• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : الفقه وآيات الأحكام .
                    • الموضوع : الآفاق التشريعية في القرآن الكريم - القسم الثاني .

الآفاق التشريعية في القرآن الكريم - القسم الثاني

 القسم الثاني

الشيخ خالد الغفوري

لا زلنا نواصل بحث الآيات ذات الارتباط بالمباحث الاُصولية وقد تقدّم البحث‌ عن‌ مباحث‌ القـطع والظـن.

مـرجعية القرآن الكريم:

1 ـ قوله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾. [سورة الانعام : 38]

لقد دلّت الجملة المعترضة ـ ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ عـلى نفي النقص عن الكتاب وأنّه لم يهمل شيئا‌ً، فالكتاب تامّ كامل .

والمراد بالكتاب فيه عدّة احتمالات:

الأوّل: أن يراد بالكتاب كتاب التكوين أو اللوح المحفوظ، فيكون المعنى حينئذٍ أن كلّ مخلوقات اللّه مشمولة لعناية‌ اللّه‌ التي لم تترك شـيئاً سدى بل أخضعته للنظام بحيث ينال كل مخلوق ما يستحقه من كمال .

الثاني: أن يراد بالكتاب القرآن الكريم، أي إنّ القرآن لم يدع‌ شيئا‌ً له علاقة بهداية الناس إلاّ وبينه .

الثالث: أن يراد مطلق الكتاب الشامل لكلا المـعنيين المـتقدّمين، بمعنى أنّ اللّه سبحانه لا يفرّط فيما يكتب من شيء، ففي‌ كتاب التكوين فانّه يقضي ويقدّر لكل نوع ما يستحقه من كمال، وأمّا في كتابه الذى أوحاه إلى الناس بين كل ما يقتضيه أمـر هـدايتهم .

ومن الواضح أنّه بناء‌ على الاحتمالين‌ الثاني والثالث تكون الآية الكريمة‌ دالّة‌ على‌ مرجعية القرآن الكريم وأنّه حاوٍ لكل ما يحتاج إليه الناس في طريق الهداية .

وهذه الاحتمالات الثلاثة وإن كـانت في نفسها‌ صحيحة‌ إلاّ‌ أنّه يمكن ترجيح ثانيها أو ثالثها ولو بمعونة‌ القرائن‌ المنفصلة، منها ما ورد في الروايات من تفسير الآية بهما سيما الثاني .

ثمّ إنّ شمولية القرآن للأحكام‌ لا‌ تعني‌ ذكر كل الأحـكام بـخصوصياتها، فـقد يذكر الحكم أحياناً مفصّلاً‌ واُخـرى بـصورة كـلية عامة وثالثة قد يذكر طرفاً منه ويرجع في الباقي إلى الرسول الهادي الذي تكون هدايته‌ جزءاً من‌ الهداية القرآنية وفي طولها؛ باعتبار أنّ القـرآن هـو الذي نصب‌ النبي‌ هادياً وأمر باتباعه وطاعته، وهذه مـن جـملة الاُمور اللازمة لهداية البشر بنظر القرآن نفسه، فمن‌ يطع‌ الرسول فقد أطاع اللّه. وكذا الرجوع إلى أهل الذِّكر (عليهم ‌السلام) والسؤال‌ مـنهم‌؛ فـإنّ الرجـوع اليهم رجوع إلى القرآن بلا ريب .

2  ـ قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾. [سورة النحل‌: 89]

يدلّ‌ المقطع‌ الأخير من هذه الآية على أنّ القرآن هـو بـيان لكلّ شيءٍ يتعلّق بأمر الهداية‌ ممّا‌ يحتاج إليه الناس في اهتدائهم من المعارف المتعلّقة بالمبدأ والمـعاد والشـرائع والأخـلاق، فيكون‌ بذلك‌ مصدراً يرجَع إليه لأخذ الأحكام، فقد تكفّل القرآن بيانها وتـوضيحها، فـالقرآن مـن حيث‌ هو‌ لا غموض فيه ولا إبهام بحيث يفهمه كل من له فهم بالحدّ‌ المتعارف‌؛ فمرادات القـرآن ومـداليل آيـاته جلية. فهذه الآية أكدت مرجعية القرآن وشموله لكافّة الأحكام، وأيضاً أكدت‌ على بيانية القـرآن. وهـذا الوصف مطلق، فلا فرق بين ما‌ يكون‌ مستفاداً من نصّ الآية وبين مـا يـكون مـستفاداً من ظهور الآية .

وبيانية القرآن ثابتة ـ مع‌ قطع النظر عن هذه الآية ونحوها مـن الأدلّة اللفـظية. وذلك باعتبار‌ أنّ‌ كل كتاب لابدّ وأن يتناسب مع الغرض‌ الذي‌ من‌ أجله دوِّن ذلك الكتاب، وكـلّما كـان‌ كـاتبه‌ أعلى شأناً كان وفاء الكتاب بذلك الغرض أكمل وأتقن، فلو كان غرض‌ صاحب‌ الكتاب تـبيان الحـقائق العلمية الهندسية‌ استوجب‌ ذلك أن‌ يكون‌ الكتاب‌ معمّقاً بأعمق درجة، وأمّا إذا‌ لم‌ يـكن الغـرض ذلك بـل الغرض هداية الانسان وإخراجه من الظلمات إلى النور‌ وتربيته‌ وتغذيته فكرياً وروحياً وخلقياً، فذلك‌ يستلزم أن يـكون الكـتاب‌ بـيانا‌ً واضحاً نوراً هادياً، لا‌ مبهماً‌ ملغّزاً.

هذا، مضافاً إلى أنّ لآيات الأحكام والتشريعات خـصوصية، وذلك‌ باعتبار‌ أنّها إنشاءات أوامر ونواهٍ، وليست‌ إخبارات‌ عن المغيبات أو‌ عن‌ اُمور اُخرى قد يقتضي‌ الحال‌ إبـهامها .

وأمـّا الدقة والعمق في الملاكات وعدم وضوحها وكون فهمها مستعصياً علينا فهذا‌ أمـر‌ لا ربـط له بالأحكام والتشريعات نفسها‌ .

وناقش بعض‌ المحققين‌ فـي‌ هـذه الآيـة بأنّ البيان‌ تارة يراد به البيان المـعهود مـن الكلام وهو إظهار المقاصد والمعاني من طريق الدلالة اللفظية‌. واُخرى قد يراد به البيان الأعـم‌ مـمّا‌ يكون‌ من‌ طريق‌ الدلالة اللفظية وغـيرها‌، فـلعلّ هناك إشـارات غـير لفـظية تكشف عن أسرار وخبايا لا سبيل للفـهم المـتعارف إليها. إذن‌ فلا‌ داعي‌ لحصر البيان في المعنى الأوّل .

والجواب‌: إن‌ أريد‌ مـن‌ هـذا‌ الكلام نفي البيان عن القرآن كـلاًّ أو بعضاً من جهة الدلالة اللفـظية؛ وذلك لاحـتمال وجود القرائن غير اللفظية الصـارفة للمـداليل اللفظية فهو واضح البطلان؛ لما‌ قدّمناه، فإنّ القرآن الكريم حيث إنّه مجموعة ألفـاظ فـعندما يوصف بأنّه بيان يفهم مـنه أنّ ذلك يـكون عن طريق الدلالة اللفـظية ولا طـريق آخر غيرها، وبذلك افـترق البـيان‌ القرآني‌ عن البيان النبوي؛ إذ أنّ النبى (صلّى الله عليه وآله) قد يبين الحكم عن طريق اللفظ أو عـن طـريق الفعل أو عن طريق التقرير .

نعم، إن اُريـد مـن ذلك أنّ‌ النـبي (صلّى الله عليه وآله) قد يلتفت إلى حقائق مـرتبطة بوظيفته كرسول لا يستطيع غيره دركها من خلال بعض الرموز والاشارات اللفظية أو غير اللفظية والتي‌ لا‌ تـعتبر دلالة لفـظية وضعية، فإنّ‌ هذا على تقدير قـيام الدليـل عـليه لا يـنفى كـون القرآن واضحاً وبـيناً بـالنسبة إلينا بالمقدار الذى يرتبط بنا كمكلّفين، ويكون هذا البيان القرآني‌ حجة‌ تنجيزاً وتعذيراً على كلّ‌ مكلّف‌. فـكأنّه تـوجد مـرتبتان من البيان إحداهما متناسبة مع المكلّفين، واُخـرى أرقـى مـتناسبة مـع النـبي أو الولي. بـيد أنّ ذلك لا يستفاد من هذه الآية البتة .

وليت‌ شعري‌ ما هو الداعي إلى إثارة الشبه والاحتمالات المستبعدة في قبال هذه الآية ونحوها من الآيات الواضحة الدلالة على المطلوب غاية الوضـوح، وهل هناك تعبير أدلّ من مثل هذه الآية‌ على‌ مرجعية القرآن‌ وحجيته وبيانه؟ !

ولو فسحنا المجال للتشكيك في بيانية القرآن ومرجعيته، وهو الأساس فهل يبقى بعد ذلك من اعتبار للسنّة الشريفة التي اكـتسبت شـرعيتها من القرآن‌ نفسه‌، وهل يبقى شيء من الدين بعد ذلك؟ !

3  ـ قوله تعالى: ﴿‌‌أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾. [سورة البقرة: 85]

الآية واردة في خطاب بنى إسرائيل وذمّهم على تجزئتهم للدين، فقد‌ أخذوا بحكم الفدية فتراهم‌ يمتثلون‌ هذا الحـكم في تخليص الأسرى من الأسر، في حـين أنهم تركوا حكم القتل والإخراج من الديار فارتكبوا ذلك مع علمهم بأنّه حرام عليهم، وهنا يعترض القرآن عليهم، إذ‌ أي فرق بين الحكمين ؟! فما لكم تـطيعون في بعض وتعصون في بـعض آخـر مع انّ كلا الحكمين واردان في الكتاب؟! فكأنّكم تؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض. ومن‌ الواضح أنّ أحكام اللّه لا تقبل التبعيض، فإنّ ترك الأحكام كلاًّ أو بعضاً معصية وسلوك غير منطقي وغير عقلائي؛ فـإنّ طـاعة اللّه واجبة في كلّ حكم حكم، ومعصية‌ اللّه قبيحة مطلقاً .

ويمكن أن يستفاد من هذه الكبرى لزوم الأخذ بالكتاب كلّه، وهذه الاستفادة تامّة وصحيحة سواء قلنا إنّ القاعدة المذكورة قاعدة تأسيسية أو إمضاء لأمر‌ عـقلائي‌ وعـرفي أو إنّها إرشـادية، فعلى كلّ التقادير تكون هذه القاعدة مقبولة ومرضية بنظر القرآن .

ويلزم الأخذ بالقرآن كلّه دون تقطيع سواء كـان من أجل فهم ومعرفة مراداته‌ أو‌ عند‌ أخذ الأحكام منه، فإنّ‌ الأخـذ‌ بـالعام‌ وتـرك المخصّص والأخذ بالمطلق وترك المقيد، وكذا الأخذ بالمتشابهات وترك المحكمات أو العكس كلّ ذلك يعنى تجزئة وتبعيض القرآن. ونـضيف‌ ‌ ‌أيـضا‌ أنّ هذه المخصصات والمقيدات حتى لو وردت في‌ السنة‌ فيجب الأخذ بها؛ لأنّ الأخذ بـها أخـذ بـالقرآن الذى أعطى للنبى دورا في هداية الناس إلى اللّه لا‌ علي‌ نحو‌ الشركة بل بنحو الطولية والرتبية .

4 ـ قوله تعالى‌: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾. [سورة آل عمران : 7]

فسّرت هذه الآية الكريمة بتفسيرين:

التفسير الأوّل: أنّ‌ الآيـة‌ تبين كيفية فهم القرآن وطريقة التعامل مع الآيات. حيث بينت طريقتين وأنّ الطريقة‌ الثانية‌ هي‌ الصحيحة دون الاُولى .

أمّا الطريقة الاُولى فهى الأخذ بنوع خاص من الآيات وترك‌ ما‌ سواها، وهو الأخذ بالمتشابه مـن دون الرجـوع إلى المحكم. وهذه طريقة‌ المنحرفين‌ والسطحيين‌ ومن في قلوبهم زيغ الذين يريدون فتنة الناس عن دينهم .

وأمّا الطريقة الثانية‌ فالأخذ‌ بكلّ آيات القرآن من دون تبعيض، وهذا هو المنهج المنطقى الذى يتّبعه‌ الراسـخون‌ فـي‌ العلم والذين يؤمنون بالكتاب كلّه. وهذا التفسير للآية هو الصحيح .

التفسير الثانى: أنّ‌ الآية تنهى عن اتباع الآيات المتشابهة، وهذا النهى يشمل الظواهر أيضا‌؛فإنّ‌ المحكم ما يكون نـصّا في معنى واحد لا غبار عليه، بخلاف المتشابه وهو ما‌ يكون‌ له‌ عدّة معان يشبه بعضها بعضا فيحار معها اللبيب، وليس من الصحيح‌ أن‌ يحمل اللفظ على معنى دون آخر ما دام ثـمة مـعان اُخـرى ربما تكون مرادة من اللفـظ‌ .

فـإنّ المـتشابه قد لوحظ فيه وجود معنيين متشابهين كل منهما له صلاحية‌ لأن‌ يكون مراداً للقرآن وإن كان أحدهما أقرب‌ وأشدّ‌ علقة‌ باللفظ من الآخـر .

وبـناء عـلى ذلك‌ ادّعى‌ بعض العلماء انّه يستفاد من هـذه الآيـة عدم حجّية ظواهر الآيات القرآنية لأنّها‌ من‌ المتشابه المنهى عنه بالآية. وقد‌ نسب ذلك‌ إلى‌ الأخباريين في مقابل الاُصوليين القـائلين بـحجية الظـواهر‌ مطلقاً‌ كتاباً كانت أو سنّة .

وقد أورد المحققون على هذا الاستدلال مـناقشات‌ كثيرة‌، منها:

ليس المراد بالتشابه‌ هو التشابه المفهومي وعدم‌ تعين‌ المعنى، بل المراد هو‌ التشابه‌ بلحاظ عالم المـصاديق والتـطبيق، بـمعنى أنّ هناك اُناساً منحرفين في قلوبهم زيغ‌ فيتبعون‌ الآيات التي لا تـخلو مـصاديقها‌ من‌ غموض‌ وإبهام، نحو‌ استواء‌ الرحمن على العرش فانّه‌ ليس‌ لفظاً متشابه المعنى، بل الابهام فـيه يـنشأ في مقام تصور المصداق المناسب له‌ تعالى‌ وما يؤول إليه المعنى من المـصداق‌ المـتحقق‌ خـارجاً. فهؤلاء‌ المنحرفون‌ يعمدون إلى هذا الصنف‌ من الآيات لتشويش الأذهان ابتغاء الفتنة. ويتركون الآيات المـحكمة التي يـسهل تصوّر مصاديقها وتطبيقها‌ خارجاً‌ .

إنّ التشابه لا يشمل الظاهر‌، وذلك‌ لأنّ‌ مجرّد‌ قابلية اللفظ لأن‌ يـستعمل‌ في كل من المعنيين لا يجعله متشابها إذا كان واضحاً بيناً في أحدهما، بل التـشابه‌ يـتحقق‌ عـندما‌ تكون نسبة كل من المعنيين إلى اللفظ‌ متساوية‌ أو‌ متقاربة‌، وهذا‌ لا يكون إلاّ في المجمل ولا يشمل الظـاهر .

إنّ الآية لم تنه عن اتباع المتشابهات ولم ترد بلسان: «لا تتبع المتشابهات»، بل‌ نهت عن الاقـتصار عـلى العـمل بالمتشابهات فقط وقطع صلتها بالمحكمات رغم انها اُمّ الكتاب؛ كما كان عمل المشاغبين في صـدر الإسـلام، ويؤيده ما قيل من أنّ الآية نزلت‌ في‌ نصارى نجران الذين كـانوا يـثيرون الشـبهات حول عيسى (عليه السلام) ويتمسكون بالآيات المتشابهة فقط ويتركون المحكمات .

ومن الواضح عدم جواز الأخذ بـالمتشابهات مـن دون مـراجعة النصوص المحكمة، وكذلك‌ عدم‌ جواز تبعيض القرآن والعمل ببعض الآيات دون بعض .

فتبين مـن ذلك كـلّه أنّ الصحيح عدم دلالة الآية على النهي عن العمل بحجية‌ ظواهر‌ الآيات الكريمة، وإلاّ فإنّ‌ التسليم‌ بتلك الشـبهة سـيؤدي إلى تعطيل المصدر الأوّل للشريعة الغرّاء، وهذا ما يتنافى مع الضرورة الدينية القطعية، فـقد وردت الأحـاديث الكثيرة التي تضمّنت‌ الاستدلال‌ بظواهر الكتاب عـلى بـعض‌ الأحـكام‌ الشرعية حتى تحوّل ذلك إلى سيرة مستحكمة في المـجتمع الاسـلامي حيث بات ذلك من المسلّمات .

مضافاً إلى منافاة تلك الشبهة لصريح القرآن نفسه بأنّ آيـاته إنـّما نزلت بياناً وتبياناً‌ وهدًى‌ ونـوراً وبـلسان عربي مـبين، وكـذلك مـنافاتها للروايات الكثيرة الآمرة بالتمسك بالكتاب والأخـذ بـه والعمل بموجبه إلى غير ذلك .

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2161
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 07 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24