من الآيات المفتاحية.. آية الخزائن

السؤال :

نرى أن السيد الطباطبائي في تفسير الميزان يجعل من آية الخزائن محوراً في التدليل على كثير من الحقائق، فهل يمكن ان تبينوا لنا مضمون هذه الاية المباركة؟ وهل تختص ببعض دون بعض؟



الجواب :

هذه الآية الكريمة تعتبر من الأصول والمفاتيح القرآنية التي يفهم من خلالها الكثير من الحقائق والآيات القرآنية الأخرى، وهو أن لكل شيء في عالمنا المشهود نحو وجود عيني خاص به في الخزائن الإلهية. وقد نصت الآية على النقاط التالية:

أولاً: إن هذه الآية من الآيات العامة وليست مختصة بشيء دون شيء.

قال الطباطبائي: [إنّ ظاهر قوله: (وَإنْ مِنْ شَيْء (على ما به من العموم بسبب وقوعه في سياق النفي مع تأكيده بـ (من) كلّ ما يصدق عليه أنّه شيء من دون أن يخرج منه إلاّ ما يخرجه نفس السياق، وهو ما تدلّ عليه لفظة (نا) و(عند) و(خزائن) وما عدا ذلك ممّا يُرى ولا يُرى مشمول للعام].الميزان، ج12، ص143.

ثانياً: إنّ الآية استخدمت [الخزائن] بصيغة الجمع، وحيث إن الآية تفيد أن ما من شيء في عالمنا إلاّ ويعبّر عن وجود خاصّ في هذه المرتبة من الوجود، له فوقها خزائن، فيكون للشيء مراتب ثلاث، هي: مرتبة هذا العالم، ومرتبتان في تلك الخزائن؛ وفق قاعدة أنّ الاثنين أقلّ الجمع.

كما يمكن أن تتنزّل إلى مرتبتين هما مرتبة الوجود الظاهري التي في نشأتنا، والمرتبة التي عبّر عنها القرآن [خزائن]، هذا على تقدير أن تكون الخزائن جميعاً في مرتبة واحدة، على هذا الاحتمال يكون لكلّ شيء مرتبتان من الوجود على أقلّ تقدير.

أمّا عدد تلك الخزائن التي تحوي أشياء الوجود، بمعنى أن يكون لهذه الأشياء مرتبة وجود سابقة، فهو أمرٌ لا يمكن للعقل تحديده، ويحتاج القول فيه إلى دليل قطعيّ نصّي من القرآن أو الرواية، يبيّن عدد تلك الخزائن [العوالم].

ثالثاً: إنَّ تلك الخزائن أمورٌ ثابتة غير زائلة ولا متغيّرة؛ لأنّها عند الله، وما عند الله باق. إذاً هي فوق عالمنا المشهود؛ لأنّ الأشياء في هذه النشأة المادّية وفي عالمنا المحسوس متغيّرة فانية لا تتّسم بالثبات ولا بالبقاء.

وما أراده السيد الطباطبائي هو كون هذه الآية المباركة مفتاح وأصل لكثير من الحقائق، فلا يمكن تخصيصها بشيء دون شيء، نعم قد يكون لها مصاديق كثيرة.

 

 المجيب: موقع السيد كمال الحيدري


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=651