• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : السيرة والمناسبات الخاصة .
              • القسم الفرعي : النبي (ص) وأهل البيت (ع) .
                    • الموضوع : الإمام الصادق (ع) في كلمات علماء وأعلام أهل السنّة .

الإمام الصادق (ع) في كلمات علماء وأعلام أهل السنّة

الشيخ حكمت الرحمة

- بمناسبة شهادة الإمام الصادق عليه السلام في 25 من شوال -

نستعرض فيما يلي جانباً من كلمات علماء وأعلام أهل السنة وهي تشيد بمقام الإمام الصادق (عليه السلام):

1 ـ الإمام أبو حنيفة النعمان: (ت: 150 هـ):

روي عنه أنّه قال: ما رأيت أحداً أفقه من جعفر بن محمد، لمّا أقدمه المنصور الحيرة، بعث إليّ فقال: يا أبا حنيفة إنّ الناس قد فتنوا بجعفر بن محمّد فهيّئ له من مسائلك تلك الصعاب، قال فهيّأتُ له أربعين مسألة ثم بعث إليّ أبو جعفر فأتيته بالحيرة فدخلتُ عليه، وجعفر جالس عن يمينه، فلما بصرتُ بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخلني لأبي جعفر، فسلمتُ وأذِن لي، فجلستُ ثم التفت إلى جعفر، فقال يا أبا عبد الله تعرف هذا، قال نعم، هذا أبو حنيفة ثم أتبعها قد أتانا. ثم قال: يا أبا حنيفة هات من مسائلك نسأل أبا عبد الله وابتدأت أسأله وكان يقول في المسألة أنتم تقولون فيها كذا وكذا وأهل المدينة يقولون كذا وكذا، ونحن نقول كذا وكذا فربما تابعنا وربما تابع أهل المدينة وربما خالفنا جميعاً حتى أتيت على أربعين مسألة ما أخبرت منها مسألة، ثم قال أبو حنيفة: أليس قد روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس»(1).

وفي «مختصر التحفة الاثني عشرية» أنه قال: «لو لا السنتان لهلك النعمان»(2). يعني السنتين اللتين انتهل فيهما أبو حنيفة من بحر علم الإمام الصادق (عليه السلام).

قال الحافظ شمس الدين محمد بن محمّد الجزري: «وثبتَ عندنا أنّ كلاً من الإمام مالك، وأبي حنيفة رحمهما الله تعالى، صحب الإمام أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق حتى قال أبو حنيفة: ما رأيت أفقه منه، وقد دخلني منه من الهيبة ما لم يدخلني للمنصور»(3).

2 ـ الإمام مالك بن أنس (ت: 179 هـ):

قال عن الإمام الصادق (عليه السلام): «ولقد كنتُ أرى جعفر بن محمد وكان كثير الدعابة والتبسّم فإذا ذُكِرَ عنده النبيّ صلى الله عليه وسلّم اصفرَّ، وما رأيته يُحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلاّ على طهارة، ولقد اختلفتُ إليه زماناً، فما كنت أراه إلاّ على ثلاث خصال إما مصلياً وإما صامتا(4)، وإما يقرأ القرآن، ولا يتكلم فيما لا يعنيه وكان من العلماء والعبّاد الذين يخشون الله عزّ وجلّ»(5).

3 ـ الإمام أحمد بن حنبل (ت: 241 هـ):

علّق الإمام أحمد بن حنبل على سندٍ فيه الإمام علي الرضا عن أبيه موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه علي زين العابدين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عن الرسول الأكرم صلوات الله عليهم أجمعين قائلاً: «لو قرأت هذا الإسناد على مجنون لبرئ من جنته»(6).

4 ـ أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت: 250 هـ):

قال في رسائله عند ذكر الجواب عمّا فخرت بهِ بنو أُميّة على بني هاشم، ما نصّه: «فأما الفقه والعلم والتفسير والتأويل، فإن ذكرتموه لم يكن لكم فيه أحد وكان لنا فيه مثل علي بن أبي طالب... وجعفر بن محمد الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه. ويُقال إنّ أبا حنيفة مِن تلامذته وكذلك سفيان الثوري، وحسبك بهما في هذا الباب...»(7).

كما أنّه مدح عشرة من أهل البيت من ضمنهم الإمام الصادق (عليه السلام) فقال: «وَمنِ الذي يُعَدُّ مِنْ قريش أومن غيرهم ما يَعُدُّه الطالبيون عشرة في نَسَق، كل واحد منهم عالمٌ زاهد ناسك شجاع جواد طاهر زاكٍ، فمنهم خلفاء، ومنهم مُرشّحون:

ابن ابن ابن ابن، هكذا إلى عشرة، وهم الحسن [العسكري] بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر [الصادق] بن محمد بن علي بن الحسين بن علي (عليهم السلام)؛ وهذا لم يتفق لبيتٍ من بيوت العرب ولا من بيُوت العجم»(8).

5 ـ الحافظ أحمد بن عبد الله العجلي (ت: 261 هـ):

قال في «معرفة الثقات»: «جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، ولهم شيء ليس لغيرهم، خمسة أئمة...»(9).

6 ـ محمّد بن إدريس، أبو حاتم الرازي (ت: 277 هـ):

قال عن الإمام الصادق (عليه السلام): «جعفر بن محمد ثقةٌ لا يُسألُ عن مثله»(10).

7 ـ عبد الرحمان بن أبي حاتم محمّد بن إدريس الرازي (ت: 327 هـ):

قال في كتابه «الجرح والتعديل»: «جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ، أبو عبد الله... روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، وابن جريج، والثوري وشعبة ومالك وابن إسحاق وسليمان بن بلال وابن عيينة وحاتم وحفص، سمعتُ أبي يقول ذلك».

ثم نقل بعض مدائح وتوثيقات العلماء للإمام كتوثيق الشافعي وابن معين وأبي عبد الرحمان وأبي زرعة، مقرّاً لهم على ذلك بدلالة عدم تعليقه على كلماتهم، خصوصاً أنّ كتابه موسوم بالجرح والتعديل(11).

8 ـ محمد بن حبان بن أحمد، أبو حاتم التميمي البستي (ت: 354هـ):

قال في كتابه «الثقات»: «جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم، كنيته أبو عبد الله، يروي عن أبيه، وكان من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلاً، روى عنه الثوري ومالك وشعبة والناس...»(12).

9 ـ عبد الله بن عدي الجرجاني (ت: 365 هـ):

قال عن الإمام الصادق (عليه السلام): «ولجعفر بن محمد حديث كبير عن أبيه عن جابر وعن أبيه عن آبائه، ونسخاً لأهل البيت برواية جعفر بن محمد ، وقد حدّث عنه من الأئمة مثل ابن جريج وشعبة بن الحجاج وغيرهم... وجعفر من ثقات الناس كما قال يحيى بن معين»(13).

10 ـ أبو عبد الرحمان السلمي (ت: 412 هـ):

قال في «طبقات المشايخ الصوفية»: «جعفر الصادق (عليه السلام) فاق جميع أقرانه من أهل البيت وهو ذو علم غزير في الدين وزهد بالغ في الدنيا وورع تام عن الشهوات وأدب كامل في الحكمة»(14).

11 ـ أحمد بن علي بن منجويه الأصبهاني (ت: 428 هـ):

قال في «رجال مسلم»: «جعفر بن محمّد الصادق... وكان من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلاً»(15).

12 ـ أبو نعيم الأصبهاني (ت: 430 هـ):

قال في «حلية الأولياء» عند ترجمة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): «.. الإمام الناطق، ذو الزمام السابق، أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق، أقبل على العبادة والخضوع، وآثر العزلة والخشوع، ونهى عن الرئاسة والجموع»(16).

13 ـ محمد بن طاهر بن علي المقدسي (ت: 507 هـ):

قال في كتابه «الجمع بين رجال الصحيحين»: «جعفر بن محمد الصادق، وهو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي (رضي الله عنهم) يكنى أبا عبد الله... وكان من سادات أهل البيت... روى عنه عبد الوهاب الثقفي، وحاتم بن إسماعيل، ووهيب بن خالد، وحسن بن عيّاش، وسليمان بن بلال، والثوري، والداروردي ويحيى بن سعيد الأنصاري، وحفص بن غياث، ومالك بن أنس، وابن جريج...»(17).

14 ـ أبو الفتح محمّد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت: 548 هـ):

قال في «الملل والنحل»: «جعفر بن محمد الصادق، هو ذو علم غزير وأدب كامل في الحكمة وزهد في الدنيا وورع تام عن الشهوات وقد أقام بالمدينة مدة يُفيد الشيعة المنتمين إليه، ويفيض على الموالين له أسرار العلوم، ثم دخل العراق وأقام بها مدة، ما تعرض للإمامة قط، ولا نازع في الخلافة أحداً، ومَنْ غرق في بحر المعرفة لم يقع في شط ومن تعلّى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حط»(18).

15 ـ جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي (ت: 597 هـ):

قال في تاريخه «المنتظم» عند ذكر وفيات سنة (148 هـ): «جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله جعفر الصادق... كان عالماً زاهداً عابداً...»(19).

وقال في كتابه «صفة الصفوة»: «جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، يكنى أبا عبد الله، أمّه أمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر الصديق.

كان مشغولاً بالعبادة عن حبّ الرياسة...»(20).

16 ـ أبو سعد عبد الكريم بن محمّد بن منصور التميمي السمعاني (ت: 562 هـ):

قال في كتاب «الأنساب»: «الصادق: بفتح الصاد، وكسر الدال المهملتين، بينهما الألف وفي آخرها القاف، هذهِ اللفظة لقب لجعفر الصادق، لصدقه في مقاله...»(21).

17 ـ الفخر الرازي، محمّد الرازي فخر الدين بن ضياء الدين عمر المشتهر بخطيب الري (ت: 604 هـ):

قال في تفسيره عند ذكره معاني كلمة (الكوثر): «والقول الثالث (الكوثر) أولاده، قالوا لأن هذهِ السورة إنّما نزلت ردّاً على من عابه عليه السلام بعدم الأولاد، فالمعنى أنّه يعطيه نسلاً يبقون على مرّ الزمان فانظر كم قُتل من أهل البيت، ثمّ العالم ممتلئ منهم. ولم يبقَ من بني أميّة في الدنيا أحد يُعبأ به، ثم انظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر والصادق والكاظم والرضا»(22).

18 ـ عزّ الدين، ابن الأثير الجزري (ت: 630 هـ):

قال في «اللباب في تهذيب الأنساب»: «الصادق... هذهِ اللفظة تُقال لجعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وهو المشهور بالصادق، لُقّبَ به لصدقه في مقاله وفعاله... ومناقبه مشهورة»(23).

19 ـ محمّد بن طلحة الشافعي: (ت: 652 هـ):

قال في كتابه «مطالب السؤول في مناقب آل الرسول»: «هو من عظماء أهل البيت وساداتهم عليهم السلام ذو علوم جمة، وعبادة موفرة، وأوراد متواصلة، وزهادة بينة، وتلاوة كثيرة، يتتبع معاني القرآن، ويستخرج من بحر جواهره، ويستنتج عجائبه، ويقسم أوقاته على أنواع الطاعات، بحيث يحاسب عليها نفسه، رؤيته تُذكر الآخرة، واستماع كلامه يُزهد في الدنيا، والاقتداء بهديه يورث الجنة، نور قسماته شاهد أنّه من سلالة النبوة، وطهارة أفعاله تصدع أنّه من ذريّة الرسالة.

نقل عنه الحديث، واستفاد منه العلم جماعة من الأئمة وأعلامهم مثل: يحيى بن سعيد الأنصاري، وابن جريج، ومالك بن أنس، والثوري، وابن عيينة، وشعبة، وأيوب السجستاني وغيرهم (رض) وعدّوا أخذهم عنه منقبة شُرِّفوا بها وفضيلة اكتسبوها» إلى أن قال: «وأما مناقبه وصفاته، فتكاد تفوت عدد الحاصر، ويحار في أنواعها فهم اليقظ الباصر، حتى أن من كثرة علومه المفاضة على قلبه من سجال التقوى صارت الأحكام التي لا تدرك عللها، والعلوم التي تقصر الأفهام عدد الإحاطة بحكمها، تُضاف إليه وتروى عنه.

وقد قيل إنّ كتاب الجفر الذي بالمغرب ويتوارثه بنو عبد المؤمن هو من كلامه عليه السلام، وإنّ في هذهِ المنقبة سنيّة، ودرجة في مقام الفضائل عليّة، وهي نبذة يسيرة مما نقل عنه»(24).

20 ـ يوسف بن فرُغلي بن عبد الله سبط ابن الجوزي (ت: 654 هـ):

قال في «تذكرة الخواص»: «وهو جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب... ويلقّب بالصادق، والصابر، والفاضل، والطاهر وأشهر ألقابه الصادق» ثم ذكر قول علماء السّير بأن الإمام الصادق: كان قد اشتغل بالعبادة عن طلب الرياسة».

ونقل قول عمرو بن أبي المقدام وهو: «كنتُ إذا نظرت إلى جعفر بن محمّد علمتُ أنه من سلالة النبيين».

كما ذكر طرفاً من أخباره وإرشاداته ومكارم أخلاقه(25).

21 ـ ابن أبي الحديد المعتزلي (ت: 655 هـ):

نقل في كتابه «شرح نهج البلاغة» نصّ ما تقدم ذكره عن أبي عثمان الجاحظ، مقرّاً له عليه(26).

وقد ذكر في نفس الفصل أيضاً عند تطرقه لذكر الإمام الباقر (عليه السلام) ما نصه: «وهو سيّد فقهاء الحجاز ومنه ومن ابنه جعفر تعلّم الناس الفقه»(27).

22 ـ أبو زكريا محيي الدين بن شرف النووي (ت: 676 هـ):

قال في «تهذيب الأسماء واللغات»: «الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم الهاشمي المدني الصادق... روى عنه محمّد بن إسحاق ويحيى الأنصاري ومالك والسفيانان وابن جريج وشعبة ويحيى القطان وآخرون. واتفقوا على إمامته وجلالته وسيادته قال عمر بن أبي المقدام: كنتُ إذا نظرتُ إلى جعفر بن محمّد علمتُ أنه من سلالة النبيين»(28).

23 ـ أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان (ت: 681 هـ):

قال في كتابه «وفيات الأعيان»: «أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم أجمعين، أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية، وكان من سادات أهل البيت، ولُقّب بالصادق لصدقه في مقالته، وفضله أشهر من أن يُذكر. وله كلام في صناعة الكيمياء والزجر والفأل(29) وكان تلميذه أبو موسى جابر بن حيان الصوفي الطرسوسي قد ألّف كتاباً يشتمل على ألف ورقة تتضمن رسائل جعفر الصادق وهي خمسمائة رسالة...

توفي في شوّال ثمان وأربعين ومائة بالمدينة، ودفن بالبقيع في قبر فيه أبوه محمّد الباقر وجده عليّ زين العابدين وعمّ جده الحسن بن علي، رضي الله عنهم أجمعين، فللّه درّه من قبر ما أكرمه وأشرفه..»(30).

24 ـ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت: 748 هـ):

قال في «تذكرة الحفّاظ»: «جعفر بن محمّد بن علي بن الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي الإمام أبو عبد الله العلوي المدني الصادق أحد السادة الأعلام... وثّقه الشافعي ويحيى بن معين. وعن أبي حنيفة قال: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمّد، وقال أبو حاتم: ثقة لا يُسأل عن مثله. وعن صالح بن أبي الأسود سمعت جعفر بن محمّد يقول سلوني قبل أن تفقدوني فأنه لا يحدّثكم أحد بعد بمثل حديثي، وقال هياج بن بسطام: كان جعفر الصادق يطعم حتى لا يبقى لعياله شيء، قلتُ [أي الذهبي]: مناقبُ هذا السيد جمّة...»(31).

وقال في «سير أعلام النبلاء»: في الجزء الثالث عشر، عند ذكره للإمام الصادق (عليه السلام): «جعفر الصادق: كبير الشأن، من أئمة العلم، كان أولى بالأمر من أبي جعفر المنصور»(32).

كما ذكر له في الجزء السادس ترجمة طويلة فيها توثيقات ومدائح العديد من العلماء كالشافعي ويحيى بن معين وأبي زرعة وأبي حنيفة وغيرهم، كما تفرقت أقواله عن الإمام في طيّات هذهِ الترجمة، فقد قال في أحد المواضع: «شيخ بني هاشم أبو عبد الله القرشي الهاشمي العلوي النبوي المدني، أحد الأعلام»(33)، وقال في موضع آخر عنه وعن أبيه الباقر (عليه السلام): «وكانا من جلة علماء المدينة»(34) وقال في موضع ثالث: «جعفر ثقة صدوق»(35).

كما أن الذهبي ترجم الإمام ترجمة مطوّلة شبيهة بما في «سير أعلام النبلاء» وذلك في كتابه تاريخ الإسلام(36). وقال في آخرها: «مناقب جعفر كثيرة، وكان يصلح للخلافة، لسؤدده وفضله وعلمه وشرفه رضي الله عنه».

25 ـ صلاح الدين الصفدي (ت: 764 هـ):

قال في كتابه «الوافي بالوفيات»: «جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم. هو المعروف بالصادق الإمام العَلَم المدني...» إلى أن قال: «وحدّثَ عنه أبو حنيفة، وابن جريج وشُعبة والسفيانان ومالك ووهيب وحاتم بن إسماعيل ويحيى القطان وخلق غيرهم كثيرون آخرهم وفاةً أبو عاصم النبيل، وثقه يحيى بن معين والشافعي وجماعة».

ثم نقل توثيق ومدح أبي حنيفة وأبي حاتم المتقدم ذكرهما...، إلى أن قال: «وله مناقب كثيرة وكان أهلاً للخلافة لسؤدده وعلمه وشرفه... وتوفي سنة ثمان وأربعين ومئة ودفن بالبقيع في قبر فيه أبوه محمد الباقر وجده علي زين العابدين وعم جدّه الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم. فللّه درّه من قبر ما أكرمه وأشرفه. ولقّب بالصادق لصدقه في مقاله...»(37).

26 ـ أبو عبد الله أسعد بن علي بن سليمان اليافعي (ت: 768 هـ):

قال في كتابه «مرآة الجنان» في أحداث سنة «148 هـ»: «فيها توفيّ الإمام السيد الجليل، سلالة النبوة ومعدن الفتوّة، أبو عبد الله جعفر الصادق بن أبي جعفر محمّد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين الهاشمي العلوي، وأمّه أم فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر... ولد سنة ثمانين في المدينة الشريفة وفيها توفي.

ودفن بالبقيع في قبرٍ فيه أبوه محمّد الباقر وجدّه زين العابدين وعم جدّه الحسن بن علي رضوان الله عليهم أجمعين، وأكرِمْ بذلك القبر وما جمع من الأشراف الكرام أولي المناقب، وإنما لقّب بالصادق لصدقه في مقالته: وله كلام نفيس في علوم التوحيد وغيرها، وقد ألّف تلميذه جابر بن حيان الصوفي كتاباً يشتمل على ألف ورقة يتضمن رسائله وهي خمسمائة رسالة»(38).

27 ـ المحدّث محمّد خواجه بارساي البخاري (ت: 822 هـ):

قال في كتابه «فصل الخطاب»: «ومن أئمة أهل البيت أبو عبد الله جعفر الصادق «رضي الله عنه»... وكان جعفر الصادق «رضي الله عنه» من سادات أهل البيت... روى عنه ابنه موسى الكاظم «رضي الله عنه» ويحيى بن سعيد الأنصاري وأبو حنيفة وابن جريج ومالك ومحمّد بن إسحاق وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وشعبة ويحيى بن سعيد القطان (رحمهم الله) واتفقوا على جلالته وسيادته»(39).

28 ـ الحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852 هـ):

قال في «تقريب التهذيب»: «جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو عبد الله، المعروف بالصادق، صدوق فقيه إمام، من السادسة، مات سنة ثمان وأربعين [أي 148 هـ]»(40).

ونقل في كتابه «تهذيب التهذيب» مدائح العديد من العلماء وتوثيقاتهم للإمام سلام الله عليه كالشافعي وابن معين وأبي حاتم والنسائي وابن عدي وابن حبان وغيرهم ، كما أرسل قول عمرو بن أبي المقدام إرسال المسلّمات فقال: قال عمرو بن أبي المقدام: «كنتُ إذا نظرتُ إلى جعفر بن محمّد علمتُ أنّه من سلالة النبيين»(41).

29 ـ ابن الصبّاغ المالكي (ت: 855 هـ):

قال في كتابه «الفصول المهمة»: «كان جعفر الصادق (عليه السلام) من بين أخوته خليفة أبيه ووصيّه، والقائم من بعده، برز على جماعة بالفضل وكان أنبههم ذكراً وأجلّهم قدراً، نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر صيته وذكره في سائر البلدان، ولم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه من الحديث، وروى عنه جماعة من أعيان الأمة مثل يحيى بن سعيد، وابن جريج، ومالك بن أنس والثوري، وأبو عيينة، وأبو حنيفة، وشعبة، وأبو أيوب السجستاني وغيرهم، وصّى إليه أبو جعفر (عليه السلام) بالإمامة وغيرها وصية ظاهرة، ونصّ عليه نصّاً جلياً» إلى أن قال: «وأما مناقبه فتكاد تفوت من عدّ الحاسب، ويحير في أنواعها فهم اليقظ الكاتب وقد نقل بعض أهل العلم أنّ كتاب الجفر الذي بالمغرب، الذي يتوارثه بنو عبد المؤمن بن علي هو من كلامه، وله فيه المنقبة السَّنيّة والدرجة التي هي في مقام الفضل علـيّة» وقال في آخر الفصل: «مناقب أبي جعفر الصادق (عليه السلام) فاضلة وصفاته في الشرف كاملة وشرفه على جهات الأيام سائلة، وأندية المجد والعز بمفاخره ومآثره آهلة.

مات الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام سنة ثمان وأربعين ومائة في شوّال... وقبره في البقيع، دُفن في القبر الذي فيه أبوه وجدّه وعمّ جدّه، فللّه درّه من قبرٍ ما أكرمه وأشرفه...»(42).

30 ـ عبد الرحمن بن محمّد الحنفي البسطامي (ت: 858 هـ):

قال في «مناهج التوسل»: «جعفر بن محمّد، ازدحم على بابه العلماء، واقتبس من مشكاة أنواره الأصفياء، وكان يتكلّم بغوامض الأسرار، وعلوم الحقيقة وهو ابن سبع سنين»(43).

31 ـ المؤرّخ يوسف بن تغري بردي، جمال الدين الأتابكي (ت: 874هـ):

قال في «النجوم الزاهرة» عند ذكره لأحداث سنة (148 هـ): «وفيها توفي جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، الإمام السيّد أبو عبد الله الهاشمي العلوي الحسيني المدني... وهو من الطبقة الخامسة من تابعي أهل المدينة، وكان يلقّب بالصابر، والفاضل والطاهر، وأشهر ألقابه الصادق... حدّث عنه أبو حنيفة وابن جريج وشعبة والسفيانان ومالك وغيرهم، وعن أبي حنيفة قال: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمّد»(44).

32 ـ محمد بن سراج الدين الرفاعي (ت: 885 هـ):

قال في «صحاح الأخبار»: «قال العميدي: ولد الصادق بالمدينة يوم الجمعة عند طلوع الفجر سنة ثلاث وثمانين من الهجرة... وعاش خمساً وستين سنة وكانت إمامته أربعاً وثلاثين سنة، وقد نقل الناس عنه على اختلاف مذاهبهم ودياناتهم ما سارت به الركبان، وقد عد أسماء الرواة عنه فكانوا أربعة آلاف رجل...»(45). وواضح من اسم الكتاب ومقدمته أنه يتبنّى كل ما جاء فيه.

33 ـ أحمد بن عبد الله الخزرجي (ت: بعد 923 هـ):

قال في «خلاصته»: «جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو عبد الله، أحد الأعلام... [حدّث] عنه خلق كثير لا يحصون، منهم ابنه موسى وشعبة والسفيانان ومالك، قال الشافعي وابن معين وأبو حاتم، ثقة»(46).

34 ـ شمس الدين محمّد بن طولون (ت: 953 هـ):

قال في «الأئمة الاثنا عشر»: «وهو أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.

كان من سادات أهل البيت ولقّب بالصادق لصدقه في مقالته، وفضله أشهر من أن يُذكر»(47).

35 ـ الفقيه أحمد بن حجر الهيتمي (ت: 974 هـ):

قال في «الصواعق المحرقة» في آخر كلامه عن الإمام الباقر (عليه السلام): «وخلّف ستة أولاد أفضلهم وأكملهم جعفر الصادق، ومن ثمّ كان خليفته ووصيّه، ونقل عنه الناس من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر صيته في جميع البلدان، وروى عنه الأئمة الأكابر كيحيى بن سعيد وابن جريج ومالك والسفيانَين، وأبي حنيفة وشعبة، وأيوب السختياني...»(48).

36 ـ الملاّ علي القاري (ت: 1014 هـ):

قال في «شرح الشفا»: «جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن أبي طالب الهاشمي المدني المعروف بالصادق... متفق على إمامته وجلالته وسيادته»(49).

37 ـ أحمد بن يوسف القرماني (ت: 1019 هـ):

قال في «أخبار الدول» عند ترجمته الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): «كان [رضي الله عنه] من بين أخوته خليفة أبيه ووصيّه، ونقل عنه من العلوم ما لم ينقل من غيره.

وكان رأساً في الحديث، روى عنه يحيى بن سعيد، وابن جريج ومالك بن أنس، والثوري، وابن عيينة، وأبو حنيفة، وشعبة، وأبو أيوب السجستاني، وغيرهم. ولد بالمدينة سنة ثمانين من الهجرة...»، إلى أن قال: «ومناقبه كثيرة، توفي في سنة ثمان وأربعين ومائة وله من العمر ثمان وستون سنة، وقيل: إنه مات مسموماً في زمن المنصور. ودفن بالبقيع الذي فيه أبوه وجدّه وعمّ جدّه فللّه درّه [من قبرٍ ما أكرمه وأشرفه]»(50).

38 ـ محمّد بن عبد الرؤوف المنّاوي القاهري (ت: 1031 هـ):

قال في «الكواكب الدريّة»: «جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب... كان إماماً نبيلاً... قال أبو حاتم: (ثقة لا يُسأل عن مثله)، وله كرامات كبيرة ومكاشفات شهيرة منها: أنه سُعي به عند المنصور، فلما حجّ أحضر الساعي وقال للساعي: أتحلف؟ قال: نعم، فحلف: فقال جعفر للمنصور: حلّفهُ بما أراه، فقال: حلِّفه؟ فقال: قل برئتُ من حول الله وقوّته والتجأت إلى حولي وقوّتي، لقد فعل جعفر كذا وكذا فامتنع الرجل، ثم حلف فما تمّ حتى مات مكانه.

ومنها: أنّ بعض الطغاة قتل مولاه فلم يزل ليلته يصلّي ثم دعا عليه عند السحر فسُمِعَت الضجة بموته.

ومنها: أنه لمّا بلغه قول الحكم بن عباس الكلبي في عمّه زيد:

ولم نرَ مهدياً على الجذع يصلب ... صلبنا لكم زيداً على جذع نخلة

قال: اللهم سلّط عليه كلباً من كلابك ، فافترسه الأسد...»(51).

39 ـ أحمد بن شهاب الدين الخفاجي (ت: 1069 هـ):

قال عن الإمام الصادق (عليه السلام): «جعفر الصادق، أبو عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، روى عنه كثيرون، كمالك والسفيانان وابن جريح وابن إسحاق، واتفقوا على إمامته وجلالته وسيادته، ولد سنة 80 هـ وتوفي سنة 148 هـ قيل مسموماً، وثّقه في روايته الشافعي وابن معين وأبو حاتم والذهبي، وهو من فضلاء أهل البيت وعلمائهم»(52).

40 ـ الشيخ مؤمن بن حسن الشبلنجي (ت: بعد 1083 هـ):

قال في كتابه «نور الأبصار» تحت عنوان: فصل في ذكر مناقب سيدنا جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم: «... ومناقبه كثيرة تكاد تفوت عدّ الحاسب ويحار في أنواعها فهم اليقظ الكاتب، روى عنه جماعة من أعيان الأئمة وأعلامهم كيحيى بن سعيد ومالك بن أنس والثوري وابن عيينة وأبي حنيفة وأيوب السختياني وغيرهم. قال أبو حاتم جعفر الصادق ثقة لا يُسأل عن مثله... وفي حياة الحيوان الكبرى، فائدة : قال ابن قتيبة في كتاب أدب الكاتب : وكتاب الجفر كتبه الإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر رضي الله عنهما ، فيه كل ما يحتاجون علمه إلى يوم القيامة، وإلى هذا الجفر أشار أبو العلاء المعرّي بقوله:

لـقـد عجبـوا لآل البيـت لما *** أتاهم علمهم في جلد جفرِ

ومرآة المنجم وهي صغرى *** تـريـه كـلّ عامـرة وقـفـرِ

وفي الفصول المهمة: نقل بعض أهل العلم أنّ كتاب الجفر الذي بالمغرب يتوارثه بنو عبد المؤمن بن علي من كلام جعفر الصادق ، وله فيه المنقبة السَّنيّة والدرجة التي في مقام الفضل عليّه ، و(كان) جعفر الصادق رضي الله عنه مجاب الدعوة، إذا سأل الله شيئاً لا يتمّ قوله إلاّ وهو بين يديه...»(53).

41 ـ شهاب الدين أبو الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمد بن العماد الحنبلي (ت: 1089 هـ):

قال في كتابه «شذرات الذهب» في أحداث سنة (148 هـ): «وفيها توفي الإمام، سلالة النبوة، أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين الهاشمي العلوي... وكان سيد بني هاشم في زمانه، عاش ثمانياً وستين سنة وأشهراً.

وولد سنة ثمانين بالمدينة، ودفن بالبقيع في قبّة أبيه وجدّه، وعمّ جدّه الحسن، وقد ألّف تلميذه جابر بن حيان الصوفي كتاباً في ألف ورقة يتضمن رسائله، وهي خمسمائة، وهو عند الإمامية من الاثني عشر بزعمهم...

وقال في «المغني» :جعفر بن محمّد بن علي ثقة... وقد وثّقه ابن معين وابن عدي...»(54).

42 ـ حسين بن محمّد الديار بكري (ت: 1111 هـ):

قال في «تاريخ الخميس»: «وفي سنة ثمان وأربعين ومائة توفي سيّد بني هاشم جعفر بن محمّد الصادق أبو عبد الله العلوي المدني»(55).

43 ـ محمّد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي (ت: 1122 هـ):

قال في «شرحه على موطأ الإمام مالك»: «جعفر بن محمّد، أبو عبد الله، فقيه صدوق إمام، مات سنة ثمان وأربعين ومائة»(56).

44 ـ الشيخ عبد الله بن محمّد بن عامر الشبراوي الشافعي (ت: 1171هـ):

قال في كتابه «الإتحاف بحب الأشراف»: «السادس من الأئمة جعفر الصادق، ذو المناقب الكثيرة والفضائل الشهيرة، روى عنه الحديث أئمة كثيرون مثل مالك بن أنس وأبي حنيفة، ويحيى بن سعيد وابن جريج والثوري وابن عيينة وشعبة وغيرهم رضي الله عنهم، ولد رضي الله عنه بالمدينة المنوّرة سنة ثمانين من الهجرة ، وغرر فضائله وشرفه على جبهات الأيام كاملة ، وأندية المجد والعز بمفاخره ومآثره آهلة. وتوفي رضي الله عنه سنة ثمان وأربعين ومائة في شوّال يقال إنه مات بالسم في أيام المنصور ودفن بالبقيع في القبّة التي دفن فيها أبوه وجدّه...»(57).

45 ـ محمّد أمين السويدي (ت: 1246 هـ):

قال في «سبائك الذهب»: «جعفر الصادق، كان من بين أخوته خليفة أبيه ووصيّه، نُقل عنه من العلوم مالم ينقل عن غيره، وكان إماماً في الحديث...»(58).

46 ـ خير الدين الزركلي (ت: 1396 هـ):

قال في كتابه «الأعلام»: «جعفر بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط، الهاشمي القرشي، أبو عبد الله، الملقّب بالصادق: سادس الأئمة الاثني عشر عند الإمامية.

كان من أجلاّء التابعين، وله منزلة رفيعة في العلم. أخذ عنه جماعة منهم الإمامان أبو حنيفة ومالك، ولقّب بالصادق لأنه لم يُعرف عنه الكذب قط، له أخبار مع الخلفاء من بني العبّاس وكان جريئاً عليهم صدّاعاً بالحق، له «رسائل» مجموعة في كتاب، ورد ذكرها في «كشف الظنون»، يقال أنّ جابر بن حيان قام بجمعها. مولده ووفاته بالمدينة»(59).

47 ـ محمود بن وهيب البغدادي (لم نعثر على سنة وفاته):

قال في «جوهرة الكلام»: «جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، وكنيته أبو عبد الله، وقيل أبو إسماعيل، وألقابه الصادق والفاضل والطاهر وأشهرها الأول، نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان ، وروى عنه الأئمة الكبار كيحيى ومالك وأبي حنيفة»(60).

تنبيه:

قال أسد حيدر في كتابه «الإمام الصادق والمذاهب الأربعة» حول نسبة الزجر والفال إلى الإمام الصادق عليه السلام: «وهذا من الخطأ والاشتباه، وإنما الإمام يستشف ما وراء الحجب باستقراء الحوادث السياسية، وينظر المستقبل بحكمته وصفاء بطنه، يخبر بالحوادث قبل وقوعها، وقد أخبر بأن الخلافة للسفّاح ومن بعده للمنصور وتبقى في أولاده من بعده، وأخبر بمقتل محمّد وإبراهيم على يد المنصور.

وكان معارضاً لبيعة محمّد في المؤتمر الذي عقده الهاشميون من عباسيين وعلويين لبيعة محمّد بن عبد الله، وقال لعبد الله بن الحسن: لا تفعلوا فان الأمر لم يأتِ بعد، فقال عبد الله: لقد عملتَ خلاف ما تقول، قال الصادق: لا، ولكن هذا وأبناؤه دونك وضرب بيده على أبي العباس ثم نهض فأتبعه عبد الصمد بن علي وأبو جعفر المنصور فقالا له: أتقول ذلك؟ قال: نعم، أقوله والله وأعلمه.

وليس في وسعنا بسط القول في علمهم (عليهم السلام) وانكشاف حقائق الأشياء لهم، فقد أخبروا بكثير من الحوادث قبل وقوعها وقد صدر عن الصادق كثير من ذلك مما لا يتّسع المجال لذكره.

وأمّا نسبة الزجر والفال إليه فهو خطأ نشأ من اشتباه في الاسم وتقارب في الزمن، وذلك أن جعفر بن محمّد البلخي المعروف بأبي معشر الفلكي كان مشهوراً بالزجر والفال وأستاذ عصره في التنجيم ونقل الناس أخباره وشاع ذكره.

قال ابن كثير: والظاهر أنّ الذي نسب إلى جعفر بن محمّد الصادق من علم الفال، واختلاج الأعضاء، إنما هو منسوب إلى جعفر بن أبي معشر هذا وليس بالصادق وإنما يغلطون(61) »(62).

تلك كانت مجموعة من كلمات علماء أهل السنّة في مدح الإمام سلام الله عليه، وثمة توثيقات للإمام من علماء آخرين لم نفرد لهم عناوين مستقلة، نشير إليهم هنا إتماماً للفائدة وهم:

1 ـ محمّد بن إدريس الشافعي(63).

2 ـ النّسائي(64).

3 ـ يحيى بن معين(65).

4 ـ أبو زرعة(66).

5 ـ ابن أبي خيثمة(67).

فاتضح، إذن، إجماع العلماء على جلالة قدره وعظم منزلته، ومن يراجع، يجد مزيداً من الكلمات في مدحه والثناء عليه.

وأخيراً نختم مقال الشيخ حكمت الرحمة بقول المستشار المصري عبد الحليم الجندي في كتابه ( الامام الصادق ) ج 4 ص 2 :

(هو الإمام الوحيد من «أهل البيت» الذي أتيحت له إمامة دامت أكثر من ثلث قرن، تمحض فيها مجلسه للعلم، دون أن يمد عينيه إلى السلطة في أيدي الملوك. وبهذا التخصّص سلّم الأمة مفاتيح العلم النبوي. ومنه يبدأ التأصيل الواضح لمنهج علمي عام للفكر الإسلامي، نقلته أمم الغرب فبلغت به مبالغها الحالية. وعمل به بين يديه ثم أعلنه، تلميذه جابر بن حيان أول كيمائي كما تبايع له «أوروبة الحديثة»، وهو «منهج التجربة والاستخلاص»، أي الاعتبار بالواقع وتحكيم العقل مع النزاهة العلمية.

فالإمام الصادق هو فاتح العالم الفكري الجديد بالمنهج العقلاني والتجريبي، كأصحاب الكشوف الذين فتحوا أرض اللّه لعباده فدخلوها آمنين.

والإمام الصادق هو الإمام الوحيد في التاريخ الإسلامي، والعالم الوحيد في التاريخ العالمي، الذي قامت على أسس مبادئه «الدينية والفقهية والاجتماعية والاقتصادية » دول عظمى.

ومصر تذكر منها أكبر دولة عرفها التاريخ فيها من عهد الفراعنة ، [وهي] الدولة الفاطمية ، التي امتدّ سلطانها من المحيط الأطلسي إلى برزخ السويس ، ولولا هزيمة جيوشها أمام الأتراك لخفقت أعلامها على جبال الهملايا في وسط آسيا.

والعالم كله مدين لها بمدينة القاهرة.

والمسلمون يدينون لها بالجامع الأزهر، الذي حفظ القرآن والسنة واللغة العربية وعلومها كافة.

ويدينون لتعاليم الإمام بقيام دولة كبيرة في إيران، ومجتمع عظيم بالعراق ، ومعاهد علمية يتصدّرها النجف الأشرف، وشعوب قوية في الهند وباكستان واليمن وأفغانستان ووسط آسيا ولبنان وسورية وكثير سواها.

وهو الإمام الذي علـََّم بالمواقف التي وقفها ، قدر ما علـَّم بالمبادئ التي أرساها، فالمواقف أعمال، وهي أعلى صوتا من الأقوال، ولقد يعدل الموقف الواحد جهاد عمر كامل، أو مهمة حياة رجل ) .  

فسلام الله عليك في يوم شهادتك يا سيدينا وإمامنا الصادق (ع)..

وسلام الله عليك يا إمام الطهر والصدق والحق ، في النية والعمل والنطق ..

وكيف لا تكون كذلك وأنت من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بنص التنزيل ..

ومن أهل البيت الذين أمر الله المسلمين بمودتهم في محكم كتابه العزيز بقوله : ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى )..

ومن أهل البيت الذين أمرنا الله بالصلاة عليهم في تشهد أدبار الصلوات المفروضات ، وبدونها لا يقبل الله منـّا الصلوات ..

فسلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رواه المزّي في تهذيب الكمال: ج 5، ص 79، مؤسسة الرسالة ، والذهبي في سير أعلام النبلاء: ج 6، ص 257 ـ 258، مؤسسة الرسالة وغيرهم، واللفظ الذي أوردناه منقول من «التهذيب».

(2) مختصر التحفة الاثني عشرية: 9، المطبعة السلفية، القاهرة.

(3) أسنى المطالب في مناقب سيدنا علي بن أبي طالب: 55.

(4) هذا حسب كتاب «الشفا بتعريف حقوق المصطفى» للقاضي عياض ، ولعلّ الأصحّ صائماً كما ذكره ابن حجر في التهذيب.

(5) نقل كلامه القاضي عياض في «الشفا بتعريف حقوق المصطفى»: 2 / 42 طبع دار الفكر، ونقل قريباً من ذلك ابن حجر العسقلاني في «تهذيب التهذيب»: 2/70، دار الفكر.

(6) أورده ابن حجر الهيتمي في «الصواعق المحرقة»: 310، دار الكتب العلمية.

(7) رسائل الجاحظ: 106، جمعها ونشرها حسن السندوبي، المكتبة التجارية الكبرى، مصر.

 (8) المصدر نفسه: 109.

(9) معرفة الثقات: 1 / 270، مكتبة الدار، المدينة المنورة.

(10) نقله ولده الرازي في «الجرح والتعديل»: 2 / 487، دار الفكر، والذهبي في «تذكرة الحفّاظ»: 1 / 166، نشر مكتبة الحرم المكّي، وغيرهما.

(11) انظر «الجرح والتعديل»: 2 / 487، دار الفكر.

(12) الثقات: 6 / 131، طبع مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد الدكن، الهند.

(13) الكامل في الضعفاء: 2، 134، دار الفكر.

ونقله ابن حجر بلفظ قريب من ذلك في «تهذيب التهذيب»، 2 / 69 واللفظ المذكور من كتاب التهذيب.

(14) ذكره محمد الخواجة البخاري في «فصل الخطاب» ونقله عنه القندوزي الحنفي في «ينابيع المودة»: 2 / 457، منشورات الشريف الرضي، المصوّرة على الطبعة الحيدرية.

(15) رجال مسلم: 1 / 120، دار المعرفة.

(16) حلية الأولياء: 3 / 176، دار إحياء التراث العربي.

(17) الجمع بين رجال الصحيحين: 1 / 70، دار الكتب العلمية.

(18) الملل والنحل: 1 / 166، دار المعرفة.

(19) المنتظم: 8 / 110 ـ 111، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر.

(20) صفة الصفوة: 2 / 168، عند ذكر الطبقة الخامسة من أهل المدينة، رقم 186، دار المعرفة.

(21) الأنساب: 3 / 507، دار الجنان، بيروت.

(22) تفسير الفخر الرازي المشتهر بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب: مجلد 16/ ج32/ 125، دار الفكر.

(23) اللباب في تهذيب الأنساب: 2 / 3، دار الفكر، طبعة جديدة ومنقّحة بإشراف مكتب البحوث والدراسات في دار الفكر.

(24) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: 2 / 111، مؤسسة أمّ القرى.

(25) تذكرة الخواص: 307، مؤسسة أهل البيت، بيروت، لبنان.

(26) شرح نهج البلاغة: 15 / 274 و278، دار الكتب العلمية، المصوّرة على طبعة دار إحياء الكتب العربية.

(27) المصدر نفسه: 277.

(28) تهذيب الأسماء واللغات: 1 / 155، دار الفكر.

(29) انظر التنبيه في آخر هذا الفصل.

(30) وفيات الأعيان: 1 / 307، دار الكتب العلمية.

(31) تذكرة الحفّاظ: 1 / 166، نشر مكتبة الحرم المكي (إعانة وزارة معارف الحكومة العالية الهندية).

(32) سير أعلام النبلاء: 13 / 120، مؤسسة الرسالة.

(33) المصدر نفسه: 6 / 255.

(34) المصدر نفسه: 6 / 255.

(35) المصدر نفسه: 6 / 257.

(36) تاريخ الإسلام: حوادث وفيات ـ 141 هـ ـ 160 هـ): 93 / دار الكتاب العربي .

(37) الوافي بالوفيات: 11 / 126 ـ 128، دار النشر: فرانز شتايز، شتوتغارت.

(38) مرآة الجنان وعبرة اليقظان: 1 / 238، دار الكتب العلمية.

(39) نقله القندوزي الحنفي في «ينابيع المودّة»: 2 / 457، منشورات الشريف الرضي، المصوّرة على الطبعة الحيدرية.

(40) تقريب التهذيب: 1 / 91، دار الفكر للطباعة والنشر.

(41) انظر «تهذيب التهذيب»: 2 / 68 ـ 70، دار الفكر.

(42) الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة: 211 ـ 219 دار الأضواء.

(43) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر: 1 / 55 عن «مناهج التوسل»: 106.

(44) النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: 2 / 8، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والطباعة والنشر، نسخة مصوّرة على طبعة دار الكتب.

(45) صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار: 44، الركابي المصوّرة على طبعة نخبة الأخبار في الهند.

(46) خلاصة تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال: 63، نشر مكتبة المطبوعات الإسلامية بحلب.

(47) الأئمة الاثنا عشر: 85، منشورات الشريف الرضي.

(48) الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة: 305، دار الكتب العلمية.

(49) شرح الشفا: 1 / 43 ـ 44، دار الكتب العلمية.

(50) أخبار الدول وآثار الأول: 1 / 334 ـ 336، عالم الكتب، وقد أثبتنا الأقواس كما هي في النسخة التي اعتمدنا عليها أمانة للنقل.

(51) الكواكب الدريّة: 94، وورسة تجليد الأنوار، مصر.

(52) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر: 1 / 59، ونقله محمد علي دخيل في «أئمتنا»: 1/485 عن «شرح الشفا»: 1 / 124.

(53) نور الأبصار في مناقب آل النبي المختار: 160 ـ 161، دار الفكر طبعة مصوّرة على طبعة القاهرة 1948م.

(54) شذرات الذهب في أخبار من ذهب: 1 / 362، دار الكتب العلمية.

(55) تاريخ الخميس: 2 / 325، دار صادر المصوّرة على الطبعة الوهبية بمصر لسنة 1183 هـ.

(56) شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك: 2 / 403، دار الكتب العلمية.

(57) الإتحاف بحب الأشراف: 146 ـ 147، منشورات الرضي، الطبعة المصوّرة على النسخة المطبوعة بالمطبعة الأدبية بمصر.

(58) سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب: 74، المكتبة العلمية.

(59) الأعلام: 2 / 126، دار العلم للملايين.

(60) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر: 1 / 59 عن «جوهرة الكلام»: 59.

(61) نسبه أسد حيدر إلى البداية والنهاية: 11 / 51، لكنّ الذي عثرنا عليه يختلف قليلاً عمّا في المتن فقد جاء في البداية والنهاية: 11 / 60، مؤسسة التاريخ الإسلامي: والظاهر أن الذي نسب إلى جعفر بن محمّد الصادق من علم الرجز والطرف واختلاج الأعضاء... الخ» ولعلّ الرجز هنا اشتباهاً والأصحّ هو الزجر.

(62) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة: 1 / 63 ـ 64، دار الكتاب العربي.

(63) نقل قوله الذهبي في «سير أعلام النبلاء»: 6 / 256 ـ 257، مؤسسة الرسالة وابن حجر في «تهذيب التهذيب»: 2 / 69، دار الفكر، وغيرهما.

(64) نقل قوله ابن حجر في «تهذيب التهذيب»: 2 / 69، دار الفكر.

(65) نقل قوله الذهبي في «سير أعلام النبلاء» 6 / 257، مؤسسة الرسالة، وابن حجر في «تهذيب التهذيب»: 2 / 69، دار الفكر.

(66) نقل قوله الرزاي في «الجرح والتعديل» 2 / 487، دار الفكر.

(67) نقل قوله ابن حجر في «تهذيب التهذيب»: 2 / 69، دار الفكر.

منقول من موقع الاسلام الاصيل


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=254
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2008 / 10 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24