• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : تفسير القرآن الكريم .
              • القسم الفرعي : تفسير السور والآيات .
                    • الموضوع : قبسات بيئية.. من القرآن الكريم .

قبسات بيئية.. من القرآن الكريم

الشيخ خليل رزق

يحفل القرآن الكريم بالإشارات العلمية الكونية التي تناولها علم البيئة واعتبرها العناصر الأساسية المكونة له، ولعل أكثر الناس إدراكا لها المتخصصون في الكونيات وعلوم الطبيعية، ويأتي عظيم مدلول الآيات الكريمة، أنها تتناول الجانب العلمي الفيزيائي على لسان نبي أمي، والعلم الحديث لم يصل إلى بعض الإعجازات العلمية إلا مؤخرا.

ونورد فيما يلي قبسات من القرآن الكريم حول بعض الإشارات العلمية للبيئة بشكل عامن ولعناصرها ومكوناتها بشكل خاص، أشار إليها الدكتور عدنان الشريف، ونورد منها ملخصا يفيدنا في إعطاء صورة واضحة عن هذه المسألة.

اولا الإشارة إلى علم البيئة بشكل عام.

أ‌- القرآن الكريم وتوازن البيئة

في قوله تعالى: (وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) وبقوله تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) وقوله تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ).

فالبيئة الأرضية، أي المحيط الذي نعيش فيه، من الأرض وغلافها الجوي وما عليها وما في داخلها من جماد ونبات وحيوان، وكل ذلك يشكل حلقات مترابطة يتأثر بعضها بيعضها الآخر بحيث أن الإخلال بنظام أي خلق من مخلوقات الله يؤثر سلبا على البقية، وهذا ما بينته مؤخرا علوم البيئة.

ب‌- القرآن الكريم وتوازن الغلاف الجوي:

فقد بينت علوم الغلاف الجوي المحيط بالأرض، أن الطبقات السبع المؤلفة منها، قائمة على ميزان دقيق بديع محكم، وإلى ذلك أشار قوله تعالى: (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ). ومن وظائف هذا النظام (الميزان) حماية الأرض وما عليها من مخلوقات. بفضل "السقف المرفوع" فوقنا أمكن للحياة أن توجد على الأرض دون بقية كواكب النظام الشمس.

جـ- القرآن الكريم وتلوث الغلاف الجوي

فقد أشار القرآن الكريم ضمن قوله تعالى: (أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ).

إلى أن (طغيان الإنسان في الميزان) الذي وضعه المولى تعالى في الغلاف الجوي الأرضي تبدو آثاره في عملية التخريب التي يمارسها الإنسان ضد النظام الكوني الطبيعي، ومؤشرات هذا التخريب تبدو في الثقب الذي حدث في طبقة الأوزون فوق المحيط المتجمد الجنوبي الناتج عن المواد الكيميائية الصناعية التي ينتجها الإنسان بملايين الأطنان ويستعملها كمبردات في الثلاجات وأجهزة تكييف الهواء- وكذلك إلى الأمطار الحمضية التي تدمر الثروة النباتية والحيوانية في مختلف البلاد الصناعية.

وأيضا إلى تغير المناخ الحاصل من التغيير في الميزان الدقيق الذي وضعه المولي في تركيب الهواء.

د- القرآن وتلوث اليابسة والبحار

لم يكتف الإنسان، وخاصة إنسان حضارة القرن العشرين وهو الظلوم الجهول، بتلويث اليابسة واستنزاف خيراتها والإخلال بالميزان الدقيق في تركيب الغلاف الجوي الحافظ للأمراض، بل جعل أيضا من أنهار العالم وبحيراته وبحاره ومحيطاته مكبا لنفاياته ونفايات معامله وبواخره، ومستودعا لبقايا معامله الذرية، ومسرحا لتجارب أسلحته الفتاكة.

إلى هذا الخطر الناجم عن عبث الإنسان بالطبيعة إشار القرآن الكريم بقوله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) وبقوله تعالى: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ).

هـ- القرآن الكريم والظواهر الكونية

وردت في القرآن الكريم مجموعة كبيرة من الآيات التي تشير إلى حقائق حول الظواهر الكونية منها.

ما ورد حول قصة الكون في قوله تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ مِهَاداً * وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً * وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً * وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً * وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً * وَأَنزَلْنَا مِنْ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً).

وقال جل جلاله: (أَوَلَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ). والإشارة هنا واضحة إلى أن السماء والأرض كانتا في أول الأمر ملتصقتين معا داخل السديم الذي يكتنفهما ثم إنفصلتا.

وقال تعالى في كروية الارض: (خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ).

والمستفاد من الآية الكريمة؛ أن التكوير هو لف الشيء على الشيء، وهذا التكوير دليل قوي على كروية الأرض، وعلى دورانها على نفسها.

وهناك العديد من الآيات التي أشارت إلى المشاهد الكونية الطبيعية مثل الحديث عن الليل والنهار والظواهر البحرية.

وكذلك إلى أنواع الجبال وألوانها، وإلى جوانب علمية متعددة ومتنوعة عن الماء، عالجها القرآن الكريم... إلخ.

ثانيا: الإشارة إلى الجبال وعلومها:

أ‌- القرآن الكريم وكيفية إرتفاع الجبال

تشير الآية الكريمة في قولة تعالى: (وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ) إلى كيفية تكون الألواح أو القطع الأرضية المؤلفة من قشرة الأرض وجزء من معطفها، التي ترتكز عليها القارات والمحيطات اليوم، وذلك بفعل الضغط الهائل وعوامل جيولوجية أخرى الأرض وخارجها، وهذه الألواح الأرضية هي بالنسبة لما تحتها من أجزاء الأرض مثل قطع من الخشب تطفو على سطح الماء، بعضها يتباعد عن بعضها الآخر بصورة بطيئة جدا، وهكذا نشأت القارات والبحاروالمحيطات وتمددت الأرض وتوسعت ولا تزال، وبعض الألواح الأرضية يتقارب من عضه البعض ثم يتصادم فتغوص القطعة الأثقل تدريجيا تحت الأقل ثقلا فترفعها كما ترفع العتلة الصخرة الثقيلة، وهكذا إرتفعت الجبال ونصبت الجبال تدريجيا بصورة بطيئة جدا على مر ملايين السنين.

ب: القرآن الكريم وكيفية تكون الجبال:

تكونت الجبال الكلسية بفعل الإلقاء أي بما تجرفه مياه الأمطار والأنهار من مواد كليسة وغيرها من الأرض والصخور وتلقيه في البحار والمحيطات إضافة إلى المواد الكليسة التي تبنيها شعاب المرجان.

فجميع الجبال سواء كانت بركانية أم كليسة أم مختلطة، تكونت تحت سطح الماء في قعر المحيطات والبحار بفعل الإلقاء من أعلى الأرض أو من باطن الأرض؛ نلاحظ هنا الإعجاز العلمي الكافي في كلمة القى التي تشير بصورة مذهلة إلى عملية تكون الجبال كما كشفها علم الجيولوجيا مؤخرا والتي أشار إليها القرآن الكريم بقوله تعالى:

(وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ)

وقوله تعالى: (وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).

جـ- القرآن الكريم وتوازن الأرض بالجبال

بفعل دوران الأرض حول نفسها تنشأ القوة النابذة التي تقذف ما على سطح الأرض إلى الخارج، أما قوة الجاذبية فتجذب ما على الأرض نحو مركزها، وبتعادل هاتين القوتين لا تميل الأرض ولا تضطرب بالرغم من دورانها. ولكي تتعادل القوة النابذة والقوة الجاذبة يجب أن تكون قشرة الأرض متوازنة في جميع أجزائها. والجبال تلعب دورا كبيرا في هذا التوازن بفعل جذورها التي تغوص بعيدا في طبقات الأرض، فالجبال بالنسبة للأرض كالمرساة بالنسبة إلى السفينة، والأوتاد بالنسبة إلى الخيمة. وهذا الدور الذي تلعبه الجبال في توازن الأرض لم يكتشفه العلم إلا في القرن التاسع عشر. أما القرآن الكريم فقد أشار إلى ذلك في العديد من آياته منها: قوله تعالى: (وهو الذي مد الأرض وجعل فيها روسي وأنهرا) وغيرها من الآيات الكثيرة التي تشير إلى هذا المضمون.

وقد شرح الإمام على بن أبي طالب (ع) بصورة علمية مذهلة ما جاء في القرآن الكريم والحديث الشريف عن دور الجبال في توازن الأرض، ففي الخطبة رقم واحد نقرأ الآتي: "ووتد الجبال ميدان (إضطراب) أرضه"، وفي الخطبة رقم 89: "وعدل بالراسيات من جلاميدها "، وفي الخطبة رقم 204: "وجعلها للأرض عمادا، وأزرها أوتادا، فسكنت على حركتها".

د- القرآن الكريم وفوائد الجبال

الجبال هي العامل الرئيسي في تخزين المياه الغذبة وتثبيت التربة، ولو لا الجبال لذهبت أكثر المياه المتساقطة من السماء إلى البحر دون أن تتخزن في الأرض ولا نجرفت معها التربة.

هذه الحقيقة لم يعرفها العلم إلا منذ مئة سنة ونيف، أما القرآن فقد أشارإلى ذلك بقوله تعالى: (وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ).

ونلاحظ الربظ بين الجبال العالية والمياه العذبة في قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتاً).

ثالثا: القرآن الكريم والغلاف الجوي:

الغلاف الجوي الأرضي درع واق يحيط بالأرض من جميع أجزائها، وهو مع الشمس والماء والنبات وميزات الأرض الفلكية والجيولوجية أحد العوامل الرئيسية التي جعلت الحياة ممكنة على سطح كوكب الأرض دون بقية الكواكب التي تتبع النظام الشمسي.

والقرآن الكريم رمز إلى الغلاف الجوي في العديد من الآيات، فسماه: (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) و(سَقْفاً مَحْفُوظاً) و(السَّمَاءَ الدُّنْيَا) و (سَبْعٌ شِدَادٌ) و(سَبْعَ سَمَاوَاتٍ) و(سَبْعَ طَرَائِقَ) و(سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً) و(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ) و(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ).

أما تركيب الغلاف الجوي فقد وصفه المولى تعالى بالدخان: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ)، وهي الكلمة التي تطلق على كل جسم غازي، فجميع طبقات الغلاف الجوي مؤلفة من غازات.

وتجدر الإشارة إلى أن مختلف طبقات الغلاف الجوي تحيط بالأرض من جميع أجزائها من دون أن يكون فيها شقوق أو فروق تماما كما لو أن الكرة الأرضية هي داخل سبع كرات كل كرة أكبر حجما من الأخرى، ونلاحظ هنا الإعجاز العلمي الكائن في كلمتي "فطور" و"فروج" في قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعْ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ). (أي شقوق وخروق)، وقوله تعالى: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ) (أي شقوق).

رابعا: القرآن الكريم والرياح والسحب:

أشار القرآن الكريم في ضمن آياته إلى مجموعة حقائق حول الهواء منها ما أقسم به في قوله تعالى: (فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لا تُبْصِرُونَ).

فقد أقسم الخالق بجميع مخلوقاته المنظورة وغير المنظورة، والمعلومات المتوفرة عن أهمية الماء والمذكورة في الكتب المختصة بذلك، تعطي فكرة عن المعاني العلمية الكامنة في الآية الكريمة أعلاه، فالهواء من نعم الخالق غير المنظورة جعله ملكا للجميع، ولو أمكن للإنسان التسلط عليه لباعه واشتراه وتقاتل عليه كما فعل في أكثر الأشياء التي سخرها المولى له و جعلهما أمانة في يده.

كما أشار القرآن الكريم إلى حقيقة هامة وهي عملية تصريف الرياح في قوله تعالى: (وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)، حيث تنشأ الرياح بفعل حرارة الشمس التي تسخن الهواء فيقل ثقله ويرتفع في الجو ليأخذ الهواء البارد الأكثر ثقلا مكانه. والرياح لا تتوزع تشوائيا على سطح الكرة الأرضية بل تتبع ككل مخلوقات الله، نظاما محكما بدأ الإنسان باكتشافه منذ القرن الخامس عشر يزال إلى اليوم ففي المناطق الإستوائية: حيث تضرب أشعة الأرض عاموديا يسخن الهواء ويرتفع في الجو ليحل مكانه هواء المناطق العالية الباردة، وهكذا تتولد قريبا من خط الإستواء الرياح المتظمة الشمالية الشرقية في نصف الكرة الأرضية الشمالين والرياح الجنوبية الشرقية في نصف الكرة الأرضية الجنوبي.

وفي المناطق المتوسطة من الكرة الأرضية: تتحول الرياح الإستوائية إلى رياح غربية. وفي المناطق القطبية: حيث تصل إلى الأرض أقل كمية من حرارة الشمس توجد الرياح الشرقية وهي الأعنف على سطح الأرض. وهذه الرياح تتولد بفعل إنتقال الهواء البارد من المناطق القطبية إلى المناطق المعتدلة والإستوائية من الكرة الأرضية.

وتصريف الرياح الوارد في أيات القرآن الكريم يعني التبديد، وتصريف الرياح هو تبديلها من رياح قليلة الحركة كالنسيم إلى رياح سريعة الحركة كالعواصف، وكذلك يعني التصريف: الإرسال والأبعاد والتوزيع والتنويع، وهو ما يتطابق مع هذه الحقائق العلمية التي ذكرناها عن الرياح.

وأشار القرآن الكريم إلى دور أساسي للرياح وهو كونها (لواقح) في إشارة إلى عملية نزول المطر من السحاب ودور الرياح في ذلك، وأيضا إلى دور الرياح مع الحشرات والطيور، حيث تلعب الدور الأكبر في عملية تلقيح الأزهار وتكاثرها، وهذا ما أشار إليه المولى تعالى في قوله: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ).

خامسا: القرآن الكريم والمياه:

تحدث القرآن الكريم بإسهاب عن المياه ودورها في حياة البشر، فهي من بين جميع الثروات التي وضعها المولى في كوكب الأرض تعتبر مادة نادرة في الكون وأساسية لكل حياة، والماء هو الأثمن والاكثر وجودا.

والإنسان يستطيع أن يبقى عدة أسابيع بدون غذاء وعدة أيام بدون الماء الذي يؤلف 70% من أعضائه لذلك كانت مباركة من الله تعالى: (وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ).

والحقائق العلمية والبيئية التي إنطوت عليها أيات الكتاب العزيز يمكن إختصارها بما يلي:

أ‌- أن الأرض هي المصدر الأولي للمياه:

وذلك خلافا لما كان المعتقد السائد إلى بداية القرن العشرين من أن المصدر الأولي للمياه هو من غير الارض، ثم ثبت علميا ما أشار إليه القرآن الكريم: (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا).

من أن المصدر الأولي والأساسي للمياه هو الأرض.

ب‌- مصدر الينابيع والأنهار هو من السماء:

حيث كان العلماء يعتقدون إلى أواسط القرن السابع عشر أن الينابيع والأنهارتتأتي من البحر الذي تتسرب مياهه إلى جوف الأرض حيث تتخلص من ملوحتها وتتخزن في باطنها ثم تتفجر بعدها ينابيع وجداول وأنهارا وبحيرات ما تلبث أن تعود إلى البحر. والأنهار تتأتي من البحر الذي ما اكتشفه العلم الحديث من أن مصدر المياه الجوفية والأنهار هو من السماء كما في قوله تعالى: (وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ)، وفي قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ). وغيرها من الآيات.

ج- البرزح بين البحرين:

فقد أشار قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً)، وقوله تعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ) إلى حقيقة ومعجزة علمية حول مد البحار وخلطها وكيف جعل الله بينها حاجزا ومكانا محفوظا بحيث لا تبغي كل بحر وخصائصه على الآخر عندما يلتقيان.

هذا بالإضافة إلى كثير من الأمور المتعلقة بالمياه سنذكرها في في الفصول اللاحقة.

وما ذكرناه كان عبارة عن قبسات من القرآن الكريم أردنا أن يطلع العلماء والباحثون من خلالها على هذه الكنوز والحقائق العلمية حول عناصر البيئة التي أفادنا فيها كتاب الله الكريم.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=537
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2009 / 06 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24