• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : السيرة والمناسبات الخاصة .
              • القسم الفرعي : النبي (ص) وأهل البيت (ع) .
                    • الموضوع : اقتران عليّ بالزهراء (عليهما‌ السلام) (*) .

اقتران عليّ بالزهراء (عليهما‌ السلام) (*)

 بعد أن استقرّ المقام بالمسلمين وبدأت تعاليم الإسلام تترسّخ في نفوس المسلمين وظهرت يدهم القويّة في الدفاع عن الرسالة والرسول؛ تفتّحت العلاقات بين المسلمين في صورة مجتمع متمدّن ونهضة ثقافية اجتماعية شاملة، يتزعّمها الرسول الكريم (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله‌) الذي عصمه الله في الفهم والتلقّي والإبلاغ والتربية والتنفيذ. وها هو عليّ (عليه ‌السلام) قد تجاوز العشرين من عمره الشريف وهو يصول في سوح الجهاد والدفاع عن العقيدة والدعوة الإسلامية، ويقف مع الرسول في كلّ خطواته، وقد بلغ من نفس الرسول أعلى منزلة، يعيش معه وهو أقرب من أيّ واحد من المسلمين، وبعد أن انقضت سنتان من الهجرة وفي بيت الرسول بلغت ابنته الزهراء (عليها ‌السلام) مبلغ النساء، وشرع الخطّاب بما فيهم أبو بكر وعمر (1) يتسابقون إلى النبيّ (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله‌) يطلبونها منه وهو يردّهم ردّاً جميلاً ويقول: إنّي أنظر فيها أمر الله، وكان عليّ من الراغبين في الزواج منها.

ولكن كان يمنعه عن مفاتحة النبيّ (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله‌) الحياء وقلّة ذات اليد، فلم يكن عليّ (عليه ‌السلام) من الذين يملكون الأموال، وبتشجيع من بعض أصحاب الرسول تقدّم عليّ لخطبة الزهراء، فدخل على النبيّ مطرقاً إلى الأرض من الحياء، فأحسّ النبيّ (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله‌) بما في نفسه فاستقبله ببشاشته وطلاقة وجهه الكريم، وأقبل عليه يسأله برفق ولطف عن حاجته، فأجابه (عليه ‌السلام) بصوت ضعيف: يا رسول الله تزوّجني من فاطمة؟

فردّ النبي (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله‌) قائلاً: مرحباً وأهلاً، ودخل على بضعته الزهراء ليعرض عليها رغبة عليّ (عليه ‌السلام) فيها، فقال (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله‌) لها: لقد سألت ربّي أن يزوّجك خير خلقه وأحبّهم اليه، وقد عرفت عليّاً وفضله ومواقفه، وجاءني اليوم خاطباً فما ترين؟ فأمسكت ولم تتكلّم بشيء، فخرج النبيّ (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله‌) وهو يقول: سكوتها رضاها وإقرارها.

ثمّ إنّ الرسول (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله‌) جمع المسلمين وخطب فيهم، فقال: إنّ الله أمرني أن أزوّج فاطمة من عليّ...

ثمّ التفت إلى عليّ (عليه ‌السلام) فقال:

لقد أمرني ربّي أن أزوجك فاطمة... أرضيت هذا الزواج يا عليّ ؟ فقال (عليه ‌السلام): رضيته يا رسول الله، وخرّ ساجداً لله.

فقال النبيّ (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله‌): بارك الله فيكما، وجعل منكما الكثير الطيب.

وجاء عليّ (عليه ‌السلام) بالمهر الذي هيّأه من بيع درعه فوضعه بين يدي رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله‌) فأمر الرسول أبا بكر وبلالاً وعمّاراً وجماعةً من الصحابة وأم أيمن لشراء جهاز الزواج، ولمّا تم الجهاز وعرض على الرسول؛ جعل يقلّبه بيده ويقول: بارك الله لقوم جلّ آنيتهم من الخزف.

وبيسر وبساطة ودون تكاليف تمت الخطبة والزواج، وكان الجهاز من أبسط ما عرفته المدينة، واحتفل النبيّ وبنو هاشم بهذا الزواج الميمون (2).

وروي أنّ النبي (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله‌) عوتب في زواج فاطمة (عليها‌ السلام) فقال: لو لم يخلق الله عليّ بن أبي طالب لما كان لفاطمة كفؤ.

وفي خبر آخر أنّه (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله‌) قال مخاطباً عليّاً (عليه ‌السلام): لولاك لما كان لها كفؤ على وجه الأرض (3).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) من كتاب: أعلام الهداية، ج1، ص61-63، بتصرّف يسير.

(1) أخرجه أحمد بن حنبل في مناقب عليّ (عليه ‌السلام)، وتاريخ دمشق لابن عساكر: 6 / 201، وكنز العمال للمتّقي الهندي: 5 / 40، وكشف الغمة: 1 / 326.

(2) كفاية الطالب للكنجي:82، تذكرة الخواص: 14، والفصول المهمّة: 38.

كما وردت أحاديث المؤاخاة بين النبيّ (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله‌) وعليّ (عليه ‌السلام) يصيغ مختلفة ومصادر عديدة منها: تأريخ ابن كثير: 7 / 235، والفصول المهمّة: 22، ومسند أحمد: 1: 23، وتأريخ ابن هشام: 2: 132، وتأريخ دمشق: 6 / 201، وفرائد السمطين: 1 / 226، والغدير: 3 / 115، وكفاية الطالب: 185.

(3) كشف الغمة: 1 / 353.

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2173
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 09 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16