لماذا جاء إبراهيم الخليل (عليه السلام) بعجل حنيذ إلى ضيفه مع أنّهم كانوا قلّة؟ وما هو سبب توجّسه منهم خيفة بمجرّد أن رأى أيديهم لا تصل إليه؟

السؤال : لماذا جاء إبراهيم الخليل (عليه السلام) بعجل حنيذ إلى ضيفه مع أنّهم كانوا قلّة؟ وما هو سبب توجّسه منهم خيفة بمجرّد أن رأى أيديهم لا تصل إليه؟

الجواب :
قال تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ * فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ} [سورة هود: 69-70].
1- إنّ القرآن لم يذكر عدد هؤلاء الأضياف، وهناك أقوال في عددهم، فبعض يقول: كانوا ثلاثة، وبعض يقول: أربعة، وبعض يقول: كانوا تسعة، وبعض قال: أحد عشر، ويحتمل أن يكونوا أكثر من ذلك.
2- إنّ إبراهيم (عليه السلام) كان له أتباع وعمّال وجيران، وهذا الأمر متعارف أن يصنع مثل هذا عند الضيافة ويكون فوق حاجة الأضياف ليأكل منه الجميع.
ولكن حدث لإبراهيم (عليه السلام) حادث عجيب مع أضيافه عند تقديم العجل الحنيذ لهم ـ والحنيذ معناه: المشوي ـ ، فقد رآهم لا يمدّون أيديهم إلى الطعام، وهذا العمل كان مريباً له وجديداً عليه، فأحسّ بالاستيحاش واستغرب ذلك منهم، فلمّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة.
ومن السنن والعادات القديمة التي لا تزال قائمة بين كثير من الناس الذين لهم التزام بالتقاليد الطيّبة للأسلاف هي أنّ الضيف إذا تناول من طعام صاحبه (وبما اصطلح عليه: تناول من ملحه وخبزه) فهو لا يكنّ له قصد سوء، وعلى هذا فإنّ من له قصد سوء مع أحد ـ واقعاً ـ يحاول ألا يأكل من طعامه (وخبزه وملحه)، ومن هذا المنطلق شكّ إبراهيم في نيّاتهم، واحتمل أنّهم يريدون به سوءاً.
أمّا الرسل فإنّهم لما اطلعوا على ما في نفس إبراهيم (عليه السلام)، بادروا لرفع ما وقع في نفسه وقالوا: لا تخف إنّا أرسلنا إلى قوم لوط.
المجيب: الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، للشيخ ناصر مكارم الشرازي: ج7، ص6-7، بتصرّف.

  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=701