• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : تفسير القرآن الكريم .
              • القسم الفرعي : تفسير السور والآيات .
                    • الموضوع : علي والقـرآن .

علي والقـرآن

السيّد عبد الأمير علي خان

الصورة التي يرسمها القرآن الكريم لأمير المؤمنين (عليه السلام) تنسجم تماماً مع ما ترسمه الأحاديث الشريفة. وتُكْمِل التصوّر عن ملاكات وأبعاد ولايته التي ترتسم وتتّضح من التدبّر في واقع شخصيّته ووجوده (عليه السلام)، وفي الأحاديث وسيرة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

والملاحَظ أنّ دراسة الأمام علي في القرآن الكريم لم تُسْتَوْفَ لحدِّ الآن، فلم أطّلع على دراسة وافية مستوعِبة لها، وهي تُشَكِّل أبحاثاً واسعة وتتطلّب وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً وتشمل قسماً كبيراً من آيات القرآن الكريم، إلاّ أنّنا سنقتصر هنا على ما تتطلّبه منهجتنا في هذا الكتاب(1) وبقدر ما يسمح به المجال، مُشِيْرِيْنَ إشارة عابرة إلى:

ـ الآيات التي تعطي صورة لشخصيّة الإمام.

ـ ودوره الذي اضْطَلَعَ به في هذه الدورة الرساليّة الخاتمة.

ـ ولمنزلته عند الله سبحانه.

ـ وبعض ملاكات وأبعاد ولايته.

* والآيات التي تشارك في هذا المجال كثيرة جدّاً ويمكن أنْ نُصنِّفها إلى عدّة أصناف رئيسيّة:

منها: الآيات التي تذكر الأنبياء والشهداء والصدِّيقين بصورة عامّة، وما ضرب منهم مثلاً لأمير المؤمنين (عليه السلام) بصوره خاصّة، مثل هارون وداود (عليهما السلام).

ومنها: التي تتحدّث في الإيمان والمؤمنين، وتعدِّد صفاتهم وتصف مسؤوليّاتهم العظيمة ودرجتهم عند الله سبحانه، والتي تتحدّث في أولياء الله وقوانين التولِّي، والآيات التي تتحدّث في أصحاب الجنّة والأبرار والمتَّقين والصالحين وورثة جنّة النعيم، والآيات التي تتحدّث في حال المؤمنين يوم القيامة. فإنّ بعض هذا القسم من الآيات يكون أمير المؤمنين (عليه السلام) مثلها ومصداقها الأعلى من بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مباشرةً.

ـ ومنها: ما يكون (عليه السلام) مع أهل بيته مصداقها الوحيد من هذه الآية.

ـ ومنها: ما لا يكون لها مصداق غيرهم إلاّ من خلال التمسّك بولايتهم.

ويوجد قسم كبير من الآيات نزل في علي (عليه السلام) خاصّة، أو فيه مع بعض بني هاشم وبعض المؤمنين.

* وللاختصار سأجعل الحديث في فصلَين:

الأوّل: في الأمثلة من قصص الأنبياء والشهداء والصِدِّيقين.

والثاني: في الآيات التي يكون أمير المؤمنين (عليه السلام) مصداقها الأعلى، أو الوحيد، أو التي نزلتْ فيه خاصّة، أو فيه مع بعض بني هاشم وبعض المؤمنين.

* الأمثلة من ذكر الأنبياء والشهداء والصِدِّيقين:

وسوف أقتصر على وصف كيفيّة الاستفادة من هذا القسم من الآيات بشكلٍ إجمالي، وباختصارٍ بالحدّ الأدنى الذي تتطلّبه المَنْهَجَة في هذا الكتاب.

ونبدأ بنوح (عليه السلام): فلو جمعتَ الآيات التي ذكرتْه ترتسم لك صورة عن بعض الجوانب من شخصيّة أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولأَعْطَتْكَ تفسيراً عن بعض سيرته، فمثلاً:

حينما تتمعّن الآيات التي:

ـ ترسم قوّة شخصيّة نوح (عليه السلام).

ـ وصبره على الأذى.

ـ وتحمّله المصاحب في الدعوة والثبات على الحقّ والاستقامة، رغم انصراف الناس عنه واستهزائهم به، وكونه وحده في الميدان.

ـ وأنّه وحده كان يعرف سرّ مسيرته.

ترتسم لك صورة لجانب من شخصيّة أمير المؤمنين (عليه السلام) وقوّة شخصيّته وثباته، وعدم توحّشه من الطريق وإنْ قلّ سالكوه.

وحينما تجمع الآيات التي تذكر إبراهيم (عليه السلام):

ـ وتكسيره الأصنام.

ـ وانحصار النبوّة في ذرِّيَّته.

ـ وملاكات وأبعاد ولايته، وإمامته.

ـ وشِدّة تفانيه في سبيل الله وصدقه مع الله سبحانه.

ـ وجهاده في سبيله وتضحيته بولده الأعز.

ـ وقوّة ثقته بالله.

ـ ورعايته مشروع النبوّة من بعده.

ـ وبعد نظره وطول نفسه وامتثاله لأمر الله حتّى في ذبح ابنه.

ـ ومزاولته العمل بنفسه.

ـ وبنائه البيت الحرام.

ـ ووصيّته لبَنِيْهِ بـ: الدعوة والجهاد والاستقامة والصلاة والحج وتعاهد البيت.

ترتسم لك جوانب من شخصيّة أمير المؤمنين (عليه السلام). فإنّ للإمام مناقب مشابهة وحالات ومزايا مناظرة ومواقف وأدوار مماثله.

وحينما تقرأ عن شخصيّة إسماعيل (عليه السلام):

ـ وكيف كان وزيراً لأبيه في مهمّته العظيمة.

ـ وطاعته له وصبره على المشاق.

ـ وعلى الذبح دون أيّة مناقشة ومساءلة.

ترتسم لك صورة عن وزارة أمير المؤمنين (عليه السلام) لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وتحمّله المشاق، وصبره للتضحية والفداء، والموت دونه، وانتظاره لقضاء الله سبحانه، وامتثاله لأمره وتسليمه له دون اعتراض ونقاش.

وهكذا قُلْ بالنسبة لآيات يعقوب (عليه السلام):

ـ ووصيّته لبَنِيْه.

ـ ورعايته للنبوّة والإمامة من بعده، في محافظته على يوسف وحرصه عليه وعلى أبي الأسباط من وُلْدِه.

وحينما تجمع الآيات التي تتحدّث عن شخصيّة موسى (عليه السلام):

ـ وسيرته.

ـ وشدّته.

ـ وقوّته.

ـ ومباشرته العمل بنفسه.

ترتسم لك صورة علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقوّته، وشجاعته، وشدّته في ذات الله، وكيف أنّه لا تأخذه في الله لومة لائم، وحدِّيَّته في تطبيق الإسلام.

وحينما تقرأ الآيات التي تذكر العصا عند موسى يستحضر ذهنُك سيفَ علي ويمينه، وما جرى عليها من أمور عظيمة، ومن جانب آخر تجد في موسى (عليه السلام) مثلاً لأمير المؤمنين في الاستيعاب والصبر مع قومه، وعدم مفارقتهم حتّى في تَيْهِهِم وضلالهم وعصيانهم أوامره.

وتجد فيه مثلاً على استعداده للحرب، ولو بقي مع أخيه لوحدهما في الميدان، وفي هذه الحالة أيضاً تجد فيه مثلاً لبعض حالات أمير المؤمنين (عليه السلام) عندما بقي مع أخيه وحيدَين لا يجدان أعواناً على الجهاد.

وهكذا ذكر هارون (عليه السلام):

ـ إضافةً إلى ما يضربه من مثل في معاناته من الأُمّة في غياب موسى (عليه السلام)، ممّا يرسم صورة لمعاناة الإمام من الأمّة في غياب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

ـ وكيف أنّهما (عليهما السلام) جابها هذه الردّة وهذا الإعراض عنها من قِبل الأمّة.

ـ وكيف حرصا على حفظ وحدة الأمّة وعدم التفريط بها، ولم يفارقاها حتّى في حالة غَدْرها بهما.

ـ وقد كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقارن بين حاله وحال هارون ويخاطِب الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بما خاطب هارون أخاه موسى (...ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي...)(الأعراف: 150).

ـ ووزارة هارون لموسى ومنزلته منه جعلت مثلاً لوزارة أمير المؤمنين للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومنزلته منه.

وحينما تجمع الآيات التي تتحدّث عن داود وسليمان (عليهما السلام):

ـ ترتسم لك صورة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وصورة عن الحسن والحسين ودورهما مع أبيهما.

ـ وحينما تقرأ آيات قتل داود لجالوت وبطولته الفائقة وضربته الحاسمة وكيف أنّها كانت من ملاكات إمامة وملك آل داود، ترتسم لك صورة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ودوره ومواقفه الحاسمة في قطع دابر الكافرين وتثبيت الدين وما لهذا الدور من ملاك للإمامة والملك لآل علي وفاطمة (عليهما السلام).

ـ ووراثة الحسنَين لعلي من جميع الوجوه، كما ورث سليمان داود.

ـ وحينما تقرأ ولاية داود وسليمان التكوينيّة على: الجبال، والريح، والحديد، والوحوش،

والشياطين، والجن، وعِلْمهما منطق الطير، وسماع سليمان لكلام النملة، ترسم لك صورة

لِمَا أوتي أمير المؤمنين من ولاية.

ـ أو لِمَا يمكن أنْ يؤتى من ولاية تكوينيّة ومن ملك وولاية تشريعيّة.

ـ وحينما تقرأ آيات جلب عرش بلقيس، وكيف كانت قوّة وولاية (الرجل الذي عنده عِلْم من الكتاب) أقوى وأبلغ من قوّة وولاية (العفريت من الجن) يتّضح لك ما يمكن أنْ يجعل لأمير المؤمنين (عليه السلام) من قدرة وقابليّة؛ لأنّه عنده علم الكتاب.

وهكذا حينما تقرأ آيات آل عمران:

وأحوال بيت النبوّة (امرأة عمران وزكريّا وامرأته ومريم وعيسى ويحيى (عليهم السلام))، يتّضح لك جانب من وضع أهل البيت، ويلقي لك ضوءاً على جانب من شخصيّة أمير المؤمنين (عليه السلام)، خاصّةً من أخبار زكريّا وعيسى (عليهما السلام).

هذا وحينما تقرأ الآيات التي تذكر بعض أولياء الله من غير الأنبياء (عليهم السلام):

ـ مثل الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى، وقال: (...يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ)(يس: 20).

ـ ومثل مؤمن آل فرعون وحواره مع قومه، ودفاعه عن موسى ودعوته، بذلك المنطق الرفيع وتلك الحجج الدامغة والمفاهيم العالية.

ـ ومثل الرجلَين اللذَين أَنْعَمَ الله عليهما، اللَذين انتصرا لموسى على قومه، حينما تخاذلوا عن طاعة أمر الله في الجهاد، وما كان منهما من وَعْظ ومن مفاهيم سامية.

ـ ومثل لقمان وحكمته وتعاليمه الحكيمة وتوصياته ووعظه الرفيع.

ومثل ذي القرنين وسيرته الربّانيّة، وفتوحاته الموفّقة المسدّدة بعناية الله سبحانه، وثقته بالله.

ـ ومثل أصحاب الكهف وآيتهم العجيبة، وهدايتهم الربّانيّة، وما أُلْهِمُوا من علم الدين.

ـ ومثل العبد الصالح الذي وجده موسى وفتاه، والذي علّمه الله سبحانه من لدنْه علماً خاصّاً، وكلّفه بمهمّة خاصّة، وما كان ينفّذه من دور عظيم وعجيب يقوم على أساس العلم الربّاني وليس على أساس المقاييس المتعارفة.

تتّضح لك جوانب عظيمة من شخصيّة أمير المؤمنين (عليه السلام)، ويظهر لك جليّاً كيف يكون لبعض أولياء الله فضل حتّى على بعض الرُسُل، وإنْ لم يكونوا أنبياءً، وفي ذلك مؤشّر على ما جُعل لأمير المؤمنين من: فضل، ومنزلة، وولاية، أوسع ممّا جُعل لبعض الأنبياء والرسل، ولم يكن نبيّاً.

وحينما تقرأ أدعية الأنبياء بصورة عامّة، وأدعية إبراهيم بصورة خاصّة:

ـ ترتسم لك صورة لمصداقيّة أمير المؤمنين لأدعيتهم، أو لكونه جزءاً من مصاديق الاستجابة.

ـ ويظهر لك وكأنّه هو المعني بدعاء إبراهيم (عليه السلام): (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآَخِرِينَ) (الشعراء: 84).

ـ وأنّه هو مصداق قوله تعالى: (...وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا)(مريم: 50).

ويفتح لك أبواب الهداية للحديث النبوي الشريف الذي تكثّفتْ فيه المقارنة بين أمير المؤمنين (عليه السلام) وبين الأنبياء والصدِّيقين السابقين، وما دأب عليه أهل البيت من اعتبار ذكر الأنبياء والصدِّيقين أمثلة لأمير المؤمنين (عليه السلام) بصورة خاصّة، ولهم كلّهم بصورة عامّة(2).

القسم الثاني ويشمل الآيات التي:

ـ تذكر الإيمان.

ـ وقوانين الولاية بين العبد وبين الله تعالى.

ـ والمؤمنين المسلِّمين لأمر الله.

ـ والمتّقين والأبرار وأصحاب الجنّة، وما إلى ذلك من آيات.

ـ والآيات التي نزلتْ في أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهذا القسم يشمل آيات كثيرة جدّاً سنقتصر على الإشارة إلى بعضها كمثال لِمَا نراه من مَنْهَجَة مفيدة لدراسة هذه الآيات، ولدراسة شخصيّة ومنزلة وولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) من خلالها.

ودليلنا في تَتَبّع الآيات لهذا الغرض هو:

ـ القرآن الكريم.

ـ والحديث الشريف.

ـ وواقع أمير المؤمنين (عليه السلام).

ـ وما تقتضيه السنن الإلهيّة في الأنبياء وذُرِّيَّاتهم وآل الأنبياء وبيوتاتهم.

* فالقرآن الكريم يتضمّن آيات نزلتْ في أمير المؤمنين (عليه السلام) بالإجماع والقطع، فتكون دليلاً إلى آيات أخرى مشابهة، أو إلى مقاطع قرآنيّة أخرى مشابهة، وبذلك ينفتح باب واسع لبحث قرآني واسع غزير.

* والحديث الشريف وصف أمير المؤمنين بصفات سامية أو أنّه بلّغ عن اتّصافه بتلك الصفات.

* وواقع أمير المؤمنين يدلّك على:

ـ الآيات التي تنطبق عليه مع غيره.

ـ والتي لا تنطبق إلاّ عليه.

ـ أو التي يكون هو مَثَلَها الأعلى ومصداقها الأصدق بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

* وسُنّة الله في الأنبياء وآل الأنبياء وذُرِّيَّاتهم تدلّك على الآيات التي تشمل أهل البيت (عليهم السلام).

* وميزاننا في تقديم أهل البيت (عليهم السلام) على مَن سِواهم عند التعارض أو التزاحم بين الدعاوى والتصوّرات:

يتكوّن ممّا تقتضيه سُنّة الله في الأنبياء وآل الأنبياء، والذُرِّيَّات الطاهرة، ومن الواقع التاريخي.

فإنّ الدعاوى لغير أهل البيت لا تنسجم مع سُنّة الله في الأنبياء والرسالات الرئيسيّة ومع ما تقتضيه كرامة النبي الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على الله ومع فضله على جميع الأنبياء والمرسلين، بينما الدعوى لأهل البيت تنسجم مع ذلك، بل هي من مقتضيات السُنّة الإلهيّة، والواقع التاريخي يجعل الدعوى لغير أهل البيت متّهمة بنفس الوقت الذي يكون فيه مقوِّياً للدعوى لأهل البيت؛ لأنّ الدعاوى المقابلة لِمَا يُذْكَر لأهل البيت من مقام وفضل وولاية تُتَّهم أنّها وُضِعَتْ بعد أنْ حكم خصوم أهل البيت، بتدبير من قبل بعض السلاطين الذين قام سلطانهم على أساس تقديم البعض على أهل البيت، أو إشراكهم معهم في بعض الفضائل، وما قام به بنو أميّة من وضْع وكذب وتحريف معروف لا يحتاج إلى بحث هنا، وكذلك محاولات تجريد أهل البيت من بعض الفضائل السامية تُتَّهم بنفس التهمة، وهذا بعينه يكون من الشواهد على أنّ ما وصلنا من فضائل أهل البيت (عليهم السلام) هو أقلّ مِمّا كان لهم بالفعل؛ لأنّ المحاربة الحادّة والمستمرّة لعدّة قرون حجبتْ عنّا بعض حقّهم.

ومن هذا كلّه يتّضح أنّ دراسة أمير المؤمنين (عليه السلام) في القرآن الكريم موضوع واسع ومتشعِّب وغني وغزير جدّاً، ومحاولة استيعابه تستغرق موسوعة ضخمة، لكنّنا ـ وكما ذكرنا ـ سنقتصر على الإشارة، والإشارة بالقدر الذي تتطلّبه المنهجة ويسمح به المجال.

  * علي قائد البررة (الأبرار):

أطلق القرآن الكريم على الإمام علي بن أبي طالب والصدِّيقة فاطمة الزهراء والسبطَين الحسن والحسين (عليهم السلام) عنوان الأبرار؛ وذلك في سورة الإنسان، وذلك نصٌّ عليهم لا ريبَ فيه، ولا بدّ من الإيمان به تصديقاً لله سبحانه، وكون من الإيمان به تصديقاً لله سبحانه، وكون الآيات نزلتْ فيهم خاصّة أمر قطعي، وذلك حينما تصدّق أهل البيت النبوي بكلّ طعامهم ثلاثة أيّام متوالية، ولم يذوقوا فيها غير الماء، وكانوا يوفّون النَذْر بالصيام ثلاثة أيّام، فنزلت الآيات:

(إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآَنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ * قَوَارِيرَاْ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلاً * عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُوراً * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً * إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً)(الإنسان: 5 ـ 22).

وهذا المقطع القرآني الكريم يكون دليلاً لتتبّع كثير من الآيات في القرآن الكريم، التي يكون أمير المؤمنين (عليه السلام) مصداقها الأعلى بعد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومنها آيات الأبرار، فإنّ النص جعل

الإمام (عليه السلام) مثلاً وعَلَمَاً لهم.

وقد ورد عنوان الأبرار خمس مرّات:

ـ إضافةً إلى ما جاء في هذه الآيات.

ـ وفي موردَين من هذه الموارد جاء عنوان الأبرار في آيات نزلتْ في: علي (عليه السلام)، وفاطمة الزهراء، وفاطمة بنت أسد (أُمّ الإمام)، ومجموعة من المؤمنين هاجروا بحماية أمير المؤمنين (عليه السلام) بُعَيْد هجرة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

ـ وأحد العِنْوَانَين ورد في دعاء أولئك الأبرار بأنْ يتوفّاهم الله سبحانه مع الأبرار.

ـ والثاني جاء ضمن استجابة الله سبحانه لهم، وتأكيده بأنّهم من الأبرار، وسوف نذكر الآيات في فقرة قادمة إنْ شاء الله تعالى. انظر: (آل عمران: 193 ـ 198).

وبقيّة الموارد في الآيات التالية:

(إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ)(الانفطار: 13).

(إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ)(المطفّفين: 22 ـ 28).

وآية الانفطار، والآيات (22 ـ 28) من المطفّفين تشبه آيات سورة الإنسان، وكأنّها جزء منها مع أنّها نزلتْ في بداية عُمْر البعثة، وسورة الإنسان نزلتْ في أواخر عُمْر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

أمّا الآيات (18 ـ 21) من المطفّفين فإنّها تخبر عن موضوع هام آخر وهو وجود كتاب خاص بالأبرار، وأنّه في عِلِّيِّين، وأنّه كتاب مرقوم ويشهده المقرّبون، وسيأتي بعض الفوائد الهامّة من هذه الحقائق العظيمة.

ومن ملاحظة مقابلة عنوان الأبرار لعنوان الفجّار فوائد علميّة هامّة تأتي الإشارة إلى بعضها إنْ شاء الله تعالى. ومن ذلك آيات البِر، فإنّ عنوان الأبرار مأخوذ من البِر، وإنّ أهل البِر المتلبِّسين به دائماً هم الأبرار، فآيات البِر كآيات الأبرار تكون ممّا يتضمّن ذِكْر أمير المؤمنين (عليه السلام).

وفي كلٍ منها نكتة ودرس، وهي:

( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)(البقرة: 177).

(وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(البقرة: 189).

(...وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)(المائدة: 2).

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)(المجادلة: 9).

وأمير المؤمنين (عليه السلام) مصداق البِر في كلّ هذه الآيات؛

ـ لأنّ القرآن الكريم نَصَّ على أنّه في مقدِّمة الأبرار أوّلاً.

ـ ولأنّ المواصفات التي ذُكرت في تفسير وتعريف البِر قد اجتمعت فيه.

ومن ملاحظة الآيات جيِّداً يتّضح ما لأمير المؤمنين (عليه السلام) من امتياز على جميع الصحابة، وذلك من ملاحظة سهولة إدراك انطباق مواصفات وشرائط البر في شَخْصه، وصعوبة تصوّر اجتماعها كلّها بالدقّة في غيره من الصحابة غير فاطمة والحسنَين (عليهم السلام).

ومن شهادة القرآن الكريم للإمام بأنّه في مقدّمة الأبرار يتّضح لك أيضاً امتيازه على غيره في (آيات النجوى)، وسوف نعود إليها في موضع قادم إنْ شاء الله تعالى.

(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ)(البقرة: 44).

فإنّ شهادة القرآن الكريم لعلي بن أبي طالب بأنّه في مقدّمة الأبرار، من (آيات الاستجابة) في سورة (آل عمران) و(آيات المديح) في سورة (الإنسان)، تخبرك أنّه (عليه السلام) أهلٌ للأمر بالبِر؛ لأنّه متلبِّس به دائماً ولا ينفكّ عن معنىً من معانيه ولا عن بُعْد من أبعاده ولا عن جانب من جوانبه، وهذا الإخبار لم يحصل لأحد غيره من الصحابة، فيكون التقدّم عليه وتجاوزه في الأمر ـ بالبر ـ مشكلاً، بينما يكون تقدّمه هو وتجاوزه غيره في الأمر بالبِر متيقّن الصحّة والاستقامة وعدم التهافت أو التناقض.

وحينما تقرأ قولَه تعالى:

(كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ)(عبس: 11 ـ 16).

فإنّك تَنْتَبه إلى حقيقة أخرى لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، وأنّه مِن مستوى هؤلاء الكرام البررة ومِن جَوْهَرِهِم؛ وذلك لشهادة القرآن الكريم له بأنّه في مقدّمة الأبرار، لأنّه كان كذلك في كلّ الآيات التي ذكرتْ الأبرار وعَنَتْه شخصيّاً من بينهم(3).

وهناك فوائد كثيرة من آيات سورة (الإنسان) نذكر بعضها فيما يناسبها من آيات، ومنها ذكر الصفات العالية التي شهدتْ الآيات لأمير المؤمنين (عليه السلام) بها مثل:

ـ عباد الله.

ـ الوفاء بالنَذْر.

ـ يخافون يوم القيامة.

ـ وقاهم شرّ ذلك اليوم.

ـ يُطْعِمُونَ الطعام على حُبّه.

ـ عملهم لوجه الله.

ـ أهل الوجوه الناضرة.

ـ السرور يوم القيامة.

ـ إنّهم صبروا.

ـ إنّهم مُتَّكِئُونَ على الأرائك.

ـ دانية عليهم ظِلاَلها وذُلِّلَتْ قطوفها تذليلاً.

ـ عَالِيَهُم ثياب سندس خضر وإسْتَبْرَق... الخ.

هذا، والآيات أعطتْ امتيازاً لأمير المؤمنين وأهل بيته على جميع أهل الجنّة، بذكر أمور لم تُذْكَر في أيّ مورد آخر ومنها:

ـ (...مِزَاجُهَا كَافُورًا)(الإنسان: 5).

ـ و(...يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا)(الإنسان: 6)، فإنّ هذا التعبير بهذا المعنى ـ العائد على نفس المعنَيَيْن بهذه الآيات منهم الذين يفجِّرون العين تفجيراً ـ لم يرد في آيات أُخر.

ـ و(...سُرُوراً)(الإنسان: 11)، لم يذكر لأحد أنّه يكون مسروراً يوم القيامة إلاّ لهؤلاء الأبرار، نعم، ذكر (الاستبشار) كما سيأتي.

ـ و(...لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً)(الإنسان: 13).

ـ و(وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا...)(الإنسان: 14).

ـ (...وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً)(الإنسان: 14).

ـ و(...بِآَنِيَةٍ...)(الإنسان: 15).

ـ و(...مِنْ فِضَّةٍ...)(الإنسان: 15)، فإنّها ذكرتْ: (القوارير، والآنية، والأساور) ولم يُذْكَر ذلك في آيات أُخر.

ـ و(...مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلاً)(الإنسان: 17).

ـ و(...سَلْسَبِيلاً)(الإنسان: 18).

ـ و(...لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً)(الإنسان: 19)، أي وَصْف الولدان باللؤلؤ المنثور لم يُذْكَر إلاّ في هذه الآيات، وممّا يُذْكَر أنّ الحور العين لم تُذْكَر في هذه الآيات؛ لأنّ ذِكْرها مع وجود فاطمة الزهراء لا يكون مدحاً، لأنّ فاطمة الزهراء أرقى من الحور أوّلاً، وهيبةً لمقامها ثانياً.

ـ و(...مُلْكاً كَبِيراً)(الإنسان: 20).

ـ و(...طَهُوراً)(الإنسان: 21)، لم يذكر شراب الجنّة بهذا الوصف إلاّ هذا الشراب الذي يُسْقَاهُ أهل البيت (عليهم السلام).

ـ وكذلك (...سَقَاهُمْ رَبُّهُمْ...)(الإنسان: 21)، فإنّ إضافة السقي إلى الله سبحانه لم ترد إلاّ في هذا المورد.

وأخيراً، فإنّ الآيات لم تذكر الجنّة أوّلاً ثمّ فرّعتْ عليها الامتيازات، وإنّما ذكرتْ الامتيازات وعدّتْ من ضمنها جنّة خاصّة (حديقة خاصّة من ضمن الجنّة)، وفي ذلك سرٌّ عظيم؛ لأنّ الآيات في مقام المدح الخاص، وتعدّد امتيازات أهل البيت على أهل الجنّة، فالجنّة درجات، ولأنّ كونها في الجنّة من المسلّمات قبل نزول هذه الآيات، فلا يُشَكِّل الإخبار بأنّهم من الجنّة مدحاً لهم في هذه المناسبة العظيمة وهذا الموقف العظيم(4).

* علي (عليه السلام) إمام المتّقين:

ومِن وَصْف النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأمير المؤمنين (عليه السلام) بأنّه إمام المتّقين، يُشَكَّل دليلٌ لتتبّع آيات المتّقين في القرآن الكريم لترتسم صورة لإمامهم الذي هو في مقدِّمتهم، فهو مَثَلُهُم الأعلى، وهو المصداق الأعلى والأصدق لِمَا جاء في الآيات:

ـ لقول النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

ـ ولشهادة واقعه (عليه السلام).

ـ وشهادة آيات الأبرار التي وصفتْه بما يفوق صفات المتّقين فهو قد أحرز منزلة (المتّقين)، ثمّ أحرز منزلة (الأبرار). والآيات التي لها علاقة بهذا الموضوع كثيرة جدّاً، والدروس التي يمكن أنْ تُسْتَنْبَط منها كثيرة وواسعة، ولكنّنا نكتفي بما تتطلّبه منهجتُنا في هذا البحث، ذاكرين:

* أوّلاً بعض الآيات التي

تصف المتّقين.

* ومِن ثمّ بعض الآيات التي تصف مقامهم في الآخرة.

* وبعد ذلك بعض الآيات التي تُبيّن بعض الخصائص وبعض قوانين الولاية بين الله وعباده، حسب ما يَجُرّ إليه التدبّر في الآيات:

(الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(البقرة: 1 ـ 5).

وانظر: (الآية: 177) المتقدِّم ذِكْرها في آيات البِر: (...لَيْسَ الْبِرَّ) فإنّها تُعدِّد صفات البِر العليا وتختتم بقوله تعالى: (...أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)، وسيأتي بعونه تعالى ربطها بآيات الصادقين.

(...لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ)(آل عمران: 15 ـ 17).

(الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ)(آل عمران: 172).

 

الهوامش:

_______________

1 ـ وهو كتاب الولاية في الإسلام، وهذا الموضوع فصل من الجزء الثاني منه، وهو الجزء الخاص بولاية أهل البيت (عليهم السلام).

2 ـ قصص بعض الأنبياء تكون أمثلة لأمير المؤمنين بصورة خاصّة أكثر مِن غيره من الأئمّة، وقصص بعضهم تكون أمثلة لبعض الأئمّة، كما يتّخذون: يحيى مثلاً للحسين (عليه السلام)، وعيسى مثلاً للحسن (عليه السلام)، والأنبياء بصورة عامّة أمثلة للأئمّة بصورة عامّة.

3 ـ لأنّه مصداق آيات سورة (الإنسان) هم أهل البيت وهو في مقدّمتهم، وكذلك آيات (آل عمران) التي نزلتْ في هجرته، والآيات التي فَسَّرتْ البِر ذكرتْ أوصافاً اجتمعتْ فيه.

4 ـ لا يفوتنّك ربط هذه الصورة التي يرسمها القرآن الكريم لمقام أمير المؤمنين (عليه السلام) بين الأبرار فيما بلّغ به النبي الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، بأنّ عليّاً (عليه السلام) (قائد البررة وقاتل الفَجَرَة).

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=460
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2009 / 04 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24