مقاصد القرآن وكيفية الاهتداء به؟

السؤال :

أنزل الله سبحانه وتعالى كتابه ليكون هادياً، وضمن له البقاء والخلود لأجل صون استمرارية مرجعيته الهادية تلك، لكن حجباً كثيرة حالت أحياناً بيننا وبين القرآن، طغت كثير من الطقوس والشعائر على علاقتنا به، فحالت دون تدبّره أو تحقيق مقاصده.
فما مقاصد القرآن الكريم؟ وكيف نتعامل معه كأنّما أنزل إلينا؟



الجواب :

أهداف القرآن الكريم ومقاصده تتلخّص في سعادة الإنسان، وكماله المتناسب مع خلقته، وهي متمثّلة في أمور ثلاثة:
1 ـ العقائد: التي هي أصول الدين، وتشكّل البنية الأساسية، والقاعدة الفكرية التي بَني عليها القرآن كلّ تشريعاته ومفاهيمه، وهي عبارة عن إيمان الإنسان بربّه وخالقه، وبنبيّه وبإمامه، وباليوم الآخر، إيماناً قائماً على أساس الاستدلال، لا على أساس التقليد.
2 ـ الأحكام: التي هي فروع الدين، وتشكّل البنية الفوقية، والطابق العلوي في كيان الإسلام وبنائه، وهي عبارة عن التشريعات الشاملة لكلّ جوانب حياة الإنسان من حين تكوّنه إلى حين جعله في ملحودة قبره.
والطريق الطبيعي لتلقّي الإنسان هذه التشريعات، والتعرّف عليها عادةً عبارة عن الرجوع إلى ذوي الخبرة والاختصاص بالشريعة، وهم الفقهاء، واتّباعهم، والأخذ بآرائهم، وهو ما يُسمّى بـ(التقليد)، فالتقليد في أصول الدين مرفوض، لكنّه واجب في فروع الدين.
3 ـ مكارم الأخلاق: والصفات الفاضلة، والملكات الحسنة التي يربّي الإسلام من خلال القرآن الكريم والسنّة الشريفة الناس عليها، وينمّي فيهم الاستعداد والتأهّل للتحلّي بها، والسير عليها في علاقاتهم، وقد جاء في الحديث الشريف عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله): «إنّما بُعثت لأتّمم مكارم الأخلاق».
وأمّا أننا كيف نتعامل مع القرآن كأنّما أُنزل إلينا؟
فهذا سؤال أجاب عليه القرآن الكريم نفسه في قوله تعالى: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة / 1 ـ 2].
فالتقوى: هي الأرضية المساعدة والضرورية لتلقّي الإنسان الهداية من القرآن الكريم، وبدون التقوى لا يمكن الاهتداء بهدي القرآن، والانتهال من منهله العذب، والارتواء من معينه الصافي.
ولا نقصد بالتقوى أكثر من الالتزام والعمل بكلّ الواجبات الشرعية الملقاة على عاتق الإنسان، وكذلك الاجتناب عن كلّ المعاصي والمحرّمات الشرعية التي نهت عنها الشريعة.
وقد ذكرنا قبل قليل الطريق الطبيعي لمعرفة هذه الواجبات والمحرّمات وتحديدها، وذلك من خلال التقليد، واتّباع أهل الاختصاص في علوم الشريعة، وهم الفقهاء.
هذا هو شأن القرآن، فهو كتاب هدىً، لكنّه هدىً للنفوس المستعدّة، والقلوب المنفتحة، أمّا النفوس المُعرِضة، والقلوب المقفّلة، فلا تهتدي بالقرآن إلاّ إذا أنبت المطر في الأرض السبخة الزرع والريحان!!
وفّقنا الله تعالى وإيّاكم للتقوى، والسلام عليكم

- المجيب: سماحة السيّد علي الحائري / شبكة رافد للتنمية الثقافية، بتصرّف يسير.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=793