• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : تفسير القرآن الكريم .
              • القسم الفرعي : علم التفسير .
                    • الموضوع : منهج تفسير القرآن بالعلوم البحته عرض وتحليل ونقد (القسم الاول) .

منهج تفسير القرآن بالعلوم البحته عرض وتحليل ونقد (القسم الاول)

باحث اسلامي محمد علي هدو

بسم الله الرحمن الرحيم

دأب كل الباحثين على أن يجعلوا عنوان بحث كهذا البحث:ـ (التفسير العلمي للقرآن). وقد قلبت نظري في هذا العنوان فوجدته يومئ إلى معنىً آخر غير المعنى المقصود، بحكم ما أوتيت اللغة العربية من دقة في رسم المعاني وفق سياقاتها المتنوعة.

فمصطلح (التفسير العلمي) هو كل تفسير يقوم على أسس وقواعد صحيحة، كما رسمها علماء التفسير، وعلى وفق منهج محدود يصب في مساء فك الأبهام عن كل ما أستغلق على الناس فهمه من القرآن الكريم، وتختلف هذه المناهج بأختلاف إيمان المفسر بأي منها، ومقدار ما أوتي من ثقافة وقدرة على السير بهذا المنهج أو ذاك، وصولاً إلى مستوى الأقناع.. ويمكن أن نسمي كل منهج من تلكم المناهج (تفسيراً علمياً).

إن المقصود من بحثنا المتواضع هذا، بيان المنهج التفسيري للقرآن الكريم، القائم على إظهار آياته على أنها حقائق علمية، لا تفهم الآية إلا بفهم تلك الحقائق وأدراكها، وأن إعجاز القرآن الكريم، إنما جاء بسبب أقتران آياته بالمكتشفات الفلكية والمختراعات العلمية وقوانين العلوم الصرفة والطب وما إلى ذلك.

أذن:ـ فلا مناص من القبول بالعنوان الذي أخترناه لمثل هذا المنهج التفسيري للقرآن... والله المسدد للصواب.

***

أنزل القرآن الكريم على صدر الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) كتاب عقيدة وهداية وتشريع وأخلاق. وفيه آيات تشير إلى حقائق علمية وتحض على التطلع والبحث والتنقيب.

والمتبصر في آيات القرآن الكريم، المدرك لمعانيها، يعلم يقينا أن العلم في مفهومه العام، والذي يحث القرآن الكريم على طلبه والأستزادة منه لا يقتصر على العلم بأحكام الشريعة على أختلاف انواعها، بل هو يدل على العلوم الأخرى والتي لا يحدها حد. قال تعالى في سورة النازعات {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا* رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا* وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا* وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا* أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا} وقال تعالى في سورة البقرة:ـ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}.

فبدأ بذكر خلق السماوات والأرض ودوران الفلك ثم ختم الآية الكريمة بقوله تعالى:ـ {لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} وهذا كثير في القرآن الكريم، فالأرض والبحار وكل ما تحت السماوات بالأضافة إلى السماوات، قل أن تجيء سورة إلا وفيها ذكرها، وإما إخباراً عن عظمتها وسعتها وأما إقساماً بها وأما دعوة إلى النظر فيها وأما أرشاداً للعباد أن يستدلوا بها على عظمة بانيها ورافعها، وأما أستدلالاً منه. سبحانه. بربوبيته لها، وأما أستدلالاً منه تعالى بحسنها وأستوائها والتئام أجزائها وعدم الفطور فيها على تمام حكمته وقدرته.

***

وقد رد كثير من الباحثين المسلمين ومفكريهم، الدعوى الباطلة التي روج لها المستشرقون ومن تبعهم من الحاقدين على تراث الإسلام، وجهلة المسلمين في الغرب والشرق، والتي تذهب إلى أن العلم الذي أثبته القرآن الكريم وحث عليه، ورغبت فيه أحاديث الرسول الأعظم. صلى الله عليه وآله وسلم. أنما يقصد به العلم الشرعي فقط دون بقية العلوم الأخرى.

يقول (شكيب أرسلان):ـ وقد زعم بعضهم، ومن جملتهم (سكار) هذا الذي بالمغرب قد الف كتاباً في الطعن على الإسلام وهو الذي يكتب في مجلة (مراكش الكاثوليكية) أن المراد بلفظة العلم في القرآن هو العلم الديني، ولم يكن المقصود به العلم مطلقاً، ليستظهر به على قضية تعظيم القرآن للعلم وأيجابة للتعليم..

أن كل من تأمل في مواضع هذه الآيات المتعلقة بالعلم والحكمة وغيرها مما يحث على السير في الأرض والنظر والتفكر، يعلم أن المراد هنا بالعلم، هو العلم على إطلاقه، متناولاً كل شيء. وأن المراد بالحكمة هي الحكمة العليا المعروفة عند الناس:ـ وهي غير الآيات المنزلة والكتاب.

إن في بعض الآيات من القرائن اللفظية والمعنوية ما يقتضي أن المراد بالعلم، علم الكون لأنه في سياق آيات الخلق والتكوين، وهي في القرآن الكريم أضعاف الآيات في العبادات العملية كالصلاة والصيام كقوله تعالى في سورة فاطر: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ* وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } أي العلماء بما ذكر سبحانه في الآية الكريمة من الماء والنبات والجبال وسائر المواليد المختلفة الأولان وما فيها من أسرار الخلق، لا العلماء بالصلاة والصيام والقيام..

***

لم تقف هذه الفكرة عند هذا الحد، فقد أندفع كثير من العلماء والمتدينين وبحكم غيرتهم على القرآن الكريم إلى الإيغال في هذا المنحى متأثرين بأراء القدماء ممن تحدثوا عما في القرآن الكريم من العلوم المتنوعة، داعين المفسرين، بل عامة من يقرأ القرآن بتدبر ووعي، إلى أن يعوا هذا الجانب ويسيروا على فهمه.

وربما كان الإمام أبو حامد الغزالي (ت 505 هـ) أول من أستوفى بيان هذا القول في تفسير القرآن الكريم وفهمه وأدهم من أيده وعمل على ترويجة في الأوساط العلمية الإسلامية برغم ما قرر فيها من قواعد فهم عبارات القرآن الكريم.(1).

ففي كتاب (أحياء علوم الدين) يعقد (الغزالي الباب الرابع من أبواب أداب تلاوة القرآن في فهم القرآن وتفسيره بالرأي. وفيه ينقل عن بعض العلماء:ـ " أن القرآن يحوي سبعة وسبعين الف علم ومئتي علم، أذا كل كلمة علم، ثم يتضاعف ذلك أربعة أضعاف، أذ لكل كلمة ظاهر وباطن وحد ومطلع" ثم يروي عن (أبن مسعود) قوله:ـ "من أراد علم الأولين والآخرين فليتدبر القرآن"(2).

وفي الفصل الخامس من كتابه (جواهر القرآن) الذي ألفه بعد (أحياء علوم الدين) كما أشار هو الى ذلك في مقدمته، يتحدث عن كيفية أنشعاب سائر العلوم من القرآن، فيذكر علم الطب والنجوم وهيئة العالم وهيئة بدن الحيوان وتشريح أعظائه وعلم السحر وعلم الطلسمات وغير ذلك. ثم يقول "ووراء ما عددته علوم أخرى، يعلم تراجمها ولا يخلو العالم عمن يعرفها ولا حاجة إلى ذكرها" ثم يقول:ـ "ظهر لنا بالبصيرة الواضحة التي لا يتمارى فيها، أن في الإمكان والقوة أصنافاً من العلوم بد لم تخرج من الوجود، وإن كان في قوة الآدمي الوصول إليها.

وعلوم كانت قد خرجت من الوجود وأندرست الآن... وعلوم أخر ليس في قوة البشر اصلاً أدركها والإحاطة بها ويحظى بها بعض الملائكة المقربيين.. إلى آخر ما قال (3).

ويبدو أن (السيوطي) ت 911 هـ، قد تأثر بمنحى (الغزالي في القول التفسير القائم على الحقائق العلمية. فهو في كتابه (الاتقان) يستدل على صحة منحاه حتى يستشهد ببعض الآيات القرآنية، كقوله تعالى في سورة الأنعام:ـ {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} وقوله تعالى في سورة النحل:ـ {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} فقد برز (الغزالي) في أنتهاج هذا المنهج وأستشهد بالآيات التي يرى أنها تشير إلى العلم الذي خصته.

وفي الكتاب نفسه، يخلص (السيوطي) كلام (أبي الفضل المرسي) ويزيد عليه من الشواهد التي تدعم فكرة أحتواء القرآن الكريم على كل علوم الدين والدنيا، فيقول:(4) "وقد أحتوى على علوم أخر من علوم الأوائل مثل:ـ الطب والجدل والهيئة والهندسة والجبر والمقابلة والنجامة وغير ذلك من العلوم.

أما الطب فمداره على حفظ نظام الصحة واستحكام القوة وذلك أنما يكون باعتدال المزاج بتفاعل الكيفيات المتضادة وقد جمع ذلك في آية واحدة وهي قوله تعالى {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} (الفرقان 67).. وعرفنا فيه بما يفيد نظام الصحة بعد أختلاله وحدوث الشفاء للبدن بعد أعتلاله في قوله تعالى {شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ} (النحل 69).. ثم زاد على طب الأجسام، طب القلوب وشفاء الصدور..

وأما الهيئة، ففي تضاعيف سورة من الآيات التي ذكر فيها ملكوت السموات والأرض وما بث في العالم العلوي والسفلي من المخلوقات وأما الهندسة، (وما زال الحديث هو ما ينقله السيوطي عن أبي الفضل المرسي)، ففي قوله تعالى {انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ* لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ} (المرسلات 30، 31).

فإن فيه قاعدة هندسية وهي أن الشكل المثلث لا ظل له.

وأما الجبر والمقابلة، فقد قيل أن أوائل السور فيها ذكر مدد وأعوام وأيام التواريخ لأمم سالفة، وأن فيها بقاء هذه الأمة وتاريخ مدة أيام الدنيا وما مضى، مضروب ببعضها في بعض.

وفيه (أي القرآن الكريم)، أصول الصنائع واسماء الآلات التي تدعو الضرورة إليها كالخياطة والحدادة والصياغة والزجاجة (صناعة الزجاج) والفخارة والملاحة والكتابة والخبازة والطبخ والقصارة (غسل الملابس) والبيع والشراء والجزارة والصباغة والحجارة (نحتها وصناعتها) والكيالة والوزن والرمي... وقد أكتفينا بالعناوين خوفاً من الأطالة.

فهو يستشهد لكل علم من هاتيك العلوم بآية كريمة استشهادا بارداً لا نجد فيه حرارة الحجة البالغة، وقد يصل الاستشهاد منه إلى درجة الايقاف.

فهو مثلاً حين يستشهد على وجود علم الصباغة في القرآن يضرب لذلك مثلاً من قوله تعالى {صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً} (البقرة 138).

وحين يستدل على وجود علم الخبازة فيه فإنه يضرب لذلك مثلاً من قوله تعالى {إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ} (يوسف 36).

***

ولو أنا تتبعنا سلسلة البحوث التفسيرية للقرآن الكريم لوجدنا، هذه النزعة تمتد من عهد النهضة العلمية العباسية إلى يومنا هذا، ولوجدنا أنها كانت في أول أمرها محاولات يقصد منها التوفيق بين القرآن الكريم وما جد من العلوم، ثم وجدت الفكرة مركزة وصريحة على لسان (الغزالي وأبن العربي) و(المرسي) (والسيوطي) كما أسلفنا. ولوجدنا أيضاً أن هذه الفكرة قد طبقت عملياً وظهرت في مثل محاولات (الفخر الرازي) ضمن تفسيره (مفاتيح الغيب).

وراجت هذه الفكرة في العصر المتأخر رواجاً كبيراً بين جماعة من أهل العلم، ونتج عن ذلك مؤلفات كثيرة تعالج هذا الموضوع كما سنرى.

يقول المرحوم (مصطفى صادق الرافعي):ـ واستحدث بعض علمائنا من القرآن ما يشير إلى مستحدثات الأختراع وما يحقق بعض غوامض العلوم الطبيعية وبسطوا كل ذلك بسطا ليس هو من غرضنا فنستقصي فيه، على أن هذا ومثله انما يكون فيه أشارة ولمحة، ولعل متحققا بالعلوم الحديثة، لو تدبر القرآن وأحكم النظر فيه، وكان بحيث لا تعوزه أداة الفهم، ولا يلتوي عليه أمر من أمره، لأستخرج منه آيات كثيرة توميء إلى حقائق العلوم، وأن لم تبسط من أنبائها، وتدل عليها وإن لم تسمها بأسمائها. وهو رأي جدير بأن يؤخذ به وسط احتدام التيارات المؤيدة والمناهضة لهذا اللون من التفسير والذي كان أكثر رواجاً وأعظم قبولاً لدى المتأخرين وصولاً إلى المعاصرين من المثقفين الذين لهم عناية بالعلوم وبالقرآن الكريم.

وكان من أثر هذه النزعة التفسيرية التي سلطت على قلوب أصحابها، أن أخرج لنا المشغوفون بها كثيراً من الكتب يحاول أصحابها فيها تحميل القرآن الكريم كل علوم الأرض والسماء وأن يجعلوه دالاً عليها بطريق التصريح أو التلميج، أعتقاداً منهم بأن في هذا بياناً لناحية من أهم نواحي صدقه وإعجازه وصلاحيته للبقاء(5).

ومن أهم الكتب التي ظهرت فيها هذه النزعة التفسيرية، كتاب (كشف الأسرار النورانية القرآنية في ما يتعلق بالأجرام السماوية والأرضية والحيوانات والنباتات والجواهر المعدنية) للطبيب (محمد بن أحمد الأسكندراني) من علماء القرن الثالث عشر الهجري (6)، وهو كتاب مطبوع بثلاثة أجزاء في مصر سنة 1297هـ. وكتاب (تبيان الأسرار الربانية بالنباتات والمعادن والخواص الحيوانية) للأسكندراني أيضاً. ورسالة (عبد الله باشا فكري) في مقارنة بعض مباحث الهيأة بالوارد في النصوص الشرعية، وهو مطبوع في القاهرة عام (1315هـ).. وكتاب (طبائع الأستبداد ومصارع الاستبعاد) (للشيخ عبد الرحمن الكواكبي) وهو مجموعة مقالات نشرها في بعض الصحف عندما زار مصر. وفيه ينحاز المؤلف أنحيازاً واضحاً إلى هذا النوع من التفسير، فيصف القرآن بأنه:ـ شمس للعلوم وكنز الحكمة. ويقرر أن السر في أحجام العلماء عن تفسير قسمي الآلاء والأخلاق من القرآن وبيان ما يشتمل عليه من العلوم المختلفة، هو أنهم كانوا لا يحاولون مخالفة رأي بعض السلف القاصرين في العلم فيكفرون فيقتلون ويقول:ـ وهذه مسألة أعجاز القرآن وهي أهم مسألة في الدين لم يقدروا أن يوافوها حقها من البحث، وأقتصروا على ما قاله بعض السلف أنها هي فصاحته وبلاغته وإخباره عن أن الروم من بعد غلبهم سيغلبون.

وأذا تتبعنا ما في هذا الكتاب لوجدنا الكثير منه لا يقصده القرآن الكريم ولا يهدف اليه من وراء خطابه للعرب وسائر الأمم.

فمثلا نجده حين يعرض لقوله تعالى في سورة البقرة (الآية 22):ـ {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } تحت عنوان (الحياة تحت ضوء القرآن) يقول في:ـ "هذه الآية الكريمة، معناها والله أعلم. إن اللحوم والأسماك والألبان أفضل التغذية بالبقول والقمح والذرة. وليست الأفضلية في مقدار المواد الزلالية الضرورية للجسم في كل نوع، لأن هذا لا يجب أن يكون سبباً مهماً للأفضلية.. ألخ" ثم يعقد مقارنة بين بعض الأغذية وما فيها من نسب المواد الزلالية..! وهذا ـ بالطبع ـ تكلف من المؤلف لأن القرآن الكريم الذي نزل دستوراً للناس لم يقصد قطعاًـ إلى مثل هذه البحوث العلمية وإنما رمى الى تنظيم الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية وغيرها من مناحي الحياة المختلفة.

كما وقد تحدث عن علوم القرآن باحثون آخرون فهم الدكتور (محمد جمال الدين الفندي) الذي نهج نهجاً فلكياً وأستطرد أستطرادات كثيره وأورد نظريات علمية لا يعول عليها في عالم الحقيقة وذلك في كتابه (من الآيات الكونية في القرآن الكريم).

أما (أحمد محمود سليمان) فقد حذر من الجري وراء النظريات العلمية ومع ذلك فقد وقع فيها وتحدث عن تطور المخلوقات في كتابه المشهور (القرآن والعلم) فقال:ـ "ثم تطورت تلك الزواحف فنشأت منها الطيور التي تسير على رجلين. ثم تطورت الطيور إلى حيوانات ثدييه تسير على أرعب..(3) والحال هو الحال مع السيد (عبد الرزاق نوفل) في كتابه (القرآن والعلم الحديث) الذي أفاض فيه بتفسير آيات تخص علمه الزراعي وغيره وخالف أحاديث صحيحة في تفسير الحسد، وأستشهد بالكثير من أقوال أهل الكتاب في علم النفس والأجتماع.

***

وأذا كان هؤلاء الذين ذكرناهم، وعشرات أمثالهم، قد تعرضوا إلى الآيات التي يمكن أن يخاض بها في الجانب العلمي والمكتشفات والمخترعات فإن العصر الحديث قد شهر من الف تفسيراً كاملاً للقرآن الكريم، صور فيه كتاب الله وكأنه مصدر علمي صرف. ففيه الفلك والطب والزراعة وعلم الحيوان والغذاء والكيمياء والفيزياء، وجعل ذلك دليلاً على إعجازه.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1709
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 10 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24