الشيخ عبدالله القضي

قال تعالى : { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}(1)

وقال تعالى : { وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ}(2)

إنّ الفساد في الأرض لا يأتي من الحيوانات أو سائر المخلوقات الأخرى غير الإنسان فقط  بل يأتي من الأنسان،  فهذا الأنسان الذي أوجد الله سبحانه وتعالى كل شيء في خدمته وسخّر له الأشياء، تراه لربما لا يشكر هذه النعمة بل يزداد في الطغيان والفساد بدل الإعمار وأصلاح الأرض.

فإنّ ما نراه في هذا الزمان من البلاء والأمراض الفتاكة الغريبة التي لم تختصر على الانسان فحسب بل شملت الحيوان والنبات وسائر الأشياء في الفضاء وها نحن نسمع كل يوم عن امراض وآفات غريبة تذهل العقل فما هو السبب يا ترى ؟ فهل كل هذا ابتلاء وامتحان ؟! أنه مما كسبت أيدينا ؟

          والآية المتقدمة تدلل على أنّ كل هذا إنّما هو مما كسبت أيدينا وبما جنيناه على أنفسنا من الظلم لها أو غيرها ، فاعلم أنّ السر في حبس السماء قطرها والأرض خيراتها عن العباد هو شيوع المعاصي، وكفران النعم، والتمادي في البغي والفساد، ومنع الحقوق، والحكم بغير ما أنزل الله، ونحو ذلك من المعاصي التي تغير النعم وتنزل النقم وتحبس الرحمة عن العباد ، ففي الحديث عن النبي(صلى الله عليه وآله): (( إذا غضب الله على أمة ثم لم ينزل بها العذاب ـ عذاب استئصال ـ غلت أسعارها، وقصرت أعمارها ولم تربح تجارها، ولم تزكو ثمارها، ولم تغزر أنهارها، وحبس الله عنها أمطارها، وسلط عليها أشرارها )) .

وفي الخبر عن الإمام الصادق )علیه السلام)  : (( إذا فشت أربعة ظهرت أربعة ، إذا فشى الزنا كثرت الزلازل ، وإذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية ، وإذا جار الحَكم في القضاء أمسك القطر من السماء، وإذا خفرت الذمة نصر المشركون على المسلمين ))

فإذن علينا أن نغير ما بأنفسنا حتى يغير الله تعالى ما بنا من البلاء ومصائب الزمان .

 ــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ الرعد : 11 .

2 ـ النحل : 112 .