هل هذه الآية تعبر عن العنف في الإسلام ؟

السؤال :

قال الله عزّ وجلّ: «إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ»، هل هذه الآية يمكن أن نعبر عنها بالعنف؟ وهل يلائم مع روح الإسلام ونفس القرآن؟ وما هو التوجيه له؟ وماهو رأي الإسلام في السلم والعنف، أرجو ذكر الشواهد والأدلّة مع الاستناد؟



الجواب :

قال الله تعالى: «إنّ الدين عند الله الإسلام» سورة آل عمران، الآية: 19. والإسلام مشتقّ من السلم، وقال سبحانه: «يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافّة» البقرة: 208 وغيرها من الآيات التي تثبت أنّ الإسلام دين السلم والسلام، وأمّا الآية المذكورة في السؤال، فهي من الآيات التي وردت في مجال تشريع القوانين الجزائية في الإسلام، والإسلام من حكمته في توفير الأمن والأمان للمجتمع الاسلامي والأمة الاسلامية ـ علماً بأنّ الأمن نعمة كبرى وباختلاله يختلّ النظام البشري وتتنغّص الحياة ولا يتمّ أيّ تقدّم أو رقيّ في المجتمع وهو واضح ـ جعل منهاجاً متكاملاً لاستتبابه، وهذا المنهج يشمل أوّلاً: التربية الصالحة، ثم تلبية الحاجات الأوّلية للإنسان من رزق وعمل وسكَن وغير ذلك، وأخيراً يجعل الجزاء الصارم والحاسم لكلّ من يريد أن يُخلّ بالأمن ويُنغّص على الناس عيشهم ويُدمّر حياتهم، والآية المذكورة وردت ـ كما في التفاسير ـ في قطّاع الطرق وغيرهم ممن يُخلّون بأمن المجتمع وأمانه، ويخيفون الناس ويُرهبونهم، ففي تقريب القرآن للإمام الشيرازي الراحل: «إنّ قوماً من بني ضبّة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله مرضى، فبعثهم إلى إبل الصدقة يشربون من أبوالها، ويأكلون من ألبانها، فلما برئوا واشتدّوا، قتلوا ثلاثة ممن كانوا في الإبل، وساقوا الإبل، فبعث إليهم علياً عليه السلام فأسرهم، فنزلت هذه الآية» (تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان: المجلد1، الجزء6، ص634) وعليه: فيكون ذلك في الواقع جزاءً مماثلاً لجريمتهم الشنعاء ومن المقابلة بالمثل، وليس أكثر، حتى يستتبّ الأمن ويهنأ الناس بالسلم والسلام.

 

 

                                      28 محرم الحرام 1427


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/question/index.php?id=278