• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المشرف العام .
              • القسم الفرعي : مقالاته .
                    • الموضوع : نهضة الحسين أيقظت ضمير الأمّة .

نهضة الحسين أيقظت ضمير الأمّة

 الشيخ عبدالجليل أحمد المكراني

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى: ﴿إِنَّ الله لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾.

وقال تعالى أيضاً: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾.

وعن الإمام  أمير المؤمنين عليه السلام: يكون في آخر الزمان قوم يتبع فيهم قومٌ مراؤون، يتقرّؤون ويتنسكون، حدثاء سفهاء، لا يوجبون أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر إلا إذا أمنوا الضرر، يطلبون لأنفسهم الرخص والمعاذير، ويتبعون زلات العلماء وفساد عملهم، يقبلون على الصلاة والصيام وما لا يكلفهم في نفس ولا مال، ولو أخرت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم وأبدانهم لرفضوها كما رفضوا أسمى الفرائض وأشرفها العقيدة من العقد وهو الربط والإحكام والإبرام والإثبات، ومنه اليقين والجزم.

والعقيدة هي ما عقد الإنسانُ عليه قلبه جازماً به، سواءٌ كان حقاً أم باطلاً.

لا شكّ أن في الآيتين الشريفتين إشارة واضحة وجلّية للعقيدة التي ينطوي عليها قلب الإنسان ويعمل بموجبها. وإذا ما كانت هذه العقيدة فاسدة فإنّ تغييرها نحو الأحسن والأفضل وإصلاحها لا يتأتى من الخارج الاّ إذا تحقق الإصلاح الداخلي النفسي أولاً.

والمقطوعة الرائعة للأمير (عليه السلام) تحلّل نفسيات أقوام ذوي مصلحة لا يجعلون للقيم والمبادئ في نظرهم أية قيمة مادامت تتعارض ومصالحهم وأغراضهم الشخصية.

وهذا النموذج المتلوّن من الناس يكون وباءً على الأمّة، وإذا ما انتشروا في البلاد يموت ضمير الأمّة؛ لأنّهم يلتزمون بالطقوس ظاهراً ويتركون السلوكيات التي تنطوي عليها تلك الطقوس، فيفرّقون بين الالتزام بالجانب العبادي والإهمال في المعاملات، ضمّتهم ظاهرة التبعيض في التطبيق فأصبحوا بعيدين عن المفاهيم المبتني عليها الدين.

وإنّ من أهم أهداف نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) إحياء أصول العقيدة في النفوس؛ لأنّه رأى أنّ الأمّة قد أصيبت بموت الضمير وفقدان الإرادة حتى وصلت الحالة ـ في كثير ممّن يسمّون أنفسهم بالمؤمنين ـ لعدم التطابق عندهم بين الأفكار والمعتقدات وبين سلوكها الخارجي، الأمر الذي أدى إلى تمييع المفاهيم الإسلامية الحقّة.

نعم لقد تجسّدت هذه الحقيقة واتّضحت في زمان الحسين (عليه السلام) في مأساة عاشوراء، وكشفت عنها تلك الطريقة الوحشية التي استخدمها الجيش الأموي مع الحسين وأصحابه وأهل بيته لاسيما الأطفال والنساء منهم. ولأجل هذا أطلق الحسين صرخته المدوية معلناً بها الثورة المقدسة المصلحة للنفوس قائلاً: (ألا ترون إلى الحقّ لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه، فليرغب المؤمن في لقاء ربّه محقّاً).

تحرّك الحسين بنهضته لإيقاظ ضمير الأمّة حينما رفض بيعة يزيد، ولعل أروع نصّ يعبّر عن رؤية الإمام الحسين الإصلاحية هو خطبته عندما أراد الخروج من مكة، قال عليه السلام: (خطّ الموت على وُلد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يُوسُف، وخيّر لي مصرع أنا لاقيه، كأنّي بأوصالي تُقطعها عُسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء، فيملأن مني أكراشاً جوفاً وأجربةً سُغباً. لا محيص عن يوم خُط بالقلم، رضا الله رضانا أهل البيت، نصبرُ على بلائه ويوفينا أجور الصابرين. لن تشذّ عن رسول الله لحُمته، بل هي مجموعة له في حظيرة القدس تقرّ بهم عينه وينجز بهم وعدُهُ. من كان باذلاً فينا مُهجتهُ ومُوَطناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مصبحاً إن شاء الله).

 

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1850
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 10 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24