• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : السيرة والمناسبات الخاصة .
              • القسم الفرعي : النبي (ص) وأهل البيت (ع) .
                    • الموضوع : الإساءة إلى النبي (ص) عبر التاريخ .

الإساءة إلى النبي (ص) عبر التاريخ

بقلم :سماحة الشيخ عبدالجليل البن سعد

جاءت هذه المقالة قبل سنتين تفاعلا مع الهجوم الشرس على شخصية النبي ص ننقلها هنا لما فيها من تركيز على الحدث ومنهجة في التعامل مع سيرته الطاهرة ص سواء من قبل المسلمين أو غيرهم..

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين وأفضل صلاته وسلامه على نبيه الكريم وعلى أهل بيته الطاهرين

 قال تعالى:  (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).

 بداية رسم القرآن منهجا رائعا من أجل ضمان التعايش السلمي بين الأديان وهو ما يدعى هذه الأيام بـ ( حوار الأديان) ولكن بقي هذا المنهج آياتا بلا عمل أي دون أن تكون له فعالية مستمرة لأنه دعوة من طرف واحد ويزيده إشكالا وتعثرا إصرار البعض على القطيعة والمواجهة مع المسلمين بالروح الصليبية النكراء. .

 إلا أنه وعلى الرغم من تعثر البعض في هذا السبيل فقد كان يظهر بين الوقت والآخر . . هنا وهناك أصوات تصيح بضرورة الحوار بين الأديان...حتى تم ذلك بجهد منظم في عام:1962 م وفي المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني ثم أعلنت الرغبة بإعادة التجربة فأقيمت ملتقيات أو مؤتمرات مسيحية إسلامية متعددة وبالفعل ففي عقدي السبعينيات والثمانينيات نشطت جمعيات الحوار الإسلامي فعقد وفي مدن مختلفة من العالم نحو من عشرين لقاء عالمي وعادي بين المسيحية والإسلام. ونحن نعلم أن الهدف الأكبر لهذه الجمعيات هو نبذ التعصب ضد الآخر واحترام مشاعره وقيمه،والإغضاء عن مقدساته..وهذا لا يتم إلا بالتخلص من بعض الأساليب الرخيصة والمجانبة للأدب واستبدال التي هي أحسن بالتي هي أسوء  في محاورة الآخر والمعايشة معه..فجاءت طريقة الإساءة إلى شخصية الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم وتدنيس المقدسات الإسلامية!

 الجانب التأريخي:

ونحن وإن لم تكن بنا حاجة إلى التحري التاريخي لهذا الطبع الشاذ والمنحرف ولكن يهمنا أن نتعرف على أن ما نلحظه اليوم ونشاهده جزء لا يلغى من تأريخ الآباء المسيحيين وغيرهم أيضا تلقته عنهم الأبناء الذي لا يريدون طي صفحة الماضي،وأنه اتجاه متعصب نشجبه في الوقت الذي نشيد ونعترف أنه لا يعم جميع أبناء المسيحية وروادها مثلا!! أخي المشاهد فمضافا إلى القراءآت التاريخية والعقدية الخاطئة حول سيرة الرسول ورسالته كالتي كانت تعتبر الرسول صلى الله عليه واله وسلم غارفا من التوراة وناهلا منها،أي ليس لديه قرآن حقيقي.وكالتي ترى أن الراهب النسطوري بحيرى قام بمساعدة النبي في كتابة القرآن أو أنه قد استفاد من كتابات ورقة بن نوفل كما هو تشبيه وتلبيس يوحنا الدمشقي الذي عاش في الفترة ما بين ( 676- 749) أي قبل القرون الوسطى والذي لا ننسى أنه قد سبق من قبل اليهود إلى مثل هذا الكلام غير الملامس للواقع ولا المنسوب إلى دليل.. لا بد أن نعرف بأن هذه المقابلة لرسول الإسلام قد تطورت وأخذت شكلا آخر يختلف عن مداولة التصورات القاصرة حول شخصه ورسالته إلى أن تعدت الآيادي الأثيمة وأمتدت لتشوه صورة الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم فأثناء فترة النفوذ الإسلامي في اسبانيا بدأت الكنيسة هناك بكتابات تصور شخصه الكريم بأنه مسكون بالشيطان (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) وأنه ضد المسيح،وانتشرت هذه الأفكار في عموم أوروبا وأذكت نار فتنة الحروب الصليبية وقد تكررت هذه الإساءة بعد ذلك على يد الكاتب مارتن لوثر بزيادات وإضافات محرقة للقلوب مما كان يظن أنه قد شفى غليله بها؟!ثم توسعت هذه المهمة العدوانية وبانت فضاعتها بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 لتطفو موجة شديدة ومنظمة للإساءة إلى شخصية الرسول محمد بن عبد الله صل الله عليه واله وسلم.

 الجانب الفلسفي:

ومرة أخرى لنكشف عن أن هذه الهجمة الشرسة على النبي صلى الله عليه واله وسلم لها منطلق ناتج عن عناية وفكر فلسفي عززت التنادي بالطعون على النبي الأكرم صلى الله عليه واله وسلم فهؤلاء يعرفون تماما أن المقدسات والمعتقدات التي أولها التصديق والإيمان بمقام النبوة هو بمثابة عماد الخيمة في وجود الشعوب المسلمة والتي بها يقاوم التحديات فما لم ينهار هذا المركز والركن الركين للقدرة الشعبية لن تتناقص ولن تضمحل وهذا ليس تقديرا شخصيا ولكنه نظرة فلسفية يتناقلها هؤلاء ولذا يقول براترند راسل :""  يمكننا ببساطة عرض الدعوة أن الإيمان له قدرة مطلقة وجميع صور القدرة الأخرى ناشئة منه فالجيوش لا فائدة منها ما لم يؤمن الجند بالأمر الذي من أجله يحاربون "" .ويضيف "" وقدرة المجتمع لا تتوقف على عدد الأفراد والموارد الاقتصادية والقدرات الفنية لهذا المجتمع فحسب وإنما لها علاقتها أيضا بالعقائد فلو أن جميع الأفراد في مجتمع ثبتوا على تعصبهم لعقيدة ما فإن قدرة هذا المجتمع تزداد غالبا "" .وهنا نقول له يا راسل.. أشر إلى أي الأمم تشير أنت بأنه لا كثرة العدد ولا كثرة الموارد أعزتها وإنما أعزها إيمانها وتعصبها لإيمانها..وأيضا قل لنا لمن آمنت فأورثها إيمانها القوة والمناعة ولمن تعصبت فجعل منها أمة لا تقارع ولا تقاوم؟!! يجيبنا على كل هذا في مقطوعته الأخرى فيقول مزينا الحروف بوضع النقاط عليها:""  لم يضف نبي الإسلام شيئا إلى منابع العرب المادية ومع هذا أنشأ العرب وراء عدة سنوات من بعده امبراطورية عظيمة لا شك أن الديانة التي اسس نبي الإسلام بناءها كانت العامل الأساس في توفيق الشعب العربي "".إذن فالقدرة والغلبة والعزة وراء كل أمة إيمانها وتعصبها لشخصياتها الدينية ولهذا السبب عينا ترى من ينقم على مجتمع لا يبدأ إلا بمقدساته حتى المسيحية حينما حملت عليها الأيدي الكافرة بها وبكل دين نراها ألصقت بالسيد المسيح لواصق العار وأشارت إليه بتهم فضيعة لتحط من قدره حتى أن سلمان رشدي الذي سأعود للحديث عنه أيضا قد أعتبره في روايته (( أطفال نصف الليل)) أسير الشهوتين البطن والفرج "" لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم""؟!! ومن مفاخر التعاليم الإسلامية أن الاعتداء يوجب المحكومية بالكفر سواء كان في حق نبينا صلى الله عليه واله وسلم أو في حق من سواه من الأنبياء والمرسلين..فلسنا ندافع عن نبينا فقط ولسنا نسبيين في التبرؤ من هذه الأعمال فمتى كانت في حق نبينا غضبنا واستنكرنا ومتى كان في حق من مضى قبله سكتنا وأعرضنا؟!

 الإساءة غايتها الانتقام:

فهي شر تعبير عن مشاعر انتقامية عندما لا يجد المنتقم طريقة أخرى للتعبير بها عن نقمته وامتلائه بالحقد الداخلي..ولكن على من ينقم ولماذا؟

1     ـ قد ينقم على فعل يظن أنه إساءة لدينه ولهويته فيقابله بإساءة مثلها وهذا كثير بين المسلمين والمسيحين يقال أن السلطان الفاتح العثماني صلى في كنيسة آيا صوفيا وانتقموا منه بعد مئات السنين فاليوم نشاهد في المسجد العظيم للسلطان أحمد الذي شيده المهندس الاسلامي العظيم معمارستان  بتركيا نشاهد النساء السائحات من أوروبا وأمريكا أنصاف عاريات وأنصاف سكارى في حومة المسجد؟!

2 ـ  حتى أنه في سنة : 1364 هـ يعرض فيلم بمناسبة العيد القومي التركي وقد عرض رقاصة بجوار القبة على سطح المسجد نصف عارية؟!وقد ينقم ( نقمة الحاسد، والذي يعيش النقص في داخله أو في معتقده) على شخصية يقرأ فيها آيات الكمال ومعاني الشموخ دون أن يجد في دينه أو طائفته من يحاذي هؤلاء ويضاهيهم؟!وهنا لنثق ولنتأكد أن في ديننا شخصيات ظهرت بمظهر العظمة لكل قارئ حتى لو لم يكن مسلما وكان مستشرقا أو مستشرفا أوضاع وتأريخ هذه الأمة الإسلامية ورموزها..

فهؤلاء ــ وهذه نقطة خليقة بالتأمل ــ لا تكون إسائتهم على قدر مكانة الشخصية الاسلامية وقيادتها،إذ لا يهمهم أن كان هذا الرجل المسلم قائدا أولا..ولكن نراهم يسيئون له على قدر إيمانها ومقاومتها للشرك،هذا غالبا؟!ولذا تجد سلمان رشدي في آياته الشيطانية مثلا يتجاوز الكثير من الشخصيات ويخصص بالإساءة سلمان الفارسي وبلال الحبشي وإسماعيل النبي عليه وعلى نبينا وآله افضل الصلاة والسلام.

فلما (إسماعيل)؟

لأمور عديدة متفرقة لاحظها سلمان رشدي..لأنه ربيب والد تصدى للشرك والصنمية والخرفات والاستبداد النمرودي ذلك إبراهيم عليه السلام و ساهم معه في إقامة الكعبة منارا وعلما للتوحيد الخالص ( الإسلام الحنيف ) حيث لم يرق لسلمان رشدي هذا الإسلام وتحول منه إلى الكفر فابتدأ في عدائه عليه من صفحة البداية.. وأيضا فإن في اسماعيل من معاني الفداء والفتوة والمحبة الكثير..و الأوضح من هذا وذاك  أن اسماعيل صاحب السلالة التي منها النبي صلى الله عليه واله وسلم،وهو يريد ــ بروايته هذه كل من يتصل بالرسول نسبا ودورا ـــ وإن بعد!!

ولما (سلمان الفارسي)؟

لأنه علما لكل من أراد أن يخطر من ديانته ويتحمل الضغوط في سبيل التحول إلى الإسلام فقد عرف بجهاده وجهده في البحث عن الدين الإسلامي وحب صاحب هذه الرسالة بحثا وصل به حد الإضناء!!وقد صدق في التعبير أحد الكتاب الإسلاميين حينما أطلق عليه اسم الباحث عن الحقيقة..ولكن هذا ما يتباين مع وضعية سلمان رشدي النفسية ولذا كان لا بد أن ينال منه؟1

ولما (بلال الحبشي)؟

لأنه الرجل الذي استخف بالتنكيل والوحشية واستصغرها بروحه الإيمانية الصلبة انظروا كيف عراه أمية بن خلف تحت الشمس ومدده على الحصباء الكاوية ووضع أحجارا ضخمة على صدره وبلال يقول أحد أحد،إذا فسلمان رشدي هذا يختار الأشخاص الذين قاوموا الوثنية وأقاموا على الإسلام رغم التحديات والمخاطر فهو يجدهم متباينين معه وضعيا فلا يكاد يتركهم دون أن ينال منهم ويواري نقصه بهذه الطريقة التي أتيحت له؟!

 اهتمامهم بالإساءة إلى النبي صلى الله عليه واله وسلم:

يهمنا أن نكشف عن أن هذه الإساءات لشخصية الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم مؤامرة وليست حالة فردية يدافع عنها بحرية التعبير والرأي؟!فأي فردية في القضايا الكثيرة التي كشف عنها التحقيق في غوانتناموا من الإساءة والتدنيس للقرآن الكريم على أيدي جنود يقول التحقيق أنهم متعمدون..

إذا فليس هنالك أراء فردية بل هم يستأجرون ويشترون الأشخاص لمثل هذه الأعمال ولو رجعنا إلى سلمان رشدي أحد أبرز من خطى هذه الخطوة اللئيمة في عصرنا.. سنجد أنهم بعد أن وجدوه قد كتب روايتيه (( أطفال نصف الليل)) و (( الحياء)) والتي قدم فيها نقدا للإسلام والحياة الإسلامية وروى فيها وضع أسرته المسلمة قبل ارتداده ... وجدوه مؤهلا لتنفيذ خططهم وكتابة ما يمثل طعنا مباشرا فامتثل لذلك ولم يكن من تلقاء ذاته هذا الأمر؟!وللتدليل أكثر نلاحظ تقديمهم له  850 ألف باوند جنيه أنجليزي وهو يحرر الرواية ((الآيات الشيطانية)) وعين له حرس أثناء تحريرها وقبل نشرها واختصت بجائزة الكتاب لسنة  1988 م .وليس أجهر في الدلالة من أن يتعاضد معه كثير من كتاب فرنسا وألمانيا ولوس أنجلس وكلهم ألتزم جانب سلمان رشدي بشدة بل حركوا بعض الكتاب الترك والإيرانيين والعرب المقيمين في الغرب للإعتراض على الفتوى في حقه..بل في باريس خرجوا ووقعوا على طومار وقالوا أن كلا منهم هو سلمان رشدي،فهذا نوع من التبني لأفكاره؟!!

 شأننا مع المؤامرة:

ولكننا نقول إن سهم المؤامرة هذه المرة قد نقر في صخر فانثلم..ويالها من مفاجئة لم تهدأ روعة الغرب منها حين صمم المسلمون على أن لا يلوذوا بالصمت هذه المرة أمام هذه التداعيات فاخترنا المقاطعة وليس القطيعة وإنها دور يترك الكثير من الدلالات والتصريحات  التي قد يقرؤها هؤلاء بوعي أزيد مما نقرؤه ..فهم يرون فيه وحدتنا اليوم كمسلمين.كما يروننا فيه عنصرا لا يمكن أن يتجاهل تأثيره في حياتهم المادية حيث الخسائر التي يتكبلونها نتيجة المقاطعة..وأسفي على بعض المتحدثين ممن خرج يقول أنني لست مع المقاطعة مستدلا بآية من كتاب الله عز وجل: (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (1) .

 وعجبي ممن يمتهن الصحافة كيف يغيب عنه فيحسب أن هذه قضية أختصت بها صحيفة واحدة وتشتد به الغفلة فينسى كيف أن الجهات المسؤولة والشعبية تقف جنبا إلى جنب تحت مبدأ حرية التعبير بالرأي وإننا نريد أن نصحح هذا المبدأ المغلوط والفوضوي بمقاطعتنا لا أننا نريد أن نقطع يد الجميع؟!!!

ومما يجب أن نتنبه إليه أن المقاطعة لها فوق البعد الاقتصادي بعدا فقهيا إذ افتى الفقهاء بذلك فأصبح تكليفا كما أن الإستنكار بالإشاحة والإعراض أحد أقل الوسائل للتغيير من حالة المنكر إلى حالة المعروف فتشبه كثيرا النهي عن المنكر بالإعراض عن المنكر وعدم مؤاكلته في بعض الصور الفقهية التي لا يسعني الآن أن أبسطها..فحبذا للأخوان والكتاب الصحفيين أن لا يتدخلوا في غير جهات اختصاصهم فيخوضوا خوض الفيلة في الجداول لتقلب الماء الصافي طينا..ولسنا نهدف من وراء هذا إلا أن يثوبوا إلى رشدهم فيعتذرون الاعتذار اللائق والمرجو ويعترفوا بأن الدين الإسلامي دين الحوار لا دين الشجار وأنه لم يعتد على نبي أو رسول بل ارتفع بسيرة الأنبياء وشخصياتهم وجعلهم على قدم المساواة في القداسة والحرمة.

 الإيذاء والإساءة مرة أخرى:

وإن الإساءة قد تعددت حتى لم تدع جانبا مما يتعلق به صلى الله عليه وآله وسلم إلا  وقد طالته يد الإساءة تلك اليد الأثيمة..

 فإن تسأل عن شخصه الكريم:

فقد أدمي ورضخ بالحجارة مرة في الطائف وأخرى في أحد شعاب مكة،وفيما روي أنه  إذا صلى في المسجد الحرام قام رجلان من بني عبد الدار عن يمينه فيصفران ورجلان عن يساره فيصفقان  بأيديهما ليخلطان عليه صلاته..وقد كان يوضع الرفث للناقة على ظهره ومنكبيه وقد كان يغمى عليه لشدة ما ينزل به من إيذاء القوم..

 وإن تسأل عن أسمه:

فلم يسلم من التعيير والإساءة..حتى كانوا يدعونه ( مذمما) تقول أسماء بنت أبي بكر لما نزلت سورة المسد أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب وفي يدها فهر وهي تقول:

مذمــــــــما أبينـا             ودينـــــــــه قلينا

وأمره عصـــينا(2)

حتى ورد عنه صلى الله عليه وآله يقول:""  ( ياعباد الله انظروا كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم يشتمون مذمما ويلعنون مذمما وأنا محمد) (3). وهو الشيء الذي أعاد سيرته ابن الزبير فيما بعد حيث صار يعيير محمد بن الحنفية وقد رفض بيعته بنفس الكلمة فيقال له يا مذمم؟!

وهذا هو النهج الذي سار عليه سلمان رشدي حيث أطلق على النبي صلى الله عليه واله وسلم اسم "" ماهوند "" وأصله ""  ما حوند "" وهو اسم مسيحي قروسطي تحقيري؟! وهكذا فقد أسيء له في آله الكرام فقتلوا وشردوا..وكذا في أمته المرحومة التي نبزت بالتخلف والإرهاب وهي أمة ذات رسالة إسلامية نطقت بداية نطقها بالقرآءة والعلم والتعلم : (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) (4)..وحتى قرآنه الكريم الذي أسيئ إليه بإساءات لاحد لها ولا نهاية فشخص يمزقه ..

إذ يحكي صاحب الكشاف أن الوليد تفأل بالمصحف يوما فخرج له قوله: {وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ}.فمزق المصحف وأنشأ يقول:

أتوعد كل جبــار عنيد                 فها  أنا  ذاك  جبار عنيد

إذا ما جئت ربك يوم حشر                فقل يارب مزقني  الوليد

 وآخرون يتحدون اليوم كل مسلم بالإساءة إلى الكتاب العزيز وذلك ما يجري بتكرار في معتقلات غوانتناموا من تلطيخه بالدم وكتابة الكلمات الفاحشة على صفحاته ونضح البول عليه وقد اعترفت بعض جهات التحقيق بأن هذه الإساءات متعمدة؟!!

وأيضا يسيئون إليه فيما عده مقدسا من بقاع الأرض كبيت الله الحرام حيث هدمت الكعبة وضربت بالمنجنيق في عصر يزيد بن معاوية والحجاج بن يوسف الثقفي.. وأريد أن أقول عرضا هنا:اينكم يا أهل العقل والإنصاف أينكم يا أهل الرأي والحصافة هل تصدقون أن النبي  قال:"" لا يزال الإسلام عزيزا وقائما ما وليهم إثنا عشر رجلا "" من أمثال هؤلاء الأمويين والمروانيين؟!!

فأي عزة للإسلام وأي قيام؟!!!

ولم تكن هذه الإساءات حكرا على المسجد الحرام بل إن بيوت الله تهتك في كل يوم وليلة وتدخلها الراقصات والعاريات السائحات من أوربا التي تقصد تركيا للسياحة ولا تجد لها مكانا غير بيوت الله عز وجل بحجة الإطلاع على الفن المعماري الإسلامي مثلا!!

 حجج واهية لتغطية الإساءة:

وهناك غمغمة وتلبيس على حركة الإساءة وهذا من هوان الدنيا على الله أنهم يضعون حججا واهية لمواراة هذه السوءة وحججهم ثلاث أذكرها على وجه السرعة:

1     ـ حرية التعبير:

وحرية الرأي وحرية الفكر وأظن أن قاموسهم لا يشتمل على كلمة فوضى وفوضاوية ولذا استعاروا محلها كلمة حرية ؟!!هذه الحرية التي أصابت الغرب بالجنون في الفكر والسلوك  فضاعوا في متهات الفيلسوف الفرنسي المفلس  ــ جان جاك روسوــ الذي دعى إلى الحرية بشكلها المطلق  في مقالة لا يناسب المحضر ولا الحضور نقلها الآن ..وقد سمها الفلاسفة الغربيين بعده (( اللا تعيين )) و((اللاتحديد)) حتى ينقل أن شخصان كان يجلسان في حديقة على كرسي واحد فمد أحدهم يده يتمطى ويتثآب إلى أن أرتطمت بأنف الآخر فوجه إليه سؤاله لما؟قال إن هذه حرية يدي فأجابه إن حرية يدك تنتهي عند حرية أنفي؟!! جئت بهذا المثال لأكشف عن المهزأة والمجهلة العظمى باسم الفلسفة والفكر!!وهنا نجد رئيس وزراء الدنمارك ينتقد إحدى أهم شركات الألبان الدنماركية بعد أن قدمت أعتذارها وشجبت تلك الرسوم المسيئة عبر وسائل الإعلام العربية ماذا قال:"" أن شركة أرلا فودز ركعت بشكل محزن أمام المسلمين ... وقال مستهزءا مبادئ الحرية ليست للبيع مقابل لترين من الحليب ""(5)..أنظروا كيف صادر حريتها عن التعبير بحجة حرية التعبير؟!!!

2    ـ القناع الأدبي:

فإن رجال العلمانية السافرة الذين وقفوا ليدافعوا قبل أكثر من عقد من الزمن عن شخصية سلمان رشدي وعلى رأسهم صادق جلال العظم حاول أن يعتبر كل كلمة نابية وساخرة قالها هذا الرجل في حق نبينا صلى الله عليه وآله وسلم هي كلمة مدح لكن على سبيل الرمزية وهنا أسأل كيف يكون الوصفي القدحي رمزا للمدح والإشادة؟!ربما قبل ذلك عبدة ابن عربي الذي وصف الأنبياء بكل قدح في فصوصه وقالوا أنه على طريقة الرمز ... فربما كان ابن عربي استاذا لسلمان رشدي؟!

3     ـ كتب المسلمين:

وهذه هي الحجة القاصمة للظهر فماذا روي عن النبي صلى الله عليه واله وسلم ؟لقد جاء في كتب بعض المسلمين ومصادرهم الكثير من الأحاديث المسيئة والمدنسة للرسول صلى الله عليه واله وسلم وإن كانت هذه حقيقة مرة لا أود إثارتها إلا بقصد أن نكون ناقدين لتراثنا نقدا ينظفه من مثل هذه التراهات فأنا أقول كان لهؤلاء استفادة وتركيز عليها

 1     ـ كحديث الغرانيق(6) وقد ركز عليه سلمان رشدي وغيره..وقد ذكره الإمام محمد بن عبد الوهاب في الرسالة الثانية من الرسائل الملحقة بكتاب كشف الشبهات(7) وتمحل له المحقق وقال أن المؤلف الإمام ... لا يريد أن يدعي صحة هذا الحديث ولكنه ذكره للعبرة فقط.. فكيف تصح العبرة من حديث ظاهره الحط من قدر رسول صلى الله عليه واله وسلم والإساءة إليه؟!!

 2     ـ وكالحديث الوارد في بعض صحاح المسلمين أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قد سحره لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله،وفي رواية أخرى للبخاري عن عائشة سحر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حتى كأنه يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن؟!!

3     ـ أو ما جاء في حادثة أخرى أنه لما أبطأ عنه الوحي أصيب بكآبة وحاول الانتحار وجعلوه تفسيرا لقوله فلعلك باخع نفسك على آثارهم...

4     ـ أو ما جاء في استعراض حياته الخاصة مع نساءه وأنه يأتيهن في ساعة واحدة،أو عدم عدله بين نساءه حتى شكونه إلى فاطمة أبنته...

5     ـ وكذا الحديث في  سماعه للغناء وضرب الدفوف بين يديه..

6     ـ وكذا ما روي ضمن أحداث غزوة بدر أنه يرى الرأي  فتنزل الآيات القرآنية مفندة لرأيه ومصوبة لرأي غيره فينتحي ناحية ليبكي وينوح على ما فرط منه؟! وغير ذلك من الآثار المسيئة التي تحط من قدره صلى الله عليه واله وسلم.. ولهذا اهتم المستشرقون ممن لهم بحوث بخصوص النبي بحديث الغرانيق وغيرها، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..  

 

  المصادر 

 ــــــــــــــــــــ

(1) سورة الأنعام: 164.

(2) بحار الأنوار:ج18، 176.

(3) مقدمة للتأريخ الآخر للدكتور سليمان بشير.ص 163.

(4)  سورة العلق:3.

(5) لمجلة:العدد1364 ص 9.

(6)  حسب ابن إسحاق وفيها يذكر ابن إسحاق أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأثناء نزول سورة النجم عليه همس له الشيطان بهذه الكلمات "تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى" و الآيات المقصودة هنا هي الآيات 18 و 19 من سورة النجم التي تنص على (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى, وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى, أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى) وحسب الرواية فانه هنا همس الشيطان بهذه الكلمات "تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى" وهذا يعني انه تم ذكر تلك الأصنام بخير في القرآن وفي هذا إشارة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم حاول بطريقة أو بأخرى تقليل معاداة أهل مكة لدعوته وكف الأذى عن أتباعه بذكر آلهة مكة بخير حيث يزعم البعض انه بعد هذه الحادثة ساد الوئام بين الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ومعارضيه السابقين من أهل مكة.

وينقل أن الطبري لما نقل هذه القصة أضاف في حاشية هذه الحادثة بأنه كمؤرخ يقوم بتدوين كل ما سمعه حتى إذا كان ما سمعه من نسج الخيال!!

ويقول السيوطي في الدر المنثور ج4 366 وأخرج البزاز والطبراني وابن مردويه والضياء في المختارة بسند رجاله ثقات من طريق سعيد بن جبير،وكذا أخرجه البخاري وحذف منها ( الغرانيق العلى ) ...

(7)  طبعة 1406 . دار القلم بيروت لبنان . المحقق الدكتور محمود مطرجي. ص 50- 51 .

منقول من موقع قبس

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=553
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2009 / 06 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24