اُصوله وفنونه ورسم كتابته.
4 ـ خلو حروف القرآن من التنقيط، وكلماته من علامات الحركات القياسيّة في وزنها وإعرابها، وهذا ممّا يوقع الخلط والاشتباه في كثير من الأحرف والكلمات.
5 ـ اختلاف اللهجات بين القبائل والأفخاذ العربيّة.
ولقد ثبت بالأدلّة القطعيّة واتفاق المسلمين جميعهم تواترُ القرآن الكريم، ولكن هذا لا يلزم منه ثبوت تواتر القراءات؛ لأنّ أدلّة تواتره وضرورته لا تثبت بحال من الأحوال تواتر قراءاته، كما أنّ أدلّة نفي تواتر القراءات لا تسري إلى تواتره بأي وجه أيضاً.
وعلى هذا فإنّ المعروف عند الشيعة وجماعة من علماء العامّة أنّ القراءات غير متواترة، وإنّما هي منحصرة بين ما هو اجتهاد من القارئ وبين ما هو منقول بخبر واحد، وهذا ما ورد عن الزرقاني وغيره: أنّ القول بعدم تواتر القراءات السبع لا يستلزم القول بعدم تواتر القرآن، كيف وهناك فرق بين القرآن والقراءات السبع، بحيث يصح أن يكون القرآن متواتراً في غير القراءات السبع [مناهل العرفان في علوم القرآن 1 / 300]. [انظر: دروس موجزة في علوم القرآن، ص75-76]


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=865