• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : السيرة والمناسبات الخاصة .
              • القسم الفرعي : النبي (ص) وأهل البيت (ع) .
                    • الموضوع : نصّ حديث الغدير .

نصّ حديث الغدير

سماحة السيد علي الحسيني الميلاني

قبل الورود في البحث، لابدّ من ذكر نصّ أو نصّين من حديث الغدير عن بعض المصادر المعتبرة:

أخرج أحمد بن حنبل بسند صحيح عن زيد بن أرقم قال:

نزلنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بواد يقال له: وادي خم، فأمر بالصلاة فصلاّها بهجير، قال: فخطبنا، وظلّل لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) بثوب على شجرة سمرة من الشمس، فقال رسول الله: " ألستم تعلمون؟ ألستم تشهدون أنّي أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟ " قالوا: بلى، قال: " فمن كنت مولاه فإنّ عليّاً مولاه، اللهمّ عاد من عاداه ووال من والاه "(1)

وأخرج النسائي بسند صحيح عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال:

لمّا رجع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من حجة الوداع ونزل غدير خم، أمر بدوحات فقممن ـ أي فكنسن ـ ثمّ قال: ((كأنّي قد دعيت فأجبت، وإنّي تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عَلَيّ الحوض))، ثمّ قال: ((إنّ الله مولاي وأنا وليّ كلّ مؤمن))، ثمّ إنّه أخذ بيد علي (رضي الله عنه) وقال: ((من كنت وليّه فهذا وليّه، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه)).

يقول أبو الطفيل: فقلت لزيد: سمعته من رسول الله؟ فقال: إنّه ـ وفي بعض الألفاظ: والله، بدل إنّه ـ ما كان في الدوحات أحد إلاّ رآه بعينه وسمعه بأُذنيه.(2)

فهذان لفظان بسندين معتبرين عن زيد بن أرقم.

وهنا ملاحظات لابدّ من الإشارة إليها:

الملاحظة الأُولى:

في حديث الغدير في صحيح مسلم(3)، وفي المسند(4)، وفي غيرهما يقول الراوي: فخطبنا أو يقول قام فينا خطيباً، لكنْ في المستدرك(5) : فقام خطيباً فحمد الله وأثنى عليه وذكّر ووعظ فقال ما شاء الله أن يقول، وفي مجمع الزوائد لأبي بكر الهيثمي الحافظ(6) : فوالله ما من شيء يكون إلى يوم الساعة إلاّ قد أخبرنا به يومئذ.

أليس من حقّنا أن نسأل الرواة، أن نسأل المحدّثين، أن نسأل الأُمناء على سنّة رسول الله: أين هذه الخطبة، خطبة الغدير التي لم يترك رسول الله يوم الغدير شيئاً يكون إلى يوم القيامة إلاّ قد أخبرنا به؟ لماذا لم ينقلوه؟

إنّه أثنى على الله، وذكّر ووعظ فقال ما شاء الله أن يقول، أين وعظ رسول الله يوم الغدير؟ وأين ما ذكّر به رسول الله في يوم الغدير؟ وأين تلك الخطبة؟ لماذا لم يرووها؟ أليسوا هؤلاء حفّاظ سنّة رسول الله؟ أليس من وظيفتهم أن ينقلوا لنا ما قال رسول الله كما قال؟ لماذا لم ينقلوا؟

هذه هي الملاحظة الأُولى، ألهم جواب على هذا؟

الملاحظة الثانية:

هناك قاعدة في علم الحديث يعبّرون عنها بقاعدة الحديث يفسّر بعضه بعضاً، إنّ الحديث كالقرآن يفسّر بعضه بعضاً، ونحن في هذين اللفظين المذكورين المرويين بسندين صحيحين، نرى أحدهما يقول: " من كنت مولاه فإنّ عليّاً مولاه "، والآخر يقول: " من كنت وليّه فهذا وليّه "، فلو كان هناك إبهام في معنى كلمة المولى ومجيء هذه الكلمة بمعنى الولي، ومجيء هذه الكلمة بمعنى الأولى، لو كان هناك إبهام، فإنّ اللفظ الثاني يفسّر اللفظ الأوّل.

وكم من شواهد من هذا القبيل عندنا في الحديث، هذه الشواهد الكثيرة الصحيحة سنداً تأتي مفسرة للفظ المولى لو كان هناك حاجة إلى تفسير هذه الكلمة.

الملاحظة الثالثة:

إنّ مسلم بن الحجّاج يروي هذا الحديث في صحيحه إلى حدّ حديث الثقلين، وذلك لأنّه كان عندنا في لفظ النسائي أنّه قال: " كأنّي دعيت فأجبت وإنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي " إلى آخر هذا الحديث، ثمّ قال: " إنّ الله مولاي وأنا وليّ كلّ مؤمن " إلى آخره. (7)

ومسلم يروي هذا الحديث إلى حدّ الحديث الأوّل وهو حديث إنّي تارك فيكم الثقلين، مع تغيير في الألفاظ، ولا يروي بقية الحديث ممّا يتعلّق بـ " من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه "، ونحن مع ذلك شاكرون لمسلم، حيث روى هذا الحديث بهذا المقدار، لأنّ البخاري لم يرو منه شيئاً أبداً، نشكر مسلم على أمانته بهذا المقدار.

وربّ قائل يقول: بأنّ مشايخ مسلم ورواة الحديث لم يرووا له أكثر من هذا، أو أنّ مسلماً على أساس الضوابط والشروط التي تبنّاها في صحيحه لم يجد سنداً آخر من أسانيد هذا الحديث متوفرة فيه تلك الشروط إلاّ هذا الحديث الذي نقله وأورده بهذا الشكل المبتور.

ولكن كلّ هذا لا يمكننا قبوله، مع ذلك نشكره على نقله بهذا المقدار.

انتهت الملاحظات.

نحن لو أردنا أن نبحث عن حديث الغدير، أنتم جميعاً أهل الفضل والفضيلة والإطّلاع، خاصّةً على مثل حديث الغدير، هذا الحديث المهم الذي اهتمّ به الكل من مخالفين وموافقين.

إنّه ليس عندي شيء جديد أُبيّنه لكم في هذه الليلة حول حديث الغدير، والليلة الواحدة لا تكفي بل الليلتان أيضاً، لكنّي أذكر لكم رؤوس المطالب والنقاط المهمّة التي سجّلتها مع شيء من التوضيح وإبداء بعض الملاحظات فقط.

نحن عندما نريد أن نجعل لبحثنا منهجاً فلابدّ وأن يكون المنهج على الشكل التالي، أنْ نبحث عن حديث الغدير في جهتين.

الجهة الأُولى في الجهود التي بذلت في سبيل هذا الحديث إثباتاً وروايةً وتصحيحاً ونشراً، وإلى آخره.

والجهة الثانية: الجهود التي بذلت في سبيل إبطال هذا الحديث، في سبيل ردّ هذا الحديث، وكتم هذا الحديث والتعتيم عليه، وتحريفه بأيّ شكل من الأشكال.

المصادر :

ـــــــــــــ

(1)  مسند أحمد 5/501 رقم 18838 ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ 1414 هـ.

(2)  فضائل الصحابة: 15 رقم 45 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت.

خصائص أمير المؤمنين (عليه السلام) : 96 رقم 79 ـ مكتبة المعلاّ ـ الكويت ـ 1406 هـ.

(3)  صحيح مسلم 4/1873 رقم 36 ـ دارالفكر ـ بيروت ـ 1398 هـ.

(4)  مسند أحمد 5/498 رقم 18815.

(5)  مستدرك الحاكم 3/533 ـ دارالفكر ـ بيروت ـ 1398 هـ.

(6)  مجمع الزوائد 9/104 ـ 105 ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ 1402 هـ.

(7)  خصائص أمير المؤمنين: 93، ط الغري.

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=851
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2009 / 12 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28