• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : تفسير القرآن الكريم .
              • القسم الفرعي : تفسير السور والآيات .
                    • الموضوع : السيّدة فاطمة الزهراء (ع) معنيّة بآية التطهير .

السيّدة فاطمة الزهراء (ع) معنيّة بآية التطهير

بقلم: الشيخ محمّد السماعيل

قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم :

بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}(1).

اختلف المسلمون في المراد من أهل البيت في هذه الآية الكريمة ، فمنهم من ذهب إلى اختصاصها بنساء النبي(ص) ، ومنهم من ذهب إلى أنها شاملة لكل أهله من الذكور والإناث ، ومنهم من ذهب إلى أنها مختصة بأصحاب الكساء الخمسة وهم النبي والإمام علي والسيدة الزهراء والإمام الحسن والإمام الحسين عليهم الصلاة والسلام.

ونسلّط الضوء في هذا البحث على الصحيح من هذه الأقوال الثلاثة في المحاور التالية :

المحور الاول (2): أن الآية الكريمة نزلت في خصوص أصحاب الكساء النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم صلوات الله وسلامه ودعوى أنها نازلة في نساء النبي بدليل سياق الآية الكريمة - حيث إنّ صدر آية التطهير والجزء الذي يليها تتحدّث بنون النسوة بينما أصحاب الكساء كلهم ذكور عدا الزهراء عليها السلام - مدفوعة بعدّة أدلة يذكرها علماء التفسير والحديث والعقائد في محله، إلا أننا نقتصر منها على ما يلي :

1- السياق الذي احتجّ به على أن الآيه بصدد التحدث عن نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس بحجة دائماً خاصة بعد أن دلت الروايات الصحيحة والمتعدّدة على عدم شمول الآية لنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وله أمثلة في القرآن الكريم كقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(3) فإنّ صدر الآية الكريمة وعجزها تحدثت عن الأطعمة بينما وسطها تتحدث عن إكمال الدين وتمام النعمة ويأس الكافرين ولا توجد بينهما أي رابطة .

2- ما جاء في متون الأحاديث من الصحاح والسنن نكتفي بذكر رواية واحدة في المقام وهي ما رواه مسلم بسنده عن عائشة قالت : خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال : {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}(4).

3- أن صدر آية التطهير {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} عبرت بنون النساء موجهة الخطاب الصريح لنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم - في الآية السابقة لآية التطهير - آمرة لهم بطاعة الله ورسوله وعدم التبرج والالتزام بأحكامه ثم عادت في الآية التالية بتذكيرهم بكتاب الله مضمرة الخطاب بنون النساء {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ}(5)، ولما أرادت التحدث عن أهل البيت عليهم السلام عبرت بميم الجماعة (ليذهب عنكم - ويطهركم)، وهذا أسلوب عرفي متبع - قصد به بيان مكانة أهل البيت عليهم السلام وحرمتهم وشرفهم وعظمتهم، وان على نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يذكرن هذه الحرمة وهذا الشرف للبيت لأنهن صرن محسوبات عليه فيحترمن سمعته وأهله – كما هو الحال عند توجيهك الخطاب لابنك بوجوب المذاكرة والالتزام بالاخلاق الحسنة  وتمزج في وسط الكلام بقولك له أنت مني وتصرفك محسوب علي فعليك احترام هذا البيت الذي تلحق به وتنسب إليه .

4- أن نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكنّ مسددات بأمر الله ولا معصومات، وهذا خلف لآية التطهير بشهادة أن الله عز وجل حذّرهن في آيات أخرى {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}(6)، وفي موضع آخر بيّن الله عز وجل مخالفة اثنتين من نساء النبي وأن الله أعدّ لهنّ ما أعد إن لم تتوبا {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ * عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا}(7).

المحور الثاني : موضوع آية التطهير إذهاب الرجس عن أهل البيت، ويمكننا الغوص في الأسلوب الذي اتخذته  الآية - من خلال ثلاث نقاط - لبيان تلك الحقيقة وهي:

1-      التعبير بالمؤكدات اللغوية وذلك للدلالة على أهمية موضوع الآية الكريمة والشاهد على ذلك ما يلي :

أ‌-       التعبير بأقوى أداء من أدوات الحصر "إنما"وفي ذلك تعين  للمعنين بالتطهير (8).

ب‌-     التعبير باللام الزائدة الداخلة على فعل مضارع  "ليذهب" الدال على استمراريته والناصبة له والداله على التوكيد(9) .

ت‌-     التعبير بكلمة الرجس وإذهاب الرجس يرادف الطهارة ، وقد أكد الله تعالى الرجس بمؤكد معنوي وذلك بإلحاقها بعبارة {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}(10).

ث‌-     التعبير بالمفعول المطلق وذلك لتأكيد الفعل {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}(11).

2-      التعبير بـ "يريد" إشارة للإرادة التكوينية المتعلقة بفعل الله تعالى، لا الإرادة التشريعية المتعلقة بأفعال الخلائق .ثم إن الإرادة التشريعية ليست مقتصرة على أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بل هي أعم من ذلك فكل المكلّفين يراد منهم أن يجانبوا الرجس ويتطهروا من الذنوب، ومن المعلوم أن الإرادة التكوينية لا تتخلف عن المراد بعكس الإرادة التشريعية (12).

3-      التعبير بحرف عنكم في قوله "ليذهب عنكم الرجس" ولم يقل ليذهب منكم الرجس وفي ذلك فرق في المقام كما يفيدون علماء اللغة بذلك فإن منكم تفيد الدخول والاستغراق كما في قولك (أنقذ الطفل من النار) أي إن الطفل في داخل النار ، بخلاف عنكم فإنها لا تفيد ذلك، بل تفيد عدم الملاصقة والملامسة كقولك: (أبعد الطفل عن النار) أي أن الطفل ليس داخل في النار بل لم يلامسها.  فلو قال الله تعالى ليذهب منكم الرجس لكان الرجس داخلاً في أهل البيت ثم أذهبه الله منهم وطهرهم عنه - حاشاهم عن ذلك - فلم يلامس نفوسهم الطاهرة، ولذلك عبر بحرف عنكم ليفي في %


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1512
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 05 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 07 / 24