المعجزة ـ بحسب الاصطلاح ـ : هي ما يأتي به المدعي لمنصب من المناصب الإلهية من الأمور الخارقة للعادة النوعية والخارجة عن حدود القدرة البشرية، والقواعد والقوانين العلمية.

إذا تمعنّا في تعريف المعجزة بحسب الاصطلاح ، نجد أنّه لابد من وجود أمور تحقق لنا الإعجاز الاصطلاحي :

الأول : أن يكون الإقبال بذلك الأمر المعجز مقروناً بالدعوى، بحيث لو كانت لم تكن هناك دعوة (كالنبوة) باعثة على الإتيان به ؛ ليكون دليلاً على صدق الدعوى، وحجة على ثبوتها.

الثاني : أن تكون الدعوى عبارة عن منصب من المناصب الالهية كالنبوة والسفارة؛ فإذا لم تكن الدعوى لبيان منصب إلهي لاتسمى معجزة؛ لعدم توقف إثبات دعواها على الإتيان بأمر خارق للعادة .

إذن نلاحظ حقيقة المعجزة عبارة عن الدليل الخارق للعادة الذي ينحصر طريق إثبات الدعوى به ، ولا سبيل لإثباتها بغيره .

الثالث : أن تكون الدعوة في نفسها مما يجري احتمال الصدق والكذب فيها ضرورة أنه مع العلم بصدق الدعوة لاتصل النوبة إلى المعجزة، ومع العلم بكذبها لامعنى لدلالتها على صدق مدعيها ، كما لو ادعى أحد النبوة بعد خاتم الإنبياء (ص)، وأتى بشيء مما يخرق نواميس الطبيعة والقوانين الجارية كذلك لايسمى معجزة بالاضافة الى المسلم به نبوة النبي (ص) ثبت لنا بالأدلة القطعية النقلية بالخاتمية له (ص) .

الرابع : كون ذلك الأمر خارقاً للعادة وخارجاً عن حدود القدرة البشرية ، إشارة من أنّه لايشترط ان يكون مستحيلاً وجودها بالقواعد العقلية .

الخامس : أن يكون الإتيان بذلك الأمر مقروناً بالتحدي الراجع إلى دعوة الناس إلى الإتيان بمثله إن استطاعوا، كما تحدث بذلك القرآن الكريم في تحديه لقريش أن يأتوا بمثله ولو بآية .

السادس : لزوم التطبيق ؛ بمعنى أنّ الأمر الخارق للعادة يكون وقوعه بيد المدعي بمقتضى إرادته وعرضه وبمعنى تطابق قوله وعمله، فإذا تخالفا لايتحقق الإعجاز بحسب الاصطلاح، كما حكي عن مسيلمة الكذاب عندما تفل في بئر قليلة الماء ليكثر الماء الذي فيها فغار جميع ما فيها من الماء ، وأيضاً عندما أمرَّ يده على رؤوس الصبيان فأصابهم القرع .

إذن هذه الشروط التي يلزم وجودها في تحقيق المعجزة بالمعنى الاصطلاحي، وهذا ماتحقق في معجزة القرآن الكريم لنبينا (ص) .