معنى قوله تعالى: {وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}

السؤال :

كيف يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {مَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ...}، ويقول في مكان آخر: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ}؟ فكيف يقول الله تعالى انه هو الذي يشاء بدلاً عن العبد في مواضع ويقول أنه أعطى المشيئة للعبد في مواضع أخرى؟ فهل هذا نوع من التناقض بين الآيتين؟



الجواب :

إرادة العبد ومشيئته في طول إرادة الله تعالى ومشيئته، ولا يشاء العبد إلا ما يشاء الله، ولا يوجد أي تناقض بين الآيتين، لأن المعنى في قوله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف:29]، ليس مسوقاً على جهة التخيير كما يظن، بل على جهة التهديد.
قال السيد الطباطبائي: يظهر ان قوله {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} من كلامه تعالى يخاطب به نبيه (ص) وليس داخلاً في مقول القول، فلا يعبأ بما ذكر بعضهم ان الجملة من تمام القول المأمور به.
ويظهر أيضاً أن قول: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا} الخ في مقام التعليل لتخييرهم بين الإيمان والكفر الذي هو تخيير صورة وتهديد معنى، والمعنى أنا إنما نهيناك عن الأسف وأمرناك أن تكتفي بالتبليغ فقط وتقنع بقولك: {الحَقُّ مِن رَبِّكُم} فحسب ولم نتوسل إلى إصرار والحاح لأنا هيأنا لهم تبعات هذه الدعوة رداً وقبولاً وكفى بما هيأناه محرضاً ورادعاً ولا حاجة إلى أزيد من ذلك وعليهم أن يختاروا لأنفسهم أي المنزلتين شاؤوا. [الميزان تفسير الميزان، السيد الطباطبائي، ج 13، ص 304].
وقال الشيخ الطبرسي: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} هذا وعيد من الله سبحانه وإنذار، ولذلك عقبه بقوله: {إِنَّا أَعتَدنَا} وإنما جاز التهديد بلفظ الأمر، لأن المهدد كالمأمور بإهانة نفسه، ومعناه: فليختر كل لنفسه ما شاء، فإنهم لا ينفعون الله تعالى بإيمانهم ولا يضرونه بكفرهم، وإنما يرجع النفع والضر إليهم [تفسير مجمع البيان، الشيخ الطبرسي، ج 6، ص 338].
المصدر: موقع مركز الابحاث العقائدية، بتصرّف.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=791