• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : الأخلاق في القرآن .
                    • الموضوع : حقيقة الدعاء المستجاب .

حقيقة الدعاء المستجاب

بقلم : الشيخ حيدر اليعقوبي

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}(1).

الدعاء من المسائل التي يحتاجها كل مؤمن دائماً، وإذا رجعنا إلى الآيات والروايات نلاحظ أنّها تؤكد على مسألة الدعاء بشكل كبير وملفت للنظر، يقول الله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ}(2).

ويقول الرسول الأعظم(صلي الله عليه وآله): «أفضل العبادة الدعاء»(3).

وروايات كثيرة في هذا المضمون منها هذه الرواية، عن الإمام الباقر(عليه السلام) أنّه سُئل أيُّ العبادة أفضل؟

فقال: «ليس شيء أحب إلى الله من أن يُسأل»(4).

وفي رواية عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «يا ميسر، أدعُ ولا تقل: إنّ الأمر قد فرغ منه، إنّ عند الله منزلة لا تنال إلاّ بمسألة ـ هذا يعني أنّ هناك مقامات ودرجات عند الله لا يمكن أن يصل إليها الإنسان بالعمل، والطريق الوحيد للوصول إلى تلك الدرجات والمقامات يمرّ من خلال الدعاء ـ ولو أنّ عبداً سدَّ فاه ولم يسأل لم يعطَ شيئاً، فسلْ تعطَ، يا ميسر، إنّه ليس من باب يقرع إلاّ يوشك أن يفتح لصاحبه»(5).

مضافاً إلى ذلك فإنّ الإنسان بالدعاء يستطيع أن يدفع عن نفسه البلاء بعد أن أُبرم إبراماً، لهذا يقول أمير المؤمنين(عليه السلام): «أدفعوا أمواج البلاء عنكم بالدعاء»(6).

من هنا تتجلّى عظمة الدعاء; لأنّ الإنسان في جوف الليل مثلاً وبقنوت واحد وبدمعة واحدة، وبدقائق محدودة، يستطيع أن يغيِّر مجرى حياته، بل يستطيع أن يغيِّر به مجرى حياة أُمة بكاملها، لهذا يقول الإمام الحجة عجّل الله فرجه الشريف: «واكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإنّ في ذلك فرجكم»(7).

إذاً هذه هي عظمة الدعاء في الآيات والروايات، وهذه هي أهميَّة الدعاء في حياة الفرد المسلم.

الآن نأتي إلى حقيقة الدعاء المستجاب في الكتاب والسنة الشريفة; لأنّه الكثير يسأل ويقول: ها نحن ندعوا الله في آناء الليل وأطراف النهار ولا نرى الإجابة، مع أن الله يقول: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} إذاً وعد الله بالإجابة، والله لا يخلف الميعاد. فأين المشكلة؟ لماذا ندعوا فلا يستجاب لنا ؟ و ماهي حقيقة الدعاء المستجاب؟

نحن في كل أمر لكي يتحقق الأثر المترتب عليه نحتاج إلى أن يوجد مقتضٍ وأن يتحقق شرط وأن يرتفع المانع.

مثلاً لكي تتحقق عملية الاحتراق نحتاج إلى وجود الورقة وإلى وجود النار وألاّ تكون هناك رطوبة تمنع من وصول النار إلى الورقة.

فإذا وجدت الورقة ووجدت النار وارتفعت الرطوبة حينئذٍ تتحقق عملية الإحراق. كذلك لكي تتحقق استجابة الدعاء، لابدَّ من وجود ركن الدعاء ووجود شرط الدعاء وكذلك لا بد من ارتفاع المانع من الاستجابة.

أركان الدعاء

إنّ القرآن الكريم يشير وبشكل واضح إلى ركنين من أركان الدعاء:

الركن الأول: استجابة الدعاء

 وقد أشار إليه المولى تعالي بقوله: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ}، يقول السيد العلاّمة الطباطبائي في تفسير الميزان: «إنّ هذا المقطع من الآية يدلّ على وعد الإجابة المطلقة في ما إذا كان الداعي داعياً بحسب الحقيقة مريداً بحسب العلم الفطري مواطئاً لسانه قلبه، فإنّ حقيقة الدعاء والسؤال هو الذي يحمله القلب ويدعو به لسان الفطرة، دون ما يأتي به اللسان الذي يدور كيفما أُدير صدقاً أو كذباً جداً أو هزلاً، فقد يدعو الإنسان بما لا يريد لو انكشف له حقيقة الأمر»(8) .

من هنا  نرى بعض الناس يدعو بلسانه ولكنك لو فتحت قلبه فإنّك تجد أنّه لا يريد ما قاله على لسانه.

أضرب لك مثالاً عرفياً: الأم تدعو على ولدها ولكنك لو فتحت قلب الأم وسألته هل تريد ذلك الدعاء الذي ظهر على لسانها؟ يقول: لا.

وهذا معناه اللسان فقط يدعو وإلاّ القلب لا يدعو، والقرآن الكريم يقول: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ} وهذا ليس بداع، هذا لسانه يقول شيئاً وإلاّ قلبه لا يريد ذلك الشيء الذي تلفظ به على لسانه.

إذاً لكي يكون الدعاء مستجاباً، فيجب ألاّ يصدر من لسان الإنسان فقط، بل لابدَّ أن يصدر من جميع وجوده ومن قلبه فلهذا نرى أمير المؤمنين(عليه السلام) يقول: «لا يقبل الله - عزَّ وجلَّ - دعاء قلب لاه»(9).

إذن الركن الأول للدعاء هو أنّ الانسان ينبغي أن يكون داعياً لساناً وقلباً أمّا إذا كان داعياً لساناً لا قلبا فهذا ليس بدعاء.

الركن الثاني: وهو الإخلاص في الدعاء

وهذا ما أشار اليه الباري جلَّ وعلا بقوله: {إِذَا دَعَانِ}. أمّا إذا دعا الإنسان غير الله، فإنّ الله لا يستجيب ذلك الدعاء.

إذن أوّلاً لابد أن ندعو حقيقة لساناً وقلباً. والأمر الثاني أن ندعو الله ولا نشرك بدعائه أحداً؛ لأنّ الإنسان قد يدعو الله وفي نفس الوقت يدعو غير الله، فالله (جلَّ وعلا) لا يستجيب مثل هذا الدعاء; لأنّه فاقد للإخلاص.

لهذا جاء في الحديث القدسي الوارد في(الكافي)(10): «إنّ الله تبارك وتعالى قال: وعزَّتي وجلالي ومجدي وارتفاعي على عرشي، لأقطعن أمل كلِّ مؤمل ]من الناس[ غيري باليأس، ولأكسونه ثوب المذلّة عند الناس، ولأنحِّينَّه من قربي ولأبعدنه من فضلي أيؤمِّل غيري في الشدائد، والشدائد بيدي؟ ويرجو غيري ويقرع بالفكر باب غيري؟ ـ يعني عندما تصيبه المصيبة أولاً ذهنه يذهب إلى فلان وفلان فإذا لم تُحل القضية حينئذ يرجع إلى الله ـ وبيدي مفاتيح الأبواب وهي مغلقة وبابي مفتوح لمن دعاني فمن ذا الذي أمَّلني لنوائبه فقطعته دونها؟ ومن الذي رجاني لعظيمة فقطعت رجاءه مني؟ جعلت آمال عبادي عندي محفوظة فلم يرضوا بحفظي، وملأت سماواتي ممّن لايملّ من تسبيحي، وأمرتهم ألاّ يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي فلم يثقوا بقولي ألم يعلم]أن [من طرقته نائبة] أن [من نوائبي أنّه لا يملك كشفها أحد غيري إلاّ من بعد إذني، فمالي أراه لاهياً عني أعطيته بجودي ما لم يسألني، ثمّ انتزعته عنه فلم يسألني ردَّه، وسأل غيري، أفيراني أبدأ بالعطاء قبل المسألة، ثمّ أُسأل فلا أُجيب سائلي؟! أبخيل انا فيبخّلني عبدي؟! أوليس الجود والكرم لي؟! أوليس العفو والرحمة بيدي؟! أوليس أنا محل الآمال فمن يقطعها دوني؟ أفلا يخشى المؤملون أن يؤملوا غيري؟ فلو أنّ أهل سماواتي وأهل أرضي أمّلوا جميعأً ثمّ أعطيت كل واحد منهم ما أمّل الجميع ما انتقص من ملكي مثل عضو ذرّة.

وكيف ينقص ملك أنا قيّمه ؟ فيا بؤساً للقانطين من رحمتي ويا بؤساً لمن عصاني ولم يراقبني»(11).

إذاً، أولاً يجب أن ندعوا الله ، والأمر الثاني أن نخلص له العبادة، يعني ألاّ ندعوا غيره، ولهذا القرآن الكريم يذكر لنا مصداقاً للذي دعا الله ولم يدعُ غيره، قال: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}(12).

* لماذا يجيب الله دعاء المضطر ؟

لأنّ هذا الإنسان يأس من كل شيء وتوجه إلى مسبب الأسباب، فحينئذ يستجيب الله دعاءه.

إذاً لابد أن يلجأ الإنسان الداعي إلى الله لجوء المضطر الذي لا يجد من دون الله ـ عزَّ وجلَّ ـ من يرجوه ومن يضع فيه ثقته ورجاءه، فإذا توزّع رجاء الإنسان في الله تعالى وغيره من عباده لم ينقطع إلى الله حقّ الانقطاع، بل سوف يشرك في دعائه غير المولى تبارك وتعالى. لهذا يقول سيد الأوصياء الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) لابنه محمد بن الحنفية(رضوان الله عليه): «وبالإخلاص يكون الخلاص فإذا اشتدّ الفزع فإلى الله المفزع»(13).

في حالة الاضطرار ينقطع الإنسان عن كلّ أحد ويفزع إلى الله تبارك وتعالى حقّ الفزع ولا يكون له رجاء إلاّ عند الله جلَّ وعلا.

ولهذا يقول الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين(عليه السلام) في دعائه: «واجعلني ممّن يدعوك مخلصاً في الرخاء دعاء المخلصين المضطرين لك في الدعاء»(14).

فإذا الإنسان لم يقع في الاضطرار ودعا الله(جلَّ وعلا) يائساً من كلّ شيء حتماً سوف يحصل على الاستجابة. فلهذا الإمام الصادق(عليه السلام) في رواية قيّمة في هذا الباب يقول: «إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئاً إلا أعطاه فلييأس من الناس كلّهم ولا يكون له رجاء إلاّ من عند الله ـ عزّ ذكره ـ فإذا علم الله عزّ وجلّ ذلك من قلبه لم يسأله شيئاً إلاّ أعطاه»(15).

إذاً، أين تكمن المشكلة في عدم استجابة الدعاء؟ المشكلة ليس من جانب الله(جلَّ وعلا)، وإنّما في العبد لأنّه لا يدعو الله دعاءً حقيقياً.

هذا ما يرتبط بأركان الدعاء، أمّا شروط استجابة الدعاء، فلا شكّ أنّها كثيرة ولكن نشير إلى بعض تلك الشروط التي أشار اليها أئمة أهل البيت(عليهم السلام).

شروط الدعاء :

الشرط الأوّل: من أهم شروط استجابة الدعاء هو معرفة الله عزّ وجل والإيمان بسلطانه المطلق وقدرته المطلقة على ما يطلبه عبده منه، ففي الدر المنثور عن معاذ بن جبل عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) «لو عرفتم الله حقّ معرفته لزالت لدعائكم الجبال»(16).

الشرط الثاني: إقبال القلب على الله عزّ وجلّ، لهذا جاء في الحديث القدسي «يا موسى... ادعني بالقلب النقي واللسان الصادق»(17).

الشرط الثالث: الدعاء إقبال ولابد لهذا الإقبال من ابراز واظهار وذلك عن طريق البدء بحمد الله تعالى والثناء عليه والشكر لنعمائه وفضله والصلاة والسلام على رسوله وأهل بيته والاستغفار بين يدي الله تبارك وتعالى من الذنوب، فإنّ ذلك من مظهرات، بل مؤصلات مقومات الداعي فان من أقبل على عظيم يبدأ بالمدحة والثناء ويذكر ما يحبه المولى من العناوين ثم يعترف بالتقصير والتجاوز ويستغفر منها ثم يطلب حاجته.

الشرط الرابع:  طيب المكسب ، فقد ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) «من أحبّ أن يستجاب دعاؤه فليطيب مطعمه وكسبه»(18).

هذه جملة من شرائط استجابة الدعاء ، فإذا حقق الإنسان ركن الدعاء وشرط الدعاء، من هنا ينبغي له أن يرفع الموانع التي تحبس الدعاء من الصعود إلى الله عزّ وجلّ، ومن أهم هذه الموانع: الذنوب والمعاصي، وقد ورد في دعاء كميل «اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء».

وكذلك ورد في نفس الدعاء «فأسألك بعزتك ألاّ يحجب عنك دعائي سوء عملي وفعالي».

آثار الذنوب:

إنّ الذنوب تقوم بدورين:

الأوّل: تحجب الإنسان عن الله عزّ وجلّ، فلا يتمكن الإنسان من الإقبال على الله عزّ وجلّ والتوجّه إليه ، فإنّ الدعاء من الإقبال على الله عزّ وجلّ والذنوب إذا حجبت صاحبها عن الله، هذا يعني أنّها حجبته عن الدعاء، فلا يتوفق للدعاء. هذا أوّلاً.

والثاني: لو فرضنا أنّ الإنسان وفق للدعاء، فأنّ هذه الذنوب تحجب الدعاء عن الصعود إلى الله عزّ وجلّ; لأنّ الدعاء إذا صعد إلى الله عزّ وجلّ تتمّ الإجابة، فليس في ساحة الله عزّ وجلّ عجز أو شحّ إذا صعد إليه دعاء العبد وإنّما العجز في الدعاء عن الصعود.

إذاً الذنوب قد تحبس الإنسان عن الدعاء وكذلك قد تحبس الدعاء عن الصعود إلى المولى تبارك وتعالى.

ولهذا سُئل الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) عن قوله تعالى {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}(19) ما لنا ندعوا، فلا يستجاب لنا؟

قال(عليه السلام): «فأيّ دعاء يستجاب لكم وقد سددتم أبوابه وطرقه ؟ فاتقوا الله وأصلحوا أعمالكم وخلصوا سرائركم و أمروا بالمعروف وأنهوا عن المنكر فيستجيب الله دعائكم»(20).

وقد أشارت الروايات إلى مجموعة من الذنوب التي تحبس الدعاء منها عقوق الوالدين، وسوء النية، وخبث السريرة، والنفاق، وتأخير الصلوات المفروضة.(21)

أسباب عدم استجاب الدعاء :

قد يكون الدعاء جامعاً للشروط وفاقداً للموانع، ولكنه مع ذلك لا يستجيب الباري للعبد، لسببين مهمين:

1 - لأنّ الله يُحب أن يسمع صوت العبد المؤمن، وعلى ذلك روايات ومنها هذه الرواية التي تكشف عن الرقّة بين العبد وربّه، الإنسان يدعو ربه، فيرى الله الصلاح في الاستجابة، كأن يطلب من الله عزّ وجلّ قرباً معنوياً أو يطلب من الله عزّ وجلّ ذرّية صالحة، يطلب توفيقاً إلى صدقة جارية، هل هناك شكّ في رجحان هذه الحوائج؟! لكن مع ذلك نلاحظ أنّ الله عزّ وجلّ يؤخّر إجابة المؤمن ويجعلها معلقة بين الاستجابة وعدمها شوقاً إلى دعاء المؤمن ويقول: «صوتاً أحبّ أن أسمعه»(22) من هنا تأتي ضرورة الملحّة في الدعاء، فما من باب يطرق إلاّ يوشك أن يفتح لصاحبه. ولهذا ورد في الحديث الشريف: «رحم الله عبداً طلب من الله عزّ وجل حاجةً فألح في الدعاء»(23).

2 - عدم وجود المصلحة في استجابة ذلك الدعاء، فقد جاء في دعاء الافتتاح «ولعلّ الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأُمور» فإنّ الإنسان لا يعرف أين المصلحة، فيدعوا مثلاً بأموال وبنين وغير ذلك، لكنّ الله يعلم بأنّ ذلك فيه مفسدة ـ  كما في قصة ثعلبة بن حاطب التي أشار إليها القرآن الكريم في سورة التوبة آية  76 ـ فلعلم الله بهذه المفسدة لا يستجيب دعاء العبد. ولكن لا يعني ذلك أنّ دعاءه عبث. يقول الرسول الكريم محمد(صلى الله عليه وآله): «ما من داع يدعو إلا استجاب الله له دعوته، أو صرف عنه مثلها، أو حط من ذنوبه بقدرها، ما لم يدع باثم أو قطع رحم»(24).

أوقات استجابة الدعاء :

المطلب الأخير الذي بودي الإشارة إليه هو أنّ هناك أوقاتاً مناسبة لاستجابة الدعاء، من هذه الأوقات مثلاً بعد كل صلاة فريضة، وعند نزول المطر، وهبوب الرياح، وعند نزول أول قطرة من دم الشهيد؛ لأنّ أبواب السماء تكون مفتوحة، وكذلك في عصر يوم الجمعة.

من هنا ينبغي للمؤمن الكامل الذي يكون مولاه وإمام زمانه في نظره أعزّ عليه من نفسه أن يدّخر تلك الدعوة إليه. لهذا يقول السيد الجليل ابن طاووس إياك إياك أن تهمل دعاء زمن الغيبة عصر الجمعة.

وكذلك من الأوقات التي ينبغي للإنسان أن يختارها لدعائه هو وقت السحر. ينقل أنّ المعتصم العباسي كان يمشي في شوارع بغداد في موكب عظيم من الجنود والأتراك وكان موكبه يسحق الأطفال والنساء والشيوخ. يقال قابله أحد الشيوخ قال له: تخرج من بلدتنا هذه أو نحاربك بسهام الليل. قال وما سهام الليل؟ قال ندعوا عليك بالأسحار. فقال المعتصم: لا طاقة لي على ذلك.(25)

فإذا كان الدعاء بهذه الكيفية، فلا شكّ أنّه يكون سلاحاً للمؤمن ومن أهم الأركان الاعتقادية في القرآن الكريم والتي أكّد عليه أئمة أهل البيت عليهم السلام وخصوصاً الإمام زين العابدين(عليه السلام)، لهذا لو أخذت الصحيفة السجادية ترى أنّه ما من قضية من القضايا إلاّ وللإمام السجاد(عليه السلام) فيها دعاء.

ـــــــــــــ

(1) سورة البقرة: 186.

(2) سورة الفرقان: 77.

(3) المجتبى من دعاء المجتبى، السيد ابن طاووس: 5.

(4) الاختصاص، للمفيد: ص228.

(5) الكافي 2: 466، الطبعة الرابعة.

(6) الخصال، للصدوق: 621.

(7) الغيبة، للطوسي: ص292.

(8) الميزان في تفسير القرآن2: 33.

(9) الكافي 2: 473، الطبعة الرابعة.

(10) وسائل الشيعة: ج15، ص214.

(11) الكافي 2: 67، الطبعة الرابعة.

(12) سورة النمل: 62.

(13) الكافي 2، 468، الطبعة الرابعة.

(14) الصحيفة السجادية الكاملة، من دعاءه(عليه السلام) عند الشدة والجهد وتعسر الأمور.

(15) الكافي 8: 143، حديث 108.

(16) الدر المنثور، للسيوطي 1: 196، الطبعة الاولى.

(17) الكافي 8: 48، حديث 8.

(18) عدّة الداعي: 128.

(19) سورة غافر: 60.

(20) بحار الأنوار: 90، ص377، الطبعة الثانية المصححة.

(21) راجع معاني الأخبار: 271.

(22) بحار الأنوار 90: 296، الطبعة الثانية المصححة.

(23) الكافي 2، 475، الطبعة الثانية.

(24) المصنف، لعبد الرزاق الصنعاني 10: 443.

(25) ذيل تاريخ بغداد، ابن النجار البغدادي 5: 26، الطبعة الاولى، بتصرف.


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1618
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 12 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24