• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : دروس قرآنية تخصصية .
              • القسم الفرعي : التجويد .
                    • الموضوع : دروس في علم التجويد* .

دروس في علم التجويد*

الدرس الأوّل: التجويد تعريفه، موضوعه، فائدته، مراتبه

1- تعريف التجويد:

التجويد لغةً: هو مصدر من جوّد تجويداً، والاسم منه الجودة، وهو الإتيان بالجيّدّ أو التّحسين، يُقال: هذا شيء جيّد، أي حسن، وجوّدت الشيء: أي حسّنته، ويُقال: جاد الشيء جَودة وجُودة، أي صار جيّداً، والجود: بذل المقتنيات مالاً كان أو علماً.

والتجويد في الاصطلاح: تلاوة القرآن الكريم حق تلاوته أي بإعطاء كل حرف من القرآن حقّه ومستحقّه، بمقتضى أصول معهودة، والإتيان بالقراءة مجوّدة بريئة من الرّداءة في النطق.

وتلاوة القرآن حق تلاوته: هو أن يشترك فيه اللسان والعقل والقلب، فحظ اللسان تصحيح الحروف بالترتيل، وحظ العقل تفسير المعاني، وحظ القلب الاتعاظ والتأثر بالانزجار والائتمار، فاللسان يرتّل والعقل يترجم والقلب يتّعظ.

وحق الحرف: أي صفاته الذاتية اللازمة له، كالجهر والشدة والاستعلاء والاستفال والغنّة وغيرها، فإنها لازمة لذات الحرف لا تنفك عنه.

ومستحقّه: أي صفاته العرضية الناشئة عن الصفات الذاتية كالتفخيم فإنّه ناشئ من الاستعلاء والترقيق فإنّه ناشئ عن الاستفال وهكذا...

وبكلمة موجزة يمكننا القول أن التجويد علم من علوم القرآن، يرتكز على التدقيق في أداء النص القرآني بطريقة صحيحة تتّفق مع أدقّ القواعد وأفضلها فيما جاءت به اللغة العربية في علوم النّحو والصرف واللّغة ونحوهما، كما يتحرّك في طريقة الأداء التي يعيش فيها الإنسان حركة اللحن والنغم، والاهتزاز في الكلمة، والصوت والحركة بالطريقة التي لا تقترب من الغناء بل تتميّز بجوّ خاص يتناسب مع الجو القرآني الداخلي فيما يثيره من الخشوع والروحانية والانسياب مع المعاني المتنوّعة السّامية التي يحلّق الإنسان معها بأجنحة روحية نحو آفاق الله سبحانه وتعالى.

فالتجويد إذاً، هو علم خاص بذاته يبحث في كيفية النطق بحروف الهجاء وكيفية الوقوف عليها وترتيل القرآن ترتيلاً.

وقال الله تعالى في محكم آياته: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ وقد سُئل الإمام علي (عليه السلام) عن معنى قوله تعالى في هذه الآية فقال: «الترتيل: تجويد الحروف ومعرفة الوقوف».

وقال النبي (صلّى الله عليه وآله) أيضاً في قوله: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ قال: «بيّنه تبياناً، ولا تنثره نثر الرّمل، ولا تهذّه هذّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحرّكوا به القلوب، ولا يكون همّ أحدكم آخر السورة» [بحار الانوار، ج 89، ص210].

وقال الصادق (عليه السلام) في نفس الآية: «هو أن تتمكّث فيه، وتُحسّن به صوتك» [الوسائل، ج4، ص856].

وقد اعتبر التجويد «ابن الجزري» أمر وفرض واجب يؤثم المرء بتركه، وفي ذلك قوله في مطلع قصيدته المشهورة:

والأخذ بالتجويد حتم لازم *** من لم يجوّد القرآن آثم

لأنّه به الإله أنزلا *** وهكذا منه إلينا وصلا

2- موضوع التجويد:

موضوع التجويد هو القرآن الكريم ، كلام الله عز شأنه.

3- فائدة التجويد:

الفائدة من التجويد صون اللسان عن الخطأ في تلاوة القرآن الكريم وغيره، والامتثال لأمر الله تعالى بترتيل القرآن ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾.

 هذا بالإضافة إلى نيل الأجر والثواب.

4- مراتب التّلاوة:

التّلاوة من حيث النطق بالحركات والحروف والكلمات سرعةً وإظهاراً وتشديداً وتخفيفاً ونحو ذلك من كيفيّات الأداء، تقسم إلى أربعة أقسام:

أوّلاً- التحقيق:

وهو مصدر، من حقّقت الشيء تحقيقاً إذا بلغت يقينه، ومعناه المبالغة في الإتيان بالشيء على حقّه، وبلوغ حقيقته دون زيادة أو نقصان منه. والتلاوة تحقيقاً تكون بإعطاء كل حرف حقّه من إشباع المدّ وتحقيق الهمزة وإتمام الحركات واعتماد الإظهار والتشديدات وإخراج الحروف بعضها من بعض بالسكت والتّؤدة، وملاحظة الجائز من الوقوف بلا قصر ولا اختلاس ولا إسكان محرّك ولا إدغامه.

ويطلق على التحقيق قراءة التجويد أو القراءة المطوّلة، وتكون عادةً لرياضة ألسن المتعلّمين، وتضفي على الجو القرآني الخشوع والروحانية، وينبغي أن يتحفّظ من التحقيق عن التمطيط، ومقدار مدّه ست حركات.

ثانياً- الحدر:

وهو مصدر من حدَر، يحدُر أي الإسراع أو الهبوط الذي لازمه الإسراع. وتكون التلاوة حدراً بإدراجها والإسراع بها وتخفيفها بالقصر والتّسكين والاختلاس والبدل ونحو ذلك، مع ضبط الإعراب وإتقان النطق باللّفظ وتمكين حروفه، مع مراعاة كافة أحكام التجويد من المد والغنّة والقطع والوصل وغيرها... ومقدار مدّه حركتين، وينبغي أن يتحفّظ القارئ في الحدْر من الإدماج والتنطيط.

ثالثاً- الترتيل:

لغةً هو تحسين النّطق بالكلام، يُقال رتّل فلان كلامه، أي أتبع بعضه بعضاً على مكث وتفهّم دون عجلة.

واصطلاحاً: التّرتيل هو قراءة القرآن مع رعاية مخارج الحروف وحفظ الوقوف، قراءة بتمهّل وتُؤدة واطمئنان، ومقدار مدّه أربع حركات، وتعتبر مرتبة الترتيل أفضل المراتب، وفي ذلك قوله تعالى:

﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا...﴾ [المزمل:4].

ويختلف التّرتيل عن التّحقيق، أنّ الأول للتدبّر والتفكّر والاستنباط، والثاني للرياضة اللّسانية والتّعليم والتّمرين، فكل تحقيق ترتيل وليس كل ترتيل تحقيقاً.

وفي قوله تعالى: ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ﴾ يقول الإمام الصادق (عليه السلام): «يرتّلون آياته، ويتفهمون معانيه، ويعملون بأحكامه، ويرجون وعده ويخشون عذابه، ويتمثّلون قصصه، ويعتبرون أمثاله، ويأتون أوامره، ويجتنبون نواهيه، وما هو والله بحفظ آياته وسرد حروفه وتلاوة سوره، ودرس أعشاره وأخماسه، حفظوا حروفه وأضاعوا حدوده، وإنّما هو تدبّر آياته، يقول الله تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾[ سورة ص: 29]»[ عن كتاب نبيه الخواطر، ص863]

رابعاً- التدوير:

وهو التوسط بين الترتيل والحدر، وهي مرتبة قلّما يقرأ بها، ومقدار مدّه ثلاث حركات.

وكما أسلفنا إن أحسن كيفيّات التّلاوة هي الترتيل لما فيها من فوائد للقارئ وإفادة وأثر في السامع. فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «... إنّ القرآن لا يُقرأ هذرمة ولكن يُرتّل ترتيلاً، وإذا مررت بآية ذكر النار فقِف عندها وتعوّذ بالله من النار» [عن الحر العاملي، الوسائل،ج4، ص863].

أسئلة حول الدرس

1- ما هو التجويد ؟ وما هو موضوعه ؟

2- ما هي أهمية علم التجويد ؟ وما الغاية منه ؟

3- عدد مراتب التلاوة وتحدّث عن الترتيل ؟

للمطالعة

أساليب غير محبذة للقراءة.

هناك أساليب غير محبذة في قراءة القرآن الكريم قد يصل بعضها لدرجة الحرمة نسمّيها ونصفها لتجنّبها هي:

أ- التطريب: وهو أن يتتبّع القارئ صوته فيخلّ بأحكام التجويد وأصوله.

ب- الترجيع: وهو تمويج الصوت أثناء القراءة، وخاصة في المد (أو هو رفع الصوت ثم خفضه وإعادة الرفع والخفض- في المد الواحد- مرات)

ج- الترقيص: هو أن يزيد القارئ حركات بحيث كالراقص يتكسّر، أو هو يروم السكت على الساكن ثم ينفر عنه إلى الحركة في عدو وهرولة.

د- التحزين: هو أن يترك القارئ طبعه وعادته بالتلاوة على وجه آخر كأنّه حزين يكاد يبكي من خشوع وخضوع بقصد الرّياء والسمعة، أما إذا أتى القارئ بالتلاوة بنغمة حزينة في خشوع وتدبّر ومحافظة على الأحكام والأصول فهذا جائز ليس بممنوع.

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) حين يقول: «أما الليل فصافون أقدامهم، تالين لأجزاء القرآن، يرتّلونه ترتيلاً، يحزّنون به أنفسهم...» [نهج البلاغة،622، عبرة2/ 186].

وقد أشار الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث آخر، إلى أنّ حُسن قراءة القرآن وتلاوته أن يكون معها «...اللين والرقّة والدمعة والوجل» [سفينة البحار، ج2، ص422].

ولكن، حزن ووجل روحي باطني، ينبغي أن لا تظهر آثاره على الوجه والملامح، ليكون وصف القارئ في قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «العارفُ وجهُهُ مستبشرٌ وقلبه وجِلٌ محزون» [غرر الحكم، ويمكن أيضاً مراجعته في كتاب إرشاد القلوب، الباب31].

هـ- الترعيد: هو أن يأتي القارئ بصوت كأنه يرعد من شدة برد أو ألم أصابه.

و- التحريف: هو أن يجتمع أكثر من قارئ ويقرؤون بصوت واحد فيقطعون القراءة ويأتي بعضهم ببعض الكلمة والآخر ليحافظوا على الأصوات ولا ينظرون إلى ما يترتب على هذا من إخلال بالثواب فضلاً عن الإخلال بتعظيم كلام الجبّار.

ز- التلاوة مع الآلات الموسيقية هي من أقبح أساليب تلاوة القرآن الكريم.

________________

 (*) من كتاب: تجويد القرآن الكريم، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية - www.almaaref.org.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2396
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 08 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24