كيف يصحُّ لنا أن ننسب الأفعال القبيحة لله تعالى؟

السؤال :

كيف يصحُّ لنا أن ننسب الأفعال القبيحة لله تعالى؟



الجواب :

إنّ الجواب عن حل إشكالية نسبة الأفعال القبيحة لله تعالى يتفرع على الفهم الصحيح في تفسير التوحيد في الخالقية، الذي نقصد به الاعتقاد بأنّ جميع ما سوى الله تعالى إنّما يخلق ويوجِد الأفعال بإذن الله تعالى، لا أنّه يخلقها ويوجدها دون إذن إلهية، إذ أن الاعتقاد الأخير يعني وجود خالق في عرض خالقية الله تعالى وهذا الشرك في حين إذا كنا نعتقد بأن خالقيتها بإذن الله تعالى فذلك يعني أنه يخلق في طول خالقية الله تعالى.

فهذه الأفعال وإن نسبت إليه بالمباشرة ولكنها في أصل وجودها تعود وترجع إلى الله تعالى الذي أذن في جودها، وإلا إن لم يُرد وجودها ولم يأذن بذلك لاستحال وجودها قطعاً، فسببية الله تعالى لها حقيقية، وسببية الموجودات الأُخرى لها تبعية، وفرق ما بين الاثنين.

وبهذا يرتفع التنافي الموجود بين الآيات الكريمة المبينة لكلا القسمين: السببية الحقيقية، من قبيل قوله تعالى: {اللهُ يَتَوَفى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. [الزمر: 42]. والسببية التبعية، من قبيل قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا}.[الأنعام: 61]. ونحوها من الآيات الكريمة، في باب الخلق والإيجاد.

وأمّا بالنسبة إلى كيفية نسبة الأفعال القبيحة إلى الله تعالى ـ والعياذ بالله ـ نقول: إنّ للأفعال جهتين:

الأُولى، جهة الثبوت والوجود. والثانية جهة الاستناد إلى فواعلها المباشرة. فالأفعال من جهتها الأُولى تنسب إلى الله تعالى، أي من جهة أصل وجودها وثبوتها، وهي بهذا اللحاظ تتصف بالجمال والحسن التكويني {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ}. [السجدة: 7].

وأما اتصافها بالقبح والحسن فذلك راجع إلى جهتها الثانية، بلحاظ مطابقتها لأحكام العقل والشرع، فمتى ما كانت مطابقة لهما وصفت بالحسن، ومتى كانت غير ذلك وصفت بالقبح، فالحسن والقبح راجعان إلى الفاعل المباشر للفعل.

المجيب: الدكتور الشيخ شاكر الساعدي


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=679