• الموقع : دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم .
        • القسم الرئيسي : المقالات القرآنية التخصصية .
              • القسم الفرعي : الأخلاق في القرآن .
                    • الموضوع : من آثار تلاوة القرآن الكريم .

من آثار تلاوة القرآن الكريم

إطلالة على بعض فقرات دعاء ختم القرآن للإمام السجاد (عليه السلام)

بقلم: الشيخ عبدالله الرصاصي

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، الحمد لله ربّ العالمين، اللّهم صلّ على محمّد وآله الطاهرين، اللّهم العن أعداء نبيّك محمّد وآله الطاهرين وشيعتهم من الآن إلى قيام يوم الدين.

قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: {إِنَّ هَذَا القُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء:9].

أبدأ مقالي هذا بذكر تنبيهين مهمّين للقارئ الكريم؛

التنبيه الأوّل: من المسلَّم عند الجميع إنّ لقراءة القرآن المجيد آثاراً عظيمة، سواءً أكانت هذه القراءة قراءة حرف واحد أم آية واحدة أم عدّة آيات أم سورة كاملة أم ختمة كاملة.

التنبيه الثاني: لهذا المقال عدّة مقدّمات، أنبّه لأهمّها وأعرض عن التطرّق لأدلّتها، سواءً أكانت قطعية الصدور أم ظنّية، والأخرى، سواءً أكانت صحيحة السند والدلالة أم لم تصل إلى حدّ الصحّة في السند إلا أنّ دلالتها تفيد المدعى، وهو حصول الأثر من قراءة القرآن؛ وإن كانت توجد طرق لمعالجة هذا الخلل السندي.

عودٌ على بدء:

بعد معرفتنا لهذين التنبيهين، أشرع في ذكر أهمّ مقدّمات هذا المقال وهي كالتالي:

المقدّمة الأولى: إنّ القرآن العظيم فرض من الله تعالى على‌ سائر العباد بدون استثناء؛ إنسيّهم وجنّيهم، ومسلمهم وكافرهم؛ بل حتى الصغار منهم فضلاً عن الكبار، ويخرج منهم عدّة طوائف يعرفها الخبير في هذا الفن. ولكون قراءة القرآن من العبادات، فقد أُخذ فيها قصد القربة إلى الله تعالى أثناء القراءة.

المقدّمة الثانية: إنّ قراءة القرآن المجيد لا تتوقّف على من هو سالم اللّسان؛ بل تعمّ من بلسانه عاهة، بل حتى‌ الأخرس.

وكذلك لا تنحصر قراءة القرآن بالنظر إلى كلماته في المصحف؛ بل تعمّ الاستظهار عن ظهر قلب.

المقدّمة الثالثة: من المسلَّم لدى‌ عامّة المسلمين على ‌اختلاف اتجاهاتهم ومذاهبهم، أنّ للقرآن قراءات عدّة باختلاف طرق أسانيدها، ومع ذلك فإنّ هذه القراءات تُقرأ بكيفيّات عدّة منها: الحدر والترتيل والتحقيق وغيرها، يعرفها أصحاب فن القراءات والتجويد.

المقدّمة الرابعة: إنّ قراءة القرآن تنطبق عليها الأحكام الشرعية؛ وذلك كما قلنا لكونها عبادة كسائر العبادات، وفرض كسائر الفروض.

المقدّمة الخامسة: إنّ المكان له دخل في كثرة الثواب وقلّته أثناء‌ قراءة القرآن العظيم.

المقدّمة السادسة: من المسلَّم لدى‌ الجميع إنّ صحّة القراءة‌ لها شروط، وكذلك إنّ قبولها عند الله تعالى له شروط أيضاً.

غاية المقال:

بعدما تعرّفنا على هذه المقدّمات والتنبيهات، أدخل في صلب المقال الذي يتألف من مقصدين، وهما:

المقصد الأوّل: أثر قراءة‌ القرآن الكريم على القارئ والمستمع لقراءته

نقصد بالأثر هنا ما يعمّ الأثر الشرعي والتكويني، ولكلّ من هذه الآثار مقدّمات وعلل تختلف من حيث الكثرة والقلّة بحسب اختلاف قصد القارئ لقراءة القرآن.

فالأمر الشرعي المرجوّ تحصيله في صلاة الفريضة هو صحة الصلاة المترتبة‌ على صحة القراءة كما نعلم، والأمر الشرعي المرجوّ تحصيله في صلاة الفريضة هو صحة امتلاك الأجرة لقراءة ختمة كاملة نيابةً، سواءً أكانت عن رجل أم إمرأة مثلاً، فالأثر الشرعي للقراءة صحيحة استحقاق القارئ لهذه الأجرة بدَلاً عن قراءته لهذه الختمة، وغيرها من الأمثلة.

ومن جملة الأمثلة على الآثار التكوينية لقراءة القرآن المجيد ما يلي:

إحياء الميت، سعة الرزق، تنوير القلب بالعلوم والمعارف الحقّة، الحصول على الحسنات ومحو السيئات، الشفاء من الأمراض، سواءً أكانت نفسية أم جسدية، وغيرها من الأمثلة.

ومن الواضح لدى القارئ الكريم أنّ شروط تحقّق الآثار التكوينية قد تشمل شروط تحقّق الآثار الشرعية لقراءة القرآن المجيد، وذلك بحسب اختلاف موارد القراءة.

المقصد الثاني: قراءة القرآن وختمه

ترشدنا روايات أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة وأتمّ التسليم) إلى أنّه ينبغي للمؤمن أن يتعاهد قراءة كلام الله المجيد يومياً حتى لا يكتب من الغافلين؛ بل فيها ما يفيد أنّ على المؤمن أن يقرأ كل ليلة ما لا يقلّ عن خمسين آية من القرآن الكريم.

وكذلك ترشدنا روايات أخرى عنهم (عليهم السلام) أنّ المؤمن ينبغي عليه أن يختم القرآن في كلّ شهر مرّة أو في كلّ أسبوع مرّة أو في كلّ ستّة أيام هذا في سائر الشهور، أمّا في شهر رمضان فله خصوصية فإنّ له حقّاً وحرمة ولا يشبهه شيء من الشهور، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى، ترشدنا أخبارهم (عليهم السلام) إلى كيفية القراءة، فقد دلّت بعضها أنّ علينا قراءة القرآن بالكيفية التي يقرؤها الناس حتى قيام قائم آل محمد (عجّل الله فرجه) فيقرأ كتاب الله على حدّه، ويخرج المصحف الذي كتبه علي (عليه السلام).

لقد جاء في بعض الأخبار عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: قرّاء القرآن ثلاثة: رجل قرأ القرآن فاتخذه بضاعة، واستدرّ به الملوك، واستطال به على الناس، ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه، وضيّع حدوده، وأقامه إقامة ‌القدح، فلا كثّر الله هؤلاء من حملة القرآن، ورجل قرأ القرآن فوضع دواء القرآن على داء قلبه، فأسهر به ليله، وأظمأ به نهاره، وقام به في مسجده، وتجافى به عند فراشه، فبأولئك يدفع الله البلاء ، وبأولئك يديل الله من الأعداء، وبأولئك ينزل الله الغيث من السماء، فوالله لهؤلاء في قرّاء القرآن أعز من الكبريت الأحمر.

وأيضاً عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: من استمع حرفاً من كتاب الله من غير قراءة كتب الله له حسنة، ومحا عنه سيئة، ورفع له درجة، ومن قرأ نظراً من غير صلاة كتب الله له بكل حرف حسنة، ومحا عنه سيئة، ورفع له درجة، ومن تعلّم منه حرفاً ظاهراً كتب الله له عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات...، ومن ختمه كانت له دعوة مستجابة مؤخرة أو معجلة، قال: قلت: جعلت فداك ختمه كلّه؟ قال: ختمه كلّه.

وأيّ دعوة هي أفضل من جمع شملنا وتقوية حبل الله المتين؟!

 


  • المصدر : http://www.ruqayah.net/subject.php?id=1444
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 01 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29