• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : السيرة والمناسبات الخاصة .
              • القسم الفرعي : عاشوراء والأربعين .
                    • الموضوع : شخصية الزهراء سلام الله عليها (*) .

شخصية الزهراء سلام الله عليها (*)

 آية الله العظمى السيّد عبدالكريم الأردبيلي

بسم الله الرحمن الرحيم

{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [سورة الكوثر، 1-3].

إنّ الحديث عن شخصية السيّدة الزهراء (ع) حديث طويل، ولا يمكن الخوض فيه خلال هذه العجالة وإعطاء الموضوع حقّه من البحث، إلا أنّه لا بأس بالإشارة إلى شخصيّتها العظيمة إشارة بسيطة جداً.

إنّ أكثر شخصية تعرّض لها القرآن الكريم ونزلت في حقّها الآيات الكريمة هي شخصية الرسول الأكرم محمّد (ص)، وبعد شخصية الرسول (ص) فإنّ من أكثر الشخصيات التي نزلت الآيات بحقّها من الرجال والنساء هي شخصية الزهراء (ع). والآيات التي نزلت بشأن الرسول الأكرم محمّد (ص) هي آيات واضحة وجلية ولا يمكن انكارها.

من جملة تلك الآيات قول الله تعالى في آية التطهير: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [سورة الأحزاب، 33].

لا يوجد أدنى شك وترديد عند جميع المسلمين، سواء عند الشيعة أو السنة، بأنّ هذه الآية تشمل الصدّيقة الطاهرة (ع).

أيضاً آية المباهلة التي يقول فيها سبحانه وتعالى: {تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ} [آل عمران، 61].

والمقصود من {نسَاءَنَا} في هذه الآية ـ بدون أدنى شك ـ هي السيّدة الزهراء (ع)؛ لأنّ النبي الأكرم (ص) عندما جاء للمباهلة، جاء فقط بالسيّدة الزهراء (ع) من بين جميع النساء.

كذلك في آية الخمس يقول سبحانه وتعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [سورة الأنفال، 41].

ومن مصاديق (ذي القربى) في هذه الآية أيضاً، هي السيّدة الطاهرة البتول (ع).

كذلك في آية الرسالة، حيث يقول الله سبحانه وتعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [سورة الشورى، 23]. في هذه الآية أيضاً، تعتبر الصدّيقة الطاهرة أحد مصاديق (القربى).

كذلك سورة الكوثر، فإنّها نزلت في حقّ الزهراء (ع). وقد لا تكون لكلمة (الكوثر) في بداية السورة ظهور يُشير إلى السيّدة الطاهرة، لكن، من خلال الآيات الأخيرة، يُفهم أنّ هذه الآية تُشير إلى ذرّية النبي (ص)، ولا يوجد هناك طريق إلى ذرّية النبي (ص) إلا من خلال الزهراء (ع).

والبُعد الثاني لشخصية السيّدة الزهراء (ع) هو البُعد السياسي. الزهراء (ع) كانت في ريعان شبابها عندما رحل النبي الأعظم (ص) من هذه الدنيا، وفي تلك الظروف كانت الزهراء (ع) تقوم بأداء مهامّها كأمّ وكزوجة.

الزهراء (ع) في هذه الفترة كانت تعاني من الكثير من المصائب، فكانت حزينة ونحيفة ومريضة.

وفيما يخصّ الزهراء (ع) في فترة بعد رحيل الرسول الكريم (ص)، يُنقل أنّها >ما زالت بعد أبيها معصّبة الرأس ناحلة الجسم منهدمة الركن< [راجع: بحار الأنوار، ج43، ص181].

أنا أشير ـ هنا ـ فقط إلى أحد المواقف السياسية للسيّدة الزهراء (ع)، وهذا الموقف قد ذكره علماء الفريقين في كتبهم، وأنا أذكره من كتاب (بلاغات النساء) لابن طيفور، ص 12ـ14:

لمّا أجمع أبو بكر على منع فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدك وبلغ ذلك فاطمة (عليها السلام) لاثت خمارها على رأسها وأقبلت في لمة من حفدتها تطأ ذيولها ما تخرم من مشية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار فنيطت دونها ملأة ثم أنّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء وارتج المجلس فأمهلت حتى سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم فافتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعاد القوم في بكائهم فلما أمسكوا عادت في كلامها فقالت {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} فإن تعرفوه تجدوه أبي دون آبائكم وأخا ابن عمي دون رجالكم فبلغ النذارة صادعاً بالرسالة مائلاً على مدرجة المشركين ضارباً لثبجهم آخذاً بكظمهم يهشم الأصنام وينكث الهام حتى هزم الجمع وولوا الدبر وتغرى الليل عن صبحه وأسفر الحق عن محضه ونطق زعيم الدين وخرست شقاشق الشياطين وكنتم على شفا حفرة من النار مذقة الشارب ونهزة الطامع وقبسة العجلان وموطئ الأقدام تشربون الطرق وتقتاتون الورق أذلة خاشعين تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم فأنقذكم الله برسوله صلى الله عليه وآله وسلم بعد اللتيا والتي وبعد ما منى بهم الرجال وذؤبان العرب (ومردة أهل الكتاب) كلما حشوا ناراً للحرب أطفاها ونجم قرن للضلال وفغرت فاغرة من المشركين قذف بأخيه في لهواتها فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه ويخمد لهبها بحده مكدوداً في ذات الله قريباً من رسول الله سيداً في أولياء الله وأنتم في بلهنية وادعون آمنون حتى إذا اختار الله لنبيه دار أنبيائه ظهرت خلة النفاق وسمل جلباب الدين ونطق كاظم الغاوين ونبغ خامل الآفلين وهدر فنيق المبطلين فخطر في عرصاتكم واطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخاً بكم فوجدكم لدعائه مستجيبين وللغرة فيه ملاحظين فاستنهضكم خفافاً وأجمشكم فألفاكم غضاباً فوسمتم غير إبلكم وأوردتموها غير شربكم هذا والعهد قريب والكلم رحيب والجرح لما يندمل بدار (وفي نسخة إنما) زعمتم خوف الفتنة ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين فهيهات منكم وأنى بكم وأنى تؤفكون وهذا كتاب الله بين أظهركم وزواجره بينة وشواهده لائحة وأوامره واضحة أرغبة عنه تدبرون أم بغيره تحكمون بئس للظالمين بدلاً ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ثم لم تريثوا إلا ريث ان تسكن نغرتها تشربون حسواً وتسرون في ارتغاء ونصبر منكم على مثل حز المدى وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا أفحكم الجاهلية تبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون ويهاً معشر المهاجرين أأبتز إرث أبي أفي الكتاب أن ترث أباك ولا أرث أبي لقد جئت شيئاً فرياً فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك فنعم الحكم الله والزعيم محمد والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون ثم انحرفت إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهي تقول:

قد كان بعدك أنباء وهنبثة * ** لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

انا فقدناك فقد الأرض وابلها *** واختل قومك فأشهدهم ولا تغب

قال فما رأينا يوماً كان أكثر باكياً ولا باكية من ذلك اليوم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) مقتبس ومترجم من كتاب خطب الجمعة لآية الله العظمى السيّد عبدالكريم الموسوي الأردبيلي، (همپاى انقلاب)، ص 705ـ 709.

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1917
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 04 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24