• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المشرف العام .
              • القسم الفرعي : مقالاته .
                    • الموضوع : تمام الطاعة في أداء الشعائر بولاية عليّ (عليه السلام) .

تمام الطاعة في أداء الشعائر بولاية عليّ (عليه السلام)

استهلّت مجلّة (حديث الدار) غرّة أعدادها بكلمات نيّرة تفضّل بها المشرف العام لدار السيّدة رقيّة (عليها السلام) للقرآن الكريم سماحة الشيخ عبد الجليل المكراني (حفظه الله تعالى)، حيث توجّه من خلالها بوصايا نافعة وبيانات هادفة خاطبت طلّاب القرآن الكريم وعموم القرّاء الكرام.

ولتعميم الفائدة، ارتأت دار السيّدة رقيّة (عليها السلام) للقرآن الكريم جَمع هذه الافتتاحيات (البالغة ١٢ افتتاحية) ووضعها بين يدي القارئ الكريم وهي على عدّة موضوعات مختلفة، والتي منها هذه الافتتاحية.

تمام الطاعة في أداء الشعائر بولاية عليّ (عليه السلام) (*)

الحجّ هو الفريضة التي أخذت عنوان الشعائر الإلهية من بين سائر التكاليف الإلهية، ولهذا التركيز على مفهوم الشعيرة الإلهية في الحج دلالة على نوعية الإخلاص والتقرّب اللّذين يتطلّبان من الناسك أن يحافظ عليهما في تأديته فريضة الحج، قال تعالى: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ * ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ * ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 27ـ 32].

أشارت هذه الآيات الشريفة إلى مجموعة من المعاني والأوصاف التي ينبغي على الناسك أن يتحلّى بها خلال فريضة الحجّ، وهي:

1ـ ذكر الله في أيّام معلومات

لا يخفى أنّ ذكر الله واجب في بعض الأوقات ومحبّب في كلّ الأيام والأزمان واللّحظات التي تمرّ على الإنسان، لكنّ تركيز الآيات الشريفة على الأيّام المعلومات ليس من باب الكميّة والعدد؛ بل من باب التنويه على نوعية ذلك الذكر وطبيعته في هذه الأيام المقدّسة؛ إذ لا فائدة في الذكر إذا لم ينطلق من تقرّب وإخلاص لله جلّ ذكره.

2ـ تعظيم الحُرمات الإلهية

ولا شكّ أنّ حُرمات الله ينبغي تعظيمها وتقديسها في كلّ الحالات والظروف التي يمرّ بها الإنسان، لكن الحُرمات المشار لها في شعائر الحجّ قد أخذ فيها عامل التركيز على إبراز التقرّب والإخلاص للمعبود، وهذا التعظيم هو من أهمّ الوسائل التي يبرز فيها العبد إخلاصه وتفانيه في أداء المراسم والشعائر الإلهية.

3ـ الحنيفية

وهي الاستقامة على الطريق من دون ضلال وانحراف، والتركيز على الاستقامة في طريق العبادة وأداء المناسك لله تعالى معناه الإخلاص لله تعالى وترك كل الاعتبارات والتوجهات الأخرى في حياة الإنسان.

وأخيراً أشارت الآيات الكريمات إلى أنّ هذه الأوصاف إذا تحقّقت في سلوك الحاجّ فإنّه يصل إلى مقام تعظيم شعائر الله، وهي الآيات البيّنات التي نصبها الله علامة على توحيده وعبادته.

ونستخلص من ذلك أنّ الطاعة لله تعالى في كل العبادات إنّما تتمّ في الإخلاص له سبحانه، فليس المقصود كمّية العمل، أو الضرر الذي يتحمّله الإنسان؛ لأنّ قيمة العمل في قيمة النيّة والهدف والغاية التي تحيط به.

وفي حدث عظيم مثّل التاريخ كلَّه في حياة الأمّة الإسلامية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها، أراد رسول الله أن يؤكّد فيه أنّ تمام الطاعة لله تعالى إنّما يتمّ من خلال تقديم الولاء والمحبة والاتّباع للشخص الذي يمثّل امتداد النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله) في الأمّة من بعده، فإقامة الشعائر الإلهية، وتعظيم الحُرمات الربّانية، والحنفية المستقيمة في النهج والسلوك والعبادة، كلّها لا تتمّ إلّا مع إعلان الولاء لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)؛ لأنّه ممثّل خطّ الوحي الإلهي بعد رحيل رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

ولم يكن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ليختار في أمر دين الله وفق رغبته وأهوائه؛ بل إنّه عبد مأمور بأداء ما كُلّف به وإن كان ذلك التكليف ممّا يصعب على البعض تقبّله والإيمان به، فأنزل الله على نبيّه ذلك الأمر الذي عبّر عن الإرادة الإلهية في تجسيد ذلك المثل الأعلى للمؤمنين بعد رحيل المصطفى بلا توانٍ أو خوف أو تردّد ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: 67].

فالأمر بالتبليغ لا يتحمّل التأخير رغم كل التهديدات التي تبدو في أفق الواقع أمام رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

ولم يكتفِ الوحي عن الأمر بالتبليغ وبيانه؛ بل جاء البيان الإلهي الآخر لإعلان الارتباط الوثيق بين هذا العقد الولائيّ لشخص الوليّ وبين الدين الذي ارتضاه الله تعالى للبشرية على طول التاريخ، بما يشمل ذلك الدين من التحدّي للمشركين والمشكّكين، وبما يعني من منهج يوصل الإنسان إلى السعادة والكمال، فقال تعالى: ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3].

فيوم الغدير هو يوم العيد الأكبر الذي يمثّل للأمّة اليوم التاريخيّ في مسيرتها، فهو يوم إكمال الدين، ويوم رضاية الإسلام، وهو اليوم الذي يئس فيه أعداء الإسلام من النيل منه.

فهنيئاً للمؤمنين هذا العيد الميمون.

__________________

(*) حديث الدار (العدد العاشر- ذو الحجّة 1432 هـ).


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2470
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 04 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24