• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : دروس الدار التخصصية .
              • القسم الفرعي : القراءات السبع .
                    • الموضوع : رواية حفص بـين يديك (القسم الأول) .

رواية حفص بـين يديك (القسم الأول)

الأستاذ منتظر الأسدي / اللجنة العلمية 

في دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم

تعتبر رواية حفص بن سليمان الأسدي رحمه الله من الروايات المعتبرة والمشهورة التي اعتمد عليها أكثر المسلمين في أنحاء العالم الإسلامي في قراءة القرآن الكريم, وقد أشار إلى ذلك أحمد البيلي بقوله: «وأكثر روايات القرآن انتشاراً في العالم اليوم هي رواية حفص عن عاصم» .

إذاً فالرواية قد انتشرت في البلدان الإسلاميّة المتعدّدة، واشتهرت بين عموم المسلمين؛ وذلك:

أ ـ لقوّة سندها بحيث بلغت الذروة في إتقان لفظ القرآن المجيد على ما تُلقّي من الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله.

ب ـ لأنَّ علم القراءات علم يبحث في كيفية أداء كلمات القرآن الكريم، ويقف على اختلاف القراءات، وهو الذي يؤيّد ويقرّ الصحيح والمقبول منها، ويرفض الشاذ والمبتَدَع استناداً على ما يُنسَب لناقل هذه القراءات، فيَعتمِد على الصحيح القوي ويترك ما دون ذلك.

ولعلّ اعتماد قرّاء المسلمين على هذه الرواية يعود إلى الأسباب التالية:

أـ وجود المعصوم وهو الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بين الروّاة الذين نقلوا هذه الرواية للمسلمين، بل هو أوّل قارئ وأوّل راوٍ لها بعد النبي صلى الله عليه وآله, حيث جُعل سند هذه الرواية كما يطلق عليه بـ (السند الذهبي) و (السلسلة الذهبيّة) هو: حفص عن عاصم الذي هو من شيعة أهل البيت عليهم السلام, وهو عن أبي عبد الرحمن السلمي تلميذ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ومن خواصّه، عن أمير المؤمنين علي عليه السلام.

إذاً هناك سلسلة ذهبيّة قصيرة كلُّ رواتها ثقة وعدول ومن شيعة أهل البيت عليهم السلام.

أمّا الإمام علي‌ عليه السلام فقد كان أوّل القوم إسلاماً وطاعة للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله، وأقدمهم إيماناً بكلِّ ما جاء به القرآن المجيد، وأحوطهم وأعلمهم بمحكماته ومتشابهاته، وأعلمهم بزمان ومكان وأسباب نزول الآيات، وهو الذي كان يسمع صوت الوحي جبرائيل عليه السلام حينما كان يتلو آيات الله البينات على رسول الله صلى الله عليه وآله.

وقد أخذ الإمام علي عليه السلام هذه الرواية عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله مباشرة دون أيَّة واسطة تُذكرُ؛ لذلك فهي أقصر سنداً لاتصالها بالهادي البشير صلى الله عليه وآله.

وعليه فالوجود النوراني للمعصوم عليه السلام صار موضع اعتماد لعموم المسلمين لهذه الرواية.

نقل صاحب كتاب (إعلام الخلف) عن أبي عمر الداني قائلاً: «إنّ قراءة حفص صحيحة متّصلة السند بالهادي البشير عليه الصلاة والسلام؛ لأنّها ترتفع إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله» .

ب ـ إنّ كلَّ ما جاء في رواية حفص من تجويد الحروف، وضبط الأحكام والحركات والسكتات وغيرها من ضبط التلاوة مطابق كلّ التطابق للقراءة التي تلقّاها النبي محمد صلى الله عليه وآله من الوحي عليه السلام.

ج ـ إنّ رواية حفص لا تنفي ولا تبطل الروايات المعتبرة المشهورة الاُخرى, كما أنّها تنسجم وتتلاءم مع الذوق السليم في نطق الحروف وتلاوة الآيات المباركات، ولا تتعارض معه أبداً، الأمر الذي يعزّز ويقوّي هذه الرواية ليكون سبباً آخر لاعتماد المسلمين عليها.

من هو حفص؟

هو حفص بن سليمان بن المغيرة بن داوود الأسدي الكوفي الغاضري (البزّاز). كنيته: أبو عمرو, وقد اشتهر باسم (حفص) بين المسلمين.

ولد سنة تسعين للهجرة، وعاش في خدمة القرآن الكريم طيلة حياته الشريفة، وتوفي سنة مئة وثمانين للهجرة. كان ربيباً لشيخه واُستاذه عاصم بن أبي النجود (ابن زوجته)، وقد أخذ عنه القرّاءة عرضاً وتلقيناً، وأقرأ بها في الكوفة ومكة وبغداد، وهي اليوم بين أيدينا في هذه المصاحف الشريفة.

ذكر المؤرخون أنَّ حفصاً هذا كان يأخذ عن عاصم الأداء السليم والنطق الصحيح لآيات الله تبارك وتعالى على شكل دفعات ـ خمس آيات خمس آيات ـ حتى بلغ نهاية إتقان اللفظ على ما تُلقّي من النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، وكان إماماً في القراءة ضابطاً لها، أفنى عمره الشريف في تعليمها.

روي أنّه بدأ ببلدته الكوفة التي نشأ فيها، ثمَّ مروراً ببغداد التي صارت عاصمة الخلافة، وانتهاءً بمكّة المكرّمة مجاوراً لبيت الله الحرام فيها، وقد أبدى أثناء ذلك اهتماماً برواية الحديث النبوي الشريف، لكنّه لم يتفرّغ له بل تفرّغ لقراءة القرآن الكريم.

كان حفص بن سليمان ماهراً ومتفوّقاً وسابقاً بالعلم والاستعداد على جميع تلامذة عاصم. قال أبو هاشم الرّفاعي: «كان حفص أعلمهم بقراءة عاصم» . وقد عدّ الإمام ابن الجزري في (غاية النهاية) في طبقات القرّاء ثلاثة وعشرين راوياً رووا عن عاصم القرآن كاملاً، ثمَّ قال: «وخلق لا يحصون...».

ويكفيه فخراً أنَّ القرآن الكريم يُتْلى في عصرنا الحاضر بالقراءة التي رواها عن شيخه عاصم بن أبي النجود في معظم البلاد الإسلاميّة، وفي آخر المصحف عبارة رائعة هي (كُتب هذا المصحف الكريم وضُبط على ما يوافق رواية حفص بن سليمان بن المغيرة الأسدي).

ولم يخالف حفص عاصماً إلا ّفي كلمة (ضعف) في الآية الرابعة والخمسين من سورة الروم ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ﴾؛ حيث قرأ عاصم بفتح الضاد (ضَعف)، وقرأ حفص بالفتح والضّم؛ أمّا الأوّل

ـ بالفتح ـ فقد أخذه عن عاصم، وأمّا الثاني ـ بالضّم ـ فللأثر عن رسول الله صلى الله عليه وآله؛ ولذا تجوز القراءة بالفتح والضّم على رواية حفص التي أخذها عن اُستاذه عاصم.

وهنا لا بدَّ لنا من وقفة تأمّل وإذعان لما ورد في كتاب الإراءة الجديدة للمؤلِّف حيدر كسمائي, عن اُستاذه آية الله معرفت قدس سره، حيث يثبت بالأدلة القطعيّة والمحكمة بأنَّ حفصاً لم يخالف اُستاذه عاصماً فيما أخذ منه وروى عنه مطلقاً؛ لا في كلمة ولا في حركة في القرآن الكريم.

وقد لفت الأنظار الاُستاذ كسمائي بقوله: «إنَّ المصاحف التي بين أيدينا جاءت بفتح الضاد من (ضَعف) وليست بالضم». واعتبره شاهداً قوياً على أنَّ حفصاً جاء بقراءة مطابقة لقراءة أمير المؤمنين عليه السلام.

ولعلَّ ما يقوله هو عين الصواب؛ لأنَّ عاصماً هو الذي قال لحفص: «أقرأتك بما أقرأني به أبو عبد الرحمن»، أي لم أزد عليه شيئاً من اجتهادي ولم أنقصه شيئاً عن تقصيري.

عاصم

هو عاصم بن بهدلة أبي النَّجود الكوفي ـ بفتح النون وضَمِّ الجيم ـ أبو بكر الأسدي. لا تُعرف سنة ميلاده، واكتفى المؤرّخون بتاريخ ولادته في عهد معاوية بن أبي سفيان، وتوفي رحمه الله أواخر سنة (127) للهجرة النبويّة.

قال ابن عياش: دخلت على عاصم وقد احتضر, فجعل يردد هذه الآية يحقّقها حتى كأنّه في الصلاة ﴿ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ﴾ .

وعاصم هذا هو شيخ القرّاء بالكوفة وأحد القرّاء السبعة، وهو الإمام الذي انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد أبي عبد الرحمن السلمي في موضعه. جمع عاصم هذا بين الفصاحة والإتقان والتحرير والتجويد، وكان أحسن الناس صوتاً بعد المعصوم عليه السلام, وكان ثقة ضابطاً صدوقاً.

قال ابن مسعود: «كان عاصم الكوفي شيخ الإقراء بالكوفة، حيث انتهت إليه رئاسة الإقراء بعد أبي عبد الرحمن السلمي».

أخذ القراءة عرضاً عن أبي عبد الرحمن السلمي وزرّ بن حبيش وغيرهما، وروى عنه خلق كثير.

واختار العلماء له راويين هما حفص وشعبة.

والجدير بالذكر أنَّ القراءة التي أخذها عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب عليه السلام هي القراءة الموضحة في رواية حفص رحمه الله المنقولة إلينا بالتواتر.

روى أبان العطّار، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي عبد الرحمن قال: «أخذت القراءة عن علي عليه السلام».

لقد أعطى عاصم لحفص كلَّ ما أخذه عن شيخه واُستاذه عبد الرحمن السلمي، ويؤكّد هذا ما نقله ابن الجزري عن عاصم أنّه قال: «أقرأتك بما أقرأني به أبو عبد الرحمن السلمي عن علي بن‌ أبي طالب عليه السلام».

أبو عبد الرحمن السلمي

هو الإمام العَلَم عبد الله بن حبيب بن رُبيعة (بالتصغير).

كنيته: أبو عبد الرحمن السلمي الكوفي، وهو قارئ ومن أولاد الصحابة، ولد في أواخر حياة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله، وكانت وفاته سنة (80) للهجرة، وهو من أصحاب أمير المؤمنين علي عليه السلام. كان مقرئ الكوفة، قرأ القرآن وجوَّده ومَهَرَ فيه.

قال أبو إسحاق: «كان أبو عبد الرحمن السلمي يُقرِئ الناس في المسجد الأعظم أربعين سنة»، وعنه أخذ عاصم قراءته.

وقد ذكر ابن قتيبة الدينوري بأنَّ أبا عبد الرحمن هذا كان من أصحاب علي عليه السلام.

وهمٌ وتصحيح

قيل: إنَّ أبا عبد الرحمن السلمي أخذ قراءته عن أمير المؤمنين عليه السلام وعن عبد الله بن عباس وعن عثمان بن عفّان، وهذا غير صحيح؛ فقد صرّح هو بنفسه أنّه أخذ قراءته عن أمير المؤمنين علي عليه السلام ولم يأخذها عن غيره، غاية الأمر أنّه كان يجلس لإقراء الناس بما في ذلك زمان عثمان بن عفّان, ولكنّه لم يقرأ عليه.

روي أبان العطّار، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: «أخذت القراءة عن علي عليه السلام».

إذاً فأبو عبد الرحمن السلمي هذا قد أخذ قراءته عن أمير المؤمنين علي عليه السلام وعلَّمها لعاصم الكوفي, وعاصم علّمها لحفص بن سليمان.

علي بن أبي طالب عليه السلام

هو الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وصي وخليفة ووارث رسول الله صلى الله عليه وآله، وابن عمّه وزوج ابنته، أنزله رسول الله صلى الله عليه وآله منه منزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي من بعده. قاتل مع النبي صلى الله عليه وآله على التنزيل، وقاتل بعده على التأويل، فقد روى علماء السنّة والشيعة روايات صحيحة أنَّ النبي صلى الله عليه وآله أخبر بأنَّ علياً عليه السلام سيقاتل قريشاً على تأويل القرآن كما قاتلهم النبي صلى الله عليه وآله على تنزيله.

رأى النبي صلى الله عليه وآله وسمع منه القرآن وأخذه منه حرفاً حرفاً, وعلّمه لعبد الله أبي عبد الرحمن السلمي رضوان الله تعالى عليه.

إذاً فسند رواية حفص يُعدُّ سنداً ذهبياً يتعالى ويرتقي مقامه يوماً بعد يوم بين أيدينا, وذخراً للأجيال بعدنا، ولا زال يأخذ القارئ اللاّحق عن السابق سنده.

فائدة:

من المسائل التي شغلت العلماء على مَرِّ العصور وأخذتْ قِسطاً كبيراً من أبحاثهم، مسألة رسم القرآن, أي ما يُعرف بـ (الرسم العثماني).

ويمكننا تلخيص المسألة بما يلي:

تعني كلمة الرسم العثماني (طريقة كتابة كلمات القرآن في المصاحف التي كتبها الصحابة في زمن عثمان بن عفّان واُرسلت إلى الأمصار الإسلاميّة واتّخذها المسلمون أساساً لكتابة المصاحف وقراءة القرآن الكريم).

ولا يخفى أنَّ هناك أسباباً جعلت هذا الرسم يُنسب إلى عثمان ويُطلق على تلك المصاحف بـ (المصاحف العثمانيّة) على الرغم من أنّها ليست بخطِّ عثمان هذا، وإنّما نسبة ذلك إلى عهده، وهي مصاحف اُرسلت إلى الأقطار الإسلاميّة وكانت خالية من النقاط والشكل، محتملة لما تواترت قرآنيته واستقر في العرضة الأخيرة ولم تنسخ تلاوته.

قال الداني: «وأئمّة القراءة لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية, بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل. والرواية إذا ثبتت عنهم لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة؛ لأنّ القراءة سُنّة متّبعة يلزم قبولها والمصير إليها».

و(العرضة الأخيرة) تعني آخر قراءة أقرأها جبريل عليه السلام رسولَ الله صلى الله عليه وآله، وهي القراءة المثبتة في المصاحف اليوم.

وأكَّد ابن الجزري (أنَّ مخالف صريح الرسم في حرف مدغم أو مبدل أو ثابت أو محذوف أو نحو ذلك لا يُعدُّ مخالفاً إذا ثبتت القراءة به ووردت مشهورة مستفاضة).

نقل السيوطي في الإتقان عن الكواشي قوله: «كلُّ ما صح سنده واستقام وجهه في العربية ووافق خط المصحف الإمام فهو من السبعة المنصوصة، ومتى فُقد شرطٌ من الثلاثة فهو الشاذ».

ويقصد بالسبعة المنصوصة هي (القراءات السبعة).

وهم وتصحيح:

ربما يتوهم البعض بأنّ أهل البيت عليهم السلام لم يكن لهم رأي في القراءات ولم يشيروا إليها, أو أنَّهم كانوا بعيدين عنها.

والجواب هو أنَّ علم القراءات ـ كعلم ـ جاء بعد الأئمّة عليهم السلام على يد العالم الجليل (ابن مجاهد) أحمد بن موسى بن العباس التميمي.

وممّا لا يختلف عليه اثنان أنَّ الإمام عليّاً عليه السلام كان أوّل قارئ بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنَّ الإمام الحسن عليه السلام كان صوته ـ إذا قَرأَ القرآن ـ يُسحر الأسماع ويوقف المارّة، وهكذا الإمام الحسين عليه السلام كان رأسه على الرّمح وهو يرتّل القرآن ترتيلاً.

ابن مجاهد

هو أحمد بن موسى بن العبّاس التميمي، أبو بكر بن مجاهد, كان كبير العلماء بالقراءات في عصره.

ولد ببغداد سنة (245) للهجرة، وهو أوّل من سبّع السبعة في القراءات وأوّل مَن لُقِّب بشيخ القرّاء في عصره.

كان حسن الأدب، رقيق الخلق، فطناً جواداً، له كتاب (القراءات الكبير) و(قراءة ابن كثير) و(قراءة أبي عمرو) و(قراءة عاصم) و(قراءة نافع) و(قراءة حمزة) و(قراءة الكسائي) و(قراءة ابن عامر) و(قراءة النبي صلى الله عليه وآله) وكتاب (الياءات) وكتاب (الهاءات).

قال أبو عمرو الداني: «فاق ابن مجاهد سائر نظائره مع اتساع علمه، وبراعة فهمه، وصدق لهجته، وظهور نسكه».

قال ابن أبي هاشم: «قال رجل لابن مجاهد: لِمَ لا تختار لنفسك حرفاً ؟ قال: نحن إلى أن تعمل أنفسنا في حفظ ما مضى عليه أئمتنا أحوج منّا إلى اختيار».

وقيل: كان ابن مجاهد صاحب لِطَف وظِرَف، يجيد معرفة الموسيقى، وكان في حلقته من الذين يأخذون على الناس أربعة وثمانون مقرئاً.

توفي في شعبان سنة أربع وعشرين وثلاثمئة.

فائدة اُخرى:

هناك ثلاثة اصطلاحات وردت على أذهان وأسماع القرّاء فيما يخصّ القراءات, وهي: (القراءة، الرواية، الطريق)، ونحن نودُّ أن نبينها باختصار:

 القراءة:

مفرد القراءات، وهي في الأصل مصدر قرأ، يقال: قرأ فلان يقرأ قراءة.

وفي الاصطلاح: علم بكيفية أداء كلمات القرآن واختلافها، منسوبة لناقلها.

منها (مشهورة), والشهرة تعني وضوح الأمر وظهوره: وهي القراءة التي صحَّ سندها وبلغت مبلغ الشهرة، ووافقت العربية ولو بوجه من وجوهها، ووافقت الرسم العثماني. وهذه الشروط تنطبق على قراءة عاصم.

ومنها (شاذّة), والشذوذ لغةً: مصدر شذَّ يشذُّ شذوذاً، أي انفرد، وشذَّ الرجل عن أصحابه، تنحّى جانباً وانفرد عنهم, وكلُّ شيء منفرد فهو شاذ.

وأرجح الأقوال هو أنّ كلَّ قراءة خالفت الرسم العثماني، ولو صحَّ سندها ووافقت العربية، فهي شاذة.

قال ابن الجزري: «هذه القراءة تسمى اليوم شاذة؛ لكونها شذَّت عن رسم المصحف المجمع عليه وإن كان إسنادها صحيحاً».

 الرواية:

وهي ما نُسِب لمَن روى عن القارئ.

والجدير بالذكر أنّ لكلِّ قارئ راويين, يعني عاصم روى عنه حفص وشعبة، ونافع روى عنه قالون وورش... إلخ.

والقراءات المشهورة هي (7) قراءات و (14) رواية.

 الطريق:

إنّ اُصول وطرق القراءات المتواترة لا بدَّ لها أن تُؤخذ من مصادرها الصحيحة المشهورة المسندة، وهاتان الكلمتان: (طريق) و(رواية) كلاهما يدل على السند، حيث يوجد سندان مهمّان في علم القراءات هما:

أ ـ كتاب الشاطبيّة: وهي قصيدة لامية من البحر الطويل في القراءات السبعة للإمام أبي القاسم بن فُيرَة الشاطبي الأندلسي رحمه الله.

ب ـ كتاب طيبة النشر والطيبة: وهي قصيدة من بحر الرجز في القراءات العشرة للإمام محمد بن الجزري رحمه الله.

وكلمة (طريق) على ما يُنسب للآخذ عن الراوي، فلو أخذنا رواية حفص عن قراءة عاصم من طريق الشاطبيّة فإنّنا نجد أنَّ المد المنفصل فيه أربع حركات، ولو أخذناها من طريق طيبة النشر فإنّنا نجد أنَّ المد المنفصل فيه حركتان أو أربع حركات، وهكذا فإنَّ هناك اختلافات في بعض الكلمات والمدود، ومصاحف المدينة مثبتة بطريق الشاطبيّة غالباً، أمّا الاختلافات في رواية حفص بين الطيبة والشاطبيّة فقليلة جداً.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2410
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 09 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28