• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : السيرة والمناسبات الخاصة .
              • القسم الفرعي : النبي (ص) وأهل البيت (ع) .
                    • الموضوع : القرآن و يوم الغدير .

القرآن و يوم الغدير

إنما يقوم القرآن في إظهار آية الكمال و الاتمام و النعمة و الرضا في يوم شديد الحر ووهج الصحراء تتصاعد منها الحمم و الناس على أهبة الرجوع إلى أوطانهم يريدون وداع منقذ الإنسانية فإذا بالوحي ينزل على رسول اللّه‏ (صلى‏ الله ‏عليه ‏و‏آله) (بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) إنه تحذير عجيب و تخويف غريب بعد ذلك القيام و الجهاد المتواصل هل يستحق هذا كله و كأنه يوضع في صفحة المهملات؟ و هل إن اللّه‏ يبطل تلك الأعمال الجبارة فيحسبها سرابا لا وجود لها؟ و ما هي المهمة التي سوف يمارسها هذا الحبيب ليأتي بالمطلوب الحقيقي أو بالجزء المكمل لعلة حتى تسير العلة متكاملة و التشريع يأخذ في مجراه من غير تلاطم في الأمواج و لا تضارب في الأجواء و ذلك تنصيب علي (عليه‏ السلام) إماما وهاديا بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) فيأخذ بيده الرسول (صلى الله عليه وآله) ملوحا و ينصبه علما على كافة الناس و يأمر الناس بمبايعته و لا يتخلف عنه من الجمع أي أحد و بعد ذلك تنزل الآية الكريمة (اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا).(1)

ثم إن ما أشار أليه القرآن في الأمر بالتبليغ و إن لم يفعل فما بلغ رسالته دلالة على عظم الموقف و أهمية الحدث فقال له سبحانه (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالته و اللّه‏ يعصمك من الناس) إن مثل هذا الموقف الذي ربما يسبب ردة فعل منعكسة من قبل المسلمين حيث انقادوا للإسلام اما طوعا و اما كرها وإما طمعا فهم بين طوائف و مجتمعات متضاربة قد غطاهم الإسلام تحت كلمة لا إله إلا اللّه‏ و أن محمدا رسول اللّه‏ و لكن لم يرفع تلك الأحقاد و الضغائن في النفوس إلا من صقله الإسلام و دخل في قلبه حب الإيمان عن معرفة و دراية.

فأقدم رسول اللّه‏ (صلى الله عليه وآله) على الإعلان الرسمي في خلافة علي (عليه السلام) وجعله وصيا رسميا بعد خطبة مستوعبة و الكشف عن حقيقة الإمام علي (عليه السلام) الذي هو الثقل الثاني بعد الكتاب و أن عليا مع القرآن و القرآن مع علي لايفترقان حتى يردا عليه الحوض.(2)

و قول رسول اللّه‏ (صلى الله عليه وآله) : (أنا تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب اللّه‏ فيه الهدى و النور فخذوا بكتاب اللّه‏ و استمسكوا به فحث على كتاب اللّه‏ ورغب فيه ثم قال و أهل بيتي أذكركم اللّه‏ في أهل بيتي أذكركم اللّه‏ في أهل بيتي أذكركم اللّه‏ في أهل بيتي) رواه صحيح مسلم و قال أيضا قال (صلى الله عليه وآله) : (ألا و إني تارك فيكم ثقلين أحدهما كتاب اللّه‏ عز و جل هو حبل اللّه‏ من اتبعه كان على الهدى و من تركه كان على ضلالة)(3)

فإذا درسنا شخصية علي (عليه السلام) و ما يحمله من طاقات تكون مثارا للدهشة ومثارا للفتنة رجل متوسط الخلقة في جسمه كيف يفتح باب خبير و يصارع أكبر رجالات العالم و يخرق جميع التحديات البشرية في جميع طاقاتهم و إذا تأملناه في فصاحته لا يدانيه أي فصيح ما عدا الرسول (صلى الله عليه وآله) و القرآن فهو أمير الفصحاء و البلغاء على وجه الكرة الأرضية و إذا تابعنا مناهجه العلمية فإنه ينطلق كالأبحر الزاخرة و الأمواج المتلاطمة يركع له كل رائد في الفكر و عملاق في القوة و إذا شاهدناه في عبادته فهو الذي يقول : (ما عبدتك خوفا من نارك و لاطمعا في جنتك و لكن وجدتك أهلاً للعبادة) فعبدتك فكانت عبادته عبادة الأحرار لاعبادة التجار و لا عبادة العبيد يذوب في العبادة ويفنى في ذات اللّه‏ قد طلق الحياة ثلاثا كل ذلك لأجل القرب إلى ساحة المعبود الحقيقي.

فإذا كان هذا المثل الرائع يحمله هذا الوجود فكيف ابتعدت الأمة عن وجود هذا النور و القبس المتأجج من الوحي الالهي و سارت بركاب الآخرين لم تخضع للنسخة الثانية بعد النبوة و انقادت تحت السلطة الدنيوية استئثارا للمصالح المزعومة تحسبا بانها تسير نحو الطريق المستقيم و ما علمت أن ما يسير عليه نهج علي (عليه السلام) هو نهج القرآن و أنهما لايفترقان إلى أن يصلا إلى الحوض و هو كناية عن الاستقامة و الموازنة بين خط عليٍّ و خط القرآن.

و لنتأمل لماذا يكرر رسول اللّه‏ (صلى الله عليه وآله) و أهل بيتي أذكركم اللّه‏ في أهل بيتي أذكركم اللّه‏ في أهل بيتي أذكركم في أهل بيتي لابد أن يكون لأجل التنبيه و اليقظة إليّ وجود هذا الثقل الذي يضارع ثقل القرآن و لم يكن أمرا عاديا ولم يكن عن عاطفةٍ لايناسب مقام منقذ الإنسانية.

المصادر:

ـــــــــــــــ

1 ـ  المائدة/ 3. شهادة الصحابة لما قام به النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في تنصيب علي عليه‏السلام ـ راجع بذلك أسد الغابة فيمعرفة الصحابة لعز الدين أبي الحسن علي بن محمد المتوفى 630 ط بدون ص 6 ج 5.

وورد أيضا في صحيح مسلم ط الأولى عام 1956 م تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي إلا أنه لم يعوّل على رواية مالك بن أنس لأنه كاتم للشهادة في يوم الغدير ـ و راجع الصواعق المحرقة ص 122 ط 2 سنة 1965 م و مقال صاحب الصواعق أن من رواهُ عن النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ثلاثون صحابيا و أن كثيرا من طرقه صحيح أو حسن ـ و أيضا راجع المناقب للخوارزمي ط 1965 م ص 79 ـ راجع ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربى لمحب الدين أحمد بن عبداللّه‏ الطبري ص 67 ط 1974.

2 ـ نور الأبصار ص 89 لمؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي ط 1978 م.

3 ـ صحيح مسلم حديث 2408 ـ تسلسل 39ـ37.

المصدر : بحث الشيخ الخاقاني تحقيق الدكتور الشيخ سجاد الشمري

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=849
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2009 / 12 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24