المراتب وعلاقاتها في القرآن الكريم

السؤال : هل أن (الكتاب) الذي أتى ذكره في سورة النحل وفي نصوص أخرى كثيرة هو نفسه القرآن الكريم أم أن الكتاب هو شيء آخر؟ وإذا كان غير القرآن الكريم فهل (سورة الفاتحة) تابعة للقرآن أم تابعه للكتاب باعتبارها (أم الكتاب)؟

الجواب :

المتأمل لنصوص القرآن الكريم يعرف أن للقرآن عدة مراتب، وُصِف القرآن الكريم تبعاً لها بعدة أوصاف نظير: (كتاب)، (كتاب مكنون)، (أم الكتاب)، (اللوح المحفوظ) (الكتاب المكنون) وغير ذلك. والقرآن الكريم تارة يصف جملة من آياته (المحكمات) بـ (هن أم الكتاب)، وهو يقصد أن الآية المحكمة تشتمل على أمهات ما في الكتاب من الموضوعات وبقية الآيات متفرعة عنها، وأن الآيات المتشابهة ترجع إلى الآيات المحكمة في مداليلها وتحديد المراد منها، وبهذا المعنى وصفت سورة الفاتحة بـ (أم الكتاب). وتارة يصف نفسه (مجتمعاً)، بما في ذلك آياته المحكمات التي وصفت بالاعتبار السابق بكونها أم الكتاب، بأنه عند الله تعالى في مرتبة أسماها بـ (أم الكتاب) كما في قوله تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ)، وهي نفسها المرتبة التي تحدثت عنها الآية الكريمة: (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ). وما هذه المرتبة في الواقع إلا إحدى مراتب العلم الإلهي تتجاوز مرتبة القرآن الكريم الذي ألبس لباس اللغة العربية وتعد الأصل له، وباعتبار هذا المرتبة يكون القرآن الكريم (فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ). وعلى أية حال فإن تفصيل هذا الموضوع وتحديد معاني هذه المراتب لا يسعه هذا المختصر والأفضل لكم العودة إلى كتاب (أصول التفسير والتأويل) المتوفّر في الموقع.

أما ما يتعلق بالسؤال، وفي القسم الأول منه تحديداً، فإن لفظ (الكتاب) في السورة المشار إليها لا يقصد منه إلا القرآن في مرتبته المعبر عنها في اللغة العربية، وعليه فلا معنى للسؤال لاحقاً عن كون سورة الفاتحة تابعة للقرآن الكريم أو لتلك المرتبة؛ إذ هما معاً شيء واحد، لا سيَّما بعد أن اتضح مما تقدم أعلاه معنى كون سورة الفاتحة: (أم الكتاب). ومن هنا فالأفضل صياغة القسم الثاني من السؤال بالنحو التالي: هل سورة الفاتحة تابعة للقرآن الكريم أو لـ (أم الكتاب)؟

وفي الجواب على القسم الثاني في صيغته الجديدة، فقد اتضح أن كون القرآن الكريم في "مرتبة" (أم الكتاب) لا يعني خروج الفاتحة عن كونها تابعة أو جزءاً منه فيسأل هل هي من القرآن أم من (أم الكتاب)؛ ذلك لأننا نتحدث عن (مراتب) القرآن الكريم وليس نقصد أن (أم الكتاب) شيء مغاير للقرآن، وطالما أننا نقصد القرآن في جميع آياته وسوره، فسورة الفاتحة تكون مشمول بالقصد بطبيعة الحال.

 المجيب: موقع السيد كمال الحيدري



  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=644