ما هو المقصود من إحاطة الله العلمية على الموجودات؟

السؤال :

ما هو المقصود من إحاطة الله العلمية على الموجودات؟



الجواب :

لقد أشار القرآن المجيد في الآية 4 من سورة «الحديد» إلى لمحة من علم الله حيث يقول: (يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السّماء وما يعرج فيها).

وبالرغم من أنّ جميع هذه الاُمور التي ذكرت في الآيات السابقة قد جمعت في تعبير (وهو بكلّ شيء عليم) إلاّ أنّ توضيح هذه الاُمور يعطي للإنسان توجّهاً أكثر في مجال سعة علم الله.

نعم، إنّ جميع ما ينفذ في الأرض يعلم به الله، سواء قطرات المطر والسيول.

ومن بذور النبات التي تنتشر في الأرض بمساعدة الهواء والحشرات.

ومن جذور الأشجار التي تنفذ ـ بحثاً عن الماء والغذاء ـ إلى أعماق الأرض.

ومن أنواع المعادن والذخائر التي كانت يوماً على سطح الأرض ثمّ دفنت فيها.

من أجساد الموتى وأنواع الحشرات... نعم انّه يعلم بكلّ ذلك.

ثمّ انّه يعلم بالنباتات التي تخرج من الأرض.

وبالعيون التي تفور من أعماق التراب والصخور.

وبالمعادن والكنوز التي تظهر.

وبالبشر الذين ظهروا ثمّ ماتوا.

وبالبراكين التي تخرج من أعماقها.

وبالحشرات التي تخرج من بيوتها وجحورها.

وبالغازات التي تتصاعد منها.

وبأمواج الجاذبية التي تصدر منها الجاذبية... الله تعالى يعلم بذلك جزءاً جزءاً وذرّة ذرّة.

وكذلك ما ينزل من السماء من قطرات المطر إلى أشعّة الشمس الباعثة للحياة.

ومن الأعداد العظيمة من الملائكة إلى أنوار الوحي والكتب السماوية.

ومن الأشعّة الكونية إلى الشهب والنيازك المنجذبة نحو الأرض، إنّه عالم بأجزاء كلّ ذلك.

وكذلك ما يصعد إلى السماء، أعمّ من الملائكة، وأرواح البشر، وأعمال العباد، وأنواع الأدعية، وأقسام الطيور، والأبخرة، والغيوم وغير ذلك، ممّا نعلمه وممّا لا نعلمه، فإنّه واضح عند الله وفي دائرة علمه.

وإذا فكّرنا قليلا بأنّ في كلّ لحظة تدخل الأرض ملايين الملايين من الموجودات المختلفة، وملايين الملايين من الموجودات تخرج منها، وملايين الملايين تنزل من السماء أو تصعد إليها، حيث تخرج عن العدّ والحصر والحدّ، ولا يستطيع أي مخلوق أن يحصيها... إذا فكّرنا بهذا الموضوع قليلا فسنعرف مدى إتّساع علمه سبحانه.

وأخيراً في رابع وخامس صفة له سبحانه يركّز حول نقطة مهمّة حيث يقول: (وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير).

وكيف لا يكون معنا في الوقت الذي نعتمد عليه، ليس في إيجادنا فحسب، بل في البقاء لحظة بلحظة ـ أيضاً ـ ونستمدّ منه العون، إنّه روح عالم الوجود، بل هو أعلى من ذلك وأسمى.

فالله معنا في كلّ الحالات وفي كلّ الأوقات، فهو معنا يوم كنّا ذرّة تراب مهملة، وهو معنا يوم كنّا أجنّة في بطون اُمّهاتنا، وهو معنا طيلة عمرنا، وفي عالم البرزخ... فهل بالإمكان ـ مع هذا ـ ألاّ يكون مطّلعاً علينا؟

الحقيقة أنّ الاحساس بأنّ الله معنا في كلّ مكان يعطي للإنسان عظمة وجلالا من جهة، ومن جهة اُخرى يخلق فيه إعتماداً على النفس وشجاعة وشهامة، ومن جهة ثالثة فإنّه يثير إحساساً شديداً بالمسؤولية، لأنّ الله حاضر معنا في كلّ مكان، وناظر ومراقب لأعمالنا، وهذا أكبر درس تربوي لنا. وهذا الاعتقاد يمثّل دافعاً جدّياً للتقوى والطهارة والعمل الصالح في الإنسان، ويعتبر رمز عظمته وعزّته.

أجل: إنّ مسألة أنّ الله تعالى معنا دائماً وفي كلّ مكان هي حقيقة وليست كناية ومجازاً، حقيقة مقبولة للنفس ومربّية للروح، ومولّدة للخوف والمسؤولية.(1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ  الأمثل، ج 13،ص 559


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=434