• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المشرف العام .
              • القسم الفرعي : مقالاته .
                    • الموضوع : قوم هود (عليه السلام) .

قوم هود (عليه السلام)

الشيخ عبدالجليل المكراني

قال تعالى : {وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * َأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَاد}(1)  .

قبيلة عاد التي أورثها الله تعالى الأرض من بعد قوم نوح وكانوا يسكنون الأحقاف وهي من أراضي اليمن المتصلة بالحجاز، وكانوا أصحاب ثروة وبسطة في الأجسام فلقد كانوا طوال الأجسام مديدي القامات؛ لذا عبر الله عنهم وعن أجسادهم بعد العذاب {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}(2).

فاغتروا بما عندهم من قوة وثروة فظنوا أنّهم خالدون في هذه الدنيا فصاروا يبنون القصور العالية : { ألَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ *إرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ }(3).

وقال تعالوَ : { أتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَ تَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}(4) فشرع هود   (عليه السلام)  في أداء الرسالة حيث قال {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ..}(5).

فردوا عليه بالعناد {أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ }(6) ..

وفي آية اخرى { قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ }(7)  .

فترى الكذب والبهتان منهم وعدم الاستجابة لهود    (عليه السلام) لأنّها دعوة تخالف أهواءهم وهذا شأن غيرهم من أصحاب الأهواء . { كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ }(8)  .

فقال هود    (عليه السلام) بعد هذا العناد : { أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما نَزَّلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ }(9).

فما زال هود يواجه هذه المعتقدات والتقاليد ولم يفتأ يذكرهم بالنعم والآلاء التي خصهم الله بها، ويحذرهم من جهة أخرى عن المصير الذي سوف يلاقونه بسبب تماديهم وعنادهم حيث عبر عنهم القرآن بقولهم: {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ }(10)  .

فقالوا عنه ووصفوه بالخبل والسفاهة والكذب، وعبر آخر منهم أنّ آلهتنا أصابتك ياهود بسوء ، فتحداهم هود    (عليه السلام)، بأن يجتمعوا هم وآلهتهم ويبذلوا كل جهد لإيذائه وهو على استعداد لتحمل مايحملون حيث قال { إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ}(11) .  وما هو إلا تعليل لعجزهم عن أيذائه والاستخفاف بما يقولون .

فالكل في قبضة الله ولا يملك لاحد لنفسه ولا لغيره نفعاً ولا ضراً . فهو الناصر والخاذل، فبعد هذا العجز منهم، إذ بهم يطلبون منه العذاب إن كان صادقاً { فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ }(12).

فالتجأ هود إلى ربه قائلاً { قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ }(13) .

فجاءه النداء : { قالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ}(14)  .

فأرسل عليهم سحاب أسود خيل لهم أنّه مطرٌ ويسقي زرعهم ففرحوا به بانحباس المطر عنهم بفترة ليس بالقليلة، ولكنّه عذاب ونذير شؤم ، كما قال تعالى {سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ *فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ}(15).

عصفت بهم تلك الريح الباردة شديدة الهبوب، فلا ترى إلا مساكنهم التي بقيت موعظة وآية لنا ولغيرنا .

فوائد القصة

1 ـ كـن واثقاً بالله وبالنصر حين تحمل الدعوة ومواجهة الفساد كما فعل هــود    (عليه السلام).

2 ـ الترغيب إلى الإيمان والهداية عن طريق تذكير الآخرين بنعم الله عليهم ثم الترهيب بالعذاب، وهكذا في كل أمر لابد من الترغيب ثم الترهيب .

3 ـ أنّ الغنى والقوة من نعم الله فيجب الشكر له بما أنعم عليك .

4 ـ لاتغتر بالثروة والقوة فنهاية ذلك إلى الهلاك والخسران المبين .

ــــــــــــ

1 ـ هود : 60 .

2 ـ الحاقة : 7 ـ 8 .

3 ـ الفجر 6 ـ 8 .

4 ـ الشعراء 128 ـ 129 .

5 ـ هود : 50 .

6 ـ الاعراف : 70 .

7 ـ هود : 53 .

8 ـ المائدة : 71 .

9 ـ الأعراف : 71 .

10 ـ الشعراء : 136 .

11 ـ هود : 56 .

12 ـ الاحقاف : 22 .

13 ـ المؤمنون : 39 .

14 ـ المؤمنون : 40 .

15 ـ الحاقة : 6 ـ 8 .     

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=359
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2009 / 01 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29