• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : تفسير القرآن الكريم .
              • القسم الفرعي : تفسير السور والآيات .
                    • الموضوع : يِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ .

يِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ

إعداد : دار السيدة رقية (عليها السلام)

(يِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ) مضمون الآية يبين ويوضح أنَّ من أخلاق النبي الأكرم (ص) ، وسجاياه الفاضلة بأنّه (أذن) مجرّد أنّه يستمع للأخبار ويُصغي إليها، وقد مدحه الباري عزّ وجلّ على هذه الصفة الجميلة المهمة للرجل العظيم حيث يذكر لنا التاريخ وعلماء التفسير أنّه لم يتحمل نبي، وما عانى نبي، وما اوذي نبي في سبيل رسالته مثل ما اوذي نبينا  (ص)، بجميع أقسام الأذية إلا أنّ أشدها كانت عليه  (ص) هي أذية الألسن اللاذعة، والأقوال البذيئة، والتهم الفارغة، ونميمة المنافقين حيث جاءت الآية الكريمة تبين بعضها، وبعض المنافقين في قوله تعالى: (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) حيث نزلت في جماعة من المنافقين كانوا يذكرون النبي (ص) بسوء فنهاهم أحدهم، وقال: إياكم أن يصل إليه حديثكم فويل لكم منه ومن أصحابه فأجابه أحدهم: لا يهمنا ذلك، وليس علينا شيء فنحن نقول ما نريد، وإذا بلغه ما نقول سنحضر عنده وننكر ما قلناه فإنّه يقبل منا ذلك، وإنّه سريع التصديق لما يقال له، ويقبل كل ما يقال من كل أحد فهو أُذن فعندئذٍ أجابتهم الآية الكريمة أُذن خير لكم فإنها صفة إيجابية محمودة، والتي يجب توفرها في كل قائد كامل إذا أراد جلب محبة الناس بحلمه ورأفته وشفقته ولطفه بهم حيث يقبل عذر المعتذر، ويصفح، ويعفو، ويستر، ويقابل الإساءة بالإحسان، ولا أقل من أن يسمع ويسكت ويكون أُذناً فحسب. ولكن هؤلاء المنافقين اعتبروا هذه الصفة نقطة ضعف في سيرة النبي (ص)  ومعاملته، وغفلوا عن أشياء كثيرة.

من هُنا نلاحظ أنّ القرآن قد ردهم مباشرة، وأمر النبي (ص) أن يقول لهم: بأنّه إذا كنت أصغي لكلامكم، وأقبل أعذاركم، وكما تظنون بأنّي مجرّد أذن فإنّ ذلك من مصلحتكم ومنفعتكم (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ) فإنّي لو أردت أنْ أفضحكم وأجابهكم، ولم أعذركم وأسامحكم لضرَّكم ذلك، وشقَّ عليكم، وخسرتكم حيثُ كان من المحتمل احتوائكم بهذه الأخلاق، وبالتدريج هدايتكمْ وهُو هدفي السامي الذي بُعثت من أجله حيث إنّي لم أبعث إليكم إلا من أجل أن أتمم مكارم الأخلاق. كما وصفه الله تعالى في قرآنه الكريم مادحاً هذا القائد الرحيم المحنّك العطوف بأنّه (لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ).

ولكن نقول لا تستغل اليوم هذه الصفة من قبل البعض حيث إنّه (ص) إلى الآن هو أذن يسمع، ويصغي، ويغضي على اتهامات، واستهزاء، وسخرية بعض أهل الشرق والغرب فيه، وفي أهل بيته، وشرعه، وقرآنه، وأمته الإسلامية بل حتى من الذين يسمون أنفسهم بالمسلمين ممن يقولون أنّه بعد موته (ص) لا ينفع، ولا يضر ولكن الله لهم بالمرصاد كأولئك الذين يؤذون النبي (ص) بكلامهم في حياته، ويتتبعون أحواله لعلّهم يجدون عيباً يشهّرون به عليه يجب أن لا يتصوروا أنّهم سوف يبقون بدون جزاء وعقاب، فصحيح أنّ النبي (ص) مأمور، ومن سجاياه مقابلة هؤلاء برحابة صدر، ومعامتلهم بكل رفق، ومرونة، ولين لكن هذا لا يعني أنّهم سوف يبقون بدون جزاء، ولهذا قال الله تعالى في نهاية الآية: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).

والحمد لله أولاً وأخيراً.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=812
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2009 / 11 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24