هل صفة التقوى هي من الإيمان؟ ولماذا حدد الكتاب أن الهداية للمتقين فقط؟ وكيف أصبحوا متقين قبل نزول الكتاب؟

السؤال :

{ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [سورة البقرة، ٢]

هل صفة التقوى هي من الإيمان؟ وإذا كانت التقوى ليس من الإيمان كما في تفسير الميزان (المتقون هم المؤمنون وليست التقوى من الاوصاف الخاصة لطبقة من طبقاتهم اعني : لمرتبة من مراتب الإيمان حتى تكون مقاماً من مقاماته نظير الإحسان والاخبات والخلوص)

لماذا حدد الكتاب أن الهداية للمتقين فقط؟

قوله تعالى {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}؟ كيف أصبحوا متقين قبل نزول الكتاب؟



الجواب :

يتضح الجواب بإكمال عبارة صاحب الميزان الواردة في السؤال! حيث يقول ـ في تتمّة كلامه عن صفة التقوى ـ : (بل هي صفة مجامعة لجميع مراتب الايمان إذا تلبس الايمان بلباس التحقق). ثم قال: (والدليل على ذلك أنه تعالى لا يخص بتوصيفه طائفة خاصة من طوائف المؤمنين على اختلاف طبقاتهم ودرجاتهم والذي اخذه تعالى من الأوصاف المعرفة للتقوى في هذه الآيات التسع عشرة التي يبين فيها حال المؤمنين والكفار والمنافقين، خمس صفات، وهي الايمان بالغيب، وإقامة الصلاة، والانفاق مما رزق الله سبحانه، والايمان بما أنزله على أنبيائه، والايقان بالآخرة، وقد وصفهم بأنهم على هدى من ربهم فدل ذلك على أن تلبسهم بهذه الصفات الكريمة بسبب تلبسهم بلباس الهداية من الله سبحانه، فهم انما صاروا متقين اولي هذه الصفات بهداية منه تعالى) [انظر: تفسير الميزان، ج1، ص44].

أما (كيف أصبحوا متقين قبل نزول الكتاب)؟ فالجواب هو أن الهداية هدايتان؛ الاولى قبل نزول الكتاب وهي بالفطرة السليمة، والاخرى بعد نزول الكتاب وهي بإكرام المهتدين بها بعد التقوى. يقول العلامة الطباطبائي: (ان هؤلاء وهم متقون محفوفون بهدايتين، هداية أولى بها صاروا متقين، وهداية ثانية أكرمهم الله سبحانه بها بعد التقوى ... ثم إن الهداية الثانية لما كانت بالقرآن فالهداية الأولى قبل القرآن وبسبب سلامة الفطرة، فان الفطرة إذا سلمت لم تنفك من أن تتنبه شاهدة لفقرها وحاجتها إلى أمر خارج عنها ... فهي مؤمنة مذعنة بوجود موجود غائب عن الحس منه يبدأ الجميع واليه ينتهي ويعود، وانه كما لم يهمل دقيقة من دقائق ما يحتاج إليه الخلقة كذلك لا يهمل هداية الناس إلى ما ينجيهم من مهلكات الأعمال والأخلاق ، وهذا هو الاذعان بالتوحيد والنبوة والمعاد وهي أصول الدين ، ويلزم ذلك استعمال الخضوع له سبحانه في ربوبيته، واستعمال ما في وسع الانسان من مال وجاه وعلم وفضيلة لاحياء هذا الامر ونشره ، وهذان هما الصلاة والانفاق...] [تفسير الميزان، ج1، ص44-45]


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=829