إذا كان الله قد خلق العباد ليعبدوه، فعلامَ يختار قسمٌ منهم طريق الكفر؟ وهل يمكن أن تتخلف إرادة الله عن هدفه؟!

السؤال :

إذا كان الله قد خلق العباد ليعبدوه، فعلامَ يختار قسمٌ منهم طريق الكفر؟ وهل يمكن أن تتخلف إرادة الله عن هدفه؟! 



الجواب :

في الحقيقة إن الذين يوردون هذا الإشكال خلطوا بين الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية. لأن الهدف من العبادة لم يكن إجبارياً، بل العبادة توأم الإرادة والاختيار. وبهذا يتجلى الهدف بصورة تهيئة الأرضية أو المجال .. فمثلاً لو قلت إني بنيت هذا المسجد ليصلي الناس فيه، فمفهومه أنني هيأته لهذا العمل! لا أنني أجبر الناس على الصلاة فيه! وكذلك في الموارد الأخر كبناء المدرسة للدرس، والمستشفى للتداوي، والمكتبة للمطالعة! وهكذا فإن الله هيأ هذا الإنسان للطاعة والعبادة، ووفر له كل وسائل المساعدة من قبيل والعقل والعواطف والقوى المختلفة في الداخل، وإرسال الأنبياء والكتب السماوية والمناهج التشريعية في الخارج .. الخ. ومن المسلم به أن هذا المعنى في المؤمن والكافر واحد، إلا أن المؤمن أفاد من هذه الإمكانات، والكافر لم يفد منها!

لذلك فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه حين سئل عن الآية وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون . . قال (عليه السلام): "خلقهم للعبادة". قال الراوي : فسألته : خاصة أم عامة؟! فقال (عليه السلام): "عامة" [ بحار الأنوار ، ج 5 ، ص 314 الحديث 7].

وفي حديث آخر عن الإمام نفسه (عليه السلام) أنه لما سئل عن تفسير هذه الآية قال: "خلقهم ليأمرهم بالعبادة" [المصدر السابق].

وهي إشارة إلى أن الهدف لم يكن الإجبار على العبادة بل الإعداد والتهيئة له، وهذا المعنى يصدق في حق عموم الناس.

ويتضح مما ذكرنا آنفاً أن الألف واللام في "الجن والإنس" للاستغراق، وتشمل الآية جميع الأفراد، لا أن الألف واللام للجنس، بحيث تشمل جماعة منهم كما ورد في بعض التفاسير والله العالم].

*  المصدر: تفسير الأمثل، ج17، ص142-143، بتصرّف.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=823