• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : مع الطالب .
              • القسم الفرعي : مقالات الأشبال .
                    • الموضوع : خبث المنافقين .

خبث المنافقين

إعداد الطالب: محمد اللويم

قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: 79-80].

لقد كشف القرآن الكريم حقيقية المنافقين وما يمتازون به من صفات، وفي هذه الآيات إشارة إلى صفة أخرى من الصفات العامة للمنافقين, وهي صفة اللجاج والعاندة، وأنّ جل اهتمامهم التماس نقاط الضعف في أعمال الآخرين، من خلال احتقار كلّ عمل مفيد ويخدم المجتمع، وذلك عن طريق محاولة إجهاضه بأساليب شيطانية خبيثة من أجل صرف الناس عن عمل الخير، وبهذا يتمكنون من زرع بذور النفاق وسوء الظن في أذهان المجتمع، وبالتالي إيقاف عجلة الإبداع وتطور المجتمع بواسطة خمول الناس وموت الفكر الخلاق.

لكن القرآن المجيد ذم هذه الطريقة غير الإنسانية التي يتبعها هؤلاء وعرّفها للمسلمين؛ لكي لا يقعوا في حبائل مكر المنافقين، ومن ناحية أخرى أراد أن يفهم المنافقون أنّ سهمهم لا يصيب الهدف في المجتمع الإسلامي.

ففي البداية يقول المولى تعالى: إن هؤلاء ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.

(يلمزون) مأخوذة من مادة (لمز) بمعنى تتبع العيوب والعثرات، و(المطوعين) مأخوذة من مادة (طوع) على وزن (موج) بمعنى الطاعة، لكن هذه الكلمة تطلق عادة على الأفراد الذين دأبهم عمل الخيرات، وهم يعملون بالمستحبات علاوة على الواجبات.

كما يستفاد من الآية أعلاه أن السخرية كانت تنال الذين يقدمون الشيء القليل، والذين لا يجدون غيره ليبذلوه في سبيل الله تعالى، وعلى هذا لابد أن يكون لمزهم وطعنهم مرتبطاً بأولئك الذين قدموا الأموال الطائلة في سبيل خدمة الإسلام العزيز فيرمونهم بالرياء، ويسخرون من الفقراء لقلّة ما يقدمونه من الصدقات في سبيل الله.

ونلاحظ في الآية التي تليها تأكيداً أشد على مجازاة هؤلاء المنافقين، حيث يقوم المولى بتهديدهم من خلال توجيه الكلام وتحويله من الغيبة إلى الخطاب، والمخاطب في هذه المرة هو النبي (صلّى الله عليه وآله) فقالت: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾؛ لأنّهم قد أنكروا الله ورسالة رسوله (صلّى الله عليه وآله)، واختاروا طريق الكفر، وهذا الاختيار هو الذي أرداهم في هاوية النفاق وعواقبه المشؤومة ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾.

وعليه، يتّضح بأنّ هداية الله تشمل السائرون في طريق الحق وطلب الحقيقة، أمّا الفساق والمجرمون والمنافقون فإن الآية تقول: ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾.

_________________

(*) حديث الدار (العدد 19 - شهر رمضان 1433 هـ).


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2539
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 09 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28