• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : مؤلفات الدار ونتاجاتها .
              • القسم الفرعي : مقالات المنتسبين والأعضاء .
                    • الموضوع : السبل المعرفية والسلوكية للوقاية من الذنوب والمعاصي في القرآن والروايات ـ القسم الثالث ـ .

السبل المعرفية والسلوكية للوقاية من الذنوب والمعاصي في القرآن والروايات ـ القسم الثالث ـ

 السيّد حكمت الموسوي

بعد أن تعرّفنا في القسم الثاني من البحث على ما تتركه الذنوب والمعاصي من الآثار السلبية على الإنسان ـ النفسية منها خاصةً ـ ، لابدّ من التطرّق هنا إلى سبل الوقاية منها وعلاجها، ولا شيء أفضل في هذا المجال من هَدْي كتاب الله تبارك وتعالى وأهل البيت (ع)، فهما حبل الله المتين وصراطه المستقيم اللذان لا يفترقان أبداً، ومن جانب آخر إن الله تعالى هو خالق الإنسان وخبير بجميع أموره ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [سورة الملك، 14]، ومنّ عليه بكتابه الكريم؛ شفاء للصدور ورحمة للمؤمنين، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [سورة يونس، 57]، ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا [سورة الإسراء، 82]. وعن رسول الله (ص) أنّه قال: «القرآن هو الدواء» [الدعوات للراوندي، ص188]، وعن أمير المؤمنين (ع) قوله: «كلام الله دواء القلب» [المواعظ العددية، ص44] ، وعنه (ع) في فضل القرآن ودوره الكبير والعظيم في علاج الإنسان: «ألا إن فيه علم ما يأتي، والحديث عن الماضي، ودواء دائكم، ونظم ما بينكم» [نهج البلاغة، الخطبة 158]. فالكتاب والسنّة الشريفة خير دليل لوضع منهاج قويم للإنسان في مسيرته التكاملية فيعينانه على الوقاية من الذنوب وتعريفه بالسبل العلاجية اللازمة بعد الوقوع في شراك المعاصي.

ويتمثّل علاج الذنوب والمعاصي في عدّة جوانب ومجالات مختلفة؛ نذكر منها:

أوّلاً- الجانب المعرفي

لا تخفى أهمية الجانب المعرفي للإنسان، تجاه ربّه وتجاه نفسه ومجتمعه. والمعرفة هنا تعطي الإنسان صورة واضحة عن حقيقة الذنوب والمعاصي المخيفة والمهولة، وتدعوه إلى الوقاية منها وعلاجها بأسرع وقت قبل استفحالها في النفس وهيمنتها عليها؛ لأنّ الذنوب تورد الإنسان مخاطر لم يكن ليلتفت إليها سابقاً بلا معرفة، فبفضل المعرفة يقوم بالابتعاد عنها على بصيرة وقناعة تامّة. ومن الأمور التي تقع في هذا المجال:

أ ـ معرفة عظمة الله تعالى

تدعو معرفة عظمة الله تبارك وتعالى الخوف من الوقوع في المعاصي والابتعاد عنها؛ فالله تعالى مالك الملك وبيده الاعطاء وبيده المنع ويعزّ من يشاء ويذلّ من يشاء، وهذا وحده كفيل بترك معصيته والعمل على طاعته، وهو القاهر فلا يأمن من عصاه من نزول الغضب عليه حال المعصية، قال تعالى في كتابه الكريم: ﴿قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران، 26]، ﴿قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ [الرعد، 16]. ومن يتجرّأ على الله تعالى بالمعصية فقد تجرّأ على مالك السموات والأرض وسيرى جزاء عمله يوم القيامة لظلمه، وهو لا محالة من الخاسرين ﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ [الجاثية، 27]، ﴿فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ [سورة هود: 63]، ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [سورة البقرة: 229]

فالذنوب كلّها كبائر لاشتراكها في مخالفة أمر الله تعالى ونهيه وانتهاك ما حرّمه سبحانه، ولذلك جاء في الحديث: «لا تنظروا إلى صغر الذنب، ولكن انظروا إلى من اجترأتم» [بحار الأنوار: ج74، ص168]، ونتيجة هذا الخسارة والحرمان من النعيم والكرامة في الآخرة: «... إياكم أن تشره أنفسكم إلى شيء ممّا حرم الله عليكم فإنّه من انتهك ما حرّم الله عليه ههنا في الدنيا حال الله بينه وبين الجنة ونعيمها ولذّتها وكرامتها القائمة الدائمة لأهل الجنة أبد الآبدين ...» [الكافي: ج8، ص4].

ب- معرفة مصير العاصي

إنّ ارتكاب الذنب في الحقيقة هو تعدٍّ وتجاوز للقانون الذي فرضه الله تعالى، وهو كشأن بقية القوانين التي تحكم هذا الكون الذي نعيش فيه ترتّب أثراً معيّناً على مَن تعدّاها سواء على النفس أو البدن أو كلاهما كتناول السمّ الذي يترك أثراً مهلكاً على البدن والسقوط من شاهق وغير ذلك من الأمثلة الكثيرة التي تخالف القانون الذي ينتظم هذا الكون على أساسه وطبقاً لحكمة الله تبارك وتعالى. وأمّا الآثار المترتّبة على الذنوب والمعاصي فقد تكون في الدنيا وقد تكون في الآخرة وقد تكون في كليهما، وغايتها أن تجرّه إلى نار جهنّم والعياذ بالله، حيث رُوي أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ: ﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ [سورة البقرة: 175] أنّه قال: «ما أصبرهم على فعل ما يعلمون أنه يصيرهم إلى النار» [الكافي: ج2، ص269].

ومن شأن ذلك أن يمنع الإنسان ويصدّه حتى من مجرّد التفكير في المخالفة، لأنّه على بصيرة بأنّ غاية هذا العمل هو ما لا يُحمد عقباه، فكما أنّ السقوط من شاهق أو تناول السم المهلك نتيجتهما الموت والهلاك، فكذلك ارتكاب الذنب والمعصية غايته ترتّب الأثر السلبي الخاص لكل ذنب على العاصي، فيُسلب منه الحياة الطيّبة الهنيئة مثلاً أو يحرم من بركة المال وغير ذلك ممّا لا يمكن حصره.

ج- معرفة حقيقة الدنيا

حيث جعل الله عزّ وجلّ الدنيا دار ابتلاء وامتحان، فقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [سورة هود، 7]. والدنيا في الحقيقة مزرعة للآخرة وليست غاية لخلق الإنسان بل خلق لغاية أسمى وأجل من تلك، لذا يتوجّه إلى أن الدنيا لا استقرار فيها وهي بمثابة معبر لبلوغ منزلة هي أعلى منها تناسب مقام الإنسان الذي كرّمه الله تعالى ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا [سورة الإسراء، 70]، ومن مظاهر هذا التكريم أن يكون الإنسان في محل أشرف وأفضل من هذه الحالة التي نراها في الدنيا من الظلم وعدم دوام الحال (ودوام الحال من المحال) ثمّ آخرها الموت وترك ما فيها إلى غير ذلك من الكوارث المادية والنفسية التي ابتُلي بها الإنسان اليوم بشكل خاص حتى غدت لا تفارقه لحظة رغم ما توصل إليه من تطوّر في المجال العلمي المادّي، لذا ينبغي الاستفادة من هذه الدار الزائلة لبلوغ محل الكرامة والاستقرار، قال تعالى: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا [سور الفرقان، 24].

د- معرفة ضعف كيد الشيطان

فقد يتصوّر الإنسان أن الشيطان له قدرات لا يمكن مجاراتها بحال من الأحوال، لكن نفس هذا التصوّر قد يحدث في نفس الإنسان حالة من الانكسار والإحساس بالخسارة الذي هو بنفسه خسارة يصنعها الإنسان لنفسه من حيث لا يعلم فتحدث عنده حال من التلقين أنه هو الخاسر الوحيد في هذه المعركة لضعفه، لكن الحقيقة هي غير ذلك تماماً فالإنسان في صاحب المبادرة دائماً وبيده زمام الأمر فإن شاء توقّى الشيطان الذي هو في الواقع لا يملك من الأمر شيئاً سوى أن يدعو الإنسان فيستجيب له؛ ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [سورة إبراهيم، 22]، وقال تعالى أيضاً: ﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا [سورة النساء: 76].

فمن شأن هذا الأمر أن يقوّي ثقة العبد بنفسه وعزيمته على أن لا يعود إلى ارتكاب الذنوب تحت تأثير وطأة الشيطان، واستصغار كيده الذي هو في الأساس ضعيف وليس له قدرة وسلطان إلا على أوليائه، حيث يخاطب الله تعالى الشيطان بقوله: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ [سورة الحجر، 42].

هـ- معرفة قيمة نفس الإنسان وكرامتها

عادةً ما يعصي الإنسان حينما يرى نفسه ذا منزلة دنيئة وكرامة واطئة فيلتجئ إلى ارتكاب المخالفة لكون الذنب ـ حسب تصوّره ـ يسانخ ما تنطوي عليه نفسه من الإحساس بالدناءة وقلة القدر، لكن القرآن الكريم يصرّح بأن الله تعالى كرّم الإنسان وفضلّه على كثير من خلقه، ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا [سورة الإسراء: 70].

فحينما يتوجّه إلى ما يملكه من قيمة عالية من بين جميع المخلوقات، فسيقوم حينئذٍ بالتفكير في أن يتدرّج ويرتقي في المنازل الرفيعة المناسبة لقيمته وعزّة نفسه، فكلّما عرف الإنسان قيمة نفسه أبى أن يدنّسها بمعصية تضعف مكانته عند الله عزّ وجل، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: «من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهواته» [نهج البلاغة: الحكمة 449].

فشرف النفس وفضّلها وأنفتها وحميّتها تمنع الإنسان من اختيار كل ما من شأنه أن يحطّمها ويضع من قدرها، فليس مضطرّاً إلى الكذب مثلاً، فيعمل على أن يكون صادقاً دائماً حتى يبقى عند نفسه كبيراً، أمّا حينما تُغيّر الحقائق، ويتكلّم بلسانين، ولو لم يدرِ أحد بهذا الكذب، فيكون قد سقط عند نفسه، والإنسان حينما يسقط عند نفسه سيميل إلى كل ما هو دنيء وهابط القيمة.

و- معرفة آفات الذنوب

من الضروري أن يلتفت الإنسان إلى الآفات والأضرار التي تنتجها الذنوب والمعاصي، وما تخلّفه على نفسه من آثار وضعية سيئة تسلب منه ما هو فيه من نعمة وحياة هانئة،  فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «أما إنه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلا بذنب، وذلك قول الله عزّ وجلّ في كتابه: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قال: ثم قال: وما يعفو الله أكثر مما يؤاخذ به». [الكافي: ج2، ص 269].

وذُكر في دعاء كميل (رحمه الله) عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «... اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل النقم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تغيّر النعم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء، اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء، اللهم اغفر لي كل ذنب أذنبته وكل خطيئة أخطأتها....» [إقبال الأعمال: ج3، ص332].

ومن تلك الأضرار والآفات التي من شأن معرفتها أن تردع الإنسان عن اقتراف الذنوب المسببة لها:

1- حبس الرزق

وهو من الآثار السلبية المترتبة على ارتكاب الذنوب والمعاصي المذكورة في الروايات الشريفة، فعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن العبد ليذنب الذنب فيزوى عنه الرزق» [وسائل الشيعة (آل البيت): ج15، ص301]، وعن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «إن الذنب يحرم العبد الرزق» [الكافي: ج2، ص271]، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن الرجل ليذنب الذنب فيدرأ عنه الرزق» وتلا هذه الآية: ﴿إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ [وسائل الشيعة (آل البيت)، ج15، ص301-302].

2- حبس المطر

عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: «إنه ما من سنة أقل مطراً من سنة ولكن الله يضعه حيث يشاء، إنّ الله عزّ وجلّ إذا عمل قوم بالذنوب صرف عنهم ما كان قدر لهم من المطر في تلك السنة إلى غيرهم وإلى الفيافي والبحار والجبال [...] ثم قال (عليه السلام) فاعتبروا يا اولي الابصار» [الكافي: ج2، ص272].

3- الحرمان من قضاء الحوائج

عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: «إنّ العبد يسأل الله الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها إلى أجل قريب أو إلى وقت بطيء، فيذنب العبد ذنباً فيقول الله تبارك وتعالى للملك: لا تقض حاجته واحرمه إيّاها، فإنّه تعرّض لسخطي واستوجب الحرمان منّي» [الكافي: ج2، ص271].

وعن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تبدينَّ عن واضحة وقد عملت الأعمال الفاضحة، ولا يأمن البيات من عملت السيّئات» [الكافي: ج2، ص269].

عن الهيثم بن واقد الجزري قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إنّ الله عزّ وجلّ بعث نبيّاً من أنبيائه إلى قومه وأوحى إليه أن قل لقومك: إنه ليس من أهل قرية ولا [ ا ] ناس كانوا على طاعتي فأصابهم فيها سراء فتحولوا عما أحب إلى ما أكره إلا تحولت لهم عما يحبون إلى ما يكرهون، وليس من أهل قرية ولا أهل بيت كانوا على معصيتي فأصابهم فيها ضراء فتحولوا عما أكره إلى ما أحب إلا تحولت لهم عما يكرهون إلى ما يحبون، وقل لهم: إن رحمتي سبقت غضبي فلا تقنطوا من رحمتي فإنّه لا يتعاظم عندي ذنب أغفره وقل لهم: لا يتعرضوا معاندين لسخطي ولا يستخفوا بأوليائي فإن لي سطوات عند غضبي، لا يقوم لها شيء من خلقي» [الكافي: ج2، ص275].

4- الحرمان من المغفرة

عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «من همّ بسيئة فلا يعملها فإنّه ربما عمل العبد السيّئة فيراه الربّ تبارك وتعالى فيقول: وعزتي وجلالي لا أغفر لك بعد ذلك أبداً» [الكافي: ج2، ص272].

5- الحرمان من الطاعات

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنّ الرجل يذنب الذنب فيحرم صلاة الليل وإن العمل السيّئ أسرع في صاحبه من السكين في اللّحم» [الكافي: ج2، ص272].

6- التعرّض لجور الحكّام والسلاطين

عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: «إنّ أحدكم ليكثر به الخوف من السلطان وما ذلك إلا بالذنوب فتوقوها ما استطعتم ولا تمادوا فيها» [الكافي: ج2، ص275].

7- الحبس عن النعيم الأخروي

عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «إن العبد ليحبس على ذنب من ذنوبه مائة عام وإنه لينظر إلى أزواجه في الجنة يتنعّمن» [الكافي: ج2، ص272].

وفيه دلالة على أنّ الذنب يمنع دخول الجنّة في تلك المدّة، ولا دلالة على أنّه في تلك المدّة في النار.

عن أبي عمر المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: كان أبي (عليه السلام) يقول: «إنّ الله قضى قضاءً حتماً ألا ينعم على العبد بنعمة فيسلبها إيّاه حتى يحدث العبد ذنباً يستحقّ بذلك النقمة» [الكافي: ج2، ص273].

ثانياً- الجانب السلوكي والتربوي

إنّ رعاية الجانب السلوكي والتربوي للإنسان عامل فعّال جدّاً في تربية الإنسان للتخلّص من عادة ارتكاب الذنوب والمعاصي، ومن هنا اهتم الإسلام بتزكية النفس وحثّ عليها وعدّ ذلك من الوظائف العظيمة التي بُعث من أجلها رسولنا الكريم (صلّى الله عليه وآله)، يقول الله عزّ وجلّ: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [سورة الجمعة: 2]، ورُوي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: «إنَّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» [بحار الأنوار: ج67، ص372].

كما ورد عن الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) الحثّ على مكارم الأخلاق والتحلّي بالصفات الحميدة، منها ما رُوي عن الإمام علي (عليه السلام) أنّه قال: «ثابروا على اقتناء المكارم وتحملوا أعباء المغارم تحرزوا قصبات المغانم» [عيون الحكم والمواعظ: ص218].

وعنه (عليه السلام): «ابذل في المكارم جهدك تخلص من المآثم وتحرز المكارم» [ميزان الحكمة: ج1، ص803].

وعنه (عليه السلام): «لا تكمل المكارم إلا بالعفاف والإيثار» [ميزان الحكمة: ج1، ص17].

وعنه (عليه السلام): «إذا رغبت في المكارم فاجتنب المحارم». [عيون الحكم والمواعظ: ص133].

ومن ثمرات حسن الخلق ما رُوي عن الإمام علي (عليه السلام) قوله: «إن أزين الأخلاق الورع والعفاف» [عيون الحكم والمواعظ: ص149]، وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «إن الخلق الحسن يميث الخطيئة كما تميث الشمس الجليد» [الكافي: ج2، ص100].

والسجايا مرتبط بعضها ببعض، فعن الإمام علي (عليه السلام) في الخلال الحسنة: «إذا كان في رجل خلة رائقة فانتظروا أخواتها» [نهج البلاغة : الحكمة 445]، وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «إن خصال المكارم بعضها مقيد ببعض» [أمالي الطوسي: 301، 597]، وعن الإمام علي (عليه السلام): «إذا دعاك القرآن إلى خلة جميلة فخذ نفسك بأمثالها» [غرر الحكم : 4143، عنه: ميزان الحكمة: ج1، 809].

ومن المجالات المهمّة في علاج الذنوب والمعاصي من الجانب السلوكي والتربوي:

أ- الاستعاذة

من معاني الاستعاذة الدعاء لدفع الشرّ، ولا شكّ أنّ الذنوب والمعاصي هي من أشدّ أنواع الشرور والآفات التي تفتك بالإنسان وتمنعه من الارتقاء في سلّم الكمال؛ لذا وجب عليه أن يتعوّذ بالله عزّ وجلّ من كل أمر يوجب الانزلاق في ذلك المنحدر الخطير المتمثّل بمعصيته تعالى ومخالفة أوامره، وواضح أنّ هذا الخطر أعمّ وأعظم من الأخطار المادّية التي يتعرّض لها الإنسان بين حينٍ وآخر في الحياة الدنيا؛ كونها تهدّد دينه وعقيدته وصلته بالله عزّ وجلّ. ومن أهمّ ما يبعث على ذلك: وسوسة شياطين الإنس والجن وتسويل النفس، قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ [سورة المؤمنون، 97-98]، وقال جلّ جلاله: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ* إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ [سورة الناس: 1-6]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ [سورة يوسف، 53].

ومن دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) في الاستعاذة من المكاره، وسيّئ الأخلاق، ومذامّ الأفعال: «اللهم إني أعوذ بك من هيجان الحرص وسورة الغضب، وغلبة الحسد، وضعف الصبر، وقلة القناعة، وشكاسة الخلق وإلحاح الشهوة، وملكة الحمية ومتابعة الهوى، ومخالفة الهدى، وسنة الغفلة، وتعاطي الكلفة، وإيثار الباطل على الحق، والإصرار على المأثم، واستصغار المعصية، واستكبار الطاعة ومباهاة المكثرين والإزراء بالمقلين، وسوء الولاية لمن تحت أيدينا، وترك الشكر لمن اصطنع العارفة عندنا، أو أن نعضد ظالماً، أو نخذل ملهوفاً، أو نروم ما ليس لنا بحق، أو نقول في العلم بغير علم. ونعوذ بك أن ننطوي على غش أحد، وأن نعجب بأعمالنا، ونمد في آمالنا، ونعوذ بك من سوء السريرة واحتقار الصغيرة وأن يستحوذ علينا الشيطان، أو ينكبنا الزمان، أو يتهضمنا السلطان. ونعوذ بك من تناول الاسراف، ومن فقدان الكفاف، ونعوذ بك من شماتة الأعداء، ومن الفقر إلى الأكفاء ومن معيشة في شدة وميتة على غير عدة، ونعوذ بك من الحسرة العظمى والمصيبة الكبرى، وأشقى الشقاء، وسوء المآب وحرمان الثواب، وحلول العقاب. اللهم صل على محمد وآله، وأعدني من كل ذلك برحمتك وجميع المؤمنين والمؤمنات، يا أرحم الراحمين» [الصحيفة السجادية، الدعاء 26].

وعن أبي أسامة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «تعوّذوا بالله من سطوات الله بالليل والنهار، قال: قلت له: وما سطوات الله؟ قال: الأخذ على المعاصي» [الكافي: ج2، ص269].

ولا سُلطة للشيطان على المؤمنين بالله تعالى والمتوكّلين عليه في حال، إنّما تنصبّ سلطة الشيطان على مَن يتولاه ويطيعه، حيث قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ [سورة النحل، 99-100]. قال في كتاب (مرآة العقول): «لمّا كانت الاستعاذة الكاملة ملزومة للإيمان الكامل بالله وقدرته وعلمه وكماله، والإقرار بعجز نفسه وافتقاره في جميع الأمور إلى معونته تعالى، وتوكله في جميع أحواله عليه، فلذا ذكر بعد الاستعاذة أنه ليس له سلطنة واستيلاء «عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» فالمستعيذ به تعالى في أمانه وحفظه، إذا راعى شرائط الاستعاذة» [مرآة العقول في شرح أخبار الرسول، ج26، شرح ص311].

ب- الاستغفار

قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [سورة البقرة، 199]،  ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا [سورة النساء، 64]. 

عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: «لا صغيرة مع الاصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار» [الكافي: ج2، ص288].

فالاستغفار من الذنب يعطي العبد حافزاً قوياً لأنْ يترك الذنوب والمعاصي ويبقى متمسّكاً بالطريق المستقيم؛ لأنّ الاستغفار يفتح للعبد صفحةً جديدةً وفرصةً أخرى له في الحياة، تكون بيضاء وخالية من الكدورات والأدران التي تخلّفها الذنوب على لوحة النفس، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإنّ الاستغفار يجعل في نفس العبد حالةً من الانجذاب الحقيقي نحو ربّه مع الشعور بالذنب والتقصير تجاه الباري تعالى، ومن المهمّ للإنسان أن يكون في حالة شعور دائم بالحاجة للرجوع لله تعالى والإنابة إليه، وفي التالي: يفوز بحبّه تعالى ورضاه عنه ﴿وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ [سورة التوبة: 72]. من شأن كلّ ذلك أن يعطي للإنسان استقراراً نفسياً وتصميماً على عدم الرجوع إلى المعصية. ورد في الدعاء: «يا من إليه المعروف طُلب وفيما لديه رُغب، أسألك سؤال مقترف مذنب قد أوبقتْه ذنوبُه وأوثقتْه عيوبُه فطال على الخطايا دؤوبُه ومن الرزايا خطوبُه، يسألك التوبة وحسن الأوبة والنزوع عن الحوبة ومن النار فكاك رقبته والعفو عما في ربقته، فأنت مولاي أعظم أمله وثقته ...» [مصباح المتهجد، للشيخ الطوسي، ص805].

ج- الحياء من الله عزّ وجلّ

إذا أدرك الإنسان أنّ الله معه، وأنّ الله ناظر إليه وبصير بكلّ ما يقوم به: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [سورة الحديد، 4]، فلا يجعل الله جلّ جلاله أهون الناظرين إليه، فحينئذٍ يستحيي أن يقدم على معصيته وهو في ملكه، ويأكل من رزقه، ويتمتّع بكلّ ما يدعوه إلى طاعته، ومع كلّ ذلك يعصيه؟!

فالإنسان حينما يؤلّف نوعاً من الصلة والعلاقة مع الله عزّ وجلّ، فإن زلّت قدم هذا الإنسان يوماً ما وحُجب عن الله عزّ وجلّ، فيَعدّ هذا في نفسه من أكبر العقوبات الإلهية ومن أشدّها ضرراً وسوءاً عليه، قال تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [سورة المطففين، الآية 15].

أمّا الإصرار على الذنب وعدم مراعاة العبد لله تعالى والحياء منه، فلا يقوم بالاستغفار أو التفكير بالتوبة، فهو من أعظم المهالك التي تورد الإنسان الهاوية.

عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران، 135] قال: «الاصرار هو أن يذنب الذنب فلا يستغفر الله ولا يحدث نفسه بتوبة فذلك الاصرار» [الكافي: ج2، ص288].

د- التوبة

يتّفق النفسانيّون على أنّ أبرز الأمور التي تسبّب عدم الاتزان النفسي وفي التالي اختلال الصحة النفسية، هي انتشار مشاعر الإثم والخطيئة في نفس الإنسان، فينتابه الشعور بالذعر والخطر، ممّا يؤدّي إلى اختلالات روحية عنده، وسقوطه في مستنقع المرض. [انظر: الإنسان وصحته النفسية، فهمي مصطفى: ص168، عنه: دور القرآن في علاج الأمراض النفسية، الشيخ نعيم خماس الساعدي، موقع دار السيدة رقية (عليها السلام) للقرآن الكريم].

وفي هكذا حالة يؤكّد علماء النفس على طرق، يمكن بواسطتها انتشال المريض من حالته التي يعاني منها، ولكن عن طريق مراحل:

الأولى: اعتراف المصاب بخطاياه. وهذه الحالة تسمّى عند علماء النفس بـ (التفريغ) [المصدر نفسه: ص269].

ويذكر الخبير بالصحة النفسية الدكتور مصطفى فهمي حالة مرضية، يمكن أن تتوضّح الصورة فيها أكثر وأكثر. يقول: إنّ فتاةً عمرها 19 سنة تدرس في إحدى كليات الجامعة كانت تشكو من:

أ ـ تبرّم واضح من الحياة.

ب ـ رغبة ملحّة في العزلة.

جـ ـ شعور بالضيق والكآبة، إلى درجة كانت تحول بينها وبين مواصلة أيّ عمل تبدأ فيه.

د ـ فقدان الشعور بالقيمة والاستحقاق.

حضرت للعلاج في جلسات عديدة وكان الكلام يدور عند حضورها إلى المعالج حول طفولتها والمشاكل التي حدثت في حياتها، ولكن في الجلسات القادمة وبعد أن توطّدت العلاقة بينها وبين طبيبها، بدأت بالاعتراف عما في داخلها بأنّها كانت قد ارتكبت في الماضي ذنباً والآن تشعر بأنّها إنسانة قذرة. [انظر: فهمي مصطفى الإنسان وصحته النفسية: ص271 ـ 272. عنه: المصدر السابق، بتصرّف].

وهنا يحقّ لنا أن نتساءل ونقول: هل إنّ الاعتراف وحده يكفي للعلاج، أم أنّ هناك أموراً أخرى؟

الثانية: يجيب النفسانيّون عن السؤال المتقدّم بالنفي، ويقولون: «يجب أن يتبع أو يصاحب بعملية أخرى تهدف إلى التكفير عن الإثم، أو بعبارة أخرى: الرجوع إلى الفضيلة» [القرآن وعلم النفس، محمد عثمان نجاتي: ص300. عنه: المصدر السابق].

وهذه هي التوبة التي يصرّح بها القرآن الكريم ويحثّ الذين ارتكبوا الآثام أن يركنوا إليها، وأنّ الله سوف يقبل توبتهم وتكون الآثام التي ارتكبوها حسنات عند الله، وأنّهم سوف يكونون من أحبّائه وأودّائه.

قال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [سورة الزمر، 53]، وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [سورة التحريم، 8]، وقال: ﴿فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [سورة المائدة، 39]، وقال: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [سورة الفرقان، 70]، وقال: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [سورة البقرة، 222].

والمتخصّصون يذكرون أدواراً لتوبةٍ تُساعد على بناء الشخصية وإعادة المريض إلى واقع الحياة؛ منها:

1 ـ إنّها تفتح أمام الإنسان الأمل في تطهير النفس وفي تصفية حسابه مع ربّه، إنّ هذا الأمل يجعله يشعر بالراحة النفسية والنظر إلى الحياة نظرة مختلفة يسودها التفاؤل، بعد أن كانت نظرته كلّها تشاؤم وخوف ومرارة.

2 ـ تؤدّي التوبة بصاحبها إلى احترام ذاته، وهذا الاحترام يقوّي فيه شعوره بذاته، وبعبارة أخرى نستطيع القول: إنّ التوبة تؤدّي إلى تأكيد الذات، وهذا دافع هامّ في تكوين الشخصية التي تتمتّع بقدرٍ كافٍ من الصحّة النفسية.

3 ـ تؤدّي التوبة إلى أن يتقبّل الفرد ذاته بعد أن كان ـ على الدوام ـ يُعلن الحرب عليها ويحتقرها ويحطّ من شأنها بسبب الآثام والذنوب التي ارتكبها. إنّ الشخص الذي يتقبّل ذاته لا ينصرف إلى الغرور الزائف؛ بل يواجه مشكلاته الشخصية بشجاعةٍ وأسلوبٍ واقعيّ. وإنّ الشخص الواقعيّ مستعدٌّ لمواجهة الحقائق عن نفسه وعن عمله وعن قدراته وظروفه وعن المجال الذي يعيش فيه، حتى ولو كانت هذه الحقائق مؤلمة. إنّه يرى في هذه الصعوبات حافزاً لأن يعمل ويكدّ ويضاعف من كفاحه أمام الأزمات.

4 ـ تدفع التوبة إلى التحرّر من الشعور بالذنب والخوف؛ وذلك أنّ الفرد المذنب يشعر بالتعاسة ويحسّ بالتوتّر الذي يعوق نجاحه في أيّ مجالٍ من المجالات التي يتحرّك فيها، نتيجة لخوفه الشديد من الأذى الذي قد يصيبه بسبب الشعور المؤلم بالذنب عمّا يعتقد أنّه عمل خاطئ قام به [انظر: الإنسان وصحته النفسية، فهمي مصطفى، ص281 ـ 282. عنه: المصدر السابق].

هـ - إصلاح النفس

قال الله تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [سورة الشمس، 7-10].

لا شكّ أنّ إصلاح النفس وتهذيبها أمر له دور كبير في ترقّي الفرد في سلّم الكمال واليقين، ومن ثمار ذلك: التخلّص من تبعات الذنوب والمعاصي ونيل مغفرة الله تبارك وتعالى رضاه.

ففي الروايات الشريفة، عن أبي خديجة قال: «دخلت على أبي الحسن (عليه السلام) فقال لي: إن الله تبارك وتعالى أيد المؤمن بروح منه تحضره في كل وقت يحسن فيه ويتقي، وتغيب عنه في كل وقت يذنب فيه ويعتدي، فهي معه تهتز سروراً عند إحسانه وتسيخ في الثرى عند إساءته، فتعاهدوا عباد الله نعمه بإصلاحكم أنفسكم تزدادوا يقيناً وتربحوا نفيساً ثميناً، رحم الله امرءاً هم بخير فعمله أو هم بشر فارتدع عنه، ثم قال: نحن نؤيد الروح بالطاعة لله والعمل له» [الكافي، ج2، ص268].

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن الحازم من شغل نفسه بحال نفسه فأصلحها، وحبسها عن أهويتها ولذاتها فملكها، وإن للعاقل بنفسه عن الدنيا وما فيها وأهلها شغلاً» [مستدرك الوسائل، ج11، 324].

وعنه (عليه السلام): «من أصلح نفسه ملكها، من أهمل نفسه فقد أهلكها» [المصدر نفسه].

وعنه (عليه السلام): «من لم يتدارك نفسه بإصلاحها، أعضل داؤه، وأعيى شفاؤه، وعدم الطبيب» [المصدر نفسه].

ثالثاً- الجانب الخُلُقي

قيل: حسن الخلق إنّما يحصل من الاعتدال بين الافراط والتفريط في القوة الشهوية والقوة الغضبية، ويعرف ذلك بمخالطة الناس بالجميل والتودّد والصلة والصدق واللّطف والمبرّة وحسن الصحبة والعشرة والمراعاة والمساواة والرفق والحلم والصبر والاحتمال لهم والاشفاق عليهم، وبالجملة هي حالة نفسانية يتوقّف حصولها على اشتباك الأخلاق النفسانية بعضها ببعض، ومن ثم قيل: هو حسن الصورة الباطنة التي هي الصورة الناطقة كما أنّ حسن الخلق هو حسن الصورة الظاهرة وتناسب الأجزاء، إلا أنّ حسن الصورة الباطنة قد يكون مكتسباً، ولذا تكرّرت الأحاديث في الحثّ به وبتحصيله. وقال الراوندي (رحمه الله) في ضوء الشهاب: الخلق السجية والطبيعة ثم يستعمل في العادات التي يتعوّدها الإنسان من خير أو شر، والخلق ما يوصف العبد بالقدرة عليه، ولذلك يمدح ويذمّ به، ويدلّ على ذلك قوله (صلّى الله عليه وآله): «خالق الناس بخلق حسن» [راجع: بحار الأنوار: ج68، ص373-374].

وتتّضح أهمّية الجانب الخلقيّ والسلوكيّ من خلال أمور، منها:

1- أنّ حسن الخلق منزلة عالية في الدين، ويكفي في ذلك أنّ الله تبارك وتعالى عدَّه من صفات المتقين ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران، 133- 134]، وأثنى عزّ وجلّ على نبيّه محمد (صلّى الله عليه وآله) بحسن الخلق، فقال: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [سورة القلم، 4].

وممّا ورد في الروايات الشريفة في مدح حسن الخلق قوله (صلّى الله عليه وآله): «ان العبد لينال بحسن خلقه درجة الصائم القائم» [عيون أخبار الرضا (عليه السلام) للشيخ الصدوق: ج2، ص40].

2- أنّ مرحلة الطفولة والشباب هي المرحلة التي تتأصّل فيها الجوانب الأخلاقية والسلوكية بشكل يصعب تغييره فيما بعد، فالأخلاق الحسنة أو السيّئة التي تتأصّل في النفس في هذه المرحلة تصحب الإنسان في الأغلب بقيّةَ عمره.

3- أنّ الحياة والأوضاع الاجتماعية المعاصرة تشهد خللاً في الميدان الخُلُقيّ والسلوكيّ، والمؤسَّسات التعليمية لا تولي هذا الجانب القدر اللائق به.

4- أنّ الخلق مرآة تنعكس فيها شخصية المرء، ويقيسه الناس بها، وكثير من الناس يجد القبول والمكانة لدى الآخرين، بل ربّما أعطوه فوق منزلته لخلقه الحسن، وفي المقابل كثيرٌ ممّن يرفضه الناس وينفرون منه، يكون السبب من وراء ذلك سوء خلقه، وربّما كان فيه صلاح وعلم وخير.

لذا، فأولئك الذين يتصدّون لقيادة الناس وتوجيههم ودعوتهم، هم أوّل من يحتاج للتخلّق بالخلق الحسن، حتى يربّوا الناس على ذلك ويصبحوا قدوةً لهم، وقبل ذلك حتى يقبل الناس عليهم ويسمعوا منهم، وقد امتنّ الله تبارك وتعالى على نبيّه (صلّى الله عليه وآله) بأن رزقه الرحمة واللّين، وأخبر أنّه لو فقد ذلك لتركه الناس وأعرضوا عنه، فكيف بغيره (صلّى الله عليه وآله) ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران، 159].

5- أنّ الناس يتأسّون بصاحب الخُلُق الحسن ويقتدون به، لذا وجب الاهتمام بهذا الجانب وإعطاؤه حقّه من البحث.

لهذه الاعتبارات وغيرها، كان الجانب الخُلُقيّ والسلوكيّ ميداناً مهمّاً من ميادين التربية.

القدوة الحسنة من وسائل التربية الخلقية والسلوكية

تدور معظم جوانب التربية الخُلُقية والسلوكية حول هدفٍ واحدٍ، هو غرس محاسن الأخلاق، وتنقية النفس من مساوئها، وما ذُكر إنّما هو تفريع وتفصيل لهذا الهدف. ومن ثَمَّ، فالوسائل المعينة على تحقيق الجوانب الأخلاقية تملك قدراً من الاشتراك، ومن هذه الوسائل: القدوة الحسنة.

يمثّل سلوك الأب والمعلّم والمربّي ـ بشكلٍ عامّ ـ عاملاً مهمّاً في بناء الجانب الخُلُقي، وحين لا يتمثّل المربّي بالخلق الحسن، تكون نهاية كثير ممّا يقوله لمَنْ يربّيه محدوداً في قالب ألفاظه فقط. إنّ المربّي الذي يكون سريع الغضب والانفعال، أو الذي يعطي المواقف أكثر ممّا تحتمل، لا يمكن أن ينتج جيلاً يتّسم بالحلم والأناة. ومن ثَمَّ يتأكّد في المربّي مراجعة سلوكه وخلقه مراجعة هادئة بين آونة وأخرى، ويحثّ نفسه أن تتخلّق وتتأدّب بما يريد أن يغرسه لدى من يربّيهم، وقد كان المربّي الأوّل (صلّى الله عليه وآله) قدوةً للمربّين من بعده في تعامله، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال في بيان مكارم أخلاق النبي (صلّى الله عليه وآله): «ما سئل شيئاً قط فقال: لا، وما رد سائلاً حاجة إلا بها، أو بميسور من القول» [ميزان الحكمة، ج2، ص1227].

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «ما منع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) سائلاً قط، إن كان عنده أعطى، وإلا قال: يأتي الله به» [المصدر نفسه].

فقد اختار الله تبارك وتعالى نبيّه (صلّى الله عليه وآله) واصطفاه لحمل الرسالة، ووصفه عزّ وجلّ بقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [سورة القلم، 4] وقال أيضاً: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [سورة آل عمران، 159]، وجعل الأئمّة المعصومين من أهل بيته (عليهم السلام) خلفاءه وأئمّةً وقدوةً وهداةً للبشرية جمعاء، فقال سبحانه: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [سورة الأحزاب، 33].

وأمّا العلماء الربّانيّون الذين ساروا على نهج النبي (صلّى الله عليه وآله) وآله الطاهرين (عليهم السلام)، فإنّ مجالستهم وصحبتهم والتخلّق بأخلاقهم فهو أيضاً أمر لا غنى للإنسان عنه. ومن وسائل الاستفادة من هؤلاء العلماء:

1- الالتزام بحضور دروسهم ومجالسهم وانتهاج سيرتهم.

2- زيارتهم واللّقاء بهم بين آونة وأخرى.

وحريٌّ بالذين مَنَّ الله عليهم بقدرٍ من العلم أن يعطوا الناس من أوقاتهم ويحتسبوا ذلك في صالح ما يقدّمون.

ويجدر أن يكون هذا الجانب ميداناً يهتمّ به الجميع ويعتنون به. وينبغي ألا يقتصر الأمر على مجرّد الدراسة النظرية، بل التصدّي لتطبيق ذلك على الواقع العملي للفرد والمجتمع.

أهداف فرعية في التربية الخلقية والسلوكية

ومن الأهداف الفرعية التي تؤدّي إلى تحقيق الهدف العام المتمثّل في بناء الخُلُق الحسن:

1 - تنقية النفس من الأخلاق السيّئة.

إنّ بناء الخُلُق الحسن في النفس لابدّ أن يصاحبه تنقيتها ممّا ترسّب فيها من الأخلاق السيّئة (التخلية ثمّ التحلية)؛ لأنّ الفرد قد ينشأ في بيئة يغلب فيها الخلق السيّئ أو يبتلى برفقة غير صالحة، فيألف الخُلُق السيّئ ويمتزج من طبيعته، فلابدّ من اقتلاع هذه الصفات وتنقية النفس منها.

ورُوي أنّه جاء رجل إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وسأله أن يوصيه، فأوصاه بقوله: «لا تغضب» فاستقلَّ هذا الرجل هذه الوصية وكرّر سؤاله، فكرّر عليه النبي (صلّى الله عليه وآله) الوصية نفسها: «لا تغضب»، ثمّ قال: «ليس الشديد بالصرعة إنّما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» [تحف العقول عن آل الرسول صلّى الله عليهم، ص47].

2 - تحقيق العفّة والبُعد عن الفواحش.

وهو هدف له أهمّيته وخطورته، فقد حذَّر الله تعالى من كبائر الإثم والفواحش، فقال: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى [سورة النجم، 32].

وعنه (صلّى الله عليه وآله): «أكثر ما تلج به أمتي النار الأجوفان: البطن والفرج» [الكافي، ج2، ص79].

وعن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) أنّه قال: «أفضل العبادة العفاف» [المصدر نفسه].

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «ما عبد الله بشيء أفضل من عفة بطن وفرج» [المصدر نفسه].

ويتأكّد هذا الجانب والعناية به في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن وأشرعت أبوابها، وصارت وسائل الإغراء والإثارة تلاحق الجميع ـ والشباب خاصّةً ـ في كلّ موطن.

وتتمثّل نقطة البداية الصحيحة في التعامل مع هذه المشكلة بسلوك أسباب الوقاية منها قبل وقوعها، ومنها:

أ- التوعية بمخاطر الانسياق وراء دواعي الشهوة المحرّمة، وخطورة الفواحش وآثارها. وقد حذَّر من ذلك النبي (صلّى الله عليه وآله) حين أخبر أنّ هذه الفتنة من أخطر الفتن التي تواجه أمّته، وأنّ ذلك من أكثر ما يدخل الناس النار، كما مرّ أعلاه.

ب- حثّ الشباب على الزواج المبكّر وتيسيره عليهم، كما أوصى (صلّى الله عليه وآله) الشباب بقوله: «يا معشر الشبان، من استطاع منكم الباه فليتزوج، ومن لم يقدر، فعليه بالصوم فإنه له وجاء» [لب اللباب، القطب الراوندي، عنه: مستدرك الوسائل، ج7، ص506. والباه: النكاح - لسان العرب، (بوه)، ج13، ص479].

وينبغي السعي لتذليل العقبات المادّية التي تحول دون الزواج، من خلال الدعم والمساعدة، وإقناع الشباب بأنّ الزواج لن يكون بوابةً للفقر والفاقة، قال تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [سورة النور،32].

وينبغي كذلك تذليل العقبات النفسية والاجتماعية التي قد تكون عائقاً عن المبادرة بالزواج. 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=2037
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 10 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24