ما هي نصيحتكم لإنشاء جيل من الشباب متعلق بالقرآن، مهتم بحفظ القرآن، واعٍ للقرآن الكريم؟

السؤال : ما هي نصيحتكم لإنشاء جيل من الشباب متعلق بالقرآن، مهتم بحفظ القرآن، واعٍ للقرآن الكريم؟

الجواب : طبعاً لا يوجد مسلم لا يريد أن يحفظ القرآن أو يقرأه ويقول: أنا لا اُحب القرآن، وإذا قال هذا فهو ليس بمسلم في الواقع، وهذا شيء طبيعي، لكن المشكلة أن جميعنا يحب القرآن ولكن لا نتفاعل مع القرآن ولا نعطي وقتاً كافياً للقرآن، وطبيعي أننا لا ننتظر أن تحصل معجزة ونستيقظ يوماً من النوم ونحن نحفظ القرآن، وهذا لا يستدعي أن نتعب أنفسنا أو نبذل وقتاً وجهداً لسنوات مديدة، وطبعاً إنّ القرآن جميل وهذا لا يحتاج إلى تأكيد، لذلك عليك أن تقرأه فكل إنسان يحس بهذا الشيء لكن هناك بعض الأشياء لابد أن نعدها لأولادنا حتى يحفظوا القرآن ويكونوا قرآنيين، طبعاً ليس من الضروري أن يحفظوا كل القرآن مع إنه شيء جيّد، {بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [سورة العنكبوت: 49]، لكن إذا لم يتمكنوا من حفظ كل القرآن فليحفظوا أجزاءً من القرآن، أو ليكونوا قراءً في التجويد وفي التلاوة، أو ليكونوا مفسرين للقرآن. وأول عامل مهم ومؤثر هو البيت والعائلة، ولا بد أن يكون محيط البيت محيطاً قرآنياً، فالأم والأب وخاصة الأم؛ لأن لها الأثر الكبير وبعدها الأب، لابد أن يعدّا البيت ويجعلاه بيتاً قرآنياً، يعني: نحن لا نستطيع أن نقول لأولادنا: احفظوا القرآن، ونحن لا نقرأ القرآن، فلابد أن يكون البيت بيتاً قرآنياً يُقرأ فيه القرآن كثيراً، وعلى الأم والأب أن يشجّعا أولادهما على الحفظ، هذه هي خطوة اُولى لكنها لا تكفي، فلابد أن يعطوا من وقتهما، والأم لابد أن تسمع لهم الحفظ. وأن لا يقول الأب أو الأم لولدهما: أنا ما عندي وقت، أو: اذهب إلى الأستاذ، فهذا لا يكفي؛ لأن الأب والأم لهما أثر كبير أكثر من الأستاذ، ولا بأس أن يذهبا إلى المراكز القرآنية والجلسات القرآنية وهذا واجب طبعاً، لكن الأهم من ذلك أن نفس الأب والأم يسمعا لولدهما ويساعداه على الحفظ وسؤاله، هذا شيء مهم جداً حتى يصبح البيت بيتاً قرآنياً، هذا العامل الأول. العامل الثاني هو الشارع والمدينة والبيئة، فلابد أن تكون قرآنية، طبعاً عندما كنا نحفظ القرآن كان هذا الشيء متوفر؛ الأول والثاني، يعني عندما كنا نذهب إلى الحسينيّات والمساجد خصوصاً في مدينة قم المقدسة، فكان الوضع قرآنياً والشارع قرآنياً تقريباً والحمد لله رب العالمين، وكنا نذهب ونقضي أكثر وقتنا في الجلسات في حرم السيّدة المعصومة (عليها السلام)، كنا نذهب مع الأصدقاء والأساتذة، خاصة في شهر رمضان نذهب من الإفطار الى وقت السحر وكنا نقرأ القرآن، نسأل في الحفظ ونشارك في برامج قرآنية وجلسات قرآنية وندوات قرآنية، هذا العامل الثاني. أما العامل الثالث ولعله الأهم، فهو: المدرسة؛ لأن الطفل من الصغر يقضي كثيراً من عمره في المدرسة من الابتدائية إلى الثانوية أو إلى الجامعة، فخلال هذه الـ (12 سنة) أو الأكثر أو الأقل نستطيع أن نصنع أو نربي الشخص القرآني؛ لأن كلام المعلم قد يؤثر أكثر من كلام الأب والأم، فلابد للمدارس أن تكون قرآنية، فمع دروسه الأكاديمية لابد أن تهتم المدارس أيضاً بالحفظ، ولا أقول من الصباح إلى المساء يجلسون ويحفظون القرآن ويتركون باقي الدروس، لكن أن يبذلوا وقتاً قليلاً كأن يكون نصف ساعة أو ساعة فهذا الوقت سوف يكون فيه بركة، خاصة في مرحلة الابتدائية؛ لأن العلم في الصغر كالنقش على الحجر والعلم في الكبر كالنقش في البحر، ففترة الطفولة فترة جداً مهمة، فإذا نشأ الطفل قرآنياً إن شاء الله فسيبقى قرآنياً، والأهل لابد أن يشجعوا أولادهم كثيراً على حفظ القرآن، وأن يهيئوا لهم المناخ والجو القرآني في البيت، وهذا شيء طبيعي، أننا إذا كنا قرآنيين فإن الله سبحانه وتعالى سيعطينا هدية كبيرة وهي أن يجعل أولادنا قرآنيين. أنا جربت هذا الشيء، قبل 15 أو 20 سنة أنا كنت حافظاً للقرآن، لكن كان في بيتنا جلسات كثيرة، الإخوة كانوا يأتون إلى بيتنا ونقرأ القرآن مع بعض، فابني الأول الكبير، وكان عمره آنذاك 2 أو 3 سنوات، كان ينام على استماع القرآن، وعندما كنا نطفئ المسجل كان يستيقظ من نومه ويتأذى ويتألم كأنه يريد أن يقول: لماذا أغلقتم المسجل، وصار عمره 6 أو 7 سنوات، وعندما كنت أقرأ قسماً من قصار السور في الجزء الثلاثين كان هو يكمل تلك السورة، فوصلت إلى هذه النتيجة كأنه يسجل يعني كالجهاز الذي يلتقط ولا يتكلم، لذلك كان أساتذتنا يوصوننا دائماً أنّ الأم عندما تكون حاملاً عليها أن تقرأ القرآن كثيراً وعندما يولد الطفل نحاول على قدر الإمكان أنه يكون صوت القرآن متوفّراً في البيت دائماً وهذا سيؤثر على حفظه وسهولة الحفظ إن شاء الله. المجيب : الأستاذ الحافظ أحمد الدباغ ‏

  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=746